عبدالناصر الجوهري - كورونا قصَّابٌ ثَمِلٌ

أنتَ أخْفيتَ متْنَ الحقيقةِ عنِّي،

وسلَّمْتني للمنايا،

وأغْلقْتَ كُّلَّ السُّبلْ

أنْتَ ورَّطْتني في صراعٍ لعولمةٍ

طويل الأجلْ

الخفافيشُ في " الصِّينِ " مُنْذُ قديم الزمان،

ومنذ تسوَّق شعبٌ يزاحمكَ الآن ،

إنَّ طريقَ الحرير اكتملْ

ليس فيروسُ طيرٍ تنقَّل؛

حتى يُسمِّمَ حلْقي ،

ويُدْفن جسْمي ،

وفي القبْر لا يُغْتسلْ

كيف يُغْلِقُ في رئتىَّ التَّنفُّس ؟

لم أستطعْ بالأدلَّةِ جمْع التَّقارير ،

من غُرْفةِ الإلتهابِ المُصنَّعِ

أو أُنْتشلْ

أنا في آخر الأرض؛

كيف إلىَّ انتقلْ؟

بينما شركاتُ الدَّواء غدتْ تشتهي رئتي

تغوَّل مَصْلٌ لها ،

واشتعلْ

وأنا في مُواطنتي الأعْزلُ ، المُبْتلى،

الكائنُ المُعْتدلْ

أنْتَ تجرِّدَ منِّي العِناقَ،

تجرِّدَ حتي القُبلْ

كيف تمْنعني أن أصافحَ دفْءَ الأحبَّةِ،

والشَّوقَ،

والهَوَى المُعْتقلْ؟

وتُحاصرُ فيَّ ارتجال القريحةِ،

تحظرُ تنْغيمَ قافيتي

وتحْظرُ نعْلي،

وخطْوي ،

وعقلي كريم المُثلْ

كيف تخشى الحبيبةُ فيَّ مواني الغزلْ

كيف أخشى سُعالاً ؛

ولو حَلْقُ حنْجرتي ذبُلْ؟

كيف تُفْزِعُ صدْري،

لدىَّ تحاولُ طمْسَ الأملْ ؟

ما الذي قد جرى،

والجوائحُ تنشر فينا الهلعْ

مِنْ جذْوري أنا أُقْتلعْ

وأُخزِّنُ زادي،

أخزِّنُ أجولةً لهمومي بقلبِ السِّلعْ

ما الذي قد جرى؟

علَّهُ فرَّ خُفَّاشُ معْملكَ المُتخفَّي؛

لكي تفْضحكَ الصَّفقاتُ،

وكل مزادٍ عليكَ رسا،

بين مُخْتبرٍ قديمٍ بنفس القوارير كان قُتلْ

فالنِّقاياتُ قد أينعتْ شكَّلتْ ذروةً لوباءٍ،

وما ادَّخرتَ جهدًا لوقف احتباسي الحراريِّ،

لكنكَ الآن

وسط حرب الهواتف كم تتشغلْ

في كويكبنا

تسْتبيحُ النِّفاياتُ وجه الفضاء ، البحار ، الغدائر

يا أيُّها المُتمادي كفى ،

واعْتزلْ

فمعاملُ بحْثكَ تخترع اليوم للناس أىَّ لقاحٍ

على فأْر تلك التَّجاربِ؛

تُفْلتَ صيْدًا فشلْ

والمُمرضةُ المُتقاعدةُ الآن عادتْ لمشفى المدينةِ ؛

كيما تسدّ - هنالك - عجْزًا،

وذعرًا بوقت العملْ

يتعافي الصَّباحُ

رويدًا ،

رويدًا؛

ليخرجَ من أجْل بدْء التَّسوُّق؛

يهربُ ، ثمَّ يعود لخيمته لو نزلْ

إنَّ قصَّابَ تلك المدينة يمسكُ سيقًا ،

يُلوِّحهُ في وجوه العوام،

وما زال يخطو إلينا ثَمِلْ

لم يكنْ قمري وحدهُ هدّهُ الخوفُ،

كل النُّجيماتِ

أدْمي بُكاها المُقلْ

ثمَّ تأتي عصافيرُ حُزْني

وتنْقرُ كل زجاج النَّوافذِ حولي

تداعبُ حتى انعكاس الشُّموس الخجلْ

كيف بين شفاهي تموتُ الحروفُ ،

وكيف يُكفَّنُ فىَّ المجازُ عباراتِ وصف الجُملْ

كيف أغفرُ جُرْمكَ،

أو ثأر جُرْثومةٍ

بينما قد عزلْنا ملايينَ قبل قدوم الهلاكِ،

وبعض الهلاك امتثلْ

إنني ما أزالُ حبيسَ الدِّيار،

ومُعْتقلًا بين جدران ذاك المللْ

أنتَ حضَّرتَ عفْريتَ حتْفي

ولم تصرف الموتَ عنِّي ،

وعن منزلي المُعْتزِلْ

لو فررتَ بجائحتي نحو فرض العقوبات

لست ستربحَ من بورصةِ المال كل التداول

أو تُرهب الكونَ،

أو تستبيح النُّزلْ

وخلايا دمي في انخفاض شديدٍ

تعاندُ فيكَ تسلْسل جين الهُويَّةْ

كيف تصيرُ علينا وصيًّا بأسلحةٍ للدَّمار،

و"فيتو " ،

وقُنْبلةٍ نوويَّةْ

أنْتَ ضحيَّةُ فيروس مثلي

كلانا ورا اصبعيْهِ توارى ،

وفي حَجْرِهِ يعتزلْ ؟

أنتَ مثْلي لجائحةٍ تمتثلْ

أنْتَ ما انقذتكَ صواريخُ فجَّرتها

لاختراق الحُصون،

وردْع وحوش الجبلْ

خاسرٌ أنتَ

لستَ ستصبحُ بين الملاحم ،

بين الدُّنا

خارًقًا ،

أو بطلْ

أنتَ مكَّنتَ - منِّي – عدوِّي الوَبَاءَ ،

وفاتِكَ كوكبنا المُحْتملْ

لسْتَ تحْكمُ كوْني ؛

هَوَ اللهُ يحْكمُ مُنْذ الأزلْ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...