عزيزي الفاضل، سليمان أفندي البستاني..
دعاني أصدقاؤك وأصدقائي إلى الأنس بك ساعة لنهنئك بالنجاح في ذلك العمل الأدبي الذي كَلفت بإبداعه عدة من السنين، دعوني إلى الاشتراك معهم في شكرك لما دأبت في السعي، وأخذت نفسك بالصبر على مشقة البحث والعناء في اختيار مسالك النظم، لتهدي إلى أبناء لغتك العربية من أحاسن الصناعة الأدبية ما يعد زينة للناظرين.
وكنت أكون أسرع الناس إلى إجابة الدعوة لولا مانع ذَنْبُه إليَّ ذنب العاذل إلى عاشق الحسان، منعني الأنس بهم وبك، ولكنه لم يمنعني أن أشاركهم في شكرك.
تمت لك ترجمة الألياذة لنابغة شعراء اليونان "هيمروس" المشهور، نسَجَتْ قريحتُك ديباجة ذلك الكتاب، كتاب الترجمة، فإذا هو ميدان غزت فيه لغتنا العربية ضريعتها اليونانية، فسبت خرائدها، وغنمت فرائدها، وعادت إلينا في حلل من آدابها، تحمل إلى الألباب قوتًا من لبابها، وما أجمل ذلك الغلب، في زمن ضعف فيه العرب، حتى عن الرغب في نيل الأدب، ما ينال منه عن كثب، فضلًا عما يكسب بالتعب، فحق لك الشكر على كل من يعرف قيمة ما وُفِّقْتَ لإكماله من العمل، فقد سَدَدْتَ به ثلمة كانت في بِنْيَةِ العلم العربي.
من عشرة قرون أغار قومنا على دفائن الفنون اليونانية، في القرن الثالث من الهجرة وما بعده، فنثروا منها ما كان مخزونًا، ونالت اللغة العربية بصنيعهم ذلك ما لم يكن في حسبانها، فقد صارت لسان العلم والصنعة، كما كانت لسان الدين والحكمة.
لكن.. كأنّ أولئك الأساطين الأولين كانوا يرون أن ذلك ما يفرضه الحق عليهم في جانب العلم، الذي لا يختلف فيه مشرق عن مغرب، ولا يتخالف على حقائقه الأعجم والمعرب، وظنوا أن ما وراء العلم من آداب القوم ليس مما يتناسب مع آدابهم، لبعد ما بين أنساب أولئك وأنسابهم، فلم يمدوا نظرهم إلى ما كان في اليونانية من دواوين الشعراء، وما صاغته قرائح البلغاء، فلم تنل اليونانية من عنايتهم ما نالت الفارسية والهندية، وكان مؤمل اللغة منهم أن لا يحرموها نفائس ما اخترع اليونانيون، كما زينوها بزينة ما أبدع الهنديون والفارسيون، وبقي ذلك المؤمل في غيب الدهر، حتى أتيت ترفع عنه الستر، وجئت تقول للناس إنني أتمم في دولة عباس، ما نقص ملك بني العباس، فمنا أقر عين العربية بنيل طلبتها، وظهور ما كان منتظرًا لشيعتها، أرجو أن ينال كتابك من الإقبال عليه، والانتفاع به، ما يكافئ تعبك، ويبعث همم العاملين على أن تتبعك، والسلام.
دعاني أصدقاؤك وأصدقائي إلى الأنس بك ساعة لنهنئك بالنجاح في ذلك العمل الأدبي الذي كَلفت بإبداعه عدة من السنين، دعوني إلى الاشتراك معهم في شكرك لما دأبت في السعي، وأخذت نفسك بالصبر على مشقة البحث والعناء في اختيار مسالك النظم، لتهدي إلى أبناء لغتك العربية من أحاسن الصناعة الأدبية ما يعد زينة للناظرين.
وكنت أكون أسرع الناس إلى إجابة الدعوة لولا مانع ذَنْبُه إليَّ ذنب العاذل إلى عاشق الحسان، منعني الأنس بهم وبك، ولكنه لم يمنعني أن أشاركهم في شكرك.
تمت لك ترجمة الألياذة لنابغة شعراء اليونان "هيمروس" المشهور، نسَجَتْ قريحتُك ديباجة ذلك الكتاب، كتاب الترجمة، فإذا هو ميدان غزت فيه لغتنا العربية ضريعتها اليونانية، فسبت خرائدها، وغنمت فرائدها، وعادت إلينا في حلل من آدابها، تحمل إلى الألباب قوتًا من لبابها، وما أجمل ذلك الغلب، في زمن ضعف فيه العرب، حتى عن الرغب في نيل الأدب، ما ينال منه عن كثب، فضلًا عما يكسب بالتعب، فحق لك الشكر على كل من يعرف قيمة ما وُفِّقْتَ لإكماله من العمل، فقد سَدَدْتَ به ثلمة كانت في بِنْيَةِ العلم العربي.
من عشرة قرون أغار قومنا على دفائن الفنون اليونانية، في القرن الثالث من الهجرة وما بعده، فنثروا منها ما كان مخزونًا، ونالت اللغة العربية بصنيعهم ذلك ما لم يكن في حسبانها، فقد صارت لسان العلم والصنعة، كما كانت لسان الدين والحكمة.
لكن.. كأنّ أولئك الأساطين الأولين كانوا يرون أن ذلك ما يفرضه الحق عليهم في جانب العلم، الذي لا يختلف فيه مشرق عن مغرب، ولا يتخالف على حقائقه الأعجم والمعرب، وظنوا أن ما وراء العلم من آداب القوم ليس مما يتناسب مع آدابهم، لبعد ما بين أنساب أولئك وأنسابهم، فلم يمدوا نظرهم إلى ما كان في اليونانية من دواوين الشعراء، وما صاغته قرائح البلغاء، فلم تنل اليونانية من عنايتهم ما نالت الفارسية والهندية، وكان مؤمل اللغة منهم أن لا يحرموها نفائس ما اخترع اليونانيون، كما زينوها بزينة ما أبدع الهنديون والفارسيون، وبقي ذلك المؤمل في غيب الدهر، حتى أتيت ترفع عنه الستر، وجئت تقول للناس إنني أتمم في دولة عباس، ما نقص ملك بني العباس، فمنا أقر عين العربية بنيل طلبتها، وظهور ما كان منتظرًا لشيعتها، أرجو أن ينال كتابك من الإقبال عليه، والانتفاع به، ما يكافئ تعبك، ويبعث همم العاملين على أن تتبعك، والسلام.