كثيراً ما يربط القراء بين الكاتب وشخصيات روايته، ويبحثون عن علاقة بينه وبين هذه الشخصية أو تلك، وعندما تتاح لهم الفرصة للقاء الكاتب فأول شيء يسألونه عنه هو علاقته بإحدى الشخصيات، وهل صور نفسه فعلا من خلالها؟، ولا يقتصر الأمر على القراء، بل إن النقاد أيضاً يفعلون ذلك، ويبحثون في تفاصيل حياة الكاتب لإيجاد تلك الصلة، ويفترضون في بعض الأحيان تطابقاً بين الكاتب وإحدى شخصياته.
لا شك أن حياة الكاتب وما يدور حوله وما يشاهده في مجرى الحياة العامة من أحداث تؤثر فيما يكتبه، وقد تكون هناك أحداث أو شخصيات مرتبطة به بشكل لصيق، بل قد تكون إحدى الشخصيات تمثله جزئياً أو كلياً، ومن المهم للناقد الذي يبحث في طرائق تكوين الإبداع وأسلوب الكاتب أن يطلع على تلك الصلات، لكن ما مدى أهميتها بالنسبة للقارئ العادي؟.
ما يهم القارئ العادي في الرواية هو العالم الإنساني الذي تبنيه الرواية، وأشكال القيم التي تتحفه بها، فعندما يقدم الكاتب عالماً بملامح إنسانية، تعكس الصراع بين الخير والشر، وجهاد الأفراد من أجل اكتساب حقوقهم في الحرية والمساواة والعدالة والعيش الكريم، ومن أجل أن ينعموا بالحب والإخاء والاحترام والسلام، وأن يقيموا علاقة مودة وسلم مع الآخرين، وعندما تدين الرواية الظلم والقهر وسلب الحرية، وتمجد صبر الإنسان وعمله وجهاده المتواصل من أجل حياته فإنها تقدم للقارئ بغيته، وتوسع مداركه، وتسهم في وعيه بإنسانيته، وتعطيه الأمل.
ففي رواية «الشيخ والبحر» لأرنست هيمنجواي، لم يستسلم ذلك الصياد الهرم لليأس رغم مرور ثمانين يوماً عليه دون أن يصطاد سمكة واحدة، لقد ظل يخرج كل يوم في رحلة صيد طويلة ليعود مساءً فارغ اليدين متعباً كئيباً، وينظر من حوله، فيجد الصيادين الآخرين عائدين بصيد وفير، لكنه ينهض في الصباح التالي نشيطاً، ليبدأ الرحلة من جديد، وبعد ثمانين يوماً يحصل على صيد كبير، إذ تعلق بشبكته سمكة كبيرة جداً أكبر من زورقه، وأقوى منه، ويحاول أن يقتلها، لكنه يعجز عن ذلك، وتجر السمكة القارب وصاحبه بعيداً عن الشاطئ، ويصارعها أياماً حتى يقتلها، ويربطها بقاربه، لكن دمها يجلب سمك القرش ويصارعه سانتياجو، لكنه يعجز عن صده، فيأكل القرش السمكة، ولا يترك منها سوى هيكل عظمي، ليعود سانتياجو إلى الشاطئ، وليس معه سوى ذلك الهيكل العظمي الذي يصبح فرجة للصيادين والسائحين، لكن سانتياجو انتصر بإرادته القوية وصبره، وسطر مجده الخاص، إنه درس في الإرادة وقوة الصبر، وتلك هي قيمة الرواية وعظمتها، ولا يهم بعد ذلك إذا كان هيمنجواي قد استقى موضوع الرواية من تجربة العيش مع الصيادين أم لا، المهم هو ذلك الدرس العميق.
لا شك أن حياة الكاتب وما يدور حوله وما يشاهده في مجرى الحياة العامة من أحداث تؤثر فيما يكتبه، وقد تكون هناك أحداث أو شخصيات مرتبطة به بشكل لصيق، بل قد تكون إحدى الشخصيات تمثله جزئياً أو كلياً، ومن المهم للناقد الذي يبحث في طرائق تكوين الإبداع وأسلوب الكاتب أن يطلع على تلك الصلات، لكن ما مدى أهميتها بالنسبة للقارئ العادي؟.
ما يهم القارئ العادي في الرواية هو العالم الإنساني الذي تبنيه الرواية، وأشكال القيم التي تتحفه بها، فعندما يقدم الكاتب عالماً بملامح إنسانية، تعكس الصراع بين الخير والشر، وجهاد الأفراد من أجل اكتساب حقوقهم في الحرية والمساواة والعدالة والعيش الكريم، ومن أجل أن ينعموا بالحب والإخاء والاحترام والسلام، وأن يقيموا علاقة مودة وسلم مع الآخرين، وعندما تدين الرواية الظلم والقهر وسلب الحرية، وتمجد صبر الإنسان وعمله وجهاده المتواصل من أجل حياته فإنها تقدم للقارئ بغيته، وتوسع مداركه، وتسهم في وعيه بإنسانيته، وتعطيه الأمل.
ففي رواية «الشيخ والبحر» لأرنست هيمنجواي، لم يستسلم ذلك الصياد الهرم لليأس رغم مرور ثمانين يوماً عليه دون أن يصطاد سمكة واحدة، لقد ظل يخرج كل يوم في رحلة صيد طويلة ليعود مساءً فارغ اليدين متعباً كئيباً، وينظر من حوله، فيجد الصيادين الآخرين عائدين بصيد وفير، لكنه ينهض في الصباح التالي نشيطاً، ليبدأ الرحلة من جديد، وبعد ثمانين يوماً يحصل على صيد كبير، إذ تعلق بشبكته سمكة كبيرة جداً أكبر من زورقه، وأقوى منه، ويحاول أن يقتلها، لكنه يعجز عن ذلك، وتجر السمكة القارب وصاحبه بعيداً عن الشاطئ، ويصارعها أياماً حتى يقتلها، ويربطها بقاربه، لكن دمها يجلب سمك القرش ويصارعه سانتياجو، لكنه يعجز عن صده، فيأكل القرش السمكة، ولا يترك منها سوى هيكل عظمي، ليعود سانتياجو إلى الشاطئ، وليس معه سوى ذلك الهيكل العظمي الذي يصبح فرجة للصيادين والسائحين، لكن سانتياجو انتصر بإرادته القوية وصبره، وسطر مجده الخاص، إنه درس في الإرادة وقوة الصبر، وتلك هي قيمة الرواية وعظمتها، ولا يهم بعد ذلك إذا كان هيمنجواي قد استقى موضوع الرواية من تجربة العيش مع الصيادين أم لا، المهم هو ذلك الدرس العميق.