لما تحجبت محبوبتي خلف الأسوار العالية، وتقطعت بيننا السبل، ظللت أمدا طويلا بلا هدف في الحياة. أصحو كل يوم في ملل، أسوق أغنامي إلى المرعى كسولا، وأعود مرهقا.
تسألني النعجة:
- لماذا لم تعد تلهو معي في المرعى كما كنت؟
- يبدو أنني كبرت على ذلك.
- وما علاقة اللهو بكونك كبرت أم لم تكبر؟
طوال النهار أترك أغنامي ترعى، ونعجتي تلهو، وأستلقي تحت الشجرة غارقا في الخيالات الجنسية حتى تغرب الشمس. أعلم أن تلك الخيالات لا تزيدني إلا شبقا ولهيبا، ولكن هل لي سوى الخيال؟
وذات يوم كنت مستلقيا تحت الشجرة وفي جوفي لهيب الجمر، فأتت النعجة لتجلس إلى جواري كي تستريح من لهوها في المرعى طوال اليوم. نظرت إليها وهي مستلقية وعجيزتها تنسكب من خلفها أرضا، فوقع بصري -للمرة الأولى- على بقعة حمراء ملتمعة على الجلد الباطني المنكشف بجانب عجيزتها الأيمن، ثم جذب انتباهي انكشاف موضع الفتحة من مؤخرتها أسفل العجيزة.. لم أنتبه إلى ذلك من قبل!
ناديت النعجة، فاستجابت. أوقفتها بحيث تكون مؤخرتها في مواجهتي، ففرحَتْ ظنا منها أنني سألهو معها كعهدي السابق، ثم رفعت عجيزتها ورحت أستكشف الفتحة الأنثوية ومكوناتها حتى اهتجت.
- ماذا تفعل؟
قالتها بريبة، لكنني لم ألق لها بالا. استخرجت عضوي ودفسته بقوة داخلها، فصرخت. ظللت ألهج في الدخول والخروج، أفرغت في تلك اللحظات سنوات الشبق المكبوت، وبعد دقائق قذفت مائي لاهثا.
كانت النعجة تتأوه وتبكي. ذهلتُ لدقائق بلا حراك، ثم انزويتُ منكمشا خلف الشجرة، وبكيتُ. ظلت النعجة تثغو متألمة، تثغو وتثغو، ولا تتكلم، ومنذ ذلك اليوم لم أسمع منها إلا الثغاء فقط!
٢
بطن النعجة تكبر!
يوما بعد يوم تكبر أكثر فأكثر. إنها حبلى! أأكون أنا والد هذا الطفل؟ أم كبش آخر من جنسها؟ وإن كنت أنا والده، فهل سيكون إنسانا مثلى؟ أم حملا مثلها؟ أم مسخا بين الاثنين؟
كل يوم أضع الطعام أمام النعجة دون أن أجرؤ على رفع عيني إليها، ثم أنزوى بعيدا. لم تعد تتكلم مطلقا، ولم يعد أحد بعدها يشاركني آلامي ومخاوفي. حركتها تدريجيا تصير أثقل، والإعياء يستولي عليها. لستِ وحدك من تتألمين أيتها النعجة، لو أنك ذقت مرارة الندم وحرقة الذنب لهانت آلامك الجسدية عليك.
وقت المخاض لم أصبر على رؤيتها. همت على وجهي في الأودية، ثم عدت صباح اليوم التالي لأجد الوليد بجوارها. هو حمل صغير بكامل مواصفات جنس الأغنام ولا ينتمي لجنس البشر بصلة، غير أن عينيه وملامح وجهه تتشابه إلى حد التطابق مع عينيّ وملامح وجهي في طفولتي، ولا أدري إن كان ذلك الشبه لكوني أباه، أم لأنني أنا الذي أشبه الأغنام!
هذا الطفل فضيحة، مسخ، إثمي وعاري يتجسدان ويمشيان على أقدام أربعة! لم أستطع أن أمكث في الكوخ معه، فصرت أبيت في العراء. ثغاؤه صباح مساء يذكرني بفضيحتي.. فضيحتي التي لابد من التخلص منها!
وكأن شيطانا تلبّس بي، وجدتني أجمع بعض الأعشاب السامة، وأذيبها في جردل ماء، ثم جعلته يشرب منه، ومكثت أراقب مفعول السم.
في البداية ظل يتمسح فيّ ويلهو ويقفز حولي، فرقّ قلبي له. بدأ يثغو، ثم تغير صوته فجأة وحدثت المعجزة: لقد تكلم! حمل يتكلم بلسان البشر! نطق حرف الباء كأنه يقول لي "بابا"، ثم نطق بعبارات أخرى غير مفهومة كطفل يتعلم الكلام!
أخذته بين ذراعيّ وقبلته، لكنه فجأة بدأ يتلوى. يبدو أن السم بدأ يسرى في جسده. لم أعرف ماذا أفعل له، فمكثت بجواره أبكي. لم يستغرق السم -لصغر سنه- سوى بضع دقائق قبل أن يجهز عليه.
ها هو إثمي الثاني، والأكبر. أردت أن أهرب من ذنب فوقعت في خطيئة، وأي خطيئة!
دفنته باكيا، وزرعت على قبره صبارة. صرت أزور قبره باكيا كل يوم مع طلوع الشمس ومع غروبها، أما النعجة فظلت عجماء لا تتكلم. بدأت أعتقد أن حديثي معها في السابق كان محض أوهام طفولة لا أكثر!
لقد كان هذا الطفل معجزة بكل المقاييس، جمع بين عقل الإنسان ونقاء الطبيعة في مزيج مقدس. كان في جسد حمل، لكنه كان يتكلم! هو طفلي، لكنه وكأنه هو سبب وجودي في الحياة. شيئا فشيئا بدأت أوقن أن روح محبوبتي تلبست به وأهداني الله إياها، لكنني انسقت خلف الشيطان وقتلتها بدم بارد. فكرت أن أحاول إنجاب طفل آخر، فجذبت النعجة، وفعلت بها فعلتي السابقة، لكن شيئا لم يحدث. كررت فعلتي يوميا عشرات المرات، ولم تنتفخ بطنها قط.. يبدو أن ما راح لن يعود ثانيا!
٣
كل يوم أواظب على شعائر التكفير عن خطيئتي وطرد الشياطين. أطوف حول الصبارة سبع مرات مع شروق الشمس ومع غروبها، ثم أتلوها بسجدة للصبارة طالبا المغفرة. كلما أدخل الكوخ، أتمسّح باكيا بآثار بعر الحمل الجافة في ركن الحائط المقدس. وفي ذكرى وفاته الأسبوعية أواظب بكل خشوع على أن أكرر مع النعجة ذلك الفعل المقدس الذي كان سببا في مجيئه، ثم أنام راجيا روح الحمل/ المحبوبة أن تزورني في المنام!