- حين يتكلم الخطر فإن للدربونة ردا عليه.
في ذلك الأفق القريب البعيد يقطن أناس لا تتجاوز مساحة بيوتهم المائة متر , عدد من البيوت يقدر بالخمسين , تتصل هذه البيوت بطريق ضيق واحد، تكثر فيه التفرعات الجانبية المغلقة منها والمفتوحة والتي تتشابك فيما بينها .
أحد المنافذ يوصلني إلى السوق من جهة الشرق ومنفذ آخر يوصلني الى جهة الشمال ومنفذ الى طريق عام يربط المدينة الكبيرة بالمدينة التي بعدها ، من الغرب تنقطع كل التفرعات إذ ترجعني دائرة السير إلى المنطقة التي بدأت منها ، طريق ضيق عرضه مترين ونصف تحاذيه من الجهتين تلك البيوت التي قدرناها بالخمسين إن لم أخطئ ، منها الطينية ومنها الذي تطور وماشى الحداثة حيث جدد بناء بعض منه بطابوق تعَود ملامحهُ إلى عشرين أو ثلاثين عاماً مضت، هناك قلوب صافية ، منهم من يصلي بعد الأذان الأول بدقائق معدودة ومنهم من يصلي بعد عشرة دقائق، لا اختلاف فالله واحد والرسول واحد والنداء واحد ... الله اكبر .
كما إن هناك حب شَب مُنذ زمن، فتُوج بزواج أنيق شارك به كل من في الدربونة وفروعها التي تأتي عادة أضيق منها ،وتكاد أن لا تسع حتى لشخصين يمشيان بصف واحد.
كنت في تلك الشوارع كلما مر بي ذلك الخطر المزمن ، أتلصص بخفة وفكر يكاد أن لا ينطفئ ، فعند اقتراب الموت تصبح كل موجبات الحياة امراً أهم من الحياة نفسها.
رن الهاتف ....
- الو
- حبيبي
- عيني أنت ونوري وذلك الصوت الحبيب
- أين أنت
- في الدربونة
كان هاتفاً من تلك التي تبعد عني مئات الكيلومترات ، تلك التي تعلموا أهلها أن يصلوا بعد الأذان بدقائق معدودة وأنا الذي ابتعد جنوباً وتعودوا أهلي أن يصلوا بعد الأذان بوقت أطول ( الم نقل ذلك من قبل ؟ )
الدربونة أصبحت لغزاً ، وكلمة سر لا يعرفها إلا الذين يقربونني حيث باتت تُعلمهم هذه الكلمة وذاك الموقع إن للحق أعداء كُثر ، يا ما إجتزت هذا الطريق في الليل والنهار وفي تلك الضهاري اللاهبة حيث أبواب البيوت تنفتح بانتظار نسيم بارد لعله يطفئ حرارة الصدر وجور الزمان ... وما من نسيم سوى سموم الصيف المغَبر .
أصبحت لي الدربونة نقطة دالة على أيام النضال ، وبدأت أراها تلك الأرض الخصبة وتلك السماء الصافية وذلك الربيع المزهر ، إذ بعد كل فعل أقوم به من اجل الوطن أجدني تعودت المرور عند هذه الحبيبة والتوجه إلى حيث أريد تاركاً الطرق العامة التي تكتظ بالمواطنين والعملاء وناقلات الاحتلال .
شهور مضت وأنا بفراقها لا نضال ولا عمل ولا هروب من موت محدق ، ذكريات تأتي في البال بين الحين والآخر عن تلك المقاهي .. الأصدقاء .. أصوات الأحباب..،وطالما حسبت إنني الوحيد من يتخذ الدربونة ملاذه الأمين ساعة الشدة ، لكنني سرعان ماخُبت ، إذ جاءني اتصال ..
- الو
- أهلا
- مشتاق لك كثيرا
- وأنا أكثر ، كيف أحوالكم؟
- نحمد الله ، أيامنا تقتضي الدعاء والشكر
نبرة الكلام لا تبشر بخير ، تعودت سؤال من يتصل بي :
- أين أنت ؟
- في الدربونة.
* الدربونة: شارع ضيق
ودربونتي هذه تقع في مدينة تأخذ من واجهة وطني الكثير إذ لم تكن هي الواجهة الوحيدة له من الجنوب ، دربونتي حقيقة تحمل أكثر من معنى لذلك تهت من أي طريق سأدخلها على الورق بعد أن كان من السهل على قدمي أن تصلاها وتدخلها في الأسبوع أربعة أيام إن لم تكن أقدامي كل أسبوع سبعة أيام في زيارتها .
في ذلك الأفق القريب البعيد يقطن أناس لا تتجاوز مساحة بيوتهم المائة متر , عدد من البيوت يقدر بالخمسين , تتصل هذه البيوت بطريق ضيق واحد، تكثر فيه التفرعات الجانبية المغلقة منها والمفتوحة والتي تتشابك فيما بينها .
أحد المنافذ يوصلني إلى السوق من جهة الشرق ومنفذ آخر يوصلني الى جهة الشمال ومنفذ الى طريق عام يربط المدينة الكبيرة بالمدينة التي بعدها ، من الغرب تنقطع كل التفرعات إذ ترجعني دائرة السير إلى المنطقة التي بدأت منها ، طريق ضيق عرضه مترين ونصف تحاذيه من الجهتين تلك البيوت التي قدرناها بالخمسين إن لم أخطئ ، منها الطينية ومنها الذي تطور وماشى الحداثة حيث جدد بناء بعض منه بطابوق تعَود ملامحهُ إلى عشرين أو ثلاثين عاماً مضت، هناك قلوب صافية ، منهم من يصلي بعد الأذان الأول بدقائق معدودة ومنهم من يصلي بعد عشرة دقائق، لا اختلاف فالله واحد والرسول واحد والنداء واحد ... الله اكبر .
كما إن هناك حب شَب مُنذ زمن، فتُوج بزواج أنيق شارك به كل من في الدربونة وفروعها التي تأتي عادة أضيق منها ،وتكاد أن لا تسع حتى لشخصين يمشيان بصف واحد.
كنت في تلك الشوارع كلما مر بي ذلك الخطر المزمن ، أتلصص بخفة وفكر يكاد أن لا ينطفئ ، فعند اقتراب الموت تصبح كل موجبات الحياة امراً أهم من الحياة نفسها.
رن الهاتف ....
- الو
- حبيبي
- عيني أنت ونوري وذلك الصوت الحبيب
- أين أنت
- في الدربونة
كان هاتفاً من تلك التي تبعد عني مئات الكيلومترات ، تلك التي تعلموا أهلها أن يصلوا بعد الأذان بدقائق معدودة وأنا الذي ابتعد جنوباً وتعودوا أهلي أن يصلوا بعد الأذان بوقت أطول ( الم نقل ذلك من قبل ؟ )
الدربونة أصبحت لغزاً ، وكلمة سر لا يعرفها إلا الذين يقربونني حيث باتت تُعلمهم هذه الكلمة وذاك الموقع إن للحق أعداء كُثر ، يا ما إجتزت هذا الطريق في الليل والنهار وفي تلك الضهاري اللاهبة حيث أبواب البيوت تنفتح بانتظار نسيم بارد لعله يطفئ حرارة الصدر وجور الزمان ... وما من نسيم سوى سموم الصيف المغَبر .
أصبحت لي الدربونة نقطة دالة على أيام النضال ، وبدأت أراها تلك الأرض الخصبة وتلك السماء الصافية وذلك الربيع المزهر ، إذ بعد كل فعل أقوم به من اجل الوطن أجدني تعودت المرور عند هذه الحبيبة والتوجه إلى حيث أريد تاركاً الطرق العامة التي تكتظ بالمواطنين والعملاء وناقلات الاحتلال .
شهور مضت وأنا بفراقها لا نضال ولا عمل ولا هروب من موت محدق ، ذكريات تأتي في البال بين الحين والآخر عن تلك المقاهي .. الأصدقاء .. أصوات الأحباب..،وطالما حسبت إنني الوحيد من يتخذ الدربونة ملاذه الأمين ساعة الشدة ، لكنني سرعان ماخُبت ، إذ جاءني اتصال ..
- الو
- أهلا
- مشتاق لك كثيرا
- وأنا أكثر ، كيف أحوالكم؟
- نحمد الله ، أيامنا تقتضي الدعاء والشكر
نبرة الكلام لا تبشر بخير ، تعودت سؤال من يتصل بي :
- أين أنت ؟
- في الدربونة.
* الدربونة: شارع ضيق
ودربونتي هذه تقع في مدينة تأخذ من واجهة وطني الكثير إذ لم تكن هي الواجهة الوحيدة له من الجنوب ، دربونتي حقيقة تحمل أكثر من معنى لذلك تهت من أي طريق سأدخلها على الورق بعد أن كان من السهل على قدمي أن تصلاها وتدخلها في الأسبوع أربعة أيام إن لم تكن أقدامي كل أسبوع سبعة أيام في زيارتها .