الجنس في الثقافة العربية عبد الصمد فكري - الجنس كموضوع في السوسيولوجيا (الجزء الأول)

I. دراسة الجنسانية في السوسيولوجيا الغربية:
لقد كان الجهل بالمعلومات الجنسية ظاهرة عامة ، وقد تخطتها بعض المجتمعات الغربية من خلال إضافة مناهج للتربية الجنسية في مختلف القواعد والمؤسسات الدينية والحكومية ، بحيث كان الاهتمام ينصب أولا في العودة إلا علم النفس/والبيولوجيا بوصفهم ميادين أولية اهتمت بمعالجة الحياة الجنسية والاضطرابات الجنسية ، انطلاقا من كون الجنس نشاط يرتبط بمجموع الانفعالات والمشاعر السلوكية ، كما يتأثر بالقلق والمخاوف ويَعجزه الاكتئاب ، وهو يعبر عن الصحة السيكولوجية في عمقها ، وعن المرض في اضطراباتها. وعلى هذا الأساس استقى مجموعة من السوسيولوجيون هذه الأدلة.
إضافة إلى ذلك كان يتم لجوء بعض العلماء إلى علم البيولوجيا في دراساتها المعمقة لعالم الحيوان ، في محاولة منهم لفهم المزيد عن السلوك الجنسي عند الإنسان ، والذي توصلوا على أنه ينطوي ـ هذا السلوك ـ على مجموعة من المعان والدلالات ، أي إن الإنسان يمارس السلوك الجنسي ويعبر عنه بوسائل مختلفة تتجاوز في عدة حالات الأساس البيولوجي ، ليتحول النشاط الجنسي عند الإنسان إلى رموز تعبر عن ملامح تعكس طبيعة المشاعر والعواطف من جهة والعمق والتعقد من جهة ثانية.
لقد لاحظت الأنطربولوجية الاجتماعية مارغريت ميد Margaret Mead في الدراسة التي أجرتها على ثلاثة قبائل من غينيا الجديدة (1) أن الاختلاف في النشاط الجنسي بين الذكور والإناث لا يرجع إلى الفوارق البيولوجية بينهما ، وإنما يرجع إلى التنشئة الاجتماعية والثقافة التي يحملها المجتمع ، وعلى هذا الأساس فإن طريقة عيش وممارسة النشاط بين الجنسين لا يكون بدافع جنساني ، بحيث إن السلوك والأدوار التي يقوم بها الرجال والنساء ليست نتيجة عوامل عضوية ، وإنما نتيجة ممارسات معينة في مرحلة التنشئة الاجتماعية. وخلصت أن العوامل الثقافية في المجتمعات الغربية هي التي تؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات والتوترات في صفوف المراهقين الأمريكيين ، في حين أن جزر أساموا تفتح الأبواب وتشيع الاختلاط بين الذكور والإناث.
في حين يرى ميشال بوزون Michel Bozon أن السوسيولوجيا في بداية دراستها للحقل الجنساني اكتفت بمعالجة الخصوبة والمفاوضات الزواجية ، إضافة إلى أسباب انفصال الأزواج دون تحديد أو ذكر للجنس المتسبب في الانفصال ، ويضيف أن امتصاص مراقبة السلوك شكل أحد شروط الظهور في حقل المعرفة وفي إدراك الفاعلين الواعيين بالمسألة الجنسانية.
كما قام رايموت رايش Raimut Reich بدراسة النشاط الجنسي وصراع الطبقات الاجتماعية في كل من جمهورية ألمانيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية (2) ، على أساس علمي إحصائي نظري وتجريبي ، فخلص أن ميدان دراسته للحياة والعلاقات الجنسية يحدث تحت نير الاستثمار الرأسمالي الاحتكاري ، والشروط الاقتصادية والنفسية (3) الضروري توفرها للنضال ضد القمع الذي تعانيه الطبقات الشعبية في أوضاعها الاقتصادية والمعاشية وبالتالي الجنسية ، وذلك لإدماج الحياة الجنسية لكل فئات الأمة داخل نظام احتكاري قائم بذاته ، وعدم مسخ الحياة الجنسية لتكون مجرد سلعة ذات وظيفة استهلاكية ، وحرمان الجسد البشري من مزاياه البيولوجية والوجدانية.
وفي دراسة لكولن ويلسون Colin Wilson يرى أن غاية الانسان الذاتية الأولى هي تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستمتاع الجنسي للوصول إلى النشوة (4)، فالجنس هو أحد أقوى الرغبات ، فهو يقود ويسيطر على حياة الفرد إذ أن أول تجربة جنسية دون ذكره للكيفية التي تتم بها تقود بالشباب الذكي حسب رأيه إلى تغيرات في الحياة الانسانية (5) .

المراجع :
Margaret Mead, mœurs et Sexualité en Océanie, Paris, Librairie, plan, pp 215, 252. -1
2- رايموت رايش. "النشاط الجنسي وصراع الطبقات". إعادة الاعتبار إلى التسامي الجنسي. ترجمة محمد عيتاني. منشورات دار الأداب بيروت. ص : 6.
3- نفس المرجع ص : 15.
4- كولن ويلسون. "أصول الدافع الجنسي". دراسات قيمة في ملابسات الشذوذ الجنسي. منشورات دار الآداب بيروت. الطبعة الثالثة 1986. ص : 13.
5- كولن ويلسون. "الجنس والشباب الذكي". مركز الحضارة العربية للإعلام والنشر. ترجمة أحمد عمر شاهين. ص : 10.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...