بملامح مُترفة بالضّياع، دلف بيته المسكون بانكسار الضّوء... جال بعينيه المرهقتين أرجاء الصّالون... كان يبحث عن شيءٍ مّا، بين ثقوب الزّوايا، عن طرفٍ مّا، يُبلّل نتوءات المدامع، اصطدمت رجله العرجاء بمقعد خشبي هزّاز... تلمّس خشبه الفاخر و أسدل عليه كاهله المُنهك، أسند على حافّته رأسه المثقل بفراغٍ مُستعر، فكّ رباط عنقه و بصره يتشرّب الظلام المُدقع، وشرع يرتشف الملل ويلفظ هجير آهاته في جوف منفضةٍ ضاقت بأعقاب الأنين. أغمض عينيه هربا من اعتلاء أمواج الشوق، والسّبْح في بحرٍ يختلطُ فيه مدّ الحنين مع زجرِ العتاب، مخافة القذف بضلوعه النّخرة بين أضراس الذّاكرة، فتطحن ما تبقّى من شتات روحه، وتُلقِي به منكسرا، مغلوبا، غارقا في شاطئ الضّباب... يحتسي ترانيم عشقها في محارة قديمة فتُحرِق أصابعه همساتٍ من شوقٍ مُلتهب يسكُن زبدَ الشّرفات.
عبثا يسعى لإطفاء وهج الذّكريات المُشتعلة في أسمار الليل... ممّن يحاول الهروب؟؟ من طيفها القابع في مدائنه القديمة أو من حرقةٍ أفقدت زقاقه أحلام السكينة.... و كيف السّبيل لنزْعِ أوتاد غيمتها الماطرة بنوارس الحنين..... و لماذا الهروب؟؟؟ ما الذّنب الذي اقترفته؟؟ أليس الخيار خياره و القرار قراره؟؟ ألم يتشظّ عشقا في شهقات عطرها؟؟؟ ألم يمتشق حسنها في مساءاته المُلتحفة بستائر أنفاسها؟؟؟ رغم شُحّ الهواء وضُمور السّنابل، وانسداد الرّؤى، رغم طمس الثّقوب وطمر الغيوم وابتلاء الدّجى.
ألم يهمس لها قبل قرار الرّحيل " الجهاد في عشقك مباح" و أنها أميرة الكون و سيّدة النساء..... ألم يخطّ على مقارع أبوابها، سأكسر الأصفاد وأتسلّق الرّيح، وأخيط طودا من الشّمس، أعلّقه قبالة أسوارك... ألم يرسم على ثغور مدائنها حوالك أيّامه وضواحك أحلامه في ليالي السّمود، وأقسم غليظا أنّ التاريخ سيسجّل صفحات صبره المتبّل براحها في حوافر الصّمود.... ألم يهتف فوق القاطرات والمراكب وعلى أجنحة الطّير ويوانع الشّجر، مقولته الشّهيرة : أنا من نسل طينك، و من وهج عشقك المذاب في الأحداق؟؟
لم تطلب منه الرّحيل.... لماذا يحمّلها وزرا لم تقترفه؟؟ أم أنّ أقداح الظّلام الّتي تجرّعها من أفواه الغربة أفقدته لذّة العشق، أم نظرته الضّيزى أخطأت الهدف والعنوان، وانفلتت أحلامه من مسلّة الجهاد، وغرقت هالكة في دجنّة الدّيجور. أم أنّه تناسى بضعة قوافٍ علّقها فوق مشجب الرّحيل، مختومة بأنفاسه الحَيْرى " مسافر بنبيذ أحلامي، مشرّعا نوافذ غربتي، علّني أضفر بوطنٍ بديل "
ينتفض كغصنٍ منصهد، أفزعه لهب الحريق و يصرخ في العتمة السّاكنة أحداقه " لم تُثنِني عن قرار الرّحيل، ليس هناك من حلّ بديل"... يمدّ أصابع البرد و يمسح عرق الذّكرى المبلّل فتاتَ روحه و يركن لحفيف النعاس المُراود حرقةَ أجفانه.
عبثا يسعى لإطفاء وهج الذّكريات المُشتعلة في أسمار الليل... ممّن يحاول الهروب؟؟ من طيفها القابع في مدائنه القديمة أو من حرقةٍ أفقدت زقاقه أحلام السكينة.... و كيف السّبيل لنزْعِ أوتاد غيمتها الماطرة بنوارس الحنين..... و لماذا الهروب؟؟؟ ما الذّنب الذي اقترفته؟؟ أليس الخيار خياره و القرار قراره؟؟ ألم يتشظّ عشقا في شهقات عطرها؟؟؟ ألم يمتشق حسنها في مساءاته المُلتحفة بستائر أنفاسها؟؟؟ رغم شُحّ الهواء وضُمور السّنابل، وانسداد الرّؤى، رغم طمس الثّقوب وطمر الغيوم وابتلاء الدّجى.
ألم يهمس لها قبل قرار الرّحيل " الجهاد في عشقك مباح" و أنها أميرة الكون و سيّدة النساء..... ألم يخطّ على مقارع أبوابها، سأكسر الأصفاد وأتسلّق الرّيح، وأخيط طودا من الشّمس، أعلّقه قبالة أسوارك... ألم يرسم على ثغور مدائنها حوالك أيّامه وضواحك أحلامه في ليالي السّمود، وأقسم غليظا أنّ التاريخ سيسجّل صفحات صبره المتبّل براحها في حوافر الصّمود.... ألم يهتف فوق القاطرات والمراكب وعلى أجنحة الطّير ويوانع الشّجر، مقولته الشّهيرة : أنا من نسل طينك، و من وهج عشقك المذاب في الأحداق؟؟
لم تطلب منه الرّحيل.... لماذا يحمّلها وزرا لم تقترفه؟؟ أم أنّ أقداح الظّلام الّتي تجرّعها من أفواه الغربة أفقدته لذّة العشق، أم نظرته الضّيزى أخطأت الهدف والعنوان، وانفلتت أحلامه من مسلّة الجهاد، وغرقت هالكة في دجنّة الدّيجور. أم أنّه تناسى بضعة قوافٍ علّقها فوق مشجب الرّحيل، مختومة بأنفاسه الحَيْرى " مسافر بنبيذ أحلامي، مشرّعا نوافذ غربتي، علّني أضفر بوطنٍ بديل "
ينتفض كغصنٍ منصهد، أفزعه لهب الحريق و يصرخ في العتمة السّاكنة أحداقه " لم تُثنِني عن قرار الرّحيل، ليس هناك من حلّ بديل"... يمدّ أصابع البرد و يمسح عرق الذّكرى المبلّل فتاتَ روحه و يركن لحفيف النعاس المُراود حرقةَ أجفانه.