الجنس في الثقافة العربية عايدة الجوهري - رمزية الحجاب ..المرأة كائن إيروتيكي

يستهدف الحجاب الجسد كوعاء للكينونة , وكشكل للأقامة على الأرض , متسللا إلى العقل والوجدان , مساهما في تشكيل صورة محددة عن الذات , تستدخل وتستبطن حتى تصبح إحدى المكونات الشخصية , وباستهدافه شمولية الجسد الأنثوي يعبر الحجاب كعلامة عن أيدولوجيا متكاملة تتعلق في آن معا بالنظرة إلى هذا الجسد , وعلاقته بالجسد الآخر , وعلاقتهما معا بمنظومة أخلاقية معيارية تقوم على تشيئ جسد المرأة وتأثيمه وتبرئة الرجل .
كما تقوم هذه المنظومة الأخلاقية على التباس تجاه رغبات المرأة فهي شهوانية , فاتنة ومفتنة وتسأل عن افتتان الرجل بها , وعن افتتانها به , وهو براء من الإفتتان ومحاذيره , وعليها وحدها أن تتخذ التدابير الوقائية للحيلولة دون هذه الفتنة التي لا تتأكد هذه المرة سوى بإشهار عفتها بالحجاب , وبتقديس التقاليد والأعراف التي ترسم لها الوسائل اللازمة للوقاية من الفتنة . من دون إشراكها بالفهم والتفسير وبالقرار , وهذه الأعراف والتقاليد والمفاهيم والقوانين ترسم وتحدد كل تفاصيل حياة النساء ومساراتها تحت عنوان الوقاية من الفتنة والحرص على العفة , فما هي مقومات هذه الرؤية التي تؤول إلى الحجاب وتستقر من دونه لأنها تتعلق بالذهنيات أتجسدت بالحجاب أم لا ؟
في منظور أنصار الحجاب يعتبر إخفاء الجسد أو إلغاء معالمه ظاهرة المدخل إلى عالم الروح مفترضين أن الحجاب الذي يخفي الجسد أو يبعد تأثيره عن ذهن الآخرين , يؤدي تلقائيا إلى مزيد من الروحانية في فكرة المرأة وسلوكها , إلا أن الإنطلاق من إزدواجية الروح والجسد كماهيتين منفصلتين والدعوة إلى إلغاء الجسد للسمو بالروح قد تؤدي إلى نقيضها , وإلى نتائج معكوسة تتساوى بين التحجيب والسفور والتبرج المفرطين كما يستنتج أحدهم :
(إن عملية حجب الجسد يفترض أنها صون له عن طريق نقله إلى مستوى الأشياء الخافية عن الأعين أو الأشياء غير المرغوب فيها , وأحيانا متغيرة , إذا حكمنا على الأمور في ضوء بعض مظاهر التحجب التي تؤدي إلى تشويه مقصود ومتعمد لأية صورة جمالية للمرأة , والمفروض أن عملية التحجب هذه ترفع الجسد فوق مستوى السفور الذي يبتذله ويفتتن في إظهاره للآخرين وعرضه عليهم لأغراض أقل خطرا من انتزاع إعجابهم به , ومع ذلك , فإن العلاقة بين الحجاب الكثيف وأشد أنواع السفور تطرفا , أعني السفور المتبرج أقوى مما نظن , فهما معا وجهان : أحدهما سلبي والآخر أيجابي , لعملة واحدة , أما هذه العملة الواحدة التي يشترك فيها الحجاب والسفور المتطرفان فهي تأكيد أهمية الجسد والإصرار على أنه موضوع دائم للرغبة ومصدر دائم للأغواء) .
وهكذا لا يكف دعاة إنصاف المرأة عن التشكيك في صحة نظرية الحجاب موازين بينه وبين التبرج المفرط , معتبرين وبشكل مفارق المتاجرة بجسد المرأة في وسائل الإعلام والإعلان وفي الموضة , الوجه الآخر للحجاب , القائم على تعزيز الجانب الأيروتيكي , هذه النظرة الأيروتيكية البحتة إلى كينونة المرأة وعتها زين الدين واجتهدت لتشذيبها وتصويبها

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...