سعيد المحروق - السّامر الوحيد.. شعر

(1)

تذكّري أيّتها العجوز

بأن السّامرين غادروا

وانفضّ عنك مجلس الرواية

لأن ما يهمّ، لم يعد

يهمّ، أو

لأن ما يقال، لم يعد

يقال، أو

لأن ما حسبت أنه

حكاية..

لم يعدِ الحكاية

…….

لم يعدِ السلطان بالسلطان، والجنّية

لم تعدِ الجنّية

فالسامرون انفضّوا عنك يا راويتي

وغيّروا..

مجالس الإنصات، والرواية

(2)

لكنّني.. أيّتها العجوز

بقيت السامر الوحيد في مجلسك المهجور

لأنّني..

أحسّ أنّ ما رويت قد جرى

من قبل كل هذه العصور

كأنّما جرى لي قبل البارحة

كأنّما الجراد

حينما حطّ كي يفترس البلاد

كأنّه قد جاء منذ حين

…كأنّما اليتامَى

قد أصبحوا يتامَى منذ حين

..تيتّموا، وأصبحوا ميتين

……

كأنّما الخراب

كأنّما اليباب

كأنّما بلادنا قد أصبحت يباباً منذ حين

كلّ الذي وصفت- يا أيّتها العجوز- قد

دمَّرني، من بين ما

دمَّره، كأنّما السكّين

حين أطاحت بالرؤوس

..كأن رأسي

قلبها.. أدين!

(3)

أيّتها الرواية المعروقة العريقة

تذكري بأنني

بقيت السامر الوحيد في مجلسك المهجور

لأنه الحقّ، أو لأنها الحقيقة:

أحسّ أن ما جرى

من قبل ألف ألف عام

يمتدّ نحو الآن، فالجراد لم

يزل هو الجراد، والخراب لم

يزل هو الخراب، والغربان لم

تزل تحوم فوق أرضنا الحُطام

من قبل ألف ألف عام

لم تنضب الدماء، لم تستأصل الأورام، والفرنجة (الأورام)

يكتسحون دمنا، ورملنا

وها هي الآلام

تناسلت، وأنجبت نسلاً من الآلام

(4)

لا بأس إن بقيت السامر الوحيد، غير أنّني

..سأروي ما رويت لي

وأحكي ما حكيت لي

وسوف أتلو كلّ ما

أبحث من أسرار

لقد بقيت السامر الوحيد، غير أنّني

سوف أعيد كلّ ما أعدت لي

ويكثر في حارتنا السمّار

(5)

انفضّ عنك السامرون، غير أنّهم

غدا سيكثرون

وسوف يحفظون

وسوف يكتبون كلّ ما

رويت، سوف يذكرون

– رغم سحابة النسيان- سوف يذكرون

غدا..

غدا.. ستورق الذاكرة القديمة

تثأر للجريمة

مهما جفاك السامرون هذا اليوم

مهما صعَّروا

فلن أكون السامر الوحيد بين القوم
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...