وليد بن أحمد - خيانة.. قصة قصيرة

توعّدتني قاضية الأسرة بالويل والثبور، وهي تحيل الكلمة إلى لسان الدفاع علّه يخفّف عني عقوبة الخيانة. جالت ببصرها قلقة في أرجاء المحكمة، وعندما التقت عيناها بعينَي النائب العام أومأ لها بشفقة.

أدركت أن لا محامي لدي، وأنني سأتولّى قضيتي كما فعلت دوماً بمفردي. كان علي إخبارها أن الغادة التي ضبطتها زوجتي المصون في أحضاني في ذلك اليوم المشؤوم لم تكن حقيقة بذلك القدر من الجمال. لقيتها أمام محطة القطار شعثاء، قذرة، تتضوّر جوعاً. كم وددت لو تبقى في جيوبي بعض القطع النقدية. هل علي أن أُخبر القاضية أيضاً أن أبي محا الشفقة من قاموسي منذ صباي؟ هل أسرّ لها أنني تحديت أبي كعادتي وحملت السائلة إلى البيت؟

قدّمت لها طبق الأرز الذي تركته زوجتي من أجل حميتها القاسية، فافترسته المسكينة بشراهة. قذارتها جعلتني أقودها إلى الحمام. كانت تغتسل فبحثت جيداً في دولاب زوجتي. قدّمت لها بنطالاً قديماً لم يعد على مقاس زوجتي وخمّنت أن القميص الذي رفضته حبيبتي في عيد ميلادها قد يلائمها تماماً. تذكّرت أيضاً أن لزوجتي حذاءً جميلاً لم تنتعله قط لأنها رأت زميلتها في المكتب تضع مثيله. شبعت البائسة واغتسلت وارتدت أفخر الثياب ثم التمعت عيناها عرفاناً بالجميل، وأنا أقودها نحو الباب ذلك المساء الذي تأخّرت فيه زوجتي في العمل كعادتها.

انتهت الحكاية هنا، وشعرت أن هذه المرافعة ينقصها شيء ما لتبرئة ساحتي. تذكّرت بغتة أن تلك الفتاة الفقيرة التفتت على عتبة الباب، تطلّعت إلى عينيّ وسألتني بحذر:
- ألا يوجد لك شيء آخر قد أهملته زوجتك؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...