السري الرفاء - أَخِلْتِ أنَّ جِناباً منكِ يُجتَنبُ

أَخِلْتِ أنَّ جِناباً منكِ يُجتَنبُ = وأنَّ قلبَ محبٍّ عنكَ يَنقلِبُ
هيها تَضرَّمَ نارَ الشوقِ فالتهبت = ضِرامُ نارٍ على خدَّيكِ يَلتهبُ
إذا طلَبتْ رُبى نجدٍ مخِّيمة ً = فما لها في طِلابِ غيرِها أربُ
لم يَشهَدِ البَينُ تُبدي ما يغِّيبُه = إلا وإشهادُنا من خيره غَيَبُ
تنقَّبت بالكسوفِ الشمسُ إذ طلعَت = شمسٌ تزيد ضياءً حين تنتقِبُ
مطلوبة ُ الودِّ لم يَقعُدْ بها هربٌ = من الفراقِ ولم يلحقْ بها طلَبُ
قريبة ٌ ودوامُ الهجرِ يُبعِدُها = والنَّجمُ أقربُ منها حين تَقتربُ
أشكو إلى الظَّلْمِ ما بي من ظُلامتِها = لو كانَ يُنصِفُ ذاكَ الظَّلْمُ والشَّنَبُ
وقد تناوَبني منها الخيالُ فما = أصابَ إلا خيالاً قلبُه يَجِبُ
أنَّى اطمأَنَّ وحصباءُ العَجاجِ عِدى ً = من دونِه وثَراها السُّمرُ والقُضُبُ
حتى تصدَّتْ له بالشامِ من كثَبٍ = والشامُ لا صَدَرٌ منها ولا كَثَبُ
يكفيك أن لَعِبت بي نية ٌ قُذُفٌ = كأنّ جِدَّ المنايا عندها لَعِبُ
وراعَني ووراءَ الليلِ طاردُه = وَرْيٌ من الشَّيبِ في آثارِها لَهَبُ
لمّا تبسَّمَ في الفَوْدَينِ مغترباً = حيَّيتُه وكلانا اليومَ مغتَرِبُ
قوِّض خيامَك عن دارٍ ظُلِمتَ بها = وجانبِ الذُّلَّ إنَّ الذُّلَّ يُجتنَبُ
وارحلْإذا كانت الأوطانُ مَضْيَعَة ً = فالمَنْدَلُ الرَّطبُ في أوطانِه حَطَبُ
أما ترى الدهرَ أعفى من نوائبِه = جارَ الأمير فما تنتابُه النُّوَبُ
أَجارَنا منه من إقبالِه رَغَبٌ = يُحيي العُفاة َ ومن إعراضه رَهَبُ
غَيثٌ تحلَّبَ في الآفاقِ رَيِّقُه = على العُفاة ِ ومَنشَى مُزْنِه حلَبُ
مرفوعة ٌ حُجْبُه للزائرينَ وهل = للصُّبحِ مزَّقَ جِلبابَ الدُّجى حُجُبُ
ومسرعٍ وهو ثاوٍ في مكارمِه = كأنَّ إصعادَه من سُرعة ٍ صَبَبُ
غامَت يداه فلم تكذِبْ غيومُهما = والغيثُ رُبَّما أزرى به الكَذِبُ
فللشَّمالِ سَحابٌ صوبُها غدَقٌ ؛ = ولليمينِ نِهابٌ صوبُها ذَهَبُ
لما توجَّه تِلقاءَ الثغورِ صفَت = كُدْرُ المياه بها واعشوشَبَ التَّرِبُ
وعرَّدَ الرُّومُ لما رامَهم هرباً = وهل من الحَينِ وافى جيشَه هربُ
لم تجلُبِ الخيلَ تَردى نحوَهم قُدُماً = إلا انثنتْ وذوو تيجانِها جَلَبُ
قُلْ للعُداة ِ خذوا للحربِ أُهبتَها = فعن قليلٍ تفرَّى منكم الأُهُبُ
فتُبعثوا وتكونوا في اللِّقاءِ يداً = إنَّ الحِمامَ إلى أرواحكم سَغِبُ
أو فاغنموا السِّلْمَ قبلَ الحَيْنِ واستلموا = ركناً تَحِنُّ إليه العُجْمُ والعَرَبُ
لحربُ آخذة ٌ منكم وتاركة ٌ = وإنما حربُ سيفِ الدولة ِ الحَرَبُ
إنَّ الهُمامَ الذي أضحى يغالبُكم = له على الدَّهْرِ فيما سامَه الغَلَبُ
فاستوهبوا العيشَ من إيثارِ طاعتِه = فإنما العيشُ ما يُعْطِي وما يَهَبُ
لن تكسِبوا العزَّ من عِصيانِ محتسبٍ = في الجودِ ما بغِرارِ السَّيفِ يَكتسِبُ
ألوى فشنَّ على الأعداء غارتُه = من حيثُ يُؤمنُ أومن حيثُ يُرتَقَبُ
ظِلالُه حيثُ حلَّ القُضْبُ مُصْلتة ً = وخيلُه حيثُ سار الجَحْفَلُ اللَّجِبُ
أوفى على بطنِ هنزيطٍفأمطره = وَدْقاً خلال بروقِ البيضِ يَنسكِبُ
غيثٌ هو المَحْلُ ما احمرَّتْ سَحائبُه = إلا تراجَعَ مصفرّاً به العُشُبُ
فكلما انتشرَتْ أبرادُ صيِّبِه = على البلادِ انطوَتْ أبرادُه القُشُبُ
وشارفَ البَحرَ في بحرٍ إذا اضطربَتْ = حشاهُ خِلْتَ الجبالَ الشُّمَّ تضطربُ
مكوكَبُ النقعِ لو رامَتْ كواكبُه = كواكبَ الجو ثابَتْ وهي تُنتَهَبُ
إذا سرَتْ حنَّتِ الجُردُ العِتاقُ به = وغرَّدَتْ في أعالي سُمْرِه العَذَبُ
كأنَّ شمسَ الضُّحى تخشاه بارزة ً = فَضَوْءُها بحجابِ النَّقعِ مُحتَجِبُ
ولَّى الشَّمَيْشَقُ لا يهفو به طرَبٌ = إلى المحلِّ ولا يدنوبه سببُ
لم تَسْرِ خيلُكَ في أحشاء داجية ٍ = إلا سرى في دُجى أحشائه الرُّعُبُ
أجلى المواطنَ كُرهاً أن تورَّدَها = وَرْدٌ مواطنُه غابٌ القَنَا الأشِبُ
حتى نصبتَ على رَغم الصليبِ بها = منابرَ الدينِ مسموعاً بها الخُطَبُ
ثم انثنيتَ وآسادُ الشَّرى جَزَرٌ = بالمُرهَفاتِ وغِزلانُ النقا سَلَبُ
سَبْيٌ تحصَّنَ منه الجيشُ وارتبطت = قُبُّ الجيادِ فلا ماشٍ ولا عَذَبُ
تخيَّرَ المجدُ أعلى نسبة ٍ فغَدا = إلى عليِّ بنِ عبد اللّه يَنتسِبُ
ثلاثة ٌ منه تجلو كلَّ داجية ٍ = جبينُه وغِرارُ السَّيفِ والحَسَبُ
التفاعلات: فائد البكري
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...