في لحظة ، تحت وطأة أمور ضاغطة ،خالجته مشاعر متضاربة ، فقد اعتاد أبداً ترويض نفسه على الصمت ريثما يستعيد نضجه العقلي ، ولكن هذه اللحظة كادت أن تغتاله غيلة ، دون أن يرجف لها طرف ، فتنهد طويلاً ، دارت في ذهنه عدة تساؤلات وهو يقول ماذا أريد من هذه الحياة ؟؟ حاول أن يفك طلاسم حياته التي أصبحت دوامة فاترة بلهاء لا يحس لها معنى أو قيمة ، افاق وعيه فجأة وبدأ يجتر ذكريات أيامه الخوالي ، وجراحاته التي اندملت ، تحسس جسده المنهك ، بدأ الركض نحو المستقبل مصارعاً كبد الحياة منتصراً لحاجاته ، بدأ ت علامات الدهشة والاستغراب لهذا التغير في المستقبل ، كأنما تدور عقارب الزمن لتعيده إلى الماضي السحيق ، اختلطت أمامه الصور والشواهد والإيحاءات ، أحس بمرارة الفشل في التوفيق بين ماضيه وحاضره ومستقبله ، انقشعت أمامه أشياءه ، حينها وجد أن مسارات الزمن قد سبقته الخطى في موج متلاطم وزحام خانق ، يمر أمامه الناس والأشياء وحول ناظريه تغطي سحابة زرقاء رأسه الحاسر ، ارتفع الصراع الداخلي ، صرخ ، حتى أسمع من حوله ثم سقط مغشياً ، لم يجد من يسعفه ، إلا حرارة الشمس التي أمطرته بوابل من الأشعة ، استيقظ ، فأفاق من لحظته وخرج من تلك التجربة المريرة بخلع ثوب الوحدة والبحث عن صورة الذات بعيون الآخرين .