مريم بن بخثة - شبح..

ككل ليلة كانت الغرفة باردة ، ككل ليلة كان جاهدا يتظاهر أنه لا يترقب قدومها ، يستطلع الباب و ملامح وجهها هل من إشراقة للقاء حميمي بينهما ، يتابعها بنظراته العطشى و يحاول عبثا أن يخفي حنقه الليلي على جسد لا ينتظر منه الكثير سوى إخماد حريق شبقي يتمكن منه كل ليلة ، و حين تندس في الفراش دون أن تتمنى له ليلة طيبة و نوما هنيئا ، تصيبه حالة حزن شديدة تزداد مرارتها كلما عادت به السنون إلى الوراء حين أراد أن يحرث أرضها فلم يجدها بكرا قد عَاث فيها غيره، حينها غطى جرحه مُصبرا نفسه و مقنعا إياها بما أخبرته أنها كانت لحظة شيطانية لمارد غزاها ذات مرة و اختفي.
كان قد تمكن منه حبها و صارت الأيام تمضي على وتيرتها و هلل البيت بمقدم الأطفال ، لكن الأرض لم تؤت أكلها كل حين ، فَجَرَتْ عن آخرها و صار هو مجرد أثاث يزين غرفة النوم المهملة ، و رصيدا بنكيا يحقق احتياجاتها .
كل ليلة لا يجد من يسامر غير تلفاز البيت المصلوب أمامه على حائط الصالون. و حين يمتد به حنينه لجسد يسكت عطشه المتزايد لرغبة تكاد تخنقه لا يجد إلا أحلاما خريفية لامرأة تسكنه ، أي امرأة تناجي طيفه ، تجعله يستعيد بعضا من رجولته الضائعة
بعينين منكسرتين يطيل النظر في ولديه يحضنهما يسكت وجع القلب فلولاهما لكان للحكاية طعم الفرح..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...