أهَيئ الدرس ، أُفَكّرُ التفاصيل ، أرسم المراحل ، وفي الطريق إلى الإعدادية أعيد ترتيب كل شيء في ذهني ٠
ها أنا واقف أمام حجرة الدّراسة والتلاميذ يدخلون ، وهم يأبون إلا أن يُصافحوني واحداً واحداً ، وأنا أخجل من أن لا أمد يدي لهم ، وأصافحهم بدوري واحداً واحداً حتّى آخر الأربعين ٠
وما إن يعُمّ الصّمت حتّى أبدأ الدّرس ، أتوَخّى السّهولة والبساطة ، أبالغ أحيانا في تكرار ما أقول ، وحين أمرُّ إلى مرحلة التقويم ، وقبل أن أُلقي أي سُؤال ، يقف التلميذ أحمد من آخر الصف وينظر إلي بعيني مظلوم وأنا أعلم جَيِّداً أنه شيطان من الشياطين ، وبصوت مُتألِّم حزين يصيح :
ـ أستاذ ، حسن سرق لي قلمي الأحمر ٠
وقبل أن أسأل حسن عن أي شيء ، يقف ويتقدم إلى أن يُصْبِحَ أمامي مباشرة وهو يُمسك قلماً أحمراً بين يديه ويمُدُّه أمام ناظري ، ويصيح بدوره :
ـ أُقسم بالله أستاذ أنّه قلمي أنا ٠
وبدوره يتقدّم أحمد إلى أن يصير أمامي ، ويزعق :
ـ والله قلمي أنا ٠
ويلتفت باتجاه التلاميذ فيقف خمسة أو ستة منهم وهم يُرددون :
ـ قلم أحمد ٠
وبدوره يلتفت حسن نحو مُؤيديه ، ويقف خمسة أو ستة من بينهم ، وبصوت أعلى يصيحون :
ـ قلم حسن٠
ويعُمُّ صمت رهيب ، وتشرئب الأعناق نحوي ، وهم ينتظرون كيف سأحل هذا الأمر الخطير ، ويُجن جنوني ولا أتمالك نفسي ، أمسك بالقلم أُكسره وأرميه من النّافذة ، وأنسى كل مبادئ التربية الحديثة ، وأحمل المسطرة وأهاجمهم فيفرُّون ويعودون إلى مقاعدهم ، وبِصَوت صاخب أُعلن لهم :
ـ منذ الآن سأُصبح جلّادا ٠
وبكل براءة تقف تلميذة نحيفة ، وتسألني : أستاذ ، عندي سوط ، هل آتيك به ؟
ويبدأ الجميع في التنافس حول من سيأتيني بالسوط ، وتثور ثائرتي مرة أخرى فيلتزمون الصمت من جديد ٠
وحين أبدأ في طرح أسئلة التقييم ، أُفاجأ بأنهم قد نسوا كل شيء ، ويُسْقطُ في يدي وأُعيدُ من جديد ٠
وحين يدق الجرس ويخرجون ، يأبون إلا أن يصافحوني واحداً واحداً
ها أنا واقف أمام حجرة الدّراسة والتلاميذ يدخلون ، وهم يأبون إلا أن يُصافحوني واحداً واحداً ، وأنا أخجل من أن لا أمد يدي لهم ، وأصافحهم بدوري واحداً واحداً حتّى آخر الأربعين ٠
وما إن يعُمّ الصّمت حتّى أبدأ الدّرس ، أتوَخّى السّهولة والبساطة ، أبالغ أحيانا في تكرار ما أقول ، وحين أمرُّ إلى مرحلة التقويم ، وقبل أن أُلقي أي سُؤال ، يقف التلميذ أحمد من آخر الصف وينظر إلي بعيني مظلوم وأنا أعلم جَيِّداً أنه شيطان من الشياطين ، وبصوت مُتألِّم حزين يصيح :
ـ أستاذ ، حسن سرق لي قلمي الأحمر ٠
وقبل أن أسأل حسن عن أي شيء ، يقف ويتقدم إلى أن يُصْبِحَ أمامي مباشرة وهو يُمسك قلماً أحمراً بين يديه ويمُدُّه أمام ناظري ، ويصيح بدوره :
ـ أُقسم بالله أستاذ أنّه قلمي أنا ٠
وبدوره يتقدّم أحمد إلى أن يصير أمامي ، ويزعق :
ـ والله قلمي أنا ٠
ويلتفت باتجاه التلاميذ فيقف خمسة أو ستة منهم وهم يُرددون :
ـ قلم أحمد ٠
وبدوره يلتفت حسن نحو مُؤيديه ، ويقف خمسة أو ستة من بينهم ، وبصوت أعلى يصيحون :
ـ قلم حسن٠
ويعُمُّ صمت رهيب ، وتشرئب الأعناق نحوي ، وهم ينتظرون كيف سأحل هذا الأمر الخطير ، ويُجن جنوني ولا أتمالك نفسي ، أمسك بالقلم أُكسره وأرميه من النّافذة ، وأنسى كل مبادئ التربية الحديثة ، وأحمل المسطرة وأهاجمهم فيفرُّون ويعودون إلى مقاعدهم ، وبِصَوت صاخب أُعلن لهم :
ـ منذ الآن سأُصبح جلّادا ٠
وبكل براءة تقف تلميذة نحيفة ، وتسألني : أستاذ ، عندي سوط ، هل آتيك به ؟
ويبدأ الجميع في التنافس حول من سيأتيني بالسوط ، وتثور ثائرتي مرة أخرى فيلتزمون الصمت من جديد ٠
وحين أبدأ في طرح أسئلة التقييم ، أُفاجأ بأنهم قد نسوا كل شيء ، ويُسْقطُ في يدي وأُعيدُ من جديد ٠
وحين يدق الجرس ويخرجون ، يأبون إلا أن يصافحوني واحداً واحداً