إبراهيم عطية - ظل الضوء.. قصة قصيرة

أودعته مفاتيح الفتون والصبابة ، و التحرك ، والانتظار ، كشفت لعينيه كنوز حواء ، نفحت تمثاله المحنط إغراءات الحسن ، وخبأت أشواق العطش في مفاتن الورود ، وأترعت حسه بنبض الحياة ، وراودت خيول الوصال الأبدي بصهيل العذوبة ، انتشلته من الخلاء الرتيب بموسيقي السحر فوق ثغرها الوردي ، ورطبت شرايينه بدفء الحنان ، دفقات أنبتت بوحه من فرط ارتواء الروح بالروح ، متوحدا في عرق الفناء ، وتكاثفت سُحب العواطف ، انهالت بترحاب المطر ، يغسل النوافذ من ظلام الوحدة ، ومشاعر الهمس اجترت أنينها في إجهاض فكري ..:
- ألا يكفيك الوصال الأبدي ما بينك وبين هواها ؟
تحمل الريح حدود الكون في غربتي التي تلاشت بمجرد أن فج نورها في عينيك ، كنت ميتاً ، وها أنت فاعل ، منفعل ، محول ، متحول في كينونة ذاتك ، تستمد العمر من ظل الضوء ، تدلت من سمائك ثريات النور في محراب الريح اللواقح ، كائنات الصبابة اقتحموا أبواب السجون ، وجلس السجناء علي كراسي الحكم والعدالة ليقاضوا نبلاء المدينة وأقاموا لصوص الوجد حراساً على أبواب المدينة ، وأسرجوا القطط السمان في خدود الصبايا ، وأمسك الأعمى بالعنان ، وسارت العربة العرجاء في الأزقة الغارقة بالجراح وتوكأت آلامي بخطي تناهض الوجع ، عابرا قارات الحزن لعالمك المبهج
، صاح قائدهم ، وتباهي الفتي بشعلة الحياة ، وأطرح الريح شوقه في نبضات القلب ..:
- مسافرون إلي القمر .
نُكست الأعلام حداداً ، وتنفس الدخان من صدري وطاقة تتخلق في مسراها في بالي ، واجترت أنينها جوعاً ، وأُضمخ صوتي بعطر صوتها ، وشعشعت الروابي بالخضرة ، مرغ أنفاسه في فراديس الأشواق ، وأطلقت الوعود في السماء أسراباً من يمام النجوم ، فهل الصباح ، وانحلت السماء في العدم . ونمت سنابل قلبي في ربي شمسي ، أنشدتُ الراحة في حاضري ، فلما بلغت مداها ، تبدد الماضي ، وانمحي الآتي ، وتوحدت نبضات فؤادي في حاضري ، صبا ، تحرق إليها ، وخفقت مواجيدي خفق الفراش ، وانشقت شفتيها شق الرمان ، وانسكب النور بظل رطيب من السماحة ،والوداعة ، والعطف ، وفك اليقظة من حدودها ، وأخرجها من أثقالها المتعبة ، وخلق في خاطري عرائس المياه ، حوريات الرغبة ، وانسكبت في حنوها ، طبعت محياها البهي في حضرة وجداني ، مشحونة بطاقة روحي وانبتت شجر الصبابة في أرض البقاء .
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

تحية الابداع للاستاذ القاص ابراهيم عطية
استمتعت بقراءة هذا النص السردي ااشفيف في لغته. العميق في معانيه. والمموسق في ايقاعيته مما جعلني اتخيل انني ازاء قطعة شعرية تمكن السارد بحنكة في تدبيج كلماتها وصياغة محتواها ببداعة و رقة.. الشيء الذي يبين ان للضوء ظل كما يشي بذلك هذا العنوان .. وظله هنا هو ما منحنا إياه النص وكاتبه من متعة

مزيدا من العطاء والتألق
 
الاستاذ الفاضل نقوس المهدي
الصديق الفاضل نقوس المهدي ايعدتني رؤيتك التي تنم عن عمق وتذوق أديب صيف يزيدني من بحره العلمي ما يروي ظمأي فيما اكتب لك خالص محبتي وتقديري
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...