تعارفنا، كل أبناء هذا الجيل، حوالي عام 1942 ، كان الجيل مكونا من عادل كامل، وعبدالحميد جودة السحار، وعلي أحمد باكثير، ومحمود البدوي، ويوسف جوهر، وحسين عفيفي وأحمد زكي مخلوف. وكانوا جميعا في بداية حياتهم الأدبية، وكان عادل كامل في طليعة هذا الجيل من حيث الامتياز والجودة.
إنه جيل واحد في مكان واحد، وله نشأة متقاربة، ولابد أن الناقد والمؤرخ يجدان صفات مشتركة في مواقفهم الفكرية وأساليبهم وتوجهاتهم.
علي المستوي الشخصي، منذ أن تعارفنا أدبيا دعاني عادل كامل للانضمام للحرافيش، وكانوا مكونين في ذلك الوقت منه، ومن زكي مخلوف، وأحمد مظهر، والمرحومين أمين الدهبي، وثابت أمين، ومحمود شبانة، وعاصم حلمي، وغيرهم، والتي ضمت بعد ذلك كلا من توفيق صالح، ومحمد عفيفي وصلاح جاهين، وكان يتردد عليها أحمد بهاء الدين، ولويس عوض وآخرون.
كان عادل كامل علي المستوي الأدبي، قد سبقنا في نشر أعماله، مثل "ويك عنتر" التي أصدرها علي حسابه الشخصي. وأصدر معنا في لجنة النشر للجامعيين روايته "مليم الأكبر" ثم "ملك من شعاع" وبعد ذلك، وابتداء من عام 1945، بدأ يتشكك في دور الأدب، وجدوي الإبداع، وأخذ كلامه كله يدور في هذا المعني بحيث إنه لو أن كلامه أثر فينا تأثيرا حاسما لكنا جميعا هجرنا الأدب مثله.
ثم فاجأنا أنه قد توقف. وكنا دائما نناقشه في هذا الموقف الغريب، ندعوه للاستمرار، حتي أذكر أنه ضاق بنا وطلب ألا نذكره بهذا الأمر، فاعتبرناها أزمة خاصة ولم ندر لها سببا، غير - وهذا مجرد اجتهاد - أنه قد تصور أن الأدب لم يحقق آماله الذاتية أكثر مما تحقق له. فخاف أن تضيع حياته فلجأ إلي المحاماة وكسب منها، ومن يومها وحتي الآن اعتقدنا أنه انتهي ككاتب. إلي أن اكتشفنا أن لديه أعمالا قديمة تم العثور عليها. ولم يكن يعرف تاريخ كتابتها. وظهر أن هناك واحدا منا، هو المخرج توفيق صالح، هو الذي يعرف تواريخها. حيث كان يزوره في الستينيات زيارات خاصة. وكان يراه يكتب.. وبعد ذلك كف عن المحاولة وعمل بالصناعة.
عندما سألناه لماذا لم تنشرها رغم أنك قمت بتأليفها لم يكن نفسه يعرف الجواب. وذاكرته الآن لا تستوعب هذه الفترات، لدرجة أنه لم يعد يقدم تلك التفصيلات.
ليست هناك تفسيرات محددة لأن يتوقف الكاتب فجأة وللأبد عن الإبداع. وأذكر أن مثل هذه الحالة قد أصابتني عام 1952، حين أخبرت زملائي أنني قد انتهيت ككاتب لأنني سأتجه إلي العمل ككاتب سيناريو للأفلام. ومرت سنوات. وعندما عدت إلي الكتابة الأدبية أخبرت زملائي أن الحركة قد رجعت مرة أخري. اذن أسباب غير معروفة لدي الكاتب نفسه تدفعه لهجر الأدب أو العودة إليه مرة أخري.
فمثلا، في هذه الفترة، كانت عندي موضوعات ولكن، لم تكن لي الرغبة في كتابتها، ولا أذكر أن أحدا قد أخبرني أنني أجدبت، كما أن عادل كامل نفسه لم يخبرني أنه قد أجدب. لكنه أخبرني أن الأدب عملية غير مجدية.
وعادل كامل كزميل أديب فإنني أكن له كل الاحترام. أما كصديق فهو من أعز أصدقائي ومن يوم أن تعارفنا عام 1943، والود متصل والصفاء متبادل. وعندما علمنا أن لديه أعمالا قديمة سوف تظهر، تمنيت أن يكون ذلك بشير أن يستأنف الكتابة من جديد، ولعلها تكون فاتحة خير.
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 07 - 2016
إنه جيل واحد في مكان واحد، وله نشأة متقاربة، ولابد أن الناقد والمؤرخ يجدان صفات مشتركة في مواقفهم الفكرية وأساليبهم وتوجهاتهم.
علي المستوي الشخصي، منذ أن تعارفنا أدبيا دعاني عادل كامل للانضمام للحرافيش، وكانوا مكونين في ذلك الوقت منه، ومن زكي مخلوف، وأحمد مظهر، والمرحومين أمين الدهبي، وثابت أمين، ومحمود شبانة، وعاصم حلمي، وغيرهم، والتي ضمت بعد ذلك كلا من توفيق صالح، ومحمد عفيفي وصلاح جاهين، وكان يتردد عليها أحمد بهاء الدين، ولويس عوض وآخرون.
كان عادل كامل علي المستوي الأدبي، قد سبقنا في نشر أعماله، مثل "ويك عنتر" التي أصدرها علي حسابه الشخصي. وأصدر معنا في لجنة النشر للجامعيين روايته "مليم الأكبر" ثم "ملك من شعاع" وبعد ذلك، وابتداء من عام 1945، بدأ يتشكك في دور الأدب، وجدوي الإبداع، وأخذ كلامه كله يدور في هذا المعني بحيث إنه لو أن كلامه أثر فينا تأثيرا حاسما لكنا جميعا هجرنا الأدب مثله.
ثم فاجأنا أنه قد توقف. وكنا دائما نناقشه في هذا الموقف الغريب، ندعوه للاستمرار، حتي أذكر أنه ضاق بنا وطلب ألا نذكره بهذا الأمر، فاعتبرناها أزمة خاصة ولم ندر لها سببا، غير - وهذا مجرد اجتهاد - أنه قد تصور أن الأدب لم يحقق آماله الذاتية أكثر مما تحقق له. فخاف أن تضيع حياته فلجأ إلي المحاماة وكسب منها، ومن يومها وحتي الآن اعتقدنا أنه انتهي ككاتب. إلي أن اكتشفنا أن لديه أعمالا قديمة تم العثور عليها. ولم يكن يعرف تاريخ كتابتها. وظهر أن هناك واحدا منا، هو المخرج توفيق صالح، هو الذي يعرف تواريخها. حيث كان يزوره في الستينيات زيارات خاصة. وكان يراه يكتب.. وبعد ذلك كف عن المحاولة وعمل بالصناعة.
عندما سألناه لماذا لم تنشرها رغم أنك قمت بتأليفها لم يكن نفسه يعرف الجواب. وذاكرته الآن لا تستوعب هذه الفترات، لدرجة أنه لم يعد يقدم تلك التفصيلات.
ليست هناك تفسيرات محددة لأن يتوقف الكاتب فجأة وللأبد عن الإبداع. وأذكر أن مثل هذه الحالة قد أصابتني عام 1952، حين أخبرت زملائي أنني قد انتهيت ككاتب لأنني سأتجه إلي العمل ككاتب سيناريو للأفلام. ومرت سنوات. وعندما عدت إلي الكتابة الأدبية أخبرت زملائي أن الحركة قد رجعت مرة أخري. اذن أسباب غير معروفة لدي الكاتب نفسه تدفعه لهجر الأدب أو العودة إليه مرة أخري.
فمثلا، في هذه الفترة، كانت عندي موضوعات ولكن، لم تكن لي الرغبة في كتابتها، ولا أذكر أن أحدا قد أخبرني أنني أجدبت، كما أن عادل كامل نفسه لم يخبرني أنه قد أجدب. لكنه أخبرني أن الأدب عملية غير مجدية.
وعادل كامل كزميل أديب فإنني أكن له كل الاحترام. أما كصديق فهو من أعز أصدقائي ومن يوم أن تعارفنا عام 1943، والود متصل والصفاء متبادل. وعندما علمنا أن لديه أعمالا قديمة سوف تظهر، تمنيت أن يكون ذلك بشير أن يستأنف الكتابة من جديد، ولعلها تكون فاتحة خير.
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 07 - 2016