[FONT=Arial][COLOR=black]بباب سجن الصومال، وقف خلق كثير يتزاحمون ...في انتظار سماح بزيارة قريب أو شريك أو محظوظ أو نعيم ...
على الجهة اليمنى وقفت امراة ناظرة أرخت شعرها للوراء وأسدلت وشاحا من منتصف الرأس حتى الحاجبين... يتكئ وزنها على رجلها اليمنى تارة وتارة على اليسرى... ترمقه في حياء باسم وكأنه استعطاف... وبعد أن استرق النظر ثلاثا هز رأسه متسائلا ثم صار صوبها: خصّاكْ شي حاجة آ لالّا؟... وفي خفة ظاهرها استحياء ونكهتها غنج وشحت نصف وجهها ...
قبل أن تجيب كان قد قدّه وله، فأعاد السؤال متقطعا .
أجابته وهي تشيح عن وجهها شيئا فشيئا حتى نزل الوشاح على كتفيها:
جيتْ نزورْ راجْـلي، ومنْعوني ندخّـل السّـخرة، قالّـك شريها من داخل ... الله عْـلى الظالم ...
وقبل ان يصل كلامها نهايته القريبة... انتزع من جيبه ورقة يتيمة خضراء وقدمها ثمنا للمؤونة، تململت في مواربة:
آوعْـدي حْـشومة...
أصرّ لعربي على موقفه... وركع لحمل القفّـة الممتلئة بين دفتي حذائها المكعب الأسود... تحادثا وهما في خطوات صوب ممر الزوار... أخذت منه القفة وتجاوزته مسمرا في مكانه متحسرا ضياع الجميلة وما حملت...
عادت خطوة بشوشة، وجهها صوب وجهه الشحوب... أدخلت يدها فتحة جلبابها الأصفر يعلو شبرا طلعة الحذاء... أخرجت ورقة مخطوطة دسّـتْها يده وهي تسلم وتبتسم في استرخاء: فُوقاش ما بْـغيتي عيّـطلي... وسارت نحو زحمة الباب يثقل جسمها خطوَها المتمايل ...
تألق قلبه ونفخ عبير بين خياشيمه... تنفس بعمق الانتشاء وعيناه مغمضتان على حلم مصوّر بلهفة لقاء مرتقب... أفاقه من غشاوة حلمه هدير عراك بسباب بليغ هتك صومه... فتح عينيه على أياد تتشابك وأخر تفض النزاع... زوّار كثر لم يغيروا مواقع فرجتهم، فقد اعتادوا مثل هذه المشاهد واللقطات... لكنه اضطرب في مكانه ثم أسرج رجليه للمشي السريع...
لما وصل صف الطاكسي، تذكر أن الخمسين درهما كل ما كان بجيبه اليتيم، فأقفل برجليه المتجهمتبن في مشيتهما ووجهُـه يتصلب شيئا فشيئا... مد المشي كيلومترين حتى وصل المحطة الكبرى... [FONT=Arial][COLOR=black]فرش يبيع نية زيارة صديقه السجين؛ لتر حليب ولتري عصير وعلبة مورتاديلا وعصير نكهة فاكهة...[/COLOR][/FONT] فقد طافت بذاكرته الاستفادة من فطور مجاني بمقهى البومبا. وما عليه إلا تأمين العشاء ودخان السهرة الرمضانية، وبضع دراهم للعبة الكارتون...
وما لبث أن خلع معطفه البنيّ ورفعه بسبابته وهو يشهر:
تلاتينْ درهمْ ... تلاتين درهم ... المغرب غيأذن والصحور ماشي مضمون
بحّ حلقه بلا ريق يتنقل من حافلة لأخرى:
تلاتين درهم آ لمْسلْميييين... [/COLOR][/FONT]
على الجهة اليمنى وقفت امراة ناظرة أرخت شعرها للوراء وأسدلت وشاحا من منتصف الرأس حتى الحاجبين... يتكئ وزنها على رجلها اليمنى تارة وتارة على اليسرى... ترمقه في حياء باسم وكأنه استعطاف... وبعد أن استرق النظر ثلاثا هز رأسه متسائلا ثم صار صوبها: خصّاكْ شي حاجة آ لالّا؟... وفي خفة ظاهرها استحياء ونكهتها غنج وشحت نصف وجهها ...
قبل أن تجيب كان قد قدّه وله، فأعاد السؤال متقطعا .
أجابته وهي تشيح عن وجهها شيئا فشيئا حتى نزل الوشاح على كتفيها:
جيتْ نزورْ راجْـلي، ومنْعوني ندخّـل السّـخرة، قالّـك شريها من داخل ... الله عْـلى الظالم ...
وقبل ان يصل كلامها نهايته القريبة... انتزع من جيبه ورقة يتيمة خضراء وقدمها ثمنا للمؤونة، تململت في مواربة:
آوعْـدي حْـشومة...
أصرّ لعربي على موقفه... وركع لحمل القفّـة الممتلئة بين دفتي حذائها المكعب الأسود... تحادثا وهما في خطوات صوب ممر الزوار... أخذت منه القفة وتجاوزته مسمرا في مكانه متحسرا ضياع الجميلة وما حملت...
عادت خطوة بشوشة، وجهها صوب وجهه الشحوب... أدخلت يدها فتحة جلبابها الأصفر يعلو شبرا طلعة الحذاء... أخرجت ورقة مخطوطة دسّـتْها يده وهي تسلم وتبتسم في استرخاء: فُوقاش ما بْـغيتي عيّـطلي... وسارت نحو زحمة الباب يثقل جسمها خطوَها المتمايل ...
تألق قلبه ونفخ عبير بين خياشيمه... تنفس بعمق الانتشاء وعيناه مغمضتان على حلم مصوّر بلهفة لقاء مرتقب... أفاقه من غشاوة حلمه هدير عراك بسباب بليغ هتك صومه... فتح عينيه على أياد تتشابك وأخر تفض النزاع... زوّار كثر لم يغيروا مواقع فرجتهم، فقد اعتادوا مثل هذه المشاهد واللقطات... لكنه اضطرب في مكانه ثم أسرج رجليه للمشي السريع...
لما وصل صف الطاكسي، تذكر أن الخمسين درهما كل ما كان بجيبه اليتيم، فأقفل برجليه المتجهمتبن في مشيتهما ووجهُـه يتصلب شيئا فشيئا... مد المشي كيلومترين حتى وصل المحطة الكبرى... [FONT=Arial][COLOR=black]فرش يبيع نية زيارة صديقه السجين؛ لتر حليب ولتري عصير وعلبة مورتاديلا وعصير نكهة فاكهة...[/COLOR][/FONT] فقد طافت بذاكرته الاستفادة من فطور مجاني بمقهى البومبا. وما عليه إلا تأمين العشاء ودخان السهرة الرمضانية، وبضع دراهم للعبة الكارتون...
وما لبث أن خلع معطفه البنيّ ورفعه بسبابته وهو يشهر:
تلاتينْ درهمْ ... تلاتين درهم ... المغرب غيأذن والصحور ماشي مضمون
بحّ حلقه بلا ريق يتنقل من حافلة لأخرى:
تلاتين درهم آ لمْسلْميييين... [/COLOR][/FONT]