في منتصف الشهر الماضي زارتني وعكة جديدة ( وعكة كل تموز !) وفضلت ان امضي النقاهة برفقة البطل العراقي الخالد كلكامش و تجولت معه في مدينة أوروك و أربابها و معاركها . ثم كان لي ان اصحب انكيدو وهو برعاية البغي الفاضلة .. ثم هو يصارع كلكامش قبل ان يتّحدا معا ويصرعا ( الثور السماوي والوحش خمبابا !).
تلك رحلة شيقة أمدتّني بمتعة فكرية قل نظيرها و انا أتابع بانبهار ( حتى مع كونها ستعيد ما قرأته مرات) فصول الملحمة الكبرى و الاولى من نوعها في التاريخ … ومن حسن نقاهتي أني وقعت على ثلاثة مصادر قيمة في مكتبتي أعانتني على إكمال هذه الرحلة النقاهية .. فقد كان كتاب ( التحليل النفسي لملحمة كلكامش ) لمؤلفه الباحث و العالم العراقي المعروف الدكتور حسين سرمك حسن و هو أول رفقة لي مع البطل كلكامش في تحديه الأخطار بحثا عن الخلود , و هذا الكتاب ينظر الى الملحمة بعيون عراقية لها القدرة على النفاذ و التحليل و استخراج الغاطس من الحقائق على هدى من مبادئ علم النفس و لا سيما الفرويدي منه , و قد جاء البحث بشروحات عميقة لتلك المرحلة و استكشافاتها و ما بطن منها .. أما بحث الدكتور فاضل عبد الواحد علي المعنون ( انكيدو و الحسناء ) الذي نشر في احد أعداد مجلة الأقلام السابقة فهو بحث تقتصر فائدته في إعادة سرد المعلومات الخاصة بالملحمة و لكن بالتركيز على الشخصية الثانية انكيدو و لاسيما على علاقته بالبغي الفاضلة ( كما تسمّى لدى الشرّاح والمترجمون ) و تلقينه مفهوم التطوّر الذي اكتسبه منها بيولوجيا و فكريا و نفسيا.
و في رأيي ان الدكتور فاضل عبد الواحد لم يبحث كثيرا أو لم يجتهد أكثر مما نقله عن المترجمين و شرّاح الملحمة في خطوطها العامة المعروفة ،ويقينا ان هذه الدراسة المحدودة للدكتور فاضل لا يمكن ان تقارن مع جهوده المعروفة في هذا المضمار ولا سيما التي أظهرها في كتابه الرصين ( سومر أسطورة وملحمة ).
و أظن ان المصدر الثالث قد أمّدني بكشوفات خطيرة عن شخصية كلكامش و مغزى رحلته من خلال رؤية معاصرة شديدة الخصوصية أظهرها العالم الراحل ( عالم سبيط النيلي) في كتابه الكبير ( ملحمة كلكامش و النص القرآني ) والذي اشعر حياله بتوقير خاص ، فكل قراءة جديدة تهبني يقينا مضافا بوجوب إعادة النظر في جل ما هو معروف عن هذه الملحمة و شخصيتها الخالدة .
في هذا الكتاب الذي لم يظهر منشورا أثناء حيات النيلي القصيرة -1956/2000– سعى المؤلف الى إماطة اللثام عن جوانب غير مطروقة , و ربما أقول محرّفة من قبل مترجمي الملحمة و شرّاحها الذين أساءوا كثيرا الى شخصية كلكامش و الى دلالات رحلته المعروفة .. و يرى هذا المفكر الرصين الذي خسرته الحركة العلمية في العراق ان هناك تجنيا خطيرا قد لحق بشخصية كلكامش من خلال التفسيرات العشوائية و المضللة لنصوص الملحمة و التي ابتعدت عن الأمانة التاريخية .. و لهذا السبب يقوم ( عالم سبيط ) بإيضاح الجوانب التي فسرت خطأ و الأحداث التي ركبت مغالطة على الحقائق ليعلن بصوت واثق و حنكة عالم متبصر ان حقيقة هذا البطل العراقي لم تكن بالصورة التي قدمها الشراح و المترجمون و منهم كتاب وأكاديميون عراقيون للأسف الشديد !.
ورحلة النقاهة التي أمضيتها مع كلكامش قد احدثت عندي ( اضافة الى القوة الروحانية والباطنية التي نصرتني على الوعكة الجديدة ) مفهوما ( قرائيا) آخر للملحمة وإبطالها ودلالاتها و سيما للبطل العراقي الأشهر ( كلكامش) ..وهذا ما حفزني للتخطيط لدراسة طويلة عن الشخصية الكلكامشية أتمنى ان افرغ منها … قبل ان تحل عليّ وعكة ختامية !!.
www.alnaked-aliraqi.net
تلك رحلة شيقة أمدتّني بمتعة فكرية قل نظيرها و انا أتابع بانبهار ( حتى مع كونها ستعيد ما قرأته مرات) فصول الملحمة الكبرى و الاولى من نوعها في التاريخ … ومن حسن نقاهتي أني وقعت على ثلاثة مصادر قيمة في مكتبتي أعانتني على إكمال هذه الرحلة النقاهية .. فقد كان كتاب ( التحليل النفسي لملحمة كلكامش ) لمؤلفه الباحث و العالم العراقي المعروف الدكتور حسين سرمك حسن و هو أول رفقة لي مع البطل كلكامش في تحديه الأخطار بحثا عن الخلود , و هذا الكتاب ينظر الى الملحمة بعيون عراقية لها القدرة على النفاذ و التحليل و استخراج الغاطس من الحقائق على هدى من مبادئ علم النفس و لا سيما الفرويدي منه , و قد جاء البحث بشروحات عميقة لتلك المرحلة و استكشافاتها و ما بطن منها .. أما بحث الدكتور فاضل عبد الواحد علي المعنون ( انكيدو و الحسناء ) الذي نشر في احد أعداد مجلة الأقلام السابقة فهو بحث تقتصر فائدته في إعادة سرد المعلومات الخاصة بالملحمة و لكن بالتركيز على الشخصية الثانية انكيدو و لاسيما على علاقته بالبغي الفاضلة ( كما تسمّى لدى الشرّاح والمترجمون ) و تلقينه مفهوم التطوّر الذي اكتسبه منها بيولوجيا و فكريا و نفسيا.
و في رأيي ان الدكتور فاضل عبد الواحد لم يبحث كثيرا أو لم يجتهد أكثر مما نقله عن المترجمين و شرّاح الملحمة في خطوطها العامة المعروفة ،ويقينا ان هذه الدراسة المحدودة للدكتور فاضل لا يمكن ان تقارن مع جهوده المعروفة في هذا المضمار ولا سيما التي أظهرها في كتابه الرصين ( سومر أسطورة وملحمة ).
و أظن ان المصدر الثالث قد أمّدني بكشوفات خطيرة عن شخصية كلكامش و مغزى رحلته من خلال رؤية معاصرة شديدة الخصوصية أظهرها العالم الراحل ( عالم سبيط النيلي) في كتابه الكبير ( ملحمة كلكامش و النص القرآني ) والذي اشعر حياله بتوقير خاص ، فكل قراءة جديدة تهبني يقينا مضافا بوجوب إعادة النظر في جل ما هو معروف عن هذه الملحمة و شخصيتها الخالدة .
في هذا الكتاب الذي لم يظهر منشورا أثناء حيات النيلي القصيرة -1956/2000– سعى المؤلف الى إماطة اللثام عن جوانب غير مطروقة , و ربما أقول محرّفة من قبل مترجمي الملحمة و شرّاحها الذين أساءوا كثيرا الى شخصية كلكامش و الى دلالات رحلته المعروفة .. و يرى هذا المفكر الرصين الذي خسرته الحركة العلمية في العراق ان هناك تجنيا خطيرا قد لحق بشخصية كلكامش من خلال التفسيرات العشوائية و المضللة لنصوص الملحمة و التي ابتعدت عن الأمانة التاريخية .. و لهذا السبب يقوم ( عالم سبيط ) بإيضاح الجوانب التي فسرت خطأ و الأحداث التي ركبت مغالطة على الحقائق ليعلن بصوت واثق و حنكة عالم متبصر ان حقيقة هذا البطل العراقي لم تكن بالصورة التي قدمها الشراح و المترجمون و منهم كتاب وأكاديميون عراقيون للأسف الشديد !.
ورحلة النقاهة التي أمضيتها مع كلكامش قد احدثت عندي ( اضافة الى القوة الروحانية والباطنية التي نصرتني على الوعكة الجديدة ) مفهوما ( قرائيا) آخر للملحمة وإبطالها ودلالاتها و سيما للبطل العراقي الأشهر ( كلكامش) ..وهذا ما حفزني للتخطيط لدراسة طويلة عن الشخصية الكلكامشية أتمنى ان افرغ منها … قبل ان تحل عليّ وعكة ختامية !!.
ناظم السعود: نقاهة مع كلكامش !! - الناقد العراقي
في منتصف الشهر الماضي زارتني وعكة جديدة ( وعكة كل تموز !) وفضلت ان امضي النقاهة برفقة البطل العراقي الخالد كلكامش و تجولت معه في مدينة أوروك و أربابها و معاركها . ثم كان لي ان اصحب انكيدو وهو برعاية البغي الفاضلة .. ثم هو يصارع كلكامش قبل ان يتّحدا معا ويصرعا ( الثور …