لم يكن يعلم بما سيحدث له . وبأنه سيواجه اليوم نهارا مختلفا ، له رائحة النعناع ومرارة العلقم .
اختلف الرواة والمحدثون في قصته ، ما بين مؤيد ومعارض . وما بين مصدق ومكذب . أما الطرف الثالث فقد كان ينكر وجوده أصلا ، ويعتقدون بأنه شخصية لا وجود لها إلا في عقول المروجين لقصته .
مسحت جدتي دمعتها بطرف غطاء رأسها ومسحت أنفها . كرّت بسبحتها وتشهّدت ثم قالت : بعينيّ اللتين سيأكلهما الدود بأمر من الرب المعبود ، بأن جدتي أخبرتني بأنها شاهدته ، وقصّت النسوة جدائلهن حزنا ، عندما علمن بما حدث له في حقله .
غمز أبي بعينه شاكّا بما ترويه جدتي عن جدتها ، معتقدا بأن جدتي قد كبرت ، وبدأت تنسى تفاصيل الأشياء ، لكن عيني جدتي أكدت على صحة ما ترويه عن جدتها وبأنه شخصية حقيقية ، وليست خرافيّة .
احتشد رجال الحي ذات ليل في مضافة أبي ، ليستمعوا لما سترويه جدتي عن جدتها ، فرفض أبي طالبا منهم فضّ الحشد ، وزعم بأن جدتي مريضة ، وتحتاج إلى الراحة ، إذ لا يمكنها مواصلة الحديث لفترة طويلة .
جلس أبي ذات ليل حزينا متفكرا ، يترقرق الدمع في عينيه ، سألته امي عن سبب بكائه ، فاجهش بالبكاء ، وكادت حسرته ان تخنقه . لم ينم في تلك الليلة ،وظلّت أمي مستيقظة تواسيه وتمسح الدمع في عينيه ، حتى بدأ الفجر يتنفس ، والشمس تتململ في نومها ، فأيقن أبي موعد اقتراب رحيله .
أغتسل ابي بطهارة عيني امي . توضأ وصلى الفجر قهرا ودمعا . احضرت له امي قهوته وصرّة طعامه ، رفعت يدها إلى السماء وراحت تدعو الله أن يحفظ لنا ابي ، ويعينه على تربيتنا ، ثم صارت تهمس بكلماتها ومعوذاتها .
خرج ابي مثقل الخطوات . متعب القلب . نظر لأمي طويلا . تفقدنا جميعنا . قبّلنا في نومنا ، ثم اغمض عينيه وخرج . ذعرت امي وعرفت المعنى الحقيقي لإغماضة عيني ابي ، فبكت ورجته ان لا يخرج ، فأبى .
سار أبي والشوق في عينيه املا وفي قلبه رجاء . لم يكن خائفا ، لم يتسلل الذعر لقلبه . شدّ حزامه إلى وسطه . امتطى ظهر حصانه . مضى به الحصان مسرعا نحو الجبل . صعدا معا . لم يتعب الحصان . لم يتعب ابي . فرح الجبل حين عانق ابي ظلّه ، جلسا معا فصدقتُ ما روته الجدة عن أبي .
اختلف الرواة والمحدثون في قصته ، ما بين مؤيد ومعارض . وما بين مصدق ومكذب . أما الطرف الثالث فقد كان ينكر وجوده أصلا ، ويعتقدون بأنه شخصية لا وجود لها إلا في عقول المروجين لقصته .
مسحت جدتي دمعتها بطرف غطاء رأسها ومسحت أنفها . كرّت بسبحتها وتشهّدت ثم قالت : بعينيّ اللتين سيأكلهما الدود بأمر من الرب المعبود ، بأن جدتي أخبرتني بأنها شاهدته ، وقصّت النسوة جدائلهن حزنا ، عندما علمن بما حدث له في حقله .
غمز أبي بعينه شاكّا بما ترويه جدتي عن جدتها ، معتقدا بأن جدتي قد كبرت ، وبدأت تنسى تفاصيل الأشياء ، لكن عيني جدتي أكدت على صحة ما ترويه عن جدتها وبأنه شخصية حقيقية ، وليست خرافيّة .
احتشد رجال الحي ذات ليل في مضافة أبي ، ليستمعوا لما سترويه جدتي عن جدتها ، فرفض أبي طالبا منهم فضّ الحشد ، وزعم بأن جدتي مريضة ، وتحتاج إلى الراحة ، إذ لا يمكنها مواصلة الحديث لفترة طويلة .
جلس أبي ذات ليل حزينا متفكرا ، يترقرق الدمع في عينيه ، سألته امي عن سبب بكائه ، فاجهش بالبكاء ، وكادت حسرته ان تخنقه . لم ينم في تلك الليلة ،وظلّت أمي مستيقظة تواسيه وتمسح الدمع في عينيه ، حتى بدأ الفجر يتنفس ، والشمس تتململ في نومها ، فأيقن أبي موعد اقتراب رحيله .
أغتسل ابي بطهارة عيني امي . توضأ وصلى الفجر قهرا ودمعا . احضرت له امي قهوته وصرّة طعامه ، رفعت يدها إلى السماء وراحت تدعو الله أن يحفظ لنا ابي ، ويعينه على تربيتنا ، ثم صارت تهمس بكلماتها ومعوذاتها .
خرج ابي مثقل الخطوات . متعب القلب . نظر لأمي طويلا . تفقدنا جميعنا . قبّلنا في نومنا ، ثم اغمض عينيه وخرج . ذعرت امي وعرفت المعنى الحقيقي لإغماضة عيني ابي ، فبكت ورجته ان لا يخرج ، فأبى .
سار أبي والشوق في عينيه املا وفي قلبه رجاء . لم يكن خائفا ، لم يتسلل الذعر لقلبه . شدّ حزامه إلى وسطه . امتطى ظهر حصانه . مضى به الحصان مسرعا نحو الجبل . صعدا معا . لم يتعب الحصان . لم يتعب ابي . فرح الجبل حين عانق ابي ظلّه ، جلسا معا فصدقتُ ما روته الجدة عن أبي .