زكريا الشيخ أحمد - الظلُّ لا يفشي بأسرارِهِ

الظلُّ ينكسرُ ، يتقطعُ ، يتبعثرُ ، لكنَّهُ لا يغرقُ .
الظلُّ يتضخمُ ، يتضاءلُ ، يصولُ و يجولُ ،
يتسلقُ الجدرانَ دونَ سُلمٍ
يسقطُ لكنَّهُ يقفُ مجدداً يتسلقُ السلمَ يتسلقُ الجدرانَ
يتداخلُ معَ أغصانِ الشجرِ يعانقُ الجُذوعَ .
الظلُّ لا يختفي تماماً إلا في الفراغِ ،
ربما هو جزءٌ من الفراغِ و ربما الفراغُ جزءٌ منه
و طالما أنَّ لكلِّ شيءٍ ظل فهذا معناهُ انَّ هناكَ ظلّ للظلِّ
فأين هو ظلُّ الفراغِ ؟
و اينَ هو ظلُّ الظلِّ ؟
ما من أحدٍ يعرفُ السرَ الذي بينَ الظلِّ و الفراغِ .
اليومَ جلسْتُ معَ الظلِّ ، لم أجلسْ تحتَهُ و لا فوقَهُ
جلسْتُ معَهُ ، واجهْتُهُ رجلاً لرجلٍ ،
سألْتُهُ هل هذا العالم حقيقي أم أنه ظل لعالم آخر
و لكنه لم يخبرني أيّ شيءٍ .
ثمةَ رجلٍ عجوزٍ بلا يدينِ ظهرَ فجأةً ،
تأملني بإبتسامةٍ ممزوجةٍ بالشفقةِ و العطفِ ،
هزَّ رأسَهُ و اختفى .
تهيأَ لي أنّي سمعْتُ صوتاً يهمهمُ قائلاً : دفعْتُ كلتا يدي
لأعرفَ و لو سراً واحداً ،
لكتي لم أحصلْ على شيءٍ ، لا تتعبْ نفسَكَ
فالظلُّ لا يفشي بأسرارِهِ .


زكريا الشيخ أحمد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...