الجنس في الثقافة العربية العلياني عبدالحي - الجنسانية بين المدح والقدح

لا يهمنا من فعل الكتابة حول الجنسانية إصدار حكم قيمة حول تصرفاتنا وأفعالنا وعلاقاتنا، وإنما نسعى ونبتغي تشخيص الواقع المعاش بعين الفاحص، الناقد، الباحث عن سبل وآليات تمكننا من فهم تصرفاتنا الواعية منها وغير الواعية.، ومن أجل مقاربة هذا الموضوع بنوع من الموضوعية والحياد.، ولكي لا أصاب بـما يسمى في عرف الكُتاب بعمى القرب. اتخذت لنفسي مقعداً من خارج الأرض كما يقال، من أجل تشخيص عقلاني وموضوعي لما نسعى للكتابة حوله.
صحيح أن بالكتابة حول الجنس والجنسانية أدخل في إطار المحظورات التي تشكل ركنا من أركان الثالوث المقدس (الدين - الجنس - السياسة)، ففعل الكتابة، حول هذا الثالوث المقدس تكاد تكون منعدمة، وذلك نظراً لأن الباحث الذي يتجرأ ويخط فيه يجد نفسه منذ الوهــلة الأولــــى في صراع مفتوح على جبهات متنوعة ومتعددة، أولها الغير (الأخر البشري) الذي يتوشح جلباب التقي والورع أمام الأغيار ويدعي لنفسه حصن حصين؛ برج عاجي، وأن لا دخل له بما يحصل في المجتمع. وهنا نرد عليه بالقول، بأن المثقف الحق هو الذي ينخرط في قضايا عصره ويعمل على تشخيص العلة التي تصيب مجتمعه.
إن المجتمع المغربي وللأسف أمسى مجتمعا مركبا؛ مجتمعا ممزقا بين الأصالة والمعاصرة، بين السلفية والليبرالية، فمن خلال تنامي الخطابات التي تروج للفردانية والحريات الشخصية، والخطابات الداعية للقيم المجتمعية الإسلامية، يعيش الفرد تمزقاً وانفصاماً في بنيته السيكوسوسيوثقافية، هذا الصراع الداخلي الذي يعيشه الشخص/ الفرد المغربي، والذي ينعكس على سلوكه، وأفعاله داخل المجتمع، في إطار علاقاته بالغير، سواء كان هذا الغير فرداً أو جماعة.
واليوم وفي ظل هذا التشتت والانفصام الذي يخيم على ثقافتنا وأفكارنا المغاربية، وهو انفصام يبدوا واضحاً على مستوى النظام الشاد الذي يجمع بين المتناقضات؛ فالمجتمع المغربي لا هو حداثي علماني ولا هو أصولي سلفي، وهذا ما يمكن اعتباره نوعاً من النفاق المجتمعي، فالمجتمع ككل يتوشح جلباب التقى والورع، ويـجر وراءه ذيلاً ثعلبياً، وهو ما يتجلى على مستوى الأفراد، فالفرد يبحث لنفسه عن شريك جنسي سواء من النوع الآخر أو من نفس النوع، بمعنى أنه يبحث عن شريك جنسي، ويقيم معه علاقات تعتبر لا شرعية في العرف المجتمعي الذي يؤطره؛ أي الإسلام، وهذا يعني أن الفرد المغربي رغم أن له بنية مجتمعية تحرم الجنس خارج إطار الزواج، إلا أنه يقيم علاقات جنسية لا شرعية، تنصاع لمنظومة أخرى حقوقية تدافع عن الحريات الفردية والفردانية، وهذا ما يجعل القول/الأقاويل داخل المجتمع المغربي ذات خلفية إسلامية، بينما الفعل له مرجعية ليبريالية لا إسلامية.، هذا بالإضافة إلى أن الجنسانية كثقافة والجنس كفعل وغريزة بيولوجية في المجتمع المغربي، تخدم وتُؤطر في إطار سلطوي سياسي، وهذا ما تعبر عنه السياحة الجنسية. وبالتالي، الخروج بشكل واضح وجليّ عن إطار العرف الديني الذي يحرم الجنسانية خارج مركب الزواج، والذي يصطلح عليه الزنى باعتباره سلوك محرم في المجتمع الاسلامية، ورغم أننا ننتمي إلى هذا المجتمع إلا أننا نصطدم بسياسة جنسية تؤطر هذا الحقل وتستغله لصالحها، فما هو دور الفقيه ورجل الدين في ظل سيادة هذه الثقافة الجنسية اللاشرعية وتفشيها داخل المجتمع، أليس دوره هو الترويج لخطاب الواعظ والإرشاد ؟.
إن أملنا الذي نرجوه من هذه المقالة ليس هو التغير الفوري لما هو كائن في المجتمع، وتنزيل مجتمع أفلاطوني فاضل، وإنما غايتنا كما أشرنا سابقا هي البحث وإماطة اللثام عن تصرفاتنا الواعية منها وغير الواعية.، وأن نقف وقفت تأمل في واقعنا المعاش، الذي بات انفصامياً ويجمع بين المتناقضات بشكل لا منطقي...!!!!
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...