كتب - جعفر الديري
قال المفكر التونسي د. محمد حداد ان العقود القادمة ستكون عقودا ليبرالية، بعد أن كان القرن الماضي قرنا اشتراكيا، وعليه فيجب على العرب والمسلمين أن يختاوا بين الحياة على هامش العصر أو الدخول اليه مفكرين جيدا في أوضاعهم.
وكان مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في محافظة المحرق، وضمن موسمه الثقافي الثالث، أقام أمسية ثقافية للمفكر د. محمد حداد، تحت عنوان "مستقبل الثقافة العربية أمام تحدي الليبرالية"، تطرق فيها الى اشتراكية القرن الماضي وليبرالية العقود القادمة، كما تطرق الى قراءة التاريخ بقوالب جاهزة، مشددا على أهمية النظر بشكل مختلف الى مجمل أحوالنا المعيشية والثقافية.
اشتراكية العصر الماضي
وقال د. حداد: ان القرن الماضي كان عصر الاشتراكية، لكننا أمضينا القرن ولم نكن اشتراكيين، أمضينا القرن نحلم بالبطل، فتعاقبت الانكسارات الى أن سقطت بغداد، غيرنا خرج محتفظا بأبطال كتشي جيفارا الذي أصبح معبود المراهقين والمراهقات بينما نحن لم نحتفظ الا بصورة الرئيس العراقي صدام الحسين وهو يفتح فمه صاغرا بعد أن كمم أفواه آلاف العراقيين، خرجنا اذا من القرن الماضي دون أن يتم تعديل المجتمع الانساني، ودون أن نحتفظ بشيء من عصر الثورات غير تغيبب الديموقراطية وحقوق الانسان.
وأضاف المحاضر: اننا اليوم أمام مفترق طرق، اما أن نظل نعيش على هامش العصر واما أن ندخله مفكرين جيدا في أوضاعنا. وهنا يبرز سؤال مهم عن مستقبل الثقافة العربية من منطلق أن العقود القادمة سوف تكون عقودا ليبرالية كما أعتقد، فمستقبل الثقافة لدينا رهين بتجاوز هذا الاصلاح الديني الذي يتجاهل الليبرالية، والحل كما أتصوره يتم باعادة طرح القضايا بصدق، فان عدم تناولها بهذه الطريقة جعلنا في القرن الواحد واقعين تحت وصاية الدول الغربية بعد أن كنا نتقاسم العالم مع الصين والمغول في نهاية القرن الثالث عشر. ذلك ان العقلية السائدة لدينا ترى أن مشكلة العرب والمسلمون في وجود الغرب، وهذه النظرة مصدرها سبب هيكلي وهو أن النظرة السائدة تقرأ التاريخ من منطلق نماذج جاهزة، فالقراءة السلفية مثلا تتناول نموذج الطوفان الذي يقوم على الكارثة فالتطهير الذي هو وعد الحق، وبمفهوم هذه النظرة فان التاريخ لا يعدو أن يكون سجلا للأحداث، النظرة التي ترسخت في الجينات المعرفية العربية للأسف الشديد.
الرجوع للطريقة البويهية
ولفت المحاضر: "انه عندما بدأت النهضة الأوروبية لم يكن المسلمون في سبات، ومع ذلك فان أوروبا وقتها اختارت التوقيع على معاهدة للحريات بينما اختار العثمانيون الرجوع الى الطريقة البويهية لتعود إرادة السلطان فتصبح إرادة الله. وحينما كانت النهضة الأوروبية تتبرعم ولم تكن وقتها أوروبا قوة كبرى، فلم يكن ليمنع ذلك دانتي عن التطواف مبشرا بمذهبه الأدبي، ولم يكن ليمنع شكسبير عن كتابة مسرحيته روميو وجولييت، كانت البلاد العربية غير ذلك تماما مع أن الفكر الأوروبي تحول الى الفكر الحضاري بسبب أن أوروبا ابان نهضتها كانت محاصرة بالاسلام. مما يعني انها كانت في موقع قوة. لذلك أرى ان تواجه أوروبا بالعرب لم يكن حملات صليبية وانما كانت دفاعا، ولكن اصطدام أوروبا بالعرب ولد شعورا هستيريا لدى العرب والمسلمين بنهاية الزمان، وتحميل الأتراك مسئولية هذا الانحطاط وجه آخر لعدم الفهم للظروف الحقيقية، كما أنها فكرة صنعتها نفوس لأجل مصالح خاصة.
وموضحا وجهة نظره، قال د. حداد: سأطرح مثالين الأول لخير الدين التونسي، الذي كانت له أول محاولة ليبرالية حاول من خلالها أن يجعل القضية قضية اقتباس، داعيا الى الأخذ بعلوم الغرب ومنجزاته، وكيف أنه حورب من قبل الفئة الغالبة المتشددة وقتها، متهمين اياه بأنه سبب ما حدث من انهزام بعد ذلك، دون أن يعترفوا بأنهم سبب كل ذلك لأنهم لم يستجيبوا الى ما طرحه، وموقف آخر لعالم مغربي هو ابن باديس الذي قام بعد الطهطاوي بالذهاب الى باريس وكتب عن رحلته تلك وعما شاهد حتى اذا وصل الى نهاية كتابه أشار الى ما يتمتع به هؤلاء القوم - ويعني الفرنسيون- انما هو متاع الدنيا الزائلة التي حجب الله بها هؤلاء القوم عن عبادته.
قال المفكر التونسي د. محمد حداد ان العقود القادمة ستكون عقودا ليبرالية، بعد أن كان القرن الماضي قرنا اشتراكيا، وعليه فيجب على العرب والمسلمين أن يختاوا بين الحياة على هامش العصر أو الدخول اليه مفكرين جيدا في أوضاعهم.
وكان مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في محافظة المحرق، وضمن موسمه الثقافي الثالث، أقام أمسية ثقافية للمفكر د. محمد حداد، تحت عنوان "مستقبل الثقافة العربية أمام تحدي الليبرالية"، تطرق فيها الى اشتراكية القرن الماضي وليبرالية العقود القادمة، كما تطرق الى قراءة التاريخ بقوالب جاهزة، مشددا على أهمية النظر بشكل مختلف الى مجمل أحوالنا المعيشية والثقافية.
اشتراكية العصر الماضي
وقال د. حداد: ان القرن الماضي كان عصر الاشتراكية، لكننا أمضينا القرن ولم نكن اشتراكيين، أمضينا القرن نحلم بالبطل، فتعاقبت الانكسارات الى أن سقطت بغداد، غيرنا خرج محتفظا بأبطال كتشي جيفارا الذي أصبح معبود المراهقين والمراهقات بينما نحن لم نحتفظ الا بصورة الرئيس العراقي صدام الحسين وهو يفتح فمه صاغرا بعد أن كمم أفواه آلاف العراقيين، خرجنا اذا من القرن الماضي دون أن يتم تعديل المجتمع الانساني، ودون أن نحتفظ بشيء من عصر الثورات غير تغيبب الديموقراطية وحقوق الانسان.
وأضاف المحاضر: اننا اليوم أمام مفترق طرق، اما أن نظل نعيش على هامش العصر واما أن ندخله مفكرين جيدا في أوضاعنا. وهنا يبرز سؤال مهم عن مستقبل الثقافة العربية من منطلق أن العقود القادمة سوف تكون عقودا ليبرالية كما أعتقد، فمستقبل الثقافة لدينا رهين بتجاوز هذا الاصلاح الديني الذي يتجاهل الليبرالية، والحل كما أتصوره يتم باعادة طرح القضايا بصدق، فان عدم تناولها بهذه الطريقة جعلنا في القرن الواحد واقعين تحت وصاية الدول الغربية بعد أن كنا نتقاسم العالم مع الصين والمغول في نهاية القرن الثالث عشر. ذلك ان العقلية السائدة لدينا ترى أن مشكلة العرب والمسلمون في وجود الغرب، وهذه النظرة مصدرها سبب هيكلي وهو أن النظرة السائدة تقرأ التاريخ من منطلق نماذج جاهزة، فالقراءة السلفية مثلا تتناول نموذج الطوفان الذي يقوم على الكارثة فالتطهير الذي هو وعد الحق، وبمفهوم هذه النظرة فان التاريخ لا يعدو أن يكون سجلا للأحداث، النظرة التي ترسخت في الجينات المعرفية العربية للأسف الشديد.
الرجوع للطريقة البويهية
ولفت المحاضر: "انه عندما بدأت النهضة الأوروبية لم يكن المسلمون في سبات، ومع ذلك فان أوروبا وقتها اختارت التوقيع على معاهدة للحريات بينما اختار العثمانيون الرجوع الى الطريقة البويهية لتعود إرادة السلطان فتصبح إرادة الله. وحينما كانت النهضة الأوروبية تتبرعم ولم تكن وقتها أوروبا قوة كبرى، فلم يكن ليمنع ذلك دانتي عن التطواف مبشرا بمذهبه الأدبي، ولم يكن ليمنع شكسبير عن كتابة مسرحيته روميو وجولييت، كانت البلاد العربية غير ذلك تماما مع أن الفكر الأوروبي تحول الى الفكر الحضاري بسبب أن أوروبا ابان نهضتها كانت محاصرة بالاسلام. مما يعني انها كانت في موقع قوة. لذلك أرى ان تواجه أوروبا بالعرب لم يكن حملات صليبية وانما كانت دفاعا، ولكن اصطدام أوروبا بالعرب ولد شعورا هستيريا لدى العرب والمسلمين بنهاية الزمان، وتحميل الأتراك مسئولية هذا الانحطاط وجه آخر لعدم الفهم للظروف الحقيقية، كما أنها فكرة صنعتها نفوس لأجل مصالح خاصة.
وموضحا وجهة نظره، قال د. حداد: سأطرح مثالين الأول لخير الدين التونسي، الذي كانت له أول محاولة ليبرالية حاول من خلالها أن يجعل القضية قضية اقتباس، داعيا الى الأخذ بعلوم الغرب ومنجزاته، وكيف أنه حورب من قبل الفئة الغالبة المتشددة وقتها، متهمين اياه بأنه سبب ما حدث من انهزام بعد ذلك، دون أن يعترفوا بأنهم سبب كل ذلك لأنهم لم يستجيبوا الى ما طرحه، وموقف آخر لعالم مغربي هو ابن باديس الذي قام بعد الطهطاوي بالذهاب الى باريس وكتب عن رحلته تلك وعما شاهد حتى اذا وصل الى نهاية كتابه أشار الى ما يتمتع به هؤلاء القوم - ويعني الفرنسيون- انما هو متاع الدنيا الزائلة التي حجب الله بها هؤلاء القوم عن عبادته.