حشرة الخوف تتكاثر في عروقي.. معبأة بها عظامي.. أتت على مخزون النخاع فيها.. تسايل شوقي للحد المعطر برائحة الدود المتناحر في الثرى.. بدا لي لحمي مطهوًا في محرقة الوجود.. استشعرتُ عقلي يخر أفكاري النجسة كدم دبر.. كانت قواي حديد قبل مولد الحشرة، والآن أقف تحت الماء وأبكي.. أوهم نفسي أن دموعي قطرات ماء حقيقية.. بدأتْ أضراسي تسلم على لحم أصابعي.. شوى أمعائي نار اتقدتْ في خاصرتي.. أستحمُ تحت الماء مستورَ العلة ولدموعي مذاق العار في النفس الأبية..
تمنيتُ لو تمنحني حشرة الخوف وقتاً أستطيع فيه هتك قفصي الصدري وأكتب بدم أضلاعي على حجر الحمّام تاريخ دخولها دمي، وأرسم دورة حياتها فيه وأرسم لها مقطعاً عرضياً ومقطعا طولياً وأصنع جداول إحصائية ومنحنيات بيانية توضح مقدار ما دمرت من مناعتي خلال العشرين سنة الماضية..
أخذتُ أعد بأصابع يديَّ وقدميَّ عمر حشرة الخوف على سطح الأرض.. أمشاج نشيجي تخطئني في العدّ فأضطر إلى إعادته مبتدئا بالرقم واحد.. كانت بداية العد مسلية مشوقة أنستني عض أصابعي وألهتني عن الإحساس بالنار وهي تشوي أمعائي.. كبر الرقم على شفتي فخفت أن أخطئ أو أنسى..
طمحتُ إلى أن عدّي سيقودني إلى اكتشاف عمر الإنسان على سطح الأرض فقررت حاجتي الملحّة إلى دم أكتب به وأجمع وأطرح وأقسم وأضرب.. بحثتُ عن أسهل وأسرع طريقة مضمونة النتائج أصل بها إلى حقل دم فكانت نطح جدار الحمّام بأنفي.. نطحتان وصارت عيوني وأنفي كالحنفية يبكون مجتمعين.. تميز بكاء الأنف بدمعه الأحمر.. أبعدت رأسي عن حنفية الماء.. وضعتُ أحد أصابعي في أنفي ألونه.. مددت إصبعي لأكتب الرقم الذي وصلتُ إليه على حجر الحمّام.. كان رقمًا حوى ثلاث فاصلات.. بدأت أكتب الرقم ومؤشر اللحظة يقول إنني سأسقط على المرحاض.. عدتُ أجلس تحت الماء أبكي وأعدّ.. الرقم الذي انتهيت إليه يغطي شفتي السفلى مساحة.. تعبت من العدّ وأتعبني أكثر منه تفكيري في عدّ أشياء جديدة كعمر الحيوان على سطح الأرض وعمر الزرع وعمر الطير.. توقفت عن العد بأصابع يديّ وقدميّ وصرت أعدّ في سري.. سرحتُ لأنني تذكرت تربعي على الكرسي وقيامي بالعد بأصابعي العشرين في أول سنة دراسية لي ونسيت ما وصلت إليه من رقم.. كان خوفي من معلمي لا يتعدى صفي الدراسي وأحلام نومي.. أما خوفي من الحشرة تعدى إلى ما وراء يومي .. (الإنسان ينام نصف عمره) تلك نتيجة بحث مكتبي فلو بُحثتْ مدة نوم الإنسان ميدانيًا لكانت النتيجة أن الإنسان ينام ثلاثة أرباع عمره والدليل أن حشرة الخوف لا تنام. فكرت في العثور على اسم طائفة حشرة الخوف وشعبتها وفصيلتها.. امتدّ بي التفكير إلى البحث في أسلوب معيشتها ونوعية غذائها.. لم أصل إلى سبق علمي بعد إنفاق ثلاث ساعات تحت الماء.
قررتُ أن أنام في الماء.. تلك هي طريقة عنون في ري أرضه.. يفتح قناة الري وينام في آخر مساحة مزروعة من أرضه.. يظل نائمًا ساعة أو ساعتين فإذا أحسّ بالماء يغمر ثوبه ويصل إلى فمه أو أنفه استيقظ.. إنها طريقة بدائية تغني عن المنبه ومجدية أكثر منه.. ولكن لسعتني حشرة الخوف فخفت أن يغمر الماء أذني وأموت كحمار.. عدلتُ عن الطريقة وحاولتُ أن أنام واقفاً تحت الماء لينزل على رأسي عموديا وأتركه يمتص الرعدة بفاعلية أكثر.. عنون كان يجعل الماء يغمره أفقيا ويضع في أذنه التي تقابل الأرض قطنا ويتنفس بأنفه فقط عند النوم..
قد تكون حشرة الخوف في دم عنون أصغر من التي في دمي.. يبدو أنه مهمل تغذيتها بالبحث.. مضت ساعة ولم أنم فأدركت أن الإنسان ينام ثلاثة أرباع عمره ويضيع الربع الأخير في انتظار النوم يأتي..
***
تمنيتُ لو تمنحني حشرة الخوف وقتاً أستطيع فيه هتك قفصي الصدري وأكتب بدم أضلاعي على حجر الحمّام تاريخ دخولها دمي، وأرسم دورة حياتها فيه وأرسم لها مقطعاً عرضياً ومقطعا طولياً وأصنع جداول إحصائية ومنحنيات بيانية توضح مقدار ما دمرت من مناعتي خلال العشرين سنة الماضية..
أخذتُ أعد بأصابع يديَّ وقدميَّ عمر حشرة الخوف على سطح الأرض.. أمشاج نشيجي تخطئني في العدّ فأضطر إلى إعادته مبتدئا بالرقم واحد.. كانت بداية العد مسلية مشوقة أنستني عض أصابعي وألهتني عن الإحساس بالنار وهي تشوي أمعائي.. كبر الرقم على شفتي فخفت أن أخطئ أو أنسى..
طمحتُ إلى أن عدّي سيقودني إلى اكتشاف عمر الإنسان على سطح الأرض فقررت حاجتي الملحّة إلى دم أكتب به وأجمع وأطرح وأقسم وأضرب.. بحثتُ عن أسهل وأسرع طريقة مضمونة النتائج أصل بها إلى حقل دم فكانت نطح جدار الحمّام بأنفي.. نطحتان وصارت عيوني وأنفي كالحنفية يبكون مجتمعين.. تميز بكاء الأنف بدمعه الأحمر.. أبعدت رأسي عن حنفية الماء.. وضعتُ أحد أصابعي في أنفي ألونه.. مددت إصبعي لأكتب الرقم الذي وصلتُ إليه على حجر الحمّام.. كان رقمًا حوى ثلاث فاصلات.. بدأت أكتب الرقم ومؤشر اللحظة يقول إنني سأسقط على المرحاض.. عدتُ أجلس تحت الماء أبكي وأعدّ.. الرقم الذي انتهيت إليه يغطي شفتي السفلى مساحة.. تعبت من العدّ وأتعبني أكثر منه تفكيري في عدّ أشياء جديدة كعمر الحيوان على سطح الأرض وعمر الزرع وعمر الطير.. توقفت عن العد بأصابع يديّ وقدميّ وصرت أعدّ في سري.. سرحتُ لأنني تذكرت تربعي على الكرسي وقيامي بالعد بأصابعي العشرين في أول سنة دراسية لي ونسيت ما وصلت إليه من رقم.. كان خوفي من معلمي لا يتعدى صفي الدراسي وأحلام نومي.. أما خوفي من الحشرة تعدى إلى ما وراء يومي .. (الإنسان ينام نصف عمره) تلك نتيجة بحث مكتبي فلو بُحثتْ مدة نوم الإنسان ميدانيًا لكانت النتيجة أن الإنسان ينام ثلاثة أرباع عمره والدليل أن حشرة الخوف لا تنام. فكرت في العثور على اسم طائفة حشرة الخوف وشعبتها وفصيلتها.. امتدّ بي التفكير إلى البحث في أسلوب معيشتها ونوعية غذائها.. لم أصل إلى سبق علمي بعد إنفاق ثلاث ساعات تحت الماء.
قررتُ أن أنام في الماء.. تلك هي طريقة عنون في ري أرضه.. يفتح قناة الري وينام في آخر مساحة مزروعة من أرضه.. يظل نائمًا ساعة أو ساعتين فإذا أحسّ بالماء يغمر ثوبه ويصل إلى فمه أو أنفه استيقظ.. إنها طريقة بدائية تغني عن المنبه ومجدية أكثر منه.. ولكن لسعتني حشرة الخوف فخفت أن يغمر الماء أذني وأموت كحمار.. عدلتُ عن الطريقة وحاولتُ أن أنام واقفاً تحت الماء لينزل على رأسي عموديا وأتركه يمتص الرعدة بفاعلية أكثر.. عنون كان يجعل الماء يغمره أفقيا ويضع في أذنه التي تقابل الأرض قطنا ويتنفس بأنفه فقط عند النوم..
قد تكون حشرة الخوف في دم عنون أصغر من التي في دمي.. يبدو أنه مهمل تغذيتها بالبحث.. مضت ساعة ولم أنم فأدركت أن الإنسان ينام ثلاثة أرباع عمره ويضيع الربع الأخير في انتظار النوم يأتي..
***