إن الولوج في مكامن النص المكتوب دون القراءة المعمقة والتوقف عند عتبات النص وما يريد البوح به في تلك القراءة يفقده الرؤية الواضحة والعمق الفني في صياغة ومعرفة ما وراء الكلمة من غوص في عالم المتوقع وغير المتوقع .
ضمن هذا المنطوق وعلاقته بالواقع تجلت تخاريف الربيع وعلاقتها بمسرح المقهورين التي بقي أوجست بوال يخوض في تفاصيلها في محاولة منه لمعالجة الاسقاطات الحداثوية في النص الدرامي ، وقد عمل الكاتب ( عمار ) على الافادة من طروحات ( بوال ) ومدى الرؤية البشرية عند نقل الاحداث المكتوبة في النص الى عالم من عوالم الحقيقة والجوهر الاجتماعي الجمالي والذي يظهر بصورة جديدة وغير مألوفة خالقاً علاقة شراكة ومن ثم تغيير الواقع من خلال بناء صورة له وتبديل ما يمكن تبديله عبر حل إفتراضي يراه المقهورين ، وفي رؤية تفكيكية لنص تخاريف الربيع نجد إنه تكّون من سبعة شخصيات صنعها المؤلف في تجسيدات واقع مؤلم تداخلت في بحبوحة محاولة زرع أمل اندثر ، كانت شخصية المهرج المحور الذي تدور حوله الاحداث ، إذ عمل المؤلف على ايجاد علاقة ترابطية من خلال نسج عبارات مثل ( الشعب يريد تغيير الرصيف ، الموت للحلاقين .. ألخ ) كجدلية للهروب إلى الامام وتحريض ممزوج بسخرية لاذعة من خلال رؤيته للواقع الصعب التغيير في وقت طالت يد السلطة وأخذت مأخذاً بوساطة التنكيل والقتل لكل من ينبص ببنت شفة ، فوجد ضالته في تلقف كلمات تحاكي النص الدال ومخاطبة العقل بلسان مغاير محرض على الثورة ونبذ العنف بأسلوب ابتعد عن الثورة وبنفس الوقت دعا لها عبر خطاب حواري هيمن على النص الدرامي غير الواضح في أغلبه وهو عبارة عن ألغاز وتميمة لا يمكن للمتلقي العادي حل شفرتها ، إذ ينتقل الحوار على ألسن كل من (عامل النظافة ، رجل 1، 2، 3) فقد مثل عامل النظافة دور الابله غير العارف بما يدور فيما عدا واجب التنظيف وبالتحديد تنظيف المكان الذي كلف بتنظيفه وهو نفسه مكان التظاهرة الذي يتجمع به عدد من المطالبين بأسقاط الحكم وهي محاولة جادة في اختزال عنصر المكان وخلق علاقة زمكانية في رؤية درامية من أجل حصر حركة حبكة الصراع في ذلك الاتجاه ، وضمن تداخل الاحداث تتبلور فكرة تحيلنا إلى عبثية الصراع الذي دار على مكان مزج بين الثورة من جهة وقذارة الموجودات من جهة لربما أراد الكاتب اعطاء فكرة فلسفية في نتاج الثورات العربية وما أطلق عليه من ربيع عبر سلسلة من مخلفات أودت بحضارات ومجتمعات الى الحضيض ودمار لشعوب كانت تنعم بالاستقرار والامان وصارت مشردة لا مأوى لها ، إذ يبدو إن الكاتب سخر منذ بداية إنطلاقة نصه من الربيع العربي وجاءت تسمية مسرحيته (تخاريف الربيع ) خير شاهد على ما يريد التعبير عنه ، ولو رجعنا إلى عامل النظافة غير مبالٍ بما حوله وهو مستمر على تقمص دور الابله ولم يرعو لطلب الرجال ( 1، 2، 3) على أن ما يدور هو ربيع ويظل يصرخ فيهم قائلاً (لن أترك الساحة .. سأنظفها من كل القذارة التي فيها ) . ان المتأمل في النص الدرامي يرى علامات واضحة من النقد اللاذع لحقبة سوداء جاءت بشخوص وضعوا في غير أماكنهم التي لا يستحقونها واخذوا في التسلط على رقاب الناس ، غير إن ما حدث هو استبدال القاتل بمجموعة من القتلة واختلط الامر على الرعية في فساد الراعي بعد أن تلونت صفاتهم وتعددت اقنعتهم وصارت قرقوزات لا هم لها سوى جني المال والقتل حملت قلوب ملؤها الاحقاد تزيت بزي الفضيلة وتعممت بالتقوى من أجل الاستحواذ على السلطة ومكاسبها وشرعنة طرق للفساد والسرقات وقتل كل من وقف بوجهها . ومن خلال التراكيب المشهدية يذهب المؤلف إلى الاستعانة ببعض من الكوميديا السوداء في تناول التابوهات بشكل فكاهي لما حملوه الشعوب من آلام لا يستطيعون البوح بها بوصف إن الجلاد لا يرحم ، تجلى ذلك في بحث ( الزوجة ) عن سبعها مستخدمة المقلاة كعلامة فارقة معبرة عن السعي إلى الدفاع عن نفسها ومن ثم ضرب المخرج على رأسه تجسد في مشهد كوميدي ساخر وتظل تبحث عن زوجها الضائع بين الحشود المتظاهرة لا هم لها سوى جلب البهارات التي تأخر في اصطحابها والتي تعد مهمة ومفضلة لطبخ الطعام . ولم يبخل الكاتب في إدخال وسائل معالجة مهمة في النص مثل (رفع القاذورات من قبل عامل النظافة ، السعي الى إيجاد زوج المرأة وحصولها على البهارات الهندية ) ضمن دائرة حبكة الصراع والتي تعد إضافة لمطاليب الثوار في تغيير النظام ، إذ ان هنالك علاقة ما بين العام والخاص تجلت في حركة الصراع التي تعبر عن اللامبالاة فلا هم لبعض من الناس سوى الحصول على مبتغاه ( البهارات). غير إن ترك الساحة بلا حماية من رجال الامن يحيلنا الى الاستهتار بحياة الفقراء وهي إنعكاس واضح لما تعيشه البلدان العربية من فوضى الانظمة وسياساتها المتخبطة في توفير ابسط مقومات السلامة والامان عبر تجاهلها لمصائر وحياة الرعية ، ومن الملاحظ ان شخصية عامل النظافة متغيرة المواقف عبر سلسلة من الافعال التي تمارسها تلك الشخصية فتارة بلهاء غير قادرة على تمييز وفهم ما يحدث وتارة هي التي تفسر والعالمة بخفايا الامور دون وضوح لتلك الحالة المتقلبة تلك . إذ يتطور الحوار على لسان عامل النظافة بشكل تدريجي كبير وملفت من خلال الذهاب إلى طلب المحبة والسلام والابتعاد عن الذبح والمفخخات والعبوات اللاصقة ، وهي الحياة الواقعية التي يعيشها العراق بشكل شبه يومي وصورة حية تملأ الازقة والشوارع شهدها عراق ما بعد التغيير عبر أناس لا هم لهم سوى التدمير والقتل بدم بارد ولربما هي إنعكاس لتخاريف وأوهام للعودة الى الوراء ، إذ تكمن روح الفكرة في رفض الواقع والتحريض على تغيير كل سلبيات المجتمع عبر صوت المضطهدين المقهورين الذين أستضعفوا بالتنكيل والارهاب حاول الكاتب بطرق دراماتيكية توظيف ولملمة أفكاره وصياغتها في استعادة المواقف وتداخلها في اضفاء تفاعل نصي حاضر يفيد بناء العلاقات المنهارة في مجتمع ضاع واختلط عليه الامر واخذت رياح الكراهية والاحقاد تتلاعب بمقدراته ، وما المطبخ وفكرة أدخاله في النص الدرامي مع قضايا الثورة إلا محاولة جادة مهمة في فهم المسكوت عنه وإن الطبخة السياسية تعد مجموع التناقضات التي تصارعت وتلاطمت أمواج أحقادها ولم يتبق سوى البهارات التي تسكت صوت ضجيج الشعب المدوي المنادي ( الشعب يريد .... الشعب يريد ) لكن ماذا يريد وما الذي تحقق وما جدوى المطالب وكيف لنا تحقيقها ونحن في سبات سلطوي يعيش فوضى الكواتم والقتل الممنهج الذي سار عليه اصحاب الضمير الميت وعصابات لا تريد للبلد غير الخراب . تبقى لغة الحوار لكل شخصية معبرة عن طريقة للاصلاح ووجهة نظر لا آذان صاغية ولا قلب يرحم فيرى عامل النظافة ان التغيير سيحرق الاخضر واليابس فيما ترى الزوجة ان المطبخ يحترق وسيحترق الحساء والرز ، ويرى جموع المتظاهرين ان الثورة هي تغيير البلدان ، وهنا تحدث انتقالة كبيرة ومهمة في تصاعد ذروة الاحداث عندما يقوم جمع من المتظاهرين بمسك المكانس وتنظيف مكان التظاهرة منادين (الشعب يريد الحكمة والتجديد ) وهي بداية واعية في اتخاذ ونشر الثقافة والعلم والسلام من أجل التغيير والابتعاد عن لغة القتل والظلام .
الرابط التالي للاطلاع على نص مسرحية ( تخاريف الربيع )
ammarnemajaber.com
ضمن هذا المنطوق وعلاقته بالواقع تجلت تخاريف الربيع وعلاقتها بمسرح المقهورين التي بقي أوجست بوال يخوض في تفاصيلها في محاولة منه لمعالجة الاسقاطات الحداثوية في النص الدرامي ، وقد عمل الكاتب ( عمار ) على الافادة من طروحات ( بوال ) ومدى الرؤية البشرية عند نقل الاحداث المكتوبة في النص الى عالم من عوالم الحقيقة والجوهر الاجتماعي الجمالي والذي يظهر بصورة جديدة وغير مألوفة خالقاً علاقة شراكة ومن ثم تغيير الواقع من خلال بناء صورة له وتبديل ما يمكن تبديله عبر حل إفتراضي يراه المقهورين ، وفي رؤية تفكيكية لنص تخاريف الربيع نجد إنه تكّون من سبعة شخصيات صنعها المؤلف في تجسيدات واقع مؤلم تداخلت في بحبوحة محاولة زرع أمل اندثر ، كانت شخصية المهرج المحور الذي تدور حوله الاحداث ، إذ عمل المؤلف على ايجاد علاقة ترابطية من خلال نسج عبارات مثل ( الشعب يريد تغيير الرصيف ، الموت للحلاقين .. ألخ ) كجدلية للهروب إلى الامام وتحريض ممزوج بسخرية لاذعة من خلال رؤيته للواقع الصعب التغيير في وقت طالت يد السلطة وأخذت مأخذاً بوساطة التنكيل والقتل لكل من ينبص ببنت شفة ، فوجد ضالته في تلقف كلمات تحاكي النص الدال ومخاطبة العقل بلسان مغاير محرض على الثورة ونبذ العنف بأسلوب ابتعد عن الثورة وبنفس الوقت دعا لها عبر خطاب حواري هيمن على النص الدرامي غير الواضح في أغلبه وهو عبارة عن ألغاز وتميمة لا يمكن للمتلقي العادي حل شفرتها ، إذ ينتقل الحوار على ألسن كل من (عامل النظافة ، رجل 1، 2، 3) فقد مثل عامل النظافة دور الابله غير العارف بما يدور فيما عدا واجب التنظيف وبالتحديد تنظيف المكان الذي كلف بتنظيفه وهو نفسه مكان التظاهرة الذي يتجمع به عدد من المطالبين بأسقاط الحكم وهي محاولة جادة في اختزال عنصر المكان وخلق علاقة زمكانية في رؤية درامية من أجل حصر حركة حبكة الصراع في ذلك الاتجاه ، وضمن تداخل الاحداث تتبلور فكرة تحيلنا إلى عبثية الصراع الذي دار على مكان مزج بين الثورة من جهة وقذارة الموجودات من جهة لربما أراد الكاتب اعطاء فكرة فلسفية في نتاج الثورات العربية وما أطلق عليه من ربيع عبر سلسلة من مخلفات أودت بحضارات ومجتمعات الى الحضيض ودمار لشعوب كانت تنعم بالاستقرار والامان وصارت مشردة لا مأوى لها ، إذ يبدو إن الكاتب سخر منذ بداية إنطلاقة نصه من الربيع العربي وجاءت تسمية مسرحيته (تخاريف الربيع ) خير شاهد على ما يريد التعبير عنه ، ولو رجعنا إلى عامل النظافة غير مبالٍ بما حوله وهو مستمر على تقمص دور الابله ولم يرعو لطلب الرجال ( 1، 2، 3) على أن ما يدور هو ربيع ويظل يصرخ فيهم قائلاً (لن أترك الساحة .. سأنظفها من كل القذارة التي فيها ) . ان المتأمل في النص الدرامي يرى علامات واضحة من النقد اللاذع لحقبة سوداء جاءت بشخوص وضعوا في غير أماكنهم التي لا يستحقونها واخذوا في التسلط على رقاب الناس ، غير إن ما حدث هو استبدال القاتل بمجموعة من القتلة واختلط الامر على الرعية في فساد الراعي بعد أن تلونت صفاتهم وتعددت اقنعتهم وصارت قرقوزات لا هم لها سوى جني المال والقتل حملت قلوب ملؤها الاحقاد تزيت بزي الفضيلة وتعممت بالتقوى من أجل الاستحواذ على السلطة ومكاسبها وشرعنة طرق للفساد والسرقات وقتل كل من وقف بوجهها . ومن خلال التراكيب المشهدية يذهب المؤلف إلى الاستعانة ببعض من الكوميديا السوداء في تناول التابوهات بشكل فكاهي لما حملوه الشعوب من آلام لا يستطيعون البوح بها بوصف إن الجلاد لا يرحم ، تجلى ذلك في بحث ( الزوجة ) عن سبعها مستخدمة المقلاة كعلامة فارقة معبرة عن السعي إلى الدفاع عن نفسها ومن ثم ضرب المخرج على رأسه تجسد في مشهد كوميدي ساخر وتظل تبحث عن زوجها الضائع بين الحشود المتظاهرة لا هم لها سوى جلب البهارات التي تأخر في اصطحابها والتي تعد مهمة ومفضلة لطبخ الطعام . ولم يبخل الكاتب في إدخال وسائل معالجة مهمة في النص مثل (رفع القاذورات من قبل عامل النظافة ، السعي الى إيجاد زوج المرأة وحصولها على البهارات الهندية ) ضمن دائرة حبكة الصراع والتي تعد إضافة لمطاليب الثوار في تغيير النظام ، إذ ان هنالك علاقة ما بين العام والخاص تجلت في حركة الصراع التي تعبر عن اللامبالاة فلا هم لبعض من الناس سوى الحصول على مبتغاه ( البهارات). غير إن ترك الساحة بلا حماية من رجال الامن يحيلنا الى الاستهتار بحياة الفقراء وهي إنعكاس واضح لما تعيشه البلدان العربية من فوضى الانظمة وسياساتها المتخبطة في توفير ابسط مقومات السلامة والامان عبر تجاهلها لمصائر وحياة الرعية ، ومن الملاحظ ان شخصية عامل النظافة متغيرة المواقف عبر سلسلة من الافعال التي تمارسها تلك الشخصية فتارة بلهاء غير قادرة على تمييز وفهم ما يحدث وتارة هي التي تفسر والعالمة بخفايا الامور دون وضوح لتلك الحالة المتقلبة تلك . إذ يتطور الحوار على لسان عامل النظافة بشكل تدريجي كبير وملفت من خلال الذهاب إلى طلب المحبة والسلام والابتعاد عن الذبح والمفخخات والعبوات اللاصقة ، وهي الحياة الواقعية التي يعيشها العراق بشكل شبه يومي وصورة حية تملأ الازقة والشوارع شهدها عراق ما بعد التغيير عبر أناس لا هم لهم سوى التدمير والقتل بدم بارد ولربما هي إنعكاس لتخاريف وأوهام للعودة الى الوراء ، إذ تكمن روح الفكرة في رفض الواقع والتحريض على تغيير كل سلبيات المجتمع عبر صوت المضطهدين المقهورين الذين أستضعفوا بالتنكيل والارهاب حاول الكاتب بطرق دراماتيكية توظيف ولملمة أفكاره وصياغتها في استعادة المواقف وتداخلها في اضفاء تفاعل نصي حاضر يفيد بناء العلاقات المنهارة في مجتمع ضاع واختلط عليه الامر واخذت رياح الكراهية والاحقاد تتلاعب بمقدراته ، وما المطبخ وفكرة أدخاله في النص الدرامي مع قضايا الثورة إلا محاولة جادة مهمة في فهم المسكوت عنه وإن الطبخة السياسية تعد مجموع التناقضات التي تصارعت وتلاطمت أمواج أحقادها ولم يتبق سوى البهارات التي تسكت صوت ضجيج الشعب المدوي المنادي ( الشعب يريد .... الشعب يريد ) لكن ماذا يريد وما الذي تحقق وما جدوى المطالب وكيف لنا تحقيقها ونحن في سبات سلطوي يعيش فوضى الكواتم والقتل الممنهج الذي سار عليه اصحاب الضمير الميت وعصابات لا تريد للبلد غير الخراب . تبقى لغة الحوار لكل شخصية معبرة عن طريقة للاصلاح ووجهة نظر لا آذان صاغية ولا قلب يرحم فيرى عامل النظافة ان التغيير سيحرق الاخضر واليابس فيما ترى الزوجة ان المطبخ يحترق وسيحترق الحساء والرز ، ويرى جموع المتظاهرين ان الثورة هي تغيير البلدان ، وهنا تحدث انتقالة كبيرة ومهمة في تصاعد ذروة الاحداث عندما يقوم جمع من المتظاهرين بمسك المكانس وتنظيف مكان التظاهرة منادين (الشعب يريد الحكمة والتجديد ) وهي بداية واعية في اتخاذ ونشر الثقافة والعلم والسلام من أجل التغيير والابتعاد عن لغة القتل والظلام .
الرابط التالي للاطلاع على نص مسرحية ( تخاريف الربيع )
مسرحية تخاريف الربيع
( ساحة كبيرة في وسط المدينة .. انه دوّار كبير ، تتوزع فيه على الارصفة علامات مرورية .. وصور دعائية .. وسلال للمهملات .. يدخل المهرج بزيه المعروف وهو يرتدي نضارة سوداء .. بيده غليون ينفث منه ا…