زينب فهمي (رفيقة الطبيعة) - الوجه والمؤخرة...

استدارة مؤخرتها تملأ حيزا كبيرا من السرير العريض،، ثنية ردفيها الثقيلين مثقلة بنتوءات لحمية متزاحمة،،

من داخل بلعومها الوشيك على الغثيان انتشرت في الفراغ المحيط برأسها رائحة أمعاء فارغة. قاومت النوم في جفونها،، فركت يديها. نظرت إلى أسفل قدميها،، إلى أسفل جلستها المتربعة،، نظرت إليه،، أظافره بادية، قريبة من رأسه المطروح قرب استدارة مؤخرتها،،

حملقت أكثر: أظافر كبقع هاربة من ظهر سلحفاة برية،، زوايا الأصابع ذات مغارس متآكلة، وبقايا وسخ قديم تجمد فوق الجلد أيضا، مثل مخلفات لوح منخور داخل حمام بلدي عتيق.

من هو؟ ولماذا يوجد هنا؟

تذكرت: أربع وعشرون ساعة ماتت حين وجد بقربها،، في وجهها،، في غرفتها. غالبا انقرضت أربع وعشرون سنة حين نام هنا- فكرت في غير تركيز- وقبل أن ينام حملق. جحظت عيناه في وجهها،، كشف عن أعمدة قصيرة وسخة مهدمة بين شدقيه،،

هل ضحك حقا قبل أن يرتمي عليها،، يسقطها أرضا،، يعريها،، يفري جلدها،، يجرحه ويدميه،، يمتص ثدييها،، يعتليها ويعرق بإرهاقها،، ثم يبصق من تحته فائضه الغريزي عندها مهتاجا،، لاهثا،، لاهثا حتى الموت،،

وحين ينطرح هنا مهدما معوج العضلات،، منتهيا باستغراقه في النوم يحيى بقوة أرقها،، شعورها بالقذارة في جلدها،، بين عينيها،، في أحشائها وأثوابها وعبر فضاء الغرفة المشحون برائحة اغتصاب كريه لها من طرفه،، من طرف الوصي عليها الذي أقصاها عن الحياة وأسكنها كهف مومياء عتيقة، فقط بعقد مستعجل كتبه باسمها واسمه عدلان وديعان أو جشعان غالبا،، حكاية عادية،، قصة مكررة وعملية رخيصة: أن تعيش يوما وراء آخر على هذا النحو المزري،، عملية قذرة عطنة مفرحة للآخرين (ليلة عرس مأتمي) قيدها موسوم في اللحم، مزرقا،، وفي الجرح الذي لم يندمل ولا أبدا،،

من هو؟ مجتمع غبي رخص له في لحظة أن يفترشها،،يمتصها،، يطفئها. يدفع بالقيء إلى حلقومها ملمسة،،تبغه. رغباته المتصابية منصبة في بصرها بعنف،، في اللحم اللدن الأصفر البارد، لحمها!

واستدارت كلها نحو جسده العنكبوتي الرخو المسلط على سريرها منذ الفجر، منذ الأمس،، منذ بداية هذا العالم! وغمغمت لنفسها:

- والآن إني أرفضه وبدون جدوى أفعل ذلك،،

في تلك اللحظة خفت شخيره،، هزها لذلك ذعر مفاجئ،، أخو في سبيله إلى اليقظة من نومته الثقيلة ليمتصها من جديد مثل (ادراكولا) تخلف ركبه المشؤوم عن السنين؟ مخطئة،، هي واهمة. إنها مخدة مربعة مطرزة تتدحرج بقربها وبقربه،، تحجب جانبا من وجهه قرب مؤخرتها الكبيرة،، تلك المخدة حدت قليلا من صوت شخيره البغيض كما لو حدث وتلاشى ببطء وقع منشار حاد في عقلها،، تراخت أعصابها،، فتحت أمامها نافذة كبيرة وهمية على فضاء شاسع أزرق شديد الصفاء.

على حين غرة هجمت ريح عاتية،، إنها تمطر الآن في أعماقها قطرات تغسل بقايا عنف قذر. بقايا معركة لا إنسانية،، معركة المجتمع والفرد الواحد غير المتكافئة أبدا. وتغسل أيضا بقية عذاب لا صوت له.

تسمر نظرها عليه،، على نصف وجهه الظاهر بجواز المخدة المربعة المطرزة الأنيقة،،،

تعصف الريح أكثر،، لطماتها تصفع وجهها ذا النظرة الكسيرة المندهشة في ذهول متزايد. في تساؤل طفولي ( أبهذه السهولة تفتح نوافذ الأمل في وجوه الآخرين من جديد؟)

وهي ترتفع قليلا،، ببطء مثير للجدل، ترتفع بنصفها الأسطواني ذي الردفين الثقيلين لتهوي به- كما يهوي خفاش جريح يصارع- على المخدة التي أحكمت وضعها جيدا فوق الوجه والشخير معا!

القنيطرة- ربيع1971

* من مجموعة (تحت القنطرة) دار الكتاب- البيضاء- الطبعة الأولى 1976- ص53-54-55

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...