إبراهيم مالك - سيدتي أحبك.. شعر

تَذرفُ رُوحها،
دمعةً بعد دَمعة
إمرأةٌ حَزينة..

سَيّدتي..

أَعرفُ أَنّكِ إمرأةٌ حَزينة، تَموت كلّ يومٍ، وُلِدتِ في وَطنٍ شَرقي يُقدّسُ الذّكورة حَدّ العِبادة و التّبجيل، و يُقيمُ لها طُقوسها الخاصّة التي تُؤدّيها النّساء بِوَجَلٍ و خُشوعٍ شَديد،كَمن يُؤدّي عِبادته المَنُوطة به..
وُلدتِ مَع هذا الزّيف و الرّفاه الخَلقي، رِفقةَ الوِعاء ال يُسمّونه جَسدكِ،
يَترصّدُ العِميانُ صَوتكِ و يَلتهمُونه كَ مُسَكَنٍ و مُخدّرٍ لِهواجِسهم و هُمومهم، و يُحاول المَجانين و الشّواذ و الأسوياء و اللّصُوص و القَتلةُ، الشّرب من مِياهِ سُرّتكِ الهَنيئة، و يَحلم حَاكم بَلدتنا المُوقّر بالنّيل من نَهديكِ الغرّين الفَريدين مثل حبّات كرزٍ في غابةٍ إفريقية..

لكنّكِ تتحمّلين كل ذلك، ولا تتكلّمين!

أعرفُ أنّكِ تعشقين رَجُلا واحدا و تُنصّبينه إمبراطورا على مَملكة قلبكِ، لكنّك في النّهاية تَرضخين لقراراتِ شِيخ القبيلة و سيّد الأسرة الأوّل، البَابَا الذي قد يبيعكِ تَحت يافطةِ الزّواج من عجوزٍ ستّيني أو سَبعيني ثَري..

لكنّك أيضًا لا تتكلّمين غالبًا، و تَرضَخين لقدركّ!

أعرفُ أنّكِ تُمارسين شغفكِ بالحياة و تُحاولين التّنفس و التّحليق في سَمائكِ دون قُيود، و أنّكِ ترقُصين في مُجتمع
سَينظر أكثر إلى خَصركِ المُمتلئ و المُكتنز بالدّهشة و اللّيُونة و الرّقّة و اللّباقة و البُرودة و الحَرارة و النّعُومة الأبَدية،
و كأنّ الرّب وَضِع من يَديه على خَصركِ لحظةَ خَلقك..
-بعُيونهم الجاحظة و الذّئبة- سَينظرون إلى خصركِ و نَهدك، و يَنتقدون حَركات رقصكِ وَاصفين إيّاها بالحَرام، ثم يَمنعونكِ من الرّقص و الحياة..

لكنّكِ أيضًا سَتتحمّلين و لا تتكلّمين!

سيّدتي..

أنتِ دَمعةٌ حزينةٌ سَالت من عُيون أُمّنا حوّاء، و نُعومة فاتنة خَلقها الله بِتفانٍ و اقتدارٍ تام و كأنّه يُؤكّد على وُجوده من خلالكِ..

نهداكِ أول دليلٍ على وُجود إله!

بِدَاعي عينيكِ النّاعستين الحَزينتين، العسليّتين و الخَضراوين...
و بِداعي جسدكِ الأغَر، لهفتُك، قلبكِ، حيويّتك و أَحاسيسُك...
و بداعي صوتكِ الموسِيقِي العذب و وجهكِ الملائكي..
شفتاكِ اللّتان تَحملان وَجَعَ العالم و تَذرفانه في قُبلةٍ خَمرية!
بِداعي يَديكِ ، جَاءَ العالم!

يَداكِ أخطرُ سِلاحٍ في العَالم!

بَين يَديكِ الدّافِئتين سَقطت أقوى و أَعتى الجُيوشُ و الإمبراطُوريات و المُجتمعات الرّديئة المُنحطّة و الخَبيثة..
فقط حِين تكلّمتِ و تمرّدتِ و تحرّرتِ و رفضتِ كلّ هذا الخُضوع!

سَيّدتي...أُحبّكِ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...