شهادات خاصة حميد حسن جعفر - محاولة في الاقتراب من التجربة الكتابية للشاعر انمار مردان.. شهادة خاصة

(محاولة لقتل شهقة الشمس)
اذا ما كان القاريء أو المتابع و المهتم بالشأن الثقافي/نقديا يعمل على تفكيك كتلة القصيدة /النص او الكتابة ، و الوقوف على تشكيلاتها لمعرفة وكشف ما يظهر منها وما يخفي ، لما يحاول أن يشير ،و يوحي ، و يستفز ،
فان زمر الشواعر والشعراء كل. يعمل من. اجل لملمة و تجميع و اقامة نوع من الالفة ما بين ما عملت الحياة ذاتها على تشتيت تفاصيلها،
الشاعر يبحث عما سيقوله، وعما سيستقبل القاريء ، يبحث عن شرفة القول ، عن النافذة التي من الممكن أن توفر له جمهورا يقرأ، بعد ان كان الشاعر باحثا عن جمهور يستمع ، و اذا ما كانت سبل الحياة ضيقة على الشاعر السلف حيث لم يتوفر الا القليل من المعارف، والقليل من التثاقف ، والتأثر و التأثير ، والقليل من القراءة و الكتابة ، وغياب منافذ النشر و التوزيع، وانعدام اجهزة الاعلان والاعلام والطباعة ، فان الشاعر اليوم اليوم نجده في بحبوحة من الوصول الى ما يريد من المعارف ، والى معرفة ما يريد بعد ان توفرت التقنيات الحديثة إعلاميا و ثقافيًا ومعها الكثير من السبل للوصول الى العديد من الاهداف ،
القاريء سيتابع الشاعر في مهامه ، بعد ان تعددت الافاق ، و اتسعت الآماد ،
ربما يكون الشاعر انمار مردان مثالًا و نموذجا لمجموعة من الشعراء الذين يكدحون في تحصيلهم المعرفي وصولًا الى منجز ابداعي مختلف
من الملاحظات التي تبدو واضحة للقاريء ان العديد من الشعراء الشباب يعمل و بإصرار علي امتلاك خطوته الشعرية ،أن يبتعد عن منجز الاخر ،أن يحفر بصخرته هو لا بصخرة سواه،
ورغم ان الكثير من التجارب تنتمي الى البحث عن خصوصية القول ، الا ان الجميع ،او المعظم يشتغل ضمن فعل جمعي على صناعة حراك شعري قادر على ان يعبر عن افعال شعرية مغايرة معتمدين على تنوع و تعدد المنجزات الشعرية للحركات الابداعية على المستوى المحلي والعربي والعالمي كذلك،
(انمار مردان) كشاعر ومهندس معماري كل منهما يعاين و يدقق ويرى ، مستفيدا من الاندفاع في صناعة المغامرة بعيدا او قريبا من اراء الاخرين و ملاحظاتهم و وصاياهم ، فالصراعات لا يمكن ان تختفي ، ربما تضعف او تغيب مؤقتًا ، مهما كان حجم السلمية في العلاقات الثقافية ،
المساحة الشعرية و الاعلامية التي بين يدي الشاعر -أنمار مردان- من الممكن ان توفر له حشدا من الحصانة في الكتابة و النشر و التفكير وفي القدرة على تجاوز المنجز و حرية الحركة غب الاختيار و الانتقاء و في القدرة على تجاوز المنجز الشخصي ، وتخطي ما تمكن هو او سواه من صناعة الافكار ،
واذا ما استطاعت التقنيات الكتابية الاعلامية ان توفر فرصة لاكتشاف كفاءات لما بعد ٢٠٢٠، فان. ما ينتمي للتاريخ الكتابي للشاعر وفر له حالة من السبق بين الكثير من زملائه ،
(انمار مردان ) تمكن من الوصول الى الفعل الثقافي قبل سواه ضمن حالة من الكدح الابداعي ، وبالتالي فإن تعاضد العلاقات المجتمعية المعتمدة اساسا على صناعة الفعل الثقافي، يشكل أكثر من. فعل يقف خارج المجاملات ،حيث الإحساس بالتفرد والانتماء في الوقت نفسه الى الجماعة ،
كل هذا وضمن افعال تحاذي الحرفة -الوظيفة /الهندسة المعمارية حيث يتوفر للنص الشعري اكثر من متابعة و مراقبة و تقويم،
فهو /الشاعر يعاين الحياة بتعدد مستويات كتابتها، باختلاف تفاصيلها التي تعتمد التصادم و المفارقة و الاختلاف ،
فهو ينتقي و ينتخب ما يمثل اكثر من وجهة نظر ، اكثر مما يتسق او لا يتسق مع مفهومه للكتابة عامة و للقصيدة خاصة ،
ان القدرة على ادارة الشأن الثقافي الجمعي /كنائب رئيس اتحاد ادباء بابل، و وجوده على راس تجمع الشعراء الشباب ، ومساهماته في ادارة موقع وتريات قصيدة النثر ،
ان قدرة كهذه لا يمكن ان تأتي من الفراغ بل ان تخليص الفعل الجمالي من قبضة منتوجات القبح والبغضاء هو ما يمثل تصاعد الفعل المخبوء حيث اوجه الاخر للحياة،
(انمار مردان البياتي)هذا الكائن الحياتي الذي يتمتع و باصرار شديد على ممارسة الحياة عبر تفاصيلها المجتمعةلا يمكن له الا ان يدخل القصيدة و يخرج معها من صلابة الحجارة والسكونية الى فضاء الحراك و المتغير،
هذه الخصوصية توفر للشاعر عامةنوعا من الاعتزاز الابداعي، رغم وجود اكثر من وجهة نظر ، استطاع هذا القاريء او ذاك المتابع، من ان يعلنا عنها، بعيدا عن تدمير الا خر، وصناعة المشاحنات ، حيث يعتمد الفعل الإبداعي على الكثير من المراجعات، حيث تتصاعد افعال الغربال، ويتم الفرز ما بين الزين و الشين،
محاولة لقتل شهقة الشمس
أنمار مردان
أعتذر عن أخطاءٍ ارتكبت من غيري بحقي
لأنني الصديق الخشبي لعناوين حماقاتهم
لم يستوعبوا ظل نبضاتي في خزائنِهم
وهم يجرون عظامي من شرابِ الموتى
ولغبائِهم
أصبحت كل ُ صباحاتِهم دمية ً في يدي
وليلُهم أهزوجة ٌ منزوية ٌ في دفتر ٍ قديم
لن اغفر للأشياء التي تعلمتُها من معلم الاسلاميةِ
هو شاهدٌ مرير ٌ على شواء ِ عقولِنا اللينة ِ
التي كانت ورقةَ قمارٍ بيضاءَ
يرميها كما يرغب ٌ
كان ملتحيا ً في حب ِ الله
لا يزني
واأسفاه
مات ولم يفهم
إن الرب بستانٌ أخضر
وأعمق ُ من الذين يقولون ولا يفعلون .
لن اعتذر من المشط ِ الذي تهشم َ فوق َ ظلِها
ولم اشعر بندمِهِ
ولم أحاول جاهداً لملمة َ أسنانِهِ
لأعيدِهُ إليه .. أعني خرابه
تركتُهُ ضاحكًا حين سَمِعتُهُ يغني فوق الطاولة العجوز
تركتُهُ واقفًا خلف ِالضغينة
يعزفُ وحدُهُ صابونة الوداع .
لن اعتذر من التلفاز الذي ينثر ُ صور َ الانفجار ِ تباعًا
ويصرخ ُ أيها الناجون من هذا الركام
عليكم بالسير ِ خلف الغربال ِ خوفًا من السقوط ِ
وخوفًا من النزهة ِ حين تعطي للمطر ِ صبغة ً أخرى
وبعد كل هذا الصراخ
تقودُنا الهاوية ُ عراة ً نحو خطوات الجحيم .
لن اعتذر من القتلة ِ
وهم ينسون اسمي في كل ِ فوهة ٍ
حين اقضم ُ الشمس َ من فخِذِها ببراءة ٍ
لأكون غلامًا ناضجًا للسبايا
عسى ان لا أتجاوز َ مساحةَ الله
لن أعتذر من خطأ السماء ِ الداكن ِ مهما كانت زرقتُه ُ
لأنني لم أكن ماهرًا في صيد الخفايا من الجنود ِ
ولم أكن شيطانًا يونانيًا وأنا أدس ُ النهر َ
في ماء ِ البحر ِ الذي أكل القمر ُ نصف َ تضاريسِهِ
ولم يعد له ُ مأوى في بطن الحوت
لن أعتذر من القرن ِ الماضي برمتِهِ
وهو يتناول ُ صورَ الشهداء ِ ويؤطرُها
ولا يفكر ُ كيف سيقابلُها برحابة ِ فكرِه ِ المريض
لن أعتذر من ننماخ
فلا عاهرة ٌ ستغتسل ُ فيك بعد اليوم ِ
ولا من منجم ٍ ينقذُ رذاذَ بئرِكَ المثقوب ِ
فكلنا خطايا يا ننماخ
نذوق ُ لون َ الصحو
ولا نعرف ُ كيف ستستحم ُ ذنوبُنا في غفلة ِ الماء ِ
فآدم ُ مذُ يتمِهِ
كان ولا يزال في أفكارِنا
أشرس من أي قبر ٍ أبيض
وأكبر من الشمس ِ بدقيقتين .


انمار مردان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...