لكل كائن حي نمط. كل ما علينا فعله هو مراقبته بما يكفي دون أن يعلم لكي تتكشف لنا عاداته. نعرف الآن الكثير عن هجرة النوارس و مايغير مسارها، مواسم التزاوج لدى الدلافين و ما يؤثر عليها، و طبائع وحيد القرن و ما يصيبها بالاضطراب، ما يكفي لنعرف أن لكل كائن حي نمط متكرر و استجابات محدودة للمتغيرات، حتى الإنسان. أهم شيء، أن يكون غافلا عن المراقبة ليركن لعاداته و استجاباته العفوية. مبدأ الارتياب لهاينزبرغ أكثر صلة بعالمنا من عالم ميكانيكا الكم، فالراصد له أثر على حركة المرصود، و حينها لا يمكننا التيقن بمكانه، و يكون واردا من دون ارتياب أن يكون في مكانين في آن.
بدأ الأمر في الثمانينات، فبدلا من وضع مراقبين عند مرافئ النوارس و مشاربها لدراستها، مثيرين خوفها من البشر و مؤثرين على خياراتها في الاستقرار و الارتحال، يمكن إغواءها مرة واحدة بما يكفي لوضع طوق إلكتروني حول ساقها، ثم متابعة حركتها بالأقمار الاصطناعية. و هكذا تم محاكاة تلك المشاريع في الدلافين بزراعة شرائح في زعانفها، و في وحيدي القرن بحفر شرائح في قرونها الوحيدة. إيجاد الطعم المناسب لكل كائن حي لتحضير الفخ هي الخطوة الأصعب، أما ما يليه فمجرد ألغورثمات حاسوبية بسيطة لتفكيك النمط و قراءته يمكن تطبيقها على أي حيوان. و الطعم الأنسب للبشر هو إيهامهم أنهم يمتلكون الخيار. لاحظو كم نوع هاتف محمول موجود؟ كم لون من كل نوع؟ لاحظو التحزبات حول أيهما أفضل بلاك بيري أو أبل؟ و السباقات المحمومة على الطرازات الجديدة. كان من المهم صناعة هذا الفخ الاستهلاكي و كل هذه الخيارات المثيرة للدوران و الجزع و النهم، لإخفاء الخيار الحقيقي: هل تمتلك محمولا أو لا تمتلكه؟ بالأحرى طوقا الكترونيا بيدك يمكن ملاحقته بالأقمار الاصطناعية. قليل من ينتبهون لحريتهم في ذلك الخيار، و أقل من يرفضونه كعازف الهارمونيكا.
الحقيقة أن الأطواق الإلكترونية التي نحملها أكثر من ذلك، لا يمكنك تحصيل راتبك من ماكينة صراف دون أن يسجل ذلك حاسوب، لا يمكنك شراء عطرا ببطاقة ائتمان دون أن تتلقفك شبكة إلكترونية، و لا يمكنك أن تفتح بريدك الالكتروني من أي مكان دون أن تصبح متغيّرا رياضيا في ألغورثمية معقدة.
نعم، قد يبدو أننا فعلنا ذلك من أجل الخير العام، من أجل فهم أفضل لهجرة الطيور، من أجل الحفاظ على الدلافين النادرة، و من أجل محاربة تجارة قرون وحيد القرن، لكن الهدف الأهم لفهم العادات هو محاولة التنبؤ بالخطوة التالية للكائن، أي صناعة ألغورثمية للتكهن بأفعاله. أقصد أن محاولة صناعة ألغورثمية لعازف هارمونيكا بساحة العذراء بميونيخ، ليس هدفه متابعة و ترقب آخر معزوفاته السيئة- فهي تقتحم شرفتي في الأوقات التي لا أتوقعها- بل التنبؤ و منع ما حصل في ذات الساحة قبل قرن تماما، حينما بدأ هتلر انقلابه منها، و انقلب الخارجون من حاناتها و العابرون فيها بلحظة مباغتة -و قد تبدو عفوية- إلى جيش منظم. لا بد من منع مثل ذلك بأي ثمن، حتى لو تطلب ابتداع ألغورثمية لكل إنسان على وجه هذه الأرض.
قد تعتقدون أن خيارات البشر أعقد من خيارات الحيوان، و لكننا بمجرد اختزال الإنسان إلى غرائز حيوانية و عادات بيولوجية يمكننا دراسته بنفس الألغوريثمات. كل إنسان بحاجة إلى أكل و نوم و جنس. و بالتالي فهو بحاجة لمهنة ما يكتسب منها رزقه و يحصل من ورائها طعامه، و بحاجة إلى ملجأ ينام فيه في أوقات معينة. معرفة ذلك فقط، يكفي لأن ترسم خريطة يومية و جدول زمني بتحركاته. أما إن كنتم تعتقدون أننا لا نستطيع أن نعرف ما يجري في غرف نوم الناس، فيمكنني معرفة كم مرة يمارس الجنس رجل ما، من عدد الواقيات التي يشتريها في الشهر، بل كم مرة يستمني مراهق من خلال تتبع نمط تصفحاته للإنترنت، و يمكنني معرفة متى حبلت إحداهن أو متى يأست حينما تتوقف عن شراء حفائظها.ما بعد ذلك ليس أكثر تعقيدا إذاً، كل ما هنالك، أنك بحاجة إلى تنمية جموع استهلاكية تستدرج تدريجيا للتنازل عن خصوصياتها، و بمجرد مرور جيل واحد في هذا المناخ، ينسى البشر وقتا كان فيه الإنسان لا يعرفه بالوجه إلا من التقاه، و لا يعرف عاداته إلا الأعزاء.الآن يعرف متصفح قوقل عن أفكارك و أحلامك و نزواتك أكثر مما ترضى لأبيك أن يعرف. و يعلم الفايسبوك عن ذائقتك في الأصحاب و الصاحبات أكثر مما تتيح لجارك. و لو أن النسوة يتخيلن أن وراء كل كاميرة مراقبة عينا بشرية تتلصص، لما مرّوا أمامها.
لذلك يزعجني، عازف الهارمونيكا تحت شرفتي، و ليس لعزفه السيء. أقصد أنني من استقصائي الأوّلي لمواعيد عزفه، عجزت عن فهم روتينه و نمطه. و لأن منظره المتشرد يوحي بشخص لم يقع في خيوط الشبكة التكنولوجية، و منعتق من تعاقدات التنازل عن الخصوصية، التي يبصم الجميع على قبولها دون أن يقرؤها. الرجل يعزف في أغرب الأوقات و الأيام. يوما في مساء الجمعة حيث الزحام. ساعة يوقظني في الثانية صباحا و سط الأسبوع حيث لا أحد. حينا وقت المطر الغزير بينما يبحث الجميع عن مخبأ. و حينا في ليالي مهرجان أكتوبر الصاخب. و رغم أن بعض العابرين يلقون أمامه حسناتهم، إلا أنه لا يأخذها. و كثيرا ما أتعثر بالعملات التي يترفع عنها على الطريق الحجري أمام شقتي.
حسنا، سأعترف لكم بشيء قد يضرني الاعتراف به أمام رؤسائي في العمل، و لكني أحب أن أظهر لكم مدى إخلاصي و إيماني بهذه المهمة: لقد تغيبت عمدا مفاجئة عن العمل لكسر روتيني علّني أكشف روتين عازف الهارمونيكا بتلك المباغتة، و أخذت إجازة أسبوعا لمراقبته، لكنني لم أستطع. و باستثناء الهارمونيكا، هذا الرجل أقدرنا للعودة لحياة رجل الكهف، فالرجل لا يستخدم أي جهاز إلكتروني و لا يحمل أي بطاقة. ينام متى ما أتاه النعاس في الحدائق، على الأرصفة و عند رذاذ النوافير. و يأكل كيفما اتفق من بقايا السائحين على طاولات الطعام، و من شفقات عاملي المطاعم. اكتشفت أيضا أنه يتسول الأموال أحيانا من العابرين ليشتري بها السندوتشات و السجائر. و مرة رأيته يقايض تلك السجائر مع إحدى المتشردات ليعبثان في لحاف واحد. و رغم كل تلك الأفعال المثيرة للريبة و تقلّبه في أماكن لا يتوقف رجال الشرطة عن حراثتها، إلا أن أحدا لم يستوقفه قط. و يخيل لي أنه يعيش بالتوازي معنا في مكان آخر، لا يراه سواي، و هو حتما يعيش في زمن آخر. تماما، كعدد تخيلي في معادلة رياضية لم تحل، أو ألغورثمية حاسوبية بانتظار أن تبرمج.
أقدم لكم هذه الأطروحة: إن أي تقنيات للمراقبة و التنبؤ مهما تطورت و تعقدت، ستظل ضعيفة مالم تتنبه للهوامش في مجتمعاتنا و العوالم السفلية في ثقافتنا. و إن مصدر قوة أي تقنية مراقبة تطال تلك العوالم، أن تُبقي على وهم الهامشية و السفلية قائما. و كتطبيق مبدأي لهذه الأطروحة؛ أتمنى أن تعطوني تفرّغا مؤقتا لهذه التجربة: تصميم خطة و برمجة ألغورثمية قادرة على تتبع خطوات عازف هارمونيكا سيء، مهما بدا اعتباطيا في عاداته. كعتبة أولية في سبيل الوصول إلى آلية تنبؤ عالية الاحتمالية، و لا تسمح بارتياب من نوع أن يكون في مكانين متناقضين عند ذات اللحظة الزمنية، كأمام شقتي و داخلها.
_________________________________
الأمر بمثابة محاولة منع الهواء من الوصول إلى صدور الناس، فكل محاولة لوقف هذا الانتشار الفيروسي في الشبكة العنكبوتية و ما أبعد بدت بائسة. فالورقة البحثية أعلاه وجدت طريقها على هاشتاقات تويتر، صفحات الفيس بوك و الإيميلات، و تجاوزت مشاهدات النسخ المقروؤة منها على اليوتيوب الملايين، حتى الطابعات و الفاكسات تلبستها الأرواح و بدأت تطبع نسخا مكررة منها، وتطايرت بها الهواتف المحمولة. و في خلال ساعات لم يعد هناك إنسان تطاله التكنولوجيا، لم تطله. بالطبع كانت هناك محاولات لمعرفة و تتبع من أشعل كل هذا الحريق. كل الخيوط تنتهي إلى حاسوب واحد، في شقة مطلة على ساحة العذراء، حيث وجد صاحبها مقتولا، و لا أثر للقاتل سوى هارمونيكا مضرجة بالدماء.
.
بدأ الأمر في الثمانينات، فبدلا من وضع مراقبين عند مرافئ النوارس و مشاربها لدراستها، مثيرين خوفها من البشر و مؤثرين على خياراتها في الاستقرار و الارتحال، يمكن إغواءها مرة واحدة بما يكفي لوضع طوق إلكتروني حول ساقها، ثم متابعة حركتها بالأقمار الاصطناعية. و هكذا تم محاكاة تلك المشاريع في الدلافين بزراعة شرائح في زعانفها، و في وحيدي القرن بحفر شرائح في قرونها الوحيدة. إيجاد الطعم المناسب لكل كائن حي لتحضير الفخ هي الخطوة الأصعب، أما ما يليه فمجرد ألغورثمات حاسوبية بسيطة لتفكيك النمط و قراءته يمكن تطبيقها على أي حيوان. و الطعم الأنسب للبشر هو إيهامهم أنهم يمتلكون الخيار. لاحظو كم نوع هاتف محمول موجود؟ كم لون من كل نوع؟ لاحظو التحزبات حول أيهما أفضل بلاك بيري أو أبل؟ و السباقات المحمومة على الطرازات الجديدة. كان من المهم صناعة هذا الفخ الاستهلاكي و كل هذه الخيارات المثيرة للدوران و الجزع و النهم، لإخفاء الخيار الحقيقي: هل تمتلك محمولا أو لا تمتلكه؟ بالأحرى طوقا الكترونيا بيدك يمكن ملاحقته بالأقمار الاصطناعية. قليل من ينتبهون لحريتهم في ذلك الخيار، و أقل من يرفضونه كعازف الهارمونيكا.
الحقيقة أن الأطواق الإلكترونية التي نحملها أكثر من ذلك، لا يمكنك تحصيل راتبك من ماكينة صراف دون أن يسجل ذلك حاسوب، لا يمكنك شراء عطرا ببطاقة ائتمان دون أن تتلقفك شبكة إلكترونية، و لا يمكنك أن تفتح بريدك الالكتروني من أي مكان دون أن تصبح متغيّرا رياضيا في ألغورثمية معقدة.
نعم، قد يبدو أننا فعلنا ذلك من أجل الخير العام، من أجل فهم أفضل لهجرة الطيور، من أجل الحفاظ على الدلافين النادرة، و من أجل محاربة تجارة قرون وحيد القرن، لكن الهدف الأهم لفهم العادات هو محاولة التنبؤ بالخطوة التالية للكائن، أي صناعة ألغورثمية للتكهن بأفعاله. أقصد أن محاولة صناعة ألغورثمية لعازف هارمونيكا بساحة العذراء بميونيخ، ليس هدفه متابعة و ترقب آخر معزوفاته السيئة- فهي تقتحم شرفتي في الأوقات التي لا أتوقعها- بل التنبؤ و منع ما حصل في ذات الساحة قبل قرن تماما، حينما بدأ هتلر انقلابه منها، و انقلب الخارجون من حاناتها و العابرون فيها بلحظة مباغتة -و قد تبدو عفوية- إلى جيش منظم. لا بد من منع مثل ذلك بأي ثمن، حتى لو تطلب ابتداع ألغورثمية لكل إنسان على وجه هذه الأرض.
قد تعتقدون أن خيارات البشر أعقد من خيارات الحيوان، و لكننا بمجرد اختزال الإنسان إلى غرائز حيوانية و عادات بيولوجية يمكننا دراسته بنفس الألغوريثمات. كل إنسان بحاجة إلى أكل و نوم و جنس. و بالتالي فهو بحاجة لمهنة ما يكتسب منها رزقه و يحصل من ورائها طعامه، و بحاجة إلى ملجأ ينام فيه في أوقات معينة. معرفة ذلك فقط، يكفي لأن ترسم خريطة يومية و جدول زمني بتحركاته. أما إن كنتم تعتقدون أننا لا نستطيع أن نعرف ما يجري في غرف نوم الناس، فيمكنني معرفة كم مرة يمارس الجنس رجل ما، من عدد الواقيات التي يشتريها في الشهر، بل كم مرة يستمني مراهق من خلال تتبع نمط تصفحاته للإنترنت، و يمكنني معرفة متى حبلت إحداهن أو متى يأست حينما تتوقف عن شراء حفائظها.ما بعد ذلك ليس أكثر تعقيدا إذاً، كل ما هنالك، أنك بحاجة إلى تنمية جموع استهلاكية تستدرج تدريجيا للتنازل عن خصوصياتها، و بمجرد مرور جيل واحد في هذا المناخ، ينسى البشر وقتا كان فيه الإنسان لا يعرفه بالوجه إلا من التقاه، و لا يعرف عاداته إلا الأعزاء.الآن يعرف متصفح قوقل عن أفكارك و أحلامك و نزواتك أكثر مما ترضى لأبيك أن يعرف. و يعلم الفايسبوك عن ذائقتك في الأصحاب و الصاحبات أكثر مما تتيح لجارك. و لو أن النسوة يتخيلن أن وراء كل كاميرة مراقبة عينا بشرية تتلصص، لما مرّوا أمامها.
لذلك يزعجني، عازف الهارمونيكا تحت شرفتي، و ليس لعزفه السيء. أقصد أنني من استقصائي الأوّلي لمواعيد عزفه، عجزت عن فهم روتينه و نمطه. و لأن منظره المتشرد يوحي بشخص لم يقع في خيوط الشبكة التكنولوجية، و منعتق من تعاقدات التنازل عن الخصوصية، التي يبصم الجميع على قبولها دون أن يقرؤها. الرجل يعزف في أغرب الأوقات و الأيام. يوما في مساء الجمعة حيث الزحام. ساعة يوقظني في الثانية صباحا و سط الأسبوع حيث لا أحد. حينا وقت المطر الغزير بينما يبحث الجميع عن مخبأ. و حينا في ليالي مهرجان أكتوبر الصاخب. و رغم أن بعض العابرين يلقون أمامه حسناتهم، إلا أنه لا يأخذها. و كثيرا ما أتعثر بالعملات التي يترفع عنها على الطريق الحجري أمام شقتي.
حسنا، سأعترف لكم بشيء قد يضرني الاعتراف به أمام رؤسائي في العمل، و لكني أحب أن أظهر لكم مدى إخلاصي و إيماني بهذه المهمة: لقد تغيبت عمدا مفاجئة عن العمل لكسر روتيني علّني أكشف روتين عازف الهارمونيكا بتلك المباغتة، و أخذت إجازة أسبوعا لمراقبته، لكنني لم أستطع. و باستثناء الهارمونيكا، هذا الرجل أقدرنا للعودة لحياة رجل الكهف، فالرجل لا يستخدم أي جهاز إلكتروني و لا يحمل أي بطاقة. ينام متى ما أتاه النعاس في الحدائق، على الأرصفة و عند رذاذ النوافير. و يأكل كيفما اتفق من بقايا السائحين على طاولات الطعام، و من شفقات عاملي المطاعم. اكتشفت أيضا أنه يتسول الأموال أحيانا من العابرين ليشتري بها السندوتشات و السجائر. و مرة رأيته يقايض تلك السجائر مع إحدى المتشردات ليعبثان في لحاف واحد. و رغم كل تلك الأفعال المثيرة للريبة و تقلّبه في أماكن لا يتوقف رجال الشرطة عن حراثتها، إلا أن أحدا لم يستوقفه قط. و يخيل لي أنه يعيش بالتوازي معنا في مكان آخر، لا يراه سواي، و هو حتما يعيش في زمن آخر. تماما، كعدد تخيلي في معادلة رياضية لم تحل، أو ألغورثمية حاسوبية بانتظار أن تبرمج.
أقدم لكم هذه الأطروحة: إن أي تقنيات للمراقبة و التنبؤ مهما تطورت و تعقدت، ستظل ضعيفة مالم تتنبه للهوامش في مجتمعاتنا و العوالم السفلية في ثقافتنا. و إن مصدر قوة أي تقنية مراقبة تطال تلك العوالم، أن تُبقي على وهم الهامشية و السفلية قائما. و كتطبيق مبدأي لهذه الأطروحة؛ أتمنى أن تعطوني تفرّغا مؤقتا لهذه التجربة: تصميم خطة و برمجة ألغورثمية قادرة على تتبع خطوات عازف هارمونيكا سيء، مهما بدا اعتباطيا في عاداته. كعتبة أولية في سبيل الوصول إلى آلية تنبؤ عالية الاحتمالية، و لا تسمح بارتياب من نوع أن يكون في مكانين متناقضين عند ذات اللحظة الزمنية، كأمام شقتي و داخلها.
_________________________________
الأمر بمثابة محاولة منع الهواء من الوصول إلى صدور الناس، فكل محاولة لوقف هذا الانتشار الفيروسي في الشبكة العنكبوتية و ما أبعد بدت بائسة. فالورقة البحثية أعلاه وجدت طريقها على هاشتاقات تويتر، صفحات الفيس بوك و الإيميلات، و تجاوزت مشاهدات النسخ المقروؤة منها على اليوتيوب الملايين، حتى الطابعات و الفاكسات تلبستها الأرواح و بدأت تطبع نسخا مكررة منها، وتطايرت بها الهواتف المحمولة. و في خلال ساعات لم يعد هناك إنسان تطاله التكنولوجيا، لم تطله. بالطبع كانت هناك محاولات لمعرفة و تتبع من أشعل كل هذا الحريق. كل الخيوط تنتهي إلى حاسوب واحد، في شقة مطلة على ساحة العذراء، حيث وجد صاحبها مقتولا، و لا أثر للقاتل سوى هارمونيكا مضرجة بالدماء.
.