رحل حنا ابراهيم كاتب القصة القصيرة والشاعر الكلاسيكي والروائي وبذلك تفقد الحركة الأدبية في فلسطين التاريخية المحتلة في العام ١٩٤٨ أحد أبرز كتابها ، ممن كان لهم حضور في النصف الثاني من القرن العشرين وحملوا لواء المقاومة بالكلمة في زمن كانت الكتابة فيه تودي بصاحبها إلى السجن وتكلفه الكثير فيما يتعلق بلقمة العيش ، فلا وظيفة ولا تصريح عمل ولا حرية تنقل من مكان إلى مكان .
كان حنا ابراهيم منتميا إلى الحزب الشيوعي ( راكاح ) وعمل في جريدة " الاتحاد " ونشر على صفحاتها وصفحات مجلة " الجديد " أولى قصصه القصيرة التي جمعها في مجموعته القصصية الأولى " أزهار برية " وصور فيها معاناة الفلسطينيين الباقين فيما تبقى من مدن وقرى لم تمسحها الدولة الجديدة .
غربة الفلسطيني في أرضه ومعاناته واضطهاده وملاحقته في لقمة عيشه والتمييز بينه وبين اليهود الغربيين فاليهود الشرقيين هي الموضوعات التي ظلت تحضر في كتابات الكاتب اللاحقة إلى أن خفت صوته مع بداية القرن الجديد ربما بسبب تركه الحزب الشيوعي والتقدم في العمر والشعور باليأس والإحباط والإقرار بالواقع والتسليم به بعد توقيع اتفاقية أوسلو ، كما لو أن فلسطين صارت تعني فقط المناطق المحتلة في العام ١٩٦٧ وأن فلسطينيي فلسطين التاريخية صاروا جزءا من الدولة الإسرائيلية ليس إلا .
كتب حنا ابراهيم الشعر الكلاسيكي وعبر فيه أيضا عن همومه وأحزانه ولكنه لم يسجل في هذا المجال تميزا ليضاهي أبرز الأسماء الشعرية الفلسطينية التي برزت والتفت إليها وطغت على أصوات كثيرة ، ومع هذا فقد طبع له غير ديوان ومنها " صوت من الشاغور " ووجد هذا الصوت صوته في قصيدة محمود درويش " سجل أنا عربي " أكثر مما وجده في قصائد صاحب الديوان .
كان حنا ابراهيم في خمسينيات القرن العشرين يعمل حجارا ، فقد ضيقت عليه السلطات الإسرائيلية سبل العيش ، وهو أنا المتكلم في القصيدة ، فقد حكى للأستاذ أحمد أبو بكر الذي أنجز عنه رسالة ماجستير تحت إشرافي أن سؤال الهوية الذي وجهه الضابط الإسرائيلي إلى أنا المتكلم في القصيدة كان وجه إليه ، وأنه حكى القصة لمحمود درويش فصاغها الشاعر في قصيدة طبقت شهرتها الآفاق وصار أنا المتكلم في القصيدة هو أنا محمود درويش ، وربما يجب مراجعة كتاب درويش " ذاكرة للنسيان " لقراءة ما ورد فيه عن قصة القصيدة .
كتب حنا ابراهيم سيرته في كتابه " شجرة المعرفة " وروى فيها عن حياته وحياة الفلسطينيين في السنوات الصعبة التي عاشوها بعد قيام الدولة الإسرائيلية ، ولو التفت إلى الصياغة والأسلوب واللغة فيها ولم يجعلها مجرد سرد أحداث لحققت شهرة واسعه لها وله ، ومع ذلك تبقى " شجرة المعرفة " من الكتب المهمة جدا لمعرفة الظروف الصعبة التي عانى منها الباقون على أرضهم الصامدون فيها .
التقيت بحنا ابراهيم مرات قليلة كانت أولاها في مكتب جريدة " الاتحاد " في نهاية سبعينات القرن العشرين يوم زرته بصحبة القاص جمال بنورة والكاتب المسرحي محمد كمال جبر واحتفل بنا " إخوتي في الهم " وكان جادا حزينا مهموما لا لسبب ذاتي وإنما لسبب قومي هو العيش تحت الاحتلال في ظروف القمع ومصادرة الأراضي وفقدان الوطن واحتلال ما تبقى من فلسطين في حرب حزيران ١٩٦٧ .
حنا ابراهيم وداعا فقد خسرنا واحدا من أدباء المقاومة ممن بقوا على أرضهم .
١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠
كان حنا ابراهيم منتميا إلى الحزب الشيوعي ( راكاح ) وعمل في جريدة " الاتحاد " ونشر على صفحاتها وصفحات مجلة " الجديد " أولى قصصه القصيرة التي جمعها في مجموعته القصصية الأولى " أزهار برية " وصور فيها معاناة الفلسطينيين الباقين فيما تبقى من مدن وقرى لم تمسحها الدولة الجديدة .
غربة الفلسطيني في أرضه ومعاناته واضطهاده وملاحقته في لقمة عيشه والتمييز بينه وبين اليهود الغربيين فاليهود الشرقيين هي الموضوعات التي ظلت تحضر في كتابات الكاتب اللاحقة إلى أن خفت صوته مع بداية القرن الجديد ربما بسبب تركه الحزب الشيوعي والتقدم في العمر والشعور باليأس والإحباط والإقرار بالواقع والتسليم به بعد توقيع اتفاقية أوسلو ، كما لو أن فلسطين صارت تعني فقط المناطق المحتلة في العام ١٩٦٧ وأن فلسطينيي فلسطين التاريخية صاروا جزءا من الدولة الإسرائيلية ليس إلا .
كتب حنا ابراهيم الشعر الكلاسيكي وعبر فيه أيضا عن همومه وأحزانه ولكنه لم يسجل في هذا المجال تميزا ليضاهي أبرز الأسماء الشعرية الفلسطينية التي برزت والتفت إليها وطغت على أصوات كثيرة ، ومع هذا فقد طبع له غير ديوان ومنها " صوت من الشاغور " ووجد هذا الصوت صوته في قصيدة محمود درويش " سجل أنا عربي " أكثر مما وجده في قصائد صاحب الديوان .
كان حنا ابراهيم في خمسينيات القرن العشرين يعمل حجارا ، فقد ضيقت عليه السلطات الإسرائيلية سبل العيش ، وهو أنا المتكلم في القصيدة ، فقد حكى للأستاذ أحمد أبو بكر الذي أنجز عنه رسالة ماجستير تحت إشرافي أن سؤال الهوية الذي وجهه الضابط الإسرائيلي إلى أنا المتكلم في القصيدة كان وجه إليه ، وأنه حكى القصة لمحمود درويش فصاغها الشاعر في قصيدة طبقت شهرتها الآفاق وصار أنا المتكلم في القصيدة هو أنا محمود درويش ، وربما يجب مراجعة كتاب درويش " ذاكرة للنسيان " لقراءة ما ورد فيه عن قصة القصيدة .
كتب حنا ابراهيم سيرته في كتابه " شجرة المعرفة " وروى فيها عن حياته وحياة الفلسطينيين في السنوات الصعبة التي عاشوها بعد قيام الدولة الإسرائيلية ، ولو التفت إلى الصياغة والأسلوب واللغة فيها ولم يجعلها مجرد سرد أحداث لحققت شهرة واسعه لها وله ، ومع ذلك تبقى " شجرة المعرفة " من الكتب المهمة جدا لمعرفة الظروف الصعبة التي عانى منها الباقون على أرضهم الصامدون فيها .
التقيت بحنا ابراهيم مرات قليلة كانت أولاها في مكتب جريدة " الاتحاد " في نهاية سبعينات القرن العشرين يوم زرته بصحبة القاص جمال بنورة والكاتب المسرحي محمد كمال جبر واحتفل بنا " إخوتي في الهم " وكان جادا حزينا مهموما لا لسبب ذاتي وإنما لسبب قومي هو العيش تحت الاحتلال في ظروف القمع ومصادرة الأراضي وفقدان الوطن واحتلال ما تبقى من فلسطين في حرب حزيران ١٩٦٧ .
حنا ابراهيم وداعا فقد خسرنا واحدا من أدباء المقاومة ممن بقوا على أرضهم .
١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠