سمع طرقًا خافتًا على باب شقته وهو جالس أمام التلفاز، نهض متكاسلًا ليرى من القادم إليه في هذه الساعة المتأخرة من الليل القارس البرودة ويطرق على الباب بدلًا من الضغط على الجرس؟! نظر من عدسة منظار الباب فوجد جارته الحسناء التي سكنت وأسرتها الطابق العلوي منذ شهور قليلة واقفة تتلفت حولها بقلق وتوتر وهي تمرُّ بأنامل يدها اليمنى على رأسها وملابسها لتطمئن وتتأكد من اكتمال اناقتها المعهودة، تحمل على ذرعها الأيسر قطتها المدللة الضخمة فاخرة السلالة ذات الفراء الناعم الذي يبرق ذهبه متموجًا فوق خصلات شعرها الطويل.
تردَّد كثيرًا في فتح الباب متذكرًا نظراتها الفاضحة إليه كلما قابلته فتغزو عيناها الجريئتان عينيه المقهورتين دومًا، يتعجب حين تستوقفه لتصافحه وتسأله عن حاله وحال أسرته متعمدة الاحتفاظ بيده في يدها للحظات يخالها الدَّهر، ينتفض جسده دومًا ويشمله الاضطراب أمام ضغطاتها الدافئة فتبتسم في زهو المنتصر الواثق، ينزع يده المرتعشة نزعًا ويفر هاربًا وهو يتعثر في خطوه متلفتًا حوله في وجل.
ازدادت وتيرة الطرق وبدأ صوته يرتفع ففتح الباب مضطرًا خشية إزعاج الجيران أولفت انتباههم. سدَّ الباب المفتوح بجسده المتوتر فأزاحته برفق بيدها الخالية وأغلقت الباب وراءها مستندة إليه بظهرها وصدرها الناهد يعلو ويهبط مع أنفاسها المتلاحقة. همس لها متلعثمًا:
- خير إن شاء الله!
أجابته وهي تتجه بثقة إلى الرَّدهة:
- كل خير.
جلست على الأريكة بعد ان أغلقت التلفاز، ضمَّت قطتها إلى صدرها وراحت تمسد شعرها بأناملها وعيناها تقتحمان عينيه كعادتها فازداد اضطرابًا وتلعثمًا، التقط أنفاسًا كاد يفقدها ثم همس محاولًا ابتلاع توتره:
- زوجتي تبيت الليلة عند أمها و...
ردَّت بدلال الأنثى:
- أنا عارفة.
فاجأته كلماتها وزادت من ارتعاشة أطرافه وراح جسده يتصبب عرقًا:
- ماذا تريدين من فضلكِ؟!
همست في غنج ودلال بكلمات متقطِّعة ومازالت عيناها تغوصان في عينيه حتى وصلتا إلى أعماق سحيقة يوشك عندها على الاستسلام رافعًا رايته البيضاء:
- قطتي حبيبتي...تعاني من الوحدة ...أخاف أن تصاب بالاكتئاب...أحضرتها لتمضي وقتًا سعيدًا مع... مع...مع حبيبها...قطكم الجميل...أنا أثق أنه يحب ذلك ويحتاج إليه؟
أجابها دون تفكير:
- قطنا بلدي لا يعرف الاكتئاب؟!
ردَّتْ سريعًا وهي تضع قطتها في حِجْرِهِ متعمدة أن تلفح أنفاسها الساخنة وجهه:
- نحن نحب البلدي.
جاء قطه القوي من مرقده يتمطَّى وما أن رأته قطتها حتى قفزت إلى الأرض سريعًا وراحت تلف حوله لتعرض أمامه مفاتنها وهي تموء بدلال أنثوي غريزي فارتاب في أمرها وراح يأخذ وضع الاستعداد للدفاع أو الهجوم مرتفعًا بجسمه إلى أعلى مُقلصًا ظهره نافرًا شعره ويموء بغضب. حاولت القطة أن تهدِّئ من روعه فتباطأت حركتها وانخفض صوت موائها فاستكان قليلًا. بدأت القطة تتمسح في القط في اللحظة التي اقتربت صاحبتها من صاحبه على الأريكة واضعة يدها على يده فإذ بالقط يقفز فجأة من الشرفة هاربًا منها فارتفع مواؤهما معًا.
مجدي حشمت سعيد
عضو اتِّحاد كُتَّاب مصر
مجدي حشمت سعيد
تردَّد كثيرًا في فتح الباب متذكرًا نظراتها الفاضحة إليه كلما قابلته فتغزو عيناها الجريئتان عينيه المقهورتين دومًا، يتعجب حين تستوقفه لتصافحه وتسأله عن حاله وحال أسرته متعمدة الاحتفاظ بيده في يدها للحظات يخالها الدَّهر، ينتفض جسده دومًا ويشمله الاضطراب أمام ضغطاتها الدافئة فتبتسم في زهو المنتصر الواثق، ينزع يده المرتعشة نزعًا ويفر هاربًا وهو يتعثر في خطوه متلفتًا حوله في وجل.
ازدادت وتيرة الطرق وبدأ صوته يرتفع ففتح الباب مضطرًا خشية إزعاج الجيران أولفت انتباههم. سدَّ الباب المفتوح بجسده المتوتر فأزاحته برفق بيدها الخالية وأغلقت الباب وراءها مستندة إليه بظهرها وصدرها الناهد يعلو ويهبط مع أنفاسها المتلاحقة. همس لها متلعثمًا:
- خير إن شاء الله!
أجابته وهي تتجه بثقة إلى الرَّدهة:
- كل خير.
جلست على الأريكة بعد ان أغلقت التلفاز، ضمَّت قطتها إلى صدرها وراحت تمسد شعرها بأناملها وعيناها تقتحمان عينيه كعادتها فازداد اضطرابًا وتلعثمًا، التقط أنفاسًا كاد يفقدها ثم همس محاولًا ابتلاع توتره:
- زوجتي تبيت الليلة عند أمها و...
ردَّت بدلال الأنثى:
- أنا عارفة.
فاجأته كلماتها وزادت من ارتعاشة أطرافه وراح جسده يتصبب عرقًا:
- ماذا تريدين من فضلكِ؟!
همست في غنج ودلال بكلمات متقطِّعة ومازالت عيناها تغوصان في عينيه حتى وصلتا إلى أعماق سحيقة يوشك عندها على الاستسلام رافعًا رايته البيضاء:
- قطتي حبيبتي...تعاني من الوحدة ...أخاف أن تصاب بالاكتئاب...أحضرتها لتمضي وقتًا سعيدًا مع... مع...مع حبيبها...قطكم الجميل...أنا أثق أنه يحب ذلك ويحتاج إليه؟
أجابها دون تفكير:
- قطنا بلدي لا يعرف الاكتئاب؟!
ردَّتْ سريعًا وهي تضع قطتها في حِجْرِهِ متعمدة أن تلفح أنفاسها الساخنة وجهه:
- نحن نحب البلدي.
جاء قطه القوي من مرقده يتمطَّى وما أن رأته قطتها حتى قفزت إلى الأرض سريعًا وراحت تلف حوله لتعرض أمامه مفاتنها وهي تموء بدلال أنثوي غريزي فارتاب في أمرها وراح يأخذ وضع الاستعداد للدفاع أو الهجوم مرتفعًا بجسمه إلى أعلى مُقلصًا ظهره نافرًا شعره ويموء بغضب. حاولت القطة أن تهدِّئ من روعه فتباطأت حركتها وانخفض صوت موائها فاستكان قليلًا. بدأت القطة تتمسح في القط في اللحظة التي اقتربت صاحبتها من صاحبه على الأريكة واضعة يدها على يده فإذ بالقط يقفز فجأة من الشرفة هاربًا منها فارتفع مواؤهما معًا.
مجدي حشمت سعيد
عضو اتِّحاد كُتَّاب مصر
مجدي حشمت سعيد