أخبرتني أمي ذات مساء أن هناك إمرأة فارعة الطول تقطن شمال هذا العالم تسحر الرجال ، تسرقهم من بيوتهم ، أخبرتني أن تلك السيدة تملك قلباً كالبوصلة ذات الأصبع الوحيد .
أبي وأمي لم يكونا سعيدين كأغلب فقراء هذا العالم . كنت اتنصت على شجارهما كل مساء ، تبكي أمي كثيراً في الليل وعند الفجر تنهض خائرة القوى ، مسلوبة الإرادة ، مثقلة الجفن تقبل النساء بالفقر مرغمة إذا وجد الحب ، أما إذا سلب منها عندها ستكون أتعس المخلوقات وستكثر شكواها ودموعها ايضا ذات صباحٍ ماطر أخبرتني أمي أن تلك المرأة التي حكت لي عنها قد سرقت أبي بينما كنت نائماً ، ها قد رحل أبي ، رحل ولم يقبلني كالعادة عند خروجه ولم يودعني.
اكتفت أمي بالصمت وكفت عن الشجار انقطعت كل الأخبار التي تأتي من الشمال . تخبئ أمي مشطاً تحت وسادتها وصورة قديمة ، كنت أغافلها كل صباح لأقبل تلك الصورة وأعيدها تحت وسادتها ثانية.
سنون كثيرة مضت بعض الآباء عادوا وبعضهم أرسل لأسرته فلحقت به.
صديقي مسعود أخبرني هذا الصباح ونحن في طريقنا للمدرسة أن أباه عاد في الليل وكان يحمل معه الحلوى وملابس كثيرة وحلي تتزين بها أمه، عاد وقد أبيض وجهه وأصبح يرتدي بدلة وحذاء مثل تلك التي يرتديها طبيب المركز أخبرني أيضاً أن أمه قد اغتسلت أخيراً ومشطت شعرها واكتحلت.
تمنيت أن يعود أبي ليس من أجل الحلوى فقط:
أمي لم لا يعود أبي؟
نظرت إلي ولم تدمع عيناها التي تحمل إنكسار الأنثى والكثير من الخيبة: أباك لن يعود!
كنت أدرك هذا عندما عزم على الذهاب. تلك لن تدعه يعود كانت أمي تشير كثيرا في حديثها إلى ( تلك) المجهولة التي تسرق الآباء ولا تسمح لهم بالعودة ولكني لم أعِ ما تقصده تماماً وظلت تلك المجهولة تلقي بظلها الأسود علينا دائماً ذات صباح لم تفق أمي فقد رحلت هي أيضاً وإن بقيت آثار دمعتها ، مشطها وصورة أبي . كنت أدرك أنها سترحل ، فإن صمت النساء رحيل قريب.
مضت الأعوام تلو الأعوام والشمال لا يشرق عن مقدم غائب أبداً وحتى طيور السماء آثرت الصمت عند عودتها كل مساء لأعشاشها محملة بالخيبات مضت الأعوام ، كبرت جداً علمت هذا عندما صغر حذائي وضاق قميصي الوحيد وبدت سيقاني أكثر رشاقة من طرف بنطالي كبرت وكبر عقلي وأدركت حينها لم كان الشمال يسلب رجالنا ويترك نساءنا آرامل وأزواجهن أحياء . ادركت أنه كلما توغلت جنوبا تجد بيوتاً تمتلئ بالكثير من الفقر وبصبر النساء أكثر رجالنا لايخونون نساءهم ولكن الفقر هنا يخون الجميع ، ويجبر الرجال على السفر بعيداً لشراء ضحكات أطفالهم وأساور نسائهم أدركت أن الحياة شجرة تنبت جنوباً ولها فروع طويلة عاقة ، عاقة جداً دائماً ما تنمو وتمتد شمالاً وتبنى بها البيوت والمصانع التي تأخذ منا رجالنا هنا فقط كلما توغلتَ جنوباً ستجد نساء يفضلن الموت جوعاً على ألاّ تشاركهن الهجرة أزواجهن وضحكات أطفالهن.
أبي وأمي لم يكونا سعيدين كأغلب فقراء هذا العالم . كنت اتنصت على شجارهما كل مساء ، تبكي أمي كثيراً في الليل وعند الفجر تنهض خائرة القوى ، مسلوبة الإرادة ، مثقلة الجفن تقبل النساء بالفقر مرغمة إذا وجد الحب ، أما إذا سلب منها عندها ستكون أتعس المخلوقات وستكثر شكواها ودموعها ايضا ذات صباحٍ ماطر أخبرتني أمي أن تلك المرأة التي حكت لي عنها قد سرقت أبي بينما كنت نائماً ، ها قد رحل أبي ، رحل ولم يقبلني كالعادة عند خروجه ولم يودعني.
اكتفت أمي بالصمت وكفت عن الشجار انقطعت كل الأخبار التي تأتي من الشمال . تخبئ أمي مشطاً تحت وسادتها وصورة قديمة ، كنت أغافلها كل صباح لأقبل تلك الصورة وأعيدها تحت وسادتها ثانية.
سنون كثيرة مضت بعض الآباء عادوا وبعضهم أرسل لأسرته فلحقت به.
صديقي مسعود أخبرني هذا الصباح ونحن في طريقنا للمدرسة أن أباه عاد في الليل وكان يحمل معه الحلوى وملابس كثيرة وحلي تتزين بها أمه، عاد وقد أبيض وجهه وأصبح يرتدي بدلة وحذاء مثل تلك التي يرتديها طبيب المركز أخبرني أيضاً أن أمه قد اغتسلت أخيراً ومشطت شعرها واكتحلت.
تمنيت أن يعود أبي ليس من أجل الحلوى فقط:
أمي لم لا يعود أبي؟
نظرت إلي ولم تدمع عيناها التي تحمل إنكسار الأنثى والكثير من الخيبة: أباك لن يعود!
كنت أدرك هذا عندما عزم على الذهاب. تلك لن تدعه يعود كانت أمي تشير كثيرا في حديثها إلى ( تلك) المجهولة التي تسرق الآباء ولا تسمح لهم بالعودة ولكني لم أعِ ما تقصده تماماً وظلت تلك المجهولة تلقي بظلها الأسود علينا دائماً ذات صباح لم تفق أمي فقد رحلت هي أيضاً وإن بقيت آثار دمعتها ، مشطها وصورة أبي . كنت أدرك أنها سترحل ، فإن صمت النساء رحيل قريب.
مضت الأعوام تلو الأعوام والشمال لا يشرق عن مقدم غائب أبداً وحتى طيور السماء آثرت الصمت عند عودتها كل مساء لأعشاشها محملة بالخيبات مضت الأعوام ، كبرت جداً علمت هذا عندما صغر حذائي وضاق قميصي الوحيد وبدت سيقاني أكثر رشاقة من طرف بنطالي كبرت وكبر عقلي وأدركت حينها لم كان الشمال يسلب رجالنا ويترك نساءنا آرامل وأزواجهن أحياء . ادركت أنه كلما توغلت جنوبا تجد بيوتاً تمتلئ بالكثير من الفقر وبصبر النساء أكثر رجالنا لايخونون نساءهم ولكن الفقر هنا يخون الجميع ، ويجبر الرجال على السفر بعيداً لشراء ضحكات أطفالهم وأساور نسائهم أدركت أن الحياة شجرة تنبت جنوباً ولها فروع طويلة عاقة ، عاقة جداً دائماً ما تنمو وتمتد شمالاً وتبنى بها البيوت والمصانع التي تأخذ منا رجالنا هنا فقط كلما توغلتَ جنوباً ستجد نساء يفضلن الموت جوعاً على ألاّ تشاركهن الهجرة أزواجهن وضحكات أطفالهن.