أمل الكردفاني - الوعي فوق المدرسي

إن الوعي بذاته ليس سيئاً كما يقول سيوران، لأنه لا يمكن تحديد درجات الوعي المُثلى بوضوح وحسم. لكن الوعي فوق المدرسي هو الذي يكون قاتلاً عندما يتجرد المرء من الآيدولوجيات والدوغما، وهذا ما قد يفضي إلى الجنون، كما حدث لنيتشه.
إذ يمكن لهذا النوع من الوعي فوق المدرسي، أن يكتشف المفارقات، كما يفعل صانعوا النكات وهم يصنعون الضحك من خلال المفارقات. الوعي فوق المدرسي يفضي لصراع مع الأسرة ثم المجتمع ثم العالم، حينما تطرح الحقيقة المريرة عبر تسلسل مؤلم من الأسئلة كما كان يفعل سقراط في حواراته...وهو الوعي الذي جعل رجلاً كوليام جاي كار يموت بعد نشر كتبه في ظروف غامضة. وهو الوعي الذي يجعل هناك تساؤلات مفتوحة حول ما يضخه الإعلام من حكايات وكأنها حقيقة، وهو الوعي الذي يجعل المرء يكتشف السلوك النبيل من الوضيع عند السياسيين. وهو أيضاً الوعي الذي يميز الفعل العفوي من الفعل المتكلف، والعنصري من الطبيعي...إن هذا الوعي فوق المدرسي، هو الوعي الخطير، الذي يفضي بصاحبه إلى فهم العالم وهو يستقبل الشر والخير على السواء كل صباح وكل مساء. فإما الاعتزال، أو الانتحار أو الحياة في قاع الجحيم..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...