عبد الجبار الجبوري - لنْ أفتحَ للرِّيحِ نافذةَ البَّحر

تخذلني القصيدة ، لكنّني أستظل بفيئِها، تَحنُو إليَّ كُلمّا دَاهمَني الليلُ، وأرهقَني التِرَّحالُ، فأجلسُ أمامَها كطفلٍ أضاعَ لعبتَه، وجاءَ يَسأل البحرَ عنها، للبَّحرِ أسرارٌ وعرسُ غيمةٍ، وللرِّيحِ حزنٌ، لا يدركُهُ إلاّ اللّيل، إنّي لأفتحُ للبحر عَينيّ ولا أجدْها، ما للبّحرِ يخْفي عَنّي أسرارَهُ، وأنا المُتيّمُ فيهِ وفيها، مالي لا أرى في الأفقِ نَجْمَتي، ولا في الحُلْمِ طيفاً لها، لمْ يتُمَّ عليّ نعمَتهُ البحر،ُ ودائماً يخذُلنُي مَوجُه، كمْ أنتَ جاحدٌ وبليدٌ أيُّها البَحرُ، وكمْ أنا ساذج حين سلمتُكَ أسراَرَ عواصفي، شاختْ على بابكِ قصائدي، ولم يشخْ قمرُها، الطالعُ من بين نِهدَي قصيدتِها، يا قمراً تتبّاهى بطلْعتهِ الأقمارُ، مرةً، همستُ بأُذنِ البرقِ، لنْ أفتحَ للرِّيحِ نافذةَ البّحر، كي لا يسرق زرقته الليل، ها أنا أُلملّم شُتاتِ بعَضي، بَعضِي الذي مزقّتهُ رِياحُ السُّهدِ، ورياحُ البُعدِ، أنت ياشهقة قلبي، ودمعة حرفي، هذا وجهي آتٍ من جلجلة الله، وأنا ظل الله بأرض الملكوت، شُوفي وجعي إتكأ على غصنِ صباحكِ، شُوفي قصائدي بعدكِ ترمّلّتْ، وصارتْ رماداً للفصول، لم تعد العصافير تزقزق على نافذتي ، المطرُ لم يَهطلْ على شفاهكِ مُنذ ألفِ عام، الليّلُ نامَ ولمْ ينمْ، مذ غادرَه النوّمُ، وإشتكتْ وردةُ الشِّفاهِ مِن الظّمأ، لهذا لنْ أفتحَ بعدكِ للرِّيحِ نافذةَ البحَّر، لنْ أقبّلَ غيرَ شفاهِ البذَحر، وأركضُ خلف سرابٍ إسمهُ المَدى….


الموصل
8 نيسان -2020


التفاعلات: فائد البكري
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...