ها أنت تعود من جديد !!
(لوى الأعمى عنقه يسارا، مرهفا السمع لإيقاع جسم صلب يكشط الأسفلت.. كشط.. ك.. ش...ط)
- هل ورثته عن أبيك؟ !!
أضاف الأعمى، وهو يترقى، بأصابع مرتعشة الحائط القصير الذي وازى الخصر تماما.
ياله من صباح مبروك؟ ! كلام يطرد اللقمة من الفم !
(ولم يتوقف المقعد عن التجديف بضربات سريعة بقبقابيه الخشبيين وهو يكرر اللطيف مرات عديدة.. وبقفزة رشيقة استقر عن يمين الأعمى، وركن القبقابين الخشبيين جانبا، وانطلق يصفق بكفيه صامتين.
الأعمى : هل عندك سيجارة؟
المقعد : مازلنا على باب الله !
الأعمى : الخير كثير..
المقعد : ها أنت ترى بعينيك.. لم أسخن مكاني بعد.
الأعمى : بدأت بقلة الأدب. سترى من الأعمى؟ ! وقبل أن يكمل الأعمى كلامه، كان المقعد يدس بين أصابعه نصف سيجارة مشتعلة بعد أن جذب منها نفسا طويلا.
الأعمى : ياله من زمن !! حتى فضلات المقعدين أصبح لها شأن !
المقعد : شمر عن ساعديك واخرج ما في جيوبك.. كل شيء سيأكله الدود والتراب.
الأعمى : إذا أخفيت عنك شيئا، فليذهب الله ببصري وبصر أولادي.
المقعد : اترك ذريتك بسلام. أما.... !! لا داعي للكلام السخيف، وهذا الجمال يسكت الجلاميد..
الأعمى : تابع .. لا تتوقف
المقعد : سيجارة شقراء كاملة
الأعمى : قبلت
المقعد : ماذا أرى.. لا يسترها أي شيء.. هذه راقصة دون أن يسمع لها حس.. غزال !!.
الأعمى : لعل ذلك هو ما منعني من رؤيتها.
المقعد : أصبحت ترى الآن !
الأعمى : اقصد سماعها.. آسيدي.. العجب العجاب.. والشحم يضحك على الكباب..
المقعد : اللهم العمش أو العمى.
الأعمى : ماذا ستفيدك هذه المؤخرة المجلدة؟! كومة عظام تزحف وأنت، طولا وعرضا،لا تتجاوز ارتفاع مخلاة بغل !!
المقعد : ومع ذلك أرى بعيني.. والرحيم الله.
الأعمى : ماذا ترى؟ !
المقعد : تلك التي لم ترها الآن.
الأعمى : رأيت الكثير.. هذا الذي هو أمامك الآن كان معبود الكثيرات..
المقعد : عجبا؟ ! رشدي أباظة في أيامه !
الأعمى : كل منا رشدي أباظة نفسه
المقعد : مهلا.. لم افهم؟!
الأعمى : أنت أدرى بضربة الأعمى.. قليلا ما تخطئ.
المقعد : .. انتظر قليلا.. ماذا يعلق هذا المأفون؟!
الأعمى : مرشح انقطع به الحبل.. أو كما قال جاري وهو أعمى أيضا، مرشح "الأوتوستوب"!
المقعد : القط عندما لا يصل إلى الرئة، يقول ماذا؟
الأعمى : يقول هي من نصيب المقعدين!!
المقعد : جديا.. لو رشحوك، ماهو برنامجك؟
الأعمى : تطهير المدينة من المقعدين.
المقعد : اتق الله.. من سيقودك إلى التجمعات الحاشدة؟
الأعمى : لا اقصد مقعدي الأرجل.. يا لطيف.. اقصد مقعدي الأدمغة!
المقعد : اعترف بعجزي عن مسايرتك.. بداية انتخابية صعبة!
الأعمى : غريب.. انظر حواليك، أليس هو العمى بعينيه؟
المقعد : أرى كل خير.. الحوانيت عامرة، والشارع ينغل بالبشر، والحسان في كل مكان. والوجوه ضاحكة..
الأعمى : قلنا معطوب، لا غبار على ذلك.. لا شماتة لمخلوق في صنعة الخالق.. إما أن تكون.. معطوب الحس، فهذا أمر خطير!!
المقعد : هاهو ملصق جديد!
الأعمى : أسرع، ماذا يقول هو الآخر؟
المقعد : كم تدفع ثمنا لذلك؟
الأعمى : يالها من صداقة فريدة من نوعها!
المقعد : الصداقة لا توجد في التلاوة المفسرة. الصداقة ليست صدقة؟!
الأعمى : سيجارة واحدة تتجاوز قامتك المغروسة في المزبلة.
المقعد : هاهي السجائر بدأت تطل برأسها الأشقر..
الأعمى : أسرع، ماذا يقول الملصق؟
المقعد : انتظر، في الملصق، آسيدي، كيخ كيخ..
الأعمى : مقعد وثقيل الظل!!
المقعد : أعمى.. و.. خفيف العقل؟ !
الأعمى : كفى هراء!
المقعد : سأسامحك هذه المرة .. في الملصق.. شيخات!!.
الأعمى : متى؟ اليوم؟
المقعد : هل تنوي الدخول؟ !
الأعمى : ولم لا؟ !
المقعد : عجبا
الأعمى : سأريحك من هم التفكير.
المقعد : عجبا
الأعمى : عجبا، عجبا! الله يهديك، وكأن الذين يدخلون المسارح ينظرون بعيونهم؟!
المقعد : ينظرون.. بماذا؟
الأعمى : تلك مشكلتك!
المقعد : بدأنا بالنقار، والله وحده يعلم بالنهاية!
الأعمى : .. ومازلنا على باب الله.. من يعين هذا البصير؟
المقعد : من يساعد هذا المعطوب حفظكم الله وحفظ ذريتكم من كل الآفات.
الأعمى : ياله من صباح مبارك!!
المقعد : ماذا حدث؟ غزال جديد؟!
الأعمى : بل ملصق جديد ! ملصقات أكثر من البشر!!
المقعد : ما رأيك لو ترشحنا معا؟ اقصد مرشحين في مرشح واحد.
الأعمى : مرشح "الشهدية"، البرقوق والمشماش.
المقعد : دعك من هذا الهزال السخيف.. ثم، هل هي بدعة؟ !التقى البرقوق والمشماش.
الأعمى : وبدأ "الفلاش"... صدقناك.. ما اسم المرشح الجديد؟
الأعمى : سنطلق عليه "المرشح المشترك" صوتوا على المرشح المشترك الذي يرى بعيونكم..
المقعد : ولا يتحرك إلا بأرجلكم..
الأعمى : مرشح العميان والمقعدين.
المقعد : مرشح كل المعطوبين.
الأعمى : المرشح الذي يرى ما لا تراه العين الصحيحة!
المقعد : المرشح الذي يصل إلى أقصى الدنيا دون أن يتزحزح من مكانه.
الأعمى : اعترف أنني عاجز عن مجاراتك في هذا السخف؟ !
المقعد : أن تكون أعمى، أمر مقبول.. ولكن، العمى والبلادة؟ !
الأعمى : إياك والغلط؟
المقعد : الم تسمع عن ذلك المرشح الذي جزأ ارض القمر؟
الأعمى : وجاءه الزبناء؟
المقعد : حتى ضاقت بهم الأرض
الأعمى : هل تمزح أم انك تداعب ابن عمه؟!
المقعد : لا هذا ولا ذاك.. ولماذا تذهب بعيدا.. نحو القمر؟ !
الأعمى : (يبحلق في المقعد باندهاش)على كل
المقعد : وذلك المرشح – أعوذ بالله من الشيطان الرجيم – الذي يداوي البكم والصم اتركني بسلام حتى..
الأعمى : اعرف انك قليل الأدب.. ولكن بيني وبينك.
المقعد : ذلك المرشح الذي يشفي من العنة
الأعمى : كفى.. كفى.. هل نحن مع مرشحين أم بائعي دواء البق والبرغوث؟
المقعد : لنترك ذلك جانبا، ما قولك في مرشح الحملة السابقة؟
الأعمى : هم كثيرون.
المقعد : اقصد مرشحي ومرشحك أيضا
الأعمى : ماله؟
المقعد : مثل باقي المرشحين.. يأتيك بسحنة، ويودعك – يا لطيف – بأخرى!
الأعمى : استعراض في استعراض.
المقعد : صدقت لأول مرة تقهم سر اللعبة... انظر.
الأعمى : هل هي راقصة؟
المقعد : نعم إنها راقصة جديدة ولكن بالأضواء والألوان..
الأعمى : لم أفهم.. نحن أصدقاء.. ماذا هناك؟
المقعد : شاحنة جميلة لا شغل لها إلا الذهاب والإياب. لو رأيتها لتمنيت التهامها مثل الحلوى الطرية؟
الأعمى : الغاز؟ ما هذا الكلام؟
المقعد : الغريب أن الأزبال تزداد كلما حطت شاحنة جديدة؟ !
الأعمى : فهمت.. من حقهم أن يحافظوا على نظافة الشاحنات.
المقعد : ونظافة الطرقات؟
الأعمى : نظافة القلوب أولى.. إذا اتسخت القلوب فلن يغسلها حتى "الماء القاطع"؟ !
المقعد : ذكرتني .. الم تسمع عن ردم الحفر بعجين يقطر بالماء القاطع؟ !
الأعمى : لأول مرة اسمع بهذا الكلام الغريب؟ !
المقعد : "الله يجيبك على خير"،لماذا تردم الحفرة اليوم وتفتح فمها غدا؟
الأعمى : واضحة كالشمس. انه الغش!
المقعد : الغش ثم الغش ثم الغش!.. عجين الردمة ماؤه يذيب الحديد
الأعمى : وما الهدف من ذلك؟
المقعد : مصيبة. ولكن اعرف انك تتبالد.. الهدف ملء الفواتير.. والعمل قائم على قدم وساق!
الأعمى : إذا صدقنا بهذا الكلام.. هل القواديس مصنوعة من الزبدة؟
المقعد : القواديس لا تمرر حتى الدمعة الواحدة.. فكيف بعفنكم الذي يحتاج إلى جيش جرار
الأعمى : لا تبالغ ! القواديس من أيام "شمهروش"
المقعد :لا اعتراض.. ولكن قواديس "شمهروش" تفكك ليلا وتعوض بقواديس "الفْشُوشْ"
الأعمى : ما العمل؟
المقعد : لنجرب حظنا..
الأعمى :سئمنا السؤال
المقعد : كل من قطر به السقف يرمي لك بكلمة تظل تلوكها طوال حياتك.
الأعمى : اتفقنا إذن.. مرشح مشترك
المقعد : لنجرب إذن.
(قرفص الأعمى، وزحف المقعد، ثم تسنم ظهر الأعمى واقتعد كتفيه)
الأعمى : صوتوا على المرشح المشترك.
المقعد : مرشح العميان والمقعدين
الأعمى : وكل المضطهدين.
المقعد : مرشحان في مرشح واحد.
الأعمى :مرشح اقتصادي.. لا يكلفكم شيئا
(تداخلت أصوات المرشحين مع أصوات الباعة.. ولم تتوقف حركة السابلة، كما أن القطع النقدية ظلت تنهال على الخشبة) ستار.
(لوى الأعمى عنقه يسارا، مرهفا السمع لإيقاع جسم صلب يكشط الأسفلت.. كشط.. ك.. ش...ط)
- هل ورثته عن أبيك؟ !!
أضاف الأعمى، وهو يترقى، بأصابع مرتعشة الحائط القصير الذي وازى الخصر تماما.
ياله من صباح مبروك؟ ! كلام يطرد اللقمة من الفم !
(ولم يتوقف المقعد عن التجديف بضربات سريعة بقبقابيه الخشبيين وهو يكرر اللطيف مرات عديدة.. وبقفزة رشيقة استقر عن يمين الأعمى، وركن القبقابين الخشبيين جانبا، وانطلق يصفق بكفيه صامتين.
الأعمى : هل عندك سيجارة؟
المقعد : مازلنا على باب الله !
الأعمى : الخير كثير..
المقعد : ها أنت ترى بعينيك.. لم أسخن مكاني بعد.
الأعمى : بدأت بقلة الأدب. سترى من الأعمى؟ ! وقبل أن يكمل الأعمى كلامه، كان المقعد يدس بين أصابعه نصف سيجارة مشتعلة بعد أن جذب منها نفسا طويلا.
الأعمى : ياله من زمن !! حتى فضلات المقعدين أصبح لها شأن !
المقعد : شمر عن ساعديك واخرج ما في جيوبك.. كل شيء سيأكله الدود والتراب.
الأعمى : إذا أخفيت عنك شيئا، فليذهب الله ببصري وبصر أولادي.
المقعد : اترك ذريتك بسلام. أما.... !! لا داعي للكلام السخيف، وهذا الجمال يسكت الجلاميد..
الأعمى : تابع .. لا تتوقف
المقعد : سيجارة شقراء كاملة
الأعمى : قبلت
المقعد : ماذا أرى.. لا يسترها أي شيء.. هذه راقصة دون أن يسمع لها حس.. غزال !!.
الأعمى : لعل ذلك هو ما منعني من رؤيتها.
المقعد : أصبحت ترى الآن !
الأعمى : اقصد سماعها.. آسيدي.. العجب العجاب.. والشحم يضحك على الكباب..
المقعد : اللهم العمش أو العمى.
الأعمى : ماذا ستفيدك هذه المؤخرة المجلدة؟! كومة عظام تزحف وأنت، طولا وعرضا،لا تتجاوز ارتفاع مخلاة بغل !!
المقعد : ومع ذلك أرى بعيني.. والرحيم الله.
الأعمى : ماذا ترى؟ !
المقعد : تلك التي لم ترها الآن.
الأعمى : رأيت الكثير.. هذا الذي هو أمامك الآن كان معبود الكثيرات..
المقعد : عجبا؟ ! رشدي أباظة في أيامه !
الأعمى : كل منا رشدي أباظة نفسه
المقعد : مهلا.. لم افهم؟!
الأعمى : أنت أدرى بضربة الأعمى.. قليلا ما تخطئ.
المقعد : .. انتظر قليلا.. ماذا يعلق هذا المأفون؟!
الأعمى : مرشح انقطع به الحبل.. أو كما قال جاري وهو أعمى أيضا، مرشح "الأوتوستوب"!
المقعد : القط عندما لا يصل إلى الرئة، يقول ماذا؟
الأعمى : يقول هي من نصيب المقعدين!!
المقعد : جديا.. لو رشحوك، ماهو برنامجك؟
الأعمى : تطهير المدينة من المقعدين.
المقعد : اتق الله.. من سيقودك إلى التجمعات الحاشدة؟
الأعمى : لا اقصد مقعدي الأرجل.. يا لطيف.. اقصد مقعدي الأدمغة!
المقعد : اعترف بعجزي عن مسايرتك.. بداية انتخابية صعبة!
الأعمى : غريب.. انظر حواليك، أليس هو العمى بعينيه؟
المقعد : أرى كل خير.. الحوانيت عامرة، والشارع ينغل بالبشر، والحسان في كل مكان. والوجوه ضاحكة..
الأعمى : قلنا معطوب، لا غبار على ذلك.. لا شماتة لمخلوق في صنعة الخالق.. إما أن تكون.. معطوب الحس، فهذا أمر خطير!!
المقعد : هاهو ملصق جديد!
الأعمى : أسرع، ماذا يقول هو الآخر؟
المقعد : كم تدفع ثمنا لذلك؟
الأعمى : يالها من صداقة فريدة من نوعها!
المقعد : الصداقة لا توجد في التلاوة المفسرة. الصداقة ليست صدقة؟!
الأعمى : سيجارة واحدة تتجاوز قامتك المغروسة في المزبلة.
المقعد : هاهي السجائر بدأت تطل برأسها الأشقر..
الأعمى : أسرع، ماذا يقول الملصق؟
المقعد : انتظر، في الملصق، آسيدي، كيخ كيخ..
الأعمى : مقعد وثقيل الظل!!
المقعد : أعمى.. و.. خفيف العقل؟ !
الأعمى : كفى هراء!
المقعد : سأسامحك هذه المرة .. في الملصق.. شيخات!!.
الأعمى : متى؟ اليوم؟
المقعد : هل تنوي الدخول؟ !
الأعمى : ولم لا؟ !
المقعد : عجبا
الأعمى : سأريحك من هم التفكير.
المقعد : عجبا
الأعمى : عجبا، عجبا! الله يهديك، وكأن الذين يدخلون المسارح ينظرون بعيونهم؟!
المقعد : ينظرون.. بماذا؟
الأعمى : تلك مشكلتك!
المقعد : بدأنا بالنقار، والله وحده يعلم بالنهاية!
الأعمى : .. ومازلنا على باب الله.. من يعين هذا البصير؟
المقعد : من يساعد هذا المعطوب حفظكم الله وحفظ ذريتكم من كل الآفات.
الأعمى : ياله من صباح مبارك!!
المقعد : ماذا حدث؟ غزال جديد؟!
الأعمى : بل ملصق جديد ! ملصقات أكثر من البشر!!
المقعد : ما رأيك لو ترشحنا معا؟ اقصد مرشحين في مرشح واحد.
الأعمى : مرشح "الشهدية"، البرقوق والمشماش.
المقعد : دعك من هذا الهزال السخيف.. ثم، هل هي بدعة؟ !التقى البرقوق والمشماش.
الأعمى : وبدأ "الفلاش"... صدقناك.. ما اسم المرشح الجديد؟
الأعمى : سنطلق عليه "المرشح المشترك" صوتوا على المرشح المشترك الذي يرى بعيونكم..
المقعد : ولا يتحرك إلا بأرجلكم..
الأعمى : مرشح العميان والمقعدين.
المقعد : مرشح كل المعطوبين.
الأعمى : المرشح الذي يرى ما لا تراه العين الصحيحة!
المقعد : المرشح الذي يصل إلى أقصى الدنيا دون أن يتزحزح من مكانه.
الأعمى : اعترف أنني عاجز عن مجاراتك في هذا السخف؟ !
المقعد : أن تكون أعمى، أمر مقبول.. ولكن، العمى والبلادة؟ !
الأعمى : إياك والغلط؟
المقعد : الم تسمع عن ذلك المرشح الذي جزأ ارض القمر؟
الأعمى : وجاءه الزبناء؟
المقعد : حتى ضاقت بهم الأرض
الأعمى : هل تمزح أم انك تداعب ابن عمه؟!
المقعد : لا هذا ولا ذاك.. ولماذا تذهب بعيدا.. نحو القمر؟ !
الأعمى : (يبحلق في المقعد باندهاش)على كل
المقعد : وذلك المرشح – أعوذ بالله من الشيطان الرجيم – الذي يداوي البكم والصم اتركني بسلام حتى..
الأعمى : اعرف انك قليل الأدب.. ولكن بيني وبينك.
المقعد : ذلك المرشح الذي يشفي من العنة
الأعمى : كفى.. كفى.. هل نحن مع مرشحين أم بائعي دواء البق والبرغوث؟
المقعد : لنترك ذلك جانبا، ما قولك في مرشح الحملة السابقة؟
الأعمى : هم كثيرون.
المقعد : اقصد مرشحي ومرشحك أيضا
الأعمى : ماله؟
المقعد : مثل باقي المرشحين.. يأتيك بسحنة، ويودعك – يا لطيف – بأخرى!
الأعمى : استعراض في استعراض.
المقعد : صدقت لأول مرة تقهم سر اللعبة... انظر.
الأعمى : هل هي راقصة؟
المقعد : نعم إنها راقصة جديدة ولكن بالأضواء والألوان..
الأعمى : لم أفهم.. نحن أصدقاء.. ماذا هناك؟
المقعد : شاحنة جميلة لا شغل لها إلا الذهاب والإياب. لو رأيتها لتمنيت التهامها مثل الحلوى الطرية؟
الأعمى : الغاز؟ ما هذا الكلام؟
المقعد : الغريب أن الأزبال تزداد كلما حطت شاحنة جديدة؟ !
الأعمى : فهمت.. من حقهم أن يحافظوا على نظافة الشاحنات.
المقعد : ونظافة الطرقات؟
الأعمى : نظافة القلوب أولى.. إذا اتسخت القلوب فلن يغسلها حتى "الماء القاطع"؟ !
المقعد : ذكرتني .. الم تسمع عن ردم الحفر بعجين يقطر بالماء القاطع؟ !
الأعمى : لأول مرة اسمع بهذا الكلام الغريب؟ !
المقعد : "الله يجيبك على خير"،لماذا تردم الحفرة اليوم وتفتح فمها غدا؟
الأعمى : واضحة كالشمس. انه الغش!
المقعد : الغش ثم الغش ثم الغش!.. عجين الردمة ماؤه يذيب الحديد
الأعمى : وما الهدف من ذلك؟
المقعد : مصيبة. ولكن اعرف انك تتبالد.. الهدف ملء الفواتير.. والعمل قائم على قدم وساق!
الأعمى : إذا صدقنا بهذا الكلام.. هل القواديس مصنوعة من الزبدة؟
المقعد : القواديس لا تمرر حتى الدمعة الواحدة.. فكيف بعفنكم الذي يحتاج إلى جيش جرار
الأعمى : لا تبالغ ! القواديس من أيام "شمهروش"
المقعد :لا اعتراض.. ولكن قواديس "شمهروش" تفكك ليلا وتعوض بقواديس "الفْشُوشْ"
الأعمى : ما العمل؟
المقعد : لنجرب حظنا..
الأعمى :سئمنا السؤال
المقعد : كل من قطر به السقف يرمي لك بكلمة تظل تلوكها طوال حياتك.
الأعمى : اتفقنا إذن.. مرشح مشترك
المقعد : لنجرب إذن.
(قرفص الأعمى، وزحف المقعد، ثم تسنم ظهر الأعمى واقتعد كتفيه)
الأعمى : صوتوا على المرشح المشترك.
المقعد : مرشح العميان والمقعدين
الأعمى : وكل المضطهدين.
المقعد : مرشحان في مرشح واحد.
الأعمى :مرشح اقتصادي.. لا يكلفكم شيئا
(تداخلت أصوات المرشحين مع أصوات الباعة.. ولم تتوقف حركة السابلة، كما أن القطع النقدية ظلت تنهال على الخشبة) ستار.