ليست مذهباً كما تفترض الحروف الثلاثة الأخيرة، بقدر ما هي منهج فهم، أو بؤرة لعدسة محدبة لاستكناه (بعض) الحقول التساؤلية، باعتبار أن مجالاً ما هومجموعة تساؤلات لديها مجموعة إجابات ممكنة. يمكننا أن نفهم التجانسية باعتبارها القطعين المتشابهين أو المتضادين لجسم من الأجسام، نصف كرة ونصف مربع..الخ. يفضي تموضعها على نحو سلمي، إلى التجانس بحيث يشكلا مفهوماً واحداً. يبحث دولوز عن هذا المصطلح لشرح المفهوم. ولكنه لم يجده، وربما لم يكن قابلاً لإيجاده حيث تحكمت فكرة واحدة للمفهوم، باعتباره خالصاً للفلسفة.
أيا ما كان الأمر؛ ليس الأمر معقداً، إذ أن التجانسية هو منهج يرد الأشياء لاعتبارات أولية (مسلمات من خصائص، صفات، قدرات..الخ). وهنا يستجمع الروحَ الهوياتيَّة(وليس الماهية إذ لا شأن له بذلك)، لقد ظلت الماهية عنفاً فكرياً، وجب التخلص منها، خاصة عند ماركس وسارتر..ووجب الإنتقال للهوياتيَّة. أي التباين المتجانس. وهذا ما تخلقه الأفكار كما تفعل التفاعلات الكيميائية.. هل يضحى القطع مختلفاً عند التجانس عما كان عليه قبل ذلك؟ في الواقع، ليس الأمر كذلك، إن التجانس يعني مرونة عالية عبر الانتقاص الذاتي الإرادي، وهذا يعني أيضاً القدرة على الإنفلات من ذلك التجانس بذات القدرة العالية والإرادة الحرة. إن مفهوم (القطيع) flock مفهوم عدواني، لأنه يتجاهل قوة ومنفعة وإرادية التجانس. ويحمل وصاية بلا سند على سلب تلك المنفعة (المادية والمعنوية). ولذلك لا يصح الحديث عن مقاومة الرجعية، إذ أن المقاومة تفترض الجبر، ولكن التجانسية لا تنهض على الجبر بقدر ما تنهض على الإرادة الحرة. ما تعنيه المقاومة -دون مواربة- هو الإزاحة والإحلال..وهذا لا يقل رجعية عن الرجعية نفسها. ومع ذلك فلا يمكننا إنكار أهمية المقاومة (بالنظر للصراع كلازمة بشرية)، ولكننا ننكر تسمياته المخاتلة ك(التقدمية) التي لا تنزح إلى الإنفلات المرن بل الغرق في الإقصاء والعنف. التجانسية منهج لفهم الهوية كما هي. وهي منهج يمارسه عالم الآثار أكثر من الفيلسوف؛ لأنها تتطلب الحيدة، وغالبا ما يقصي الزمن عوامل الإنحياز المؤثرة على المنهج للتأثير على الحكم وحرفه عن مسار الإستدلال المنطقي. التجانسية، هي- وأنا أتجنب متعمداً استخدام مفردة الحقيقة- هي المنهج الأمثل لعكس الظاهرة، أو الصورة، على طبيعتها التي تكاملت فيها، وبالتالي، لا تسعى التجانسية للتحليل أو التفكيك أو الحكم بالصواب والخطأ، فكل ما يلي التجانسية (كوصف له مصداقية مثلى)، لا أهمية له، فالتجانسية منهج وصفي يصف العناصر والأنساق بحيدة تامة، لفهم عمل النسق بمغهوم واسع)، أي المنظومة حتى لو كانت اعتباطية ومنعدمة الإنتاج..والتجانسية تمنح المنظومات المجتمعية، والآيدولوجيات بل وحتى أنصار الأديان المختلفة شرعية الوجود كحالة خاضعة للمنهج التجانسي. فسواء كانت السلطة صراعاً طبقياً أم لا، فإن فهمها تجانسياً يسبق البحث عن مبرراتها، وهكذا تجمع التجانسية المنهج التأريخي إلى جانب الوصفي.
دعنا نحاول التقدم إلى الأمام قليلاً. إذ (قد) تفضي التجانسية إلى منح اللغة (مكتوبة أو غير مكتوبة) مرتبتها المساوية في مواجهة اللغة التي كانت أعلى منها بحسبانها المصدر والأصل. فاللغة تكون لغة بقدر ما تخلقت داخل تجانس مفاهيمي ما..(طبي، زراعي، عصابة إجرامية)..الخ. ليست المسألة ليبرالية، فالليبرالية نفسها تحليق فوقي وأفقي ومتعدي، أما التجانسية فليست كذلك، إذ أنها لا تنطلق من الذات لتعطي حكماً، إنما كما قلنا فهي منهج وصفي تاريخي؛ وهي لا تكترث بالتباينات، فحتى التباينات الأقسى عنفاً ونفوراً إنما تخلق تجانساً، بحيث يكون الصراع عنصراً معطى للوصف ومن ثم الفهم. وعلى هذا فليست التجانسية منهجاً للنسق بمعناه الضيق، وإنما منهجاً للتصور..والتصور هو درجة أدنى قليلاً من الفهم والفهم أوسع بحيث يشمل التصور..والتجانسية أخيراً لا تصلح كأيدولوجيا سياسية لأنها تفقد ذاتها إن اضحت كذلك.
أيا ما كان الأمر؛ ليس الأمر معقداً، إذ أن التجانسية هو منهج يرد الأشياء لاعتبارات أولية (مسلمات من خصائص، صفات، قدرات..الخ). وهنا يستجمع الروحَ الهوياتيَّة(وليس الماهية إذ لا شأن له بذلك)، لقد ظلت الماهية عنفاً فكرياً، وجب التخلص منها، خاصة عند ماركس وسارتر..ووجب الإنتقال للهوياتيَّة. أي التباين المتجانس. وهذا ما تخلقه الأفكار كما تفعل التفاعلات الكيميائية.. هل يضحى القطع مختلفاً عند التجانس عما كان عليه قبل ذلك؟ في الواقع، ليس الأمر كذلك، إن التجانس يعني مرونة عالية عبر الانتقاص الذاتي الإرادي، وهذا يعني أيضاً القدرة على الإنفلات من ذلك التجانس بذات القدرة العالية والإرادة الحرة. إن مفهوم (القطيع) flock مفهوم عدواني، لأنه يتجاهل قوة ومنفعة وإرادية التجانس. ويحمل وصاية بلا سند على سلب تلك المنفعة (المادية والمعنوية). ولذلك لا يصح الحديث عن مقاومة الرجعية، إذ أن المقاومة تفترض الجبر، ولكن التجانسية لا تنهض على الجبر بقدر ما تنهض على الإرادة الحرة. ما تعنيه المقاومة -دون مواربة- هو الإزاحة والإحلال..وهذا لا يقل رجعية عن الرجعية نفسها. ومع ذلك فلا يمكننا إنكار أهمية المقاومة (بالنظر للصراع كلازمة بشرية)، ولكننا ننكر تسمياته المخاتلة ك(التقدمية) التي لا تنزح إلى الإنفلات المرن بل الغرق في الإقصاء والعنف. التجانسية منهج لفهم الهوية كما هي. وهي منهج يمارسه عالم الآثار أكثر من الفيلسوف؛ لأنها تتطلب الحيدة، وغالبا ما يقصي الزمن عوامل الإنحياز المؤثرة على المنهج للتأثير على الحكم وحرفه عن مسار الإستدلال المنطقي. التجانسية، هي- وأنا أتجنب متعمداً استخدام مفردة الحقيقة- هي المنهج الأمثل لعكس الظاهرة، أو الصورة، على طبيعتها التي تكاملت فيها، وبالتالي، لا تسعى التجانسية للتحليل أو التفكيك أو الحكم بالصواب والخطأ، فكل ما يلي التجانسية (كوصف له مصداقية مثلى)، لا أهمية له، فالتجانسية منهج وصفي يصف العناصر والأنساق بحيدة تامة، لفهم عمل النسق بمغهوم واسع)، أي المنظومة حتى لو كانت اعتباطية ومنعدمة الإنتاج..والتجانسية تمنح المنظومات المجتمعية، والآيدولوجيات بل وحتى أنصار الأديان المختلفة شرعية الوجود كحالة خاضعة للمنهج التجانسي. فسواء كانت السلطة صراعاً طبقياً أم لا، فإن فهمها تجانسياً يسبق البحث عن مبرراتها، وهكذا تجمع التجانسية المنهج التأريخي إلى جانب الوصفي.
دعنا نحاول التقدم إلى الأمام قليلاً. إذ (قد) تفضي التجانسية إلى منح اللغة (مكتوبة أو غير مكتوبة) مرتبتها المساوية في مواجهة اللغة التي كانت أعلى منها بحسبانها المصدر والأصل. فاللغة تكون لغة بقدر ما تخلقت داخل تجانس مفاهيمي ما..(طبي، زراعي، عصابة إجرامية)..الخ. ليست المسألة ليبرالية، فالليبرالية نفسها تحليق فوقي وأفقي ومتعدي، أما التجانسية فليست كذلك، إذ أنها لا تنطلق من الذات لتعطي حكماً، إنما كما قلنا فهي منهج وصفي تاريخي؛ وهي لا تكترث بالتباينات، فحتى التباينات الأقسى عنفاً ونفوراً إنما تخلق تجانساً، بحيث يكون الصراع عنصراً معطى للوصف ومن ثم الفهم. وعلى هذا فليست التجانسية منهجاً للنسق بمعناه الضيق، وإنما منهجاً للتصور..والتصور هو درجة أدنى قليلاً من الفهم والفهم أوسع بحيث يشمل التصور..والتجانسية أخيراً لا تصلح كأيدولوجيا سياسية لأنها تفقد ذاتها إن اضحت كذلك.