الرّوائيّ يكتب انطلاقًا من التزام أخلاقي وإبداعي نحو مجتمعه وأمته، وأيًا كانت اللحظة التي يكتب فيها، فإن عليه أن يكتب ليعزز الوعي والحرية والسلام، ويقرّب الإنسان من إنسانيته، ولكي يكون المستقبل أفضل وأجمل، وأن يكتب ليدين الشر، وكل ما يعيق مسيرة الإنسان نحو ممارسة إنسانيته بالمعنى النبيل للكلمة.
في لحظة الدّم.. يجب قبل الكتابة فهم اللحظة وبناء تصور شامل عنها، ومحاولة الانفصال عنها لفهمها بشكل أعمق، وتبين الأسود من الأبيض فيها.. فعمل الرّوائيّ ليس عملًا انفعاليًا متسرعًا، وأدوات الرّوائيّ لا تسعفه في سرعة ردة الفعل، والذي يفعل ذلك هو الشاعر، لأنّ أدواته تسعفه، فجزء من عمل الشاعر يقوم على الانفعال باللحظة، وهو قادر بعبقريته على تحويل ذلك الانفعال إلى صيغ جمالية، لأن أدواته هي الكلمة والإيقاع والصورة المكثفة، وهي أدوات تستجيب بسرعة، ولأنّ قوّته هي في تأثير تلك التوليفة على المتلقي.. يستطيع الشاعر أن يحوّل اللحظة الحاضرة إلى كلمات راقصة وصور مكثفة متتابعة، لكن الرّوائيّ يحتاج إلى وقت، وإلى تأمل لأنّ عمله يقوم على الخيال والفكرة، ووسيلته هي الحكاية التي تفترض بناء عالم مواز للعالم الذي يعيشه، أو هو استعارة عنه، وهذا ليس عملًا سهلًا، ولا يمكن إنجازه في لحظة خاطفة، بل لا بدّ له من ساعات كثيرة وطويلة من التأمل وأيام من التخطيط والترتيب تمامًا كما يفعل البنّاء، لكي يكون البناء محكمًا، والرؤية متكاملة، والقصدية مؤثرة.
يخطئ كثير من الكتّاب الرّوائيّين الذين يكتبون بتسرع انطلاقًا من انفعال بالواقع، وتحت تأثير صوت الجماهير المطالب بردة فعل ما، فيتحول خطابهم إلى نص سياسي أو اجتماعي مباشر، ويفقد قيمته الأدبية وجماليته المفترضة، وكان الأولى بهم أن يؤخروا رواياتهم لما بعد التأمل، وفهم الظاهرة، وهناك أمر مهم يغفل عنه البعض أيضًا، وهو أن ما يكتبونه هو شهادة عن الواقع الذي يعيشونه، فينبغي أن تكون هذه الشهادة عميقة، بعيدة عن الانفعال، مبنية على تحليل مقنع، منحازة للحق والجمال.
أخيرًا، عندما يتأمل الكاتب ويشرع في الكتابة عن لحظة الدّم التي نعيشها، لا بدّ أن تكون كتابته إدانة للقهر والاستبداد وكل أخطاء الماضي التي أوصلتنا إلى هذه اللحظة، وكل أشكال الاستعمار التي مورست وتمارس علينا من طرف الآخر حتى الآن، ولا بدّ أن تكون كتابته نشدانًا للحرية والخير، وبشارة بمستقبل أفضل، لأن صناعة الأمل هو أيضًا جزء من التزام الكاتب نحو مجتمعه.
في لحظة الدّم.. يجب قبل الكتابة فهم اللحظة وبناء تصور شامل عنها، ومحاولة الانفصال عنها لفهمها بشكل أعمق، وتبين الأسود من الأبيض فيها.. فعمل الرّوائيّ ليس عملًا انفعاليًا متسرعًا، وأدوات الرّوائيّ لا تسعفه في سرعة ردة الفعل، والذي يفعل ذلك هو الشاعر، لأنّ أدواته تسعفه، فجزء من عمل الشاعر يقوم على الانفعال باللحظة، وهو قادر بعبقريته على تحويل ذلك الانفعال إلى صيغ جمالية، لأن أدواته هي الكلمة والإيقاع والصورة المكثفة، وهي أدوات تستجيب بسرعة، ولأنّ قوّته هي في تأثير تلك التوليفة على المتلقي.. يستطيع الشاعر أن يحوّل اللحظة الحاضرة إلى كلمات راقصة وصور مكثفة متتابعة، لكن الرّوائيّ يحتاج إلى وقت، وإلى تأمل لأنّ عمله يقوم على الخيال والفكرة، ووسيلته هي الحكاية التي تفترض بناء عالم مواز للعالم الذي يعيشه، أو هو استعارة عنه، وهذا ليس عملًا سهلًا، ولا يمكن إنجازه في لحظة خاطفة، بل لا بدّ له من ساعات كثيرة وطويلة من التأمل وأيام من التخطيط والترتيب تمامًا كما يفعل البنّاء، لكي يكون البناء محكمًا، والرؤية متكاملة، والقصدية مؤثرة.
يخطئ كثير من الكتّاب الرّوائيّين الذين يكتبون بتسرع انطلاقًا من انفعال بالواقع، وتحت تأثير صوت الجماهير المطالب بردة فعل ما، فيتحول خطابهم إلى نص سياسي أو اجتماعي مباشر، ويفقد قيمته الأدبية وجماليته المفترضة، وكان الأولى بهم أن يؤخروا رواياتهم لما بعد التأمل، وفهم الظاهرة، وهناك أمر مهم يغفل عنه البعض أيضًا، وهو أن ما يكتبونه هو شهادة عن الواقع الذي يعيشونه، فينبغي أن تكون هذه الشهادة عميقة، بعيدة عن الانفعال، مبنية على تحليل مقنع، منحازة للحق والجمال.
أخيرًا، عندما يتأمل الكاتب ويشرع في الكتابة عن لحظة الدّم التي نعيشها، لا بدّ أن تكون كتابته إدانة للقهر والاستبداد وكل أخطاء الماضي التي أوصلتنا إلى هذه اللحظة، وكل أشكال الاستعمار التي مورست وتمارس علينا من طرف الآخر حتى الآن، ولا بدّ أن تكون كتابته نشدانًا للحرية والخير، وبشارة بمستقبل أفضل، لأن صناعة الأمل هو أيضًا جزء من التزام الكاتب نحو مجتمعه.