منال محمد يوسف - دفاترُ الزّمان

و ما أجملها !
عطرها قنديل ضوء تبرقُ به ذكريات الزّمان الماضي ..
"نورها غمامة السحرِ و بياض نأمله من الزّمان الآتي"
ما أجملها !
وكأنّها تواريخ مُضيئة كتبتها يد أمّي
كتبتها و نثرت حبق طيبتها , و عطر محبتها إذ تقدّسَ ودّها
ما أجمل أن نمتلك هذه الدفاتر القديمة !
و نستأنس بنورها , بوهجها المضيء وماضيها المنير
"ماضيها " أو ماضينا وأوراقه الصفراء أي أوراق دفاترنا و لو تعتّق بها الزمن و أصبح يُسمّى "مذكرات الزّمان الهارب "
من منّا لا يعشقُ العودة إلى مراكبه أي دفاتره الأولى , و يحنُّ إلى وهج الحروف الموجودة و كأنّها أنجماً نورها لا يعرف الإفلول أو الخفوت ..
ومن لا يشهقُ عندما يقرأ بعض دفاتره القديمة
و كأن هناك قصاصة ورقيّة تنبئ بنجاحٍ ما تركتها أميّ
و كأنّه الوقتُ يحنُّ لتفاصيل ودّنا و تحنان ودّه , يحنُّ إلى دفاتر
إن أورقت حروفه من تذكار عطر الأيام العاطر ..
"تورقُ " و تورقُ بها شجون الرُّوح حتى ولو تيبّسَ بعض ورده و لكنها الحروف بقيتْ تشعُّ كضوء ِ الشَّمس في يومٍ غائم ٍ
و بقينا نقرأ نثريات هاربة من ذاك الزمن الآخر ..
نقرأ نثريات الرُّوح التي تُرتّبُ همس الماضي , ترتّبه على شكل قصائد يهمس بها صوت القلب والرُّوح ..
و في كلتا الحالتين تتشكّل تلك الرؤى القمريّة المنشأ و يتشكّل نورها القمريّ الضّوء الذي يحملُ انعكاس الماضي و فهرسة الشيء الجميل "فهرسة الذاكرة " و ما أجملها!
ما أجمل صوت الورق أو الورقيات القديمة إذ كان صدوق الحال والأحوال ! صدوق الذكريات يقرأ لنا خبر الماضي
و كلّ مبتدأ يتبع له ..
ما أجملها من دفاترٍ تحملُ خربشات الطفولة , تحملُ همس الماضي إن همسَ صوته في الذاكرة " صوت الذاكرة الذي يرامُ به دمعاً و تعجباً من تحنان ودِّ الأشياء "
و ما أجملها الدفاترُ
عندما نجد شيئاً من ذواتنا بين طيّات صفحاتها , و عندما نصافحُ الذكرى من خلال تلمسها , نصافحُ الايام شوقاً و إن عبرت
ونتصفحُ ورقيات الماضي إن سال عطر ودّها الأسمى , و تهامسَ وجدها يُهامس ُ الرُّوح في تجلّيات الهمس الأجمل ...
و تسامى الوجد في عناوين الذكرى التي تُختصر ربّما , و يُختصر معها شوق الزَّمان إن قامَ
و صلّى في بوتقة أيامنا , صلّى بين الماضي والحاضر , وبين دهشة الاستغراب الزّماني و المكانيّ
تكورت الدفاتر القديمة وبعض همسها أو حنينها
وبقيت أوراقها وأوراقنا نحن تخضرُ بها ذواتنا المنسيّة و كأننا في حالة من الحلم العجائبيّ ربّما ..
و بالتالي و كأنّها ذاكرة دفاتر تزهرُ , و يزهرُ شعاعها النيّر المستنير ..
و يفوحُ عطرُ الحروف إذ يحملُ أنين اللحظة الماضية وبيرق وجدها إذ نشتاقُ إليه
ما أجمل العودة إلى تلك الدفاتر "دفاتر الزمن العابر " دفاتر الوقت الذي ربّما لم يبقَ إلاّ شهقة الابتسام عند ذكرها , و دمعة التودّد بصوتها الهادر , و روحانية كلّ ما مضى
و كأنّ تلك الدفاتر تجسّدُ أبجدية من حبق الأزمان و تُهامسُ وعد الأيام في السرِّ والعلنِ
إذ ما فتئ الليل يُضاء ُ بقناديل الذكرى التي لا تنام
ما أجمل دفاتر الذكرى وبيارق وعدها !
ما أبهى الشّوق الذي كان يُعربش على شرفات أرواحنا
ما أجمله !
حتى لو سال عطره قائلاً : هل هذه أفكارنا التي تختبئ بين ورقيات الزّمان ؟
هل هذه غراميات مجنونة ولكنها تحملُ ذواتنا النقية ؟
تحملُ ملامح ذواتنا نحن ..
كأنّها صور الذاكرة تعودُ و تُبرق إذ ما قرأنا بين السطور ذاك المكتوب بحبر الرُّوح أولاً , وبحبر التلاشي على حافة الأزمان ..
و بحبرٍ قزحيّ الألوان يكتبُ ذواتنا على ورقياتٍ
نأملُ ألاّ تصفرُ
و نتمنى أن تخضرُّ أرواحنا عندما نقرأ دفاتر الزّمان ...
منال محمد يوسف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...