هاتفت أبي وطلبت إليه أن أحضر محاضرة من محاضرات عارف نذير الحق. أخبرني أنّه سيطلعني على المحاضرات كلها وليس ثمة داع لحضوري. أجبته:
- أفضل الحضور باب !
- هل تريدين أن تدرسي شخصيته ساراي؟
- ممكن باب !
وافق. اتفقنا على يوم. ذهبت. فاجأني بعدم حمل البندقية معه .
تساءلت :
- لماذا لم تحمل البندقية معك باب ؟
قال :
- لسنا في رحلة صيد آبا!
- لكن هذا لا يمنع من حمل البندقية ، فقد نحتاج إليها .
صمت للحظات بدا فيها مترددا عن قول ما يريد ، وما لبث أن هتف بما فاجأني:
- عارف لا يحب الصيد ، ولا يرغب في مشاهدتي أفتك بطيور وحيوانات بلاده ، فقد طلب إلي أن لا أفعل ذلك ولو أمامه . أذعنت له .
لم أعرف أن شخصية عارف قد بدأت تؤثر في شخصية أبي إلى هذا الحد .
قال وكأنّه أدرك ما فكرت فيه :
- يكفي أننا لا نحقق للفلسطينيين ولوالحد الأدنى من رغباتهم في نيل بعض حقوقهم. لنحقق لهم نحن كأفراد ما نستطيع تحقيقه ، وهو شيء لا يذكر.
فوجئت ثانية . لقد انتقل أبي من مجرد التأثر إلى الفعل حتى لو كان بسيطا .. ولم أجد إلا أن أوافقه وأشكره على هذا الموقف ، الذي ينسجم تماما مع موقفي المؤيد لجماعة السلام الآن ، والمشاركة في بعض احتجاجاتهم وتظاهراتهم ونشاطاتهم .
انطلقنا .. لم يكن عارف قد وصل بعد. تأملت المكان الذي يلتقيان فيه بعد أن أخبرني أبي ذلك. سد صخري شاهق ينتصب متعرّجا إلى جانب الوادي ، وفي السفح المواجه له مجموعة من الكهوف البدائية القديمة .
لم أعرف السر في اختيار هذا المكان تحديدا للقاءاتهم . تساءلت. قال أبي:
- أنا الذي فضلت أن نلتقي دائما في هذا المكان.
- لماذا باب ؟
- لأنه شاهد على أنه كان في مقدورعارف نذير الحق أن يقتلني ذات يوم ولم يفعل!
ثنيّت قائلة :
- شاهد على أنه كان في مقدور فلسطيني أن يقتل اسرائيليا اغتصب وطنه ولم يفعل !
- صحيح آبا !
- وهل تحب أن تتذكر ذلك دائما ؟
- أجل ! مع أننا قد نغير المكان بناء على رغبة عارف ، فهو بالتأكيد لا يريد أن يتذكر نفسه وهو يجلس متهيئا مسددا سبطانتي البندقية إلى صدري.
أقبل عارف قادما عبر منعطفات الوادي . نهضنا لاستقباله . صافحني بحرارة مرحبا :
- أهلا سارة ! شرفت وادينا!
- هل نسميه وادي يعقوب وعارف ؟
- تسمية معقولة مع أن اسمه القديم وادي الدكاكين !
- هل كان فيه دكاكين ؟
- كان الناس يقطنون قديما هذه الكهوف وربما جعلوا من بعضها دكاكين أيضا ، إلى أن تحولت فيما بعد لتخزين الحبوب والتبن . قبل أن يهجرالناس البريّة ليسكنوا بيوتا حديثة على مقربة من القدس أو في ضواحيها.
جلسنا .. قال أبي.
- هل نبدأ ؟
وقال عارف :
- أين وصلنا ؟
- وصلنا إلى الفصل التاسع من سفر التكوين . حيث نهاية طوفان نوح المهول.
قال أبي .
- ولا شك أنك متشوق لمعرفة نوع البشرية التي ستنشأ بعد الطوفان يا يعقوب !
قال عارف .
ليرد أبي بعد تردد:
- أجل يا ...صديقي!
تنبه عارف لتردده ثم تلفظه بكلمة صديقي. تساءل :
- هل أصبحنا صديقين يا يعقوب !
- إن أحببت .. فأنا أرى أنك أصبحت صديقي بعد كل هذه اللقاءات .
هتف عارف - متجاهلا الصداقة - بما فاجأ أبي ولو بحدود:
- وهل ستتوقف عن تسجيل لقاءاتنا ؟
تردد أبي في الإجابة دون أن يبدي كثير دهشة لإدراكه أن عارف يعرف بقصة التسجيل .
- سأتوقف إن أحببت !
- وماذا ستقول للشاباك ، هل ستقول أنك أصبحت صديقا للرجل الذي لم يقتلك ؟
- في الحقيقة لا أعرف .
- بل استمر في التسجيل يا يعقوب . فأنا لا أمانع في أن يعرفوا كيف أفكر وفي ماذا !
******
يبدأ الفصل التاسع بأن يبارك الله نوحا وبنيه :
1 وبارك الله نوحا وبنيه وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الأرض
2 ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء، مع كل ما يدب على الأرض، وكل أسماك البحر. قد دفعت إلى أيديكم
كرم إلهي بلا حدود يا يعقوب . وأخيرا تذكر االله الأسماك التي غابت عن الطوفان، لأن الله لم يعرف كيف سيبيدها كما يبدو، فأباح أكلها مع الأعشاب والحيوانات والطيور ، دون الدم :
3 كل دابة حية تكون لكم طعاما. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع
4 غير أن لحما بحياته ، دمه، لا تأكلوه
لا نعرف ما إذا كان المؤلف حاضرا في جلسة المباركة هذه ليؤرخها ..! وبعد أن يحلل الله للإنسان سفك دم الحيوان حتى له أيضا كتقدمات وقرابين ، يعلن عن سفك دم الإنسان بالإنسان ، متجاهلا أنه قام بإبادة بشرية بكاملها، إضافة إلى الحيوانات والنباتات ، في الطوفان :
6 سافك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه. لأن الله على صورته عمل الإنسان
وأقام الله ميثاقا مع نوح وبنيه وحتى مع الكائنات الناجية من الطوفان . بأن جعل من قوس قزح علامة على ذلك ، معتبرا إياه قوسه ، مؤكدا أنه لن يقدم على إقامة طوفان ثانية :
11 أقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد أيضا بمياه الطوفان. ولا يكون أيضا طوفان ليخرب الأرض
12 وقال الله: هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم، وبين كل ذوات الأنفس الحية التي معكم إلى أجيال الدهر
13 وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض
14 فيكون متى أنشر سحابا على الأرض، وتظهر القوس في السحاب
15 أني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد. فلا تكون أيضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد
هل عرفت لماذا يظهر قوس قزح في السماء خلال المطر يا يعقوب ؟
- أجل يا عارف . لم أكن أعرف هذه المعلومة العظيمة . فالله يتذكر وعده لنوح ولخلقه، بأنه لن يبيدهم ثانية .
- وهذا يعني أن الساعة لن تقوم !
عقبت أنا !
- أجل يا سارة ! فلم يعد هناك قيامة . خاصة وأن المؤلف لم يأت على ذكرها حتى الآن .
ويذكرنا المؤلف من جديد ببني نوح الذين خرجوا من الفلك مضيفا إليهم كنعان ، الذي لم يذكر من قبل :
18 وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث. وحام هو أبو كنعان
لا نعرف أين كان كنعان هذا ولماذا ذكره الكاتب هنا؟
19 هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح. ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض !
20 وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما
- ومن أين جاء بما يفلح الارض ويزرعها بعد الطوفان ؟
- اسألي المؤلف يا سارة ؟
21 وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه
- وأصبح لديه خمر أيضا ؟ عجيب هذا المؤلف ! بهذه السرعة يغرس نوح كرما ويثمر ليصنع من الثمر خمرا ويسكر ويتعرى!
- هكذا يريد المؤلف!
22 فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجا
- لاحظا التركيز على اسم كنعان الذي ظهر فجأة ولم يكن له وجود من قبل ، فالكاتب يريد أن يقول أن كنعان هذا هو جد الكنعانيين ، الذين لا بد من نسب لهم !
- ولماذا يركز المؤلف على العورة ؟ ثم هل تستدعي هذه الحادثة ذكرها في كتاب يفترض أنه إلهي؟
- يحق للمؤلف ما لا يحق لغيره ، طالما أنه يتحدث حتى باسم الله !
23 فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء، وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء. فلم يبصرا عورة أبيهما
- وماذا لو أبصراها ؟
- لا يصح كي لا يغضب الأب إذا ما عرف!
24 فلما استيقظ نوح من خمره، علم ما فعل به ابنه الصغير
- لا نعرف كيف علم نوح! وكيف أصبح حام ابنه الصغير، وهو تحديدا الذي يشار إلى كنعان ابنه !
25 فقال: ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته
- عجيب هذا الكاتب ! هل اختلق كنعان ليصب نقمته عليه مع أن أباه هو الذي رأى العورة ! إنه غير واضح هنا، بين أن يكون كنعان ابنا رابعا لنوح أو يكون ابنا لحام ، ويفترض كما أسلفت أن كنعان هو جد الكنعانيين الفلسطينيين ، ولهذا تم استحضاره وتقصد عقابه مسبقا ، ليكون أحفاده عبيدا للأمم وبشكل خاص لبني اسرائيل !
- أحسنت ساره . يمكن تقبل هذا التأويل ، خاصة وأن كنعان ظهر دون مقدمات وربما أضيف للنص التوراتي في أزمان حديثة !
26 وقال: مبارك الرب إله سام. وليكن كنعان عبدا لهم !
27 ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدا لهم
- كل المصائب نزلت على رأس كنعان البريء!
28 وعاش نوح بعد الطوفان ثلاث مئة وخمسين سنة
29 فكانت كل أيام نوح تسع مئة وخمسين سنة، ومات
*****
تابع عارف تحليله لنص السفر العاشر قائلا :
يتابع المؤلف التأريخ لتناسل البشرية بالأسماء، أو أن الله هو الذي يؤرخ . فلا نعرف كيف عرف المؤلف كل هذا السجل للبشرية حتى وصل للأمم كلها . غير أن المعروف لديه بأسماء يمكن اعتبارها موجودة بشكل أو آخر حتى اليوم، هي بلاد الشرق الأوسط الحالي ، وما تبقى هو مجرد حشو لا يشير إلى أمم معروفة .
1 وهذه مواليد بني نوح : سام وحام ويافث. وولد لهم بنون بعد الطوفان
2 بنو يافث: جومر وماجوج وماداي وياوان وتوبال وماشك وتيراس
3 وبنو جومر: أشكناز وريفاث وتوجرمة
4 وبنو ياوان: أليشة وترشيش وكتيم ودودانيم
- وماذا عن مأجوج وماداي وتوبال وماشك ؟ ألم يخلفوا ؟ أم أن الكاتب تجاهل خلفتهم ؟
5 من هؤلاء تفرقت جزائر الأمم بأراضيهم، كل إنسان كلسانه حسب قبائلهم بأممهم
وكأن اللغة كانت تسبق تشكل القبيلة ! ثم إن الكاتب سيخبرنا لاحقا أن البشرية كانت تتكلم لغة واحدة !
6 وبنو حام: كوش ومصرايم وفوط وكنعان
7 وبنو كوش: سبا وحويلة وسبتة ورعمة وسبتكا. وبنو رعمة: شبا وددان
8 وكوش ولد نمرود الذي ابتدأ يكون جبارا في الأرض
9 الذي كان جبار صيد أمام الرب. لذلك يقال: كنمرود جبار صيد أمام الرب
10 وكان ابتداء مملكته بابل وأرك وأكد وكلنة، في أرض شنعار
11 من تلك الأرض خرج أشور وبنى نينوى ورحوبوت عير وكالح
وهكذا أصبح السومريون والبابليون والكلدانيون والأشوريون من نسل حام
12 ورسن، بين نينوى وكالح، هي المدينة الكبيرة
13 ومصرايم ولد: لوديم وعناميم ولهابيم ونفتوحيم
والمصريون أيضا .. ويتابع المؤلف كيل ما هب ودب من الأسماء والأجيال معتمدا على جهل البشر الذين سيصدقون بالتأكيد ، ولكن ليس إلى الأبد حسب ما أعتقد . والدليل هو وجود ملايين لا يصدقون هذا الكلام .
14 وفتروسيم وكسلوحيم. الذين خرج منهم فلشتيم وكفتوريم
فلشتيم هذا يبدو أنه نوع آخر من الفلسطينيين .
15 وكنعان ولد: صيدون بكره، وحثا
16 واليبوسي والأموري والجرجاشي
17 والحوي والعرقي والسيني
18 والأروادي والصماري والحماتي. وبعد ذلك تفرقت قبائل الكنعاني
19 وكانت تخوم الكنعاني من صيدون، حينما تجيء نحو جرار إلى غزة، وحينما تجيء نحو سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم إلى لاشع
هؤلاء سكان شرق المتوسط وسيكونون عبيدا لنسل سام ويافث !
20 هؤلاء بنو حام حسب قبائلهم كألسنتهم بأراضيهم وأممهم
21 وسام أبو كل بني عابر، أخو يافث الكبير، ولد له أيضا بنون
22 بنو سام: عيلام وأشور وأرفكشاد ولود وأرام
23 وبنو أرام: عوص وحول وجاثر وماش
24 وأرفكشاد ولد شالح، وشالح ولد عابر
25 ولعابر ولد ابنان: اسم الواحد فالج لأن في أيامه قسمت الأرض. واسم أخيه يقطان
لم نعرف أي أرض هذه التي قسمت !
26 ويقطان ولد: ألموداد وشالف وحضرموت ويارح
27 وهدورام وأوزال ودقلة
28 وعوبال وأبيمايل وشبا
29 وأوفير وحويلة ويوباب. جميع هؤلاء بنو يقطان
30 وكان مسكنهم من ميشا حينما تجيء نحو سفار جبل المشرق
31 هؤلاء بنو سام حسب قبائلهم كألسنتهم بأراضيهم حسب أممهم
32 هؤلاء قبائل بني نوح حسب مواليدهم بأممهم. ومن هؤلاء تفرقت الأمم في الأرض بعد الطوفان
****
- في السفر الحادي عشر يخبرنا كتبة التوراة يا يعقوب أن البشرية كانت تتحدث لغة واحدة ، دون أن يخبرنا الكتبة ما هي :
1 وكانت الأرض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة
وكنا سنصدق لو لم يخبرنا الكتبة أن الأحداث تجري في بلاد ما بين النهرين، وأن هذه القبائل اكتشفت صناعة اللبن ( الطين المشوي ) وقررت أن تبني بابل ! ففي هذا الوقت كان البابليون يتكلمون اللغة الأكادية ولا يعقل أن تكون البشرية كلها تتكلمها . ففي الوقت نفسه كانت الحضارة الفرعونية وكان الفراعنة يتكلمون الهيروغليفية وكانت الحضارة الأوغاريتية، التي اخترعت أبجديتها وكانت حضارات شعوب المايا في أمريكا الجنوبية ،عدا حضارات الهند والصين واليونان وروما القديمة لقد ألغى كتبة التوراة كل هذه الحضارات ولم يبقوا إلا على أحفاد نوح المزعومين .. يا لمأساة التاريخ حين يقوم على وقائع وأحداث مختلقة !
2 وحدث في ارتحالهم شرقا أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار وسكنوا هناك
3 وقال بعضهم لبعض: هلم نصنع لبنا ونشويه شيا. فكان لهم اللبن مكان الحجر، وكان لهم الحمر مكان الطين
4 وقالوا: هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء. ونصنع لأنفسنا اسما لئلا نتبدد على وجه كل الأرض !
لقد نسي الكتبة أنهم أخبرونا من قبل أن أحفاد نوح قد تفرقوا في الأرض ! لا نعرف كيف تم بناء المدينة وكم استغرق من الزمن.. لكن الرب يهوه يقررالنزول من سمائه ليتفرج عليها :
5 فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما
هنا نعرف أن بناء المدينة لم يكتمل بعد !
6 وقال الرب: هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل. والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه
7 هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض
لم يعجب يهوه أن البابليين يتكلمون لغة واحدة مما يمكنهم من التفاهم فيما بينهم والتطور بسرعة ، فقرر أن يفرق ( يبلبل) لغتهم ، ويجعلهم يتحدثون أكثر من لغة حتى يسوء التفاهم بينهم .
8 فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض، فكفوا عن بنيان المدينة
مدونات التاريخ تقول أنهم أكملوا بناء المدينة.
9 لذلك دعي اسمها بابل لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض. ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الأرض
لقد سبق للكاتب أن قال، إنّ الرب وعد بأنه سيتوقف عن إنزال النكبات بالإنسان، فلماذا عاد إليها . ولو أخذنا هذا الكلام على محمل الجد ، سنكتشف أن أصل بلاء البشرية بتعدد اللغات من الرب ! ولولا هذا البلاء الذي أنزله الرب بالبابليين لكانت البشرية تتكلم الآن لغة واحدة ، ولما أمضت عمرها في تعلم لغات بعضها ..
- هل لك أن تحدثنا عن بابل أستاذ عارف !
- تكرمي . يا سارة . سأقرأ لك ما جاء في الموسوعة الحرة عنها ، لتري مدى الزيف الوارد في النص التوراتي :
"بابل هي مدينة عراقية كانت عاصمة البابليين أيام حكم حمورابي، حيث كان البابليون يحكمون أقاليم ما بين النهرين، وحكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي (1792-1750) قبل الميلاد في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت بابل العاصمة التي تقع على نهر الفرات. التي اشتهرت بحضارتها. وبلغ عدد ملوك سلالة بابل والتي عرفت (بالسلالة الآمورية(العمورية)) 11 ملكا، حكموا ثلاثة قرون(1894 ق.م. -1594 ق. م.) في هذه الفترة بلغت حضارة المملكة البابلية أوج عظمتها وازدهارها ، وانتشرت اللغة البابلية في لمنطقة كلها، حيث ارتقت العلوم والمعارف والفنون وتوسعت التجارة لدرجة لا مثيل لها في تاريخ المنطقة. وكانت الإدارة مركزية . والبلاد تحكم بقانون موحد، سنّه الملك حمورابي لجميع شعوبها. وقد دمرها الحثيون عام 1595 ق.م. حكمها الكاشانيون عام 1517 ق.م. وظلت منتعشة ما بين عامي 626 و539 ق.م. و خصوصا ايام حكم الملك الكلداني نبوخذ نصر، حيث قامت الإمبراطورية البابلية وكانت تضم بلادا من البحر الأبيض المتوسط وحتى الخليج العربي. استولي عليها قو رش الفارسي سنة 539 ق.م وقتل اخر ملوكها بلشاصر. وكانت مبانيها من الطوب الأحمر. واشتهرت بالبنايات البرجية (الزيجورات). وكان فيها معبد إيزاجيلا للإله الأكبر مردوخ (مردوك). والآن أصبحت أطلالا. عثر فيها على باب عشتار، وشارع مزين بنقوش الثيران والتنانين والأسود الملونة فوق القرميد الأزرق"
يلاحظ أن إله البابليين كان مردوخ وليس يهوه التوراتي . وبوابة عشتار محفوظة حتى اليوم في متحف برلين . ولا نعرف كيف يكذب الناس التاريخ ويتبعون نصا متخيلا لا علاقة له إطلاقا بالتاريخ ، بل يقوم بتزييفه وتلفيقه .
- أمر مؤسف جدا .
يعود المؤلف إلى تعداد نسل سام إلى أن ينتهي إلى تارح أب ابراهيم :
24 وعاش ناحور تسعا وعشرين سنة وولد تارح
25 وعاش ناحور بعد ما ولد تارح مئة وتسع عشرة سنة، وولد بنين وبنات
26 وعاش تارح سبعين سنة ، وولد أبرام وناحور وهاران
27 وهذه مواليد تارح: ولد تارح أبرام وناحور وهاران. وولد هاران لوطا
28 ومات هاران قبل تارح أبيه في أرض ميلاده في أور الكلدانيين
29 واتخذ أبرام وناحور لأنفسهما امرأتين: اسم امرأة أبرام ساراي، واسم امرأة ناحور ملكة بنت هاران، أبي ملكة وأبي يسكة
30 وكانت ساراي عاقرا ليس لها ولد
31 وأخذ تارح أبرام ابنه، ولوطا بن هاران، ابن ابنه، وساراي كنته امرأة أبرام ابنه ، فخرجوا معا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان. فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك
32 وكانت أيام تارح مئتين وخمس سنين. ومات تارح في حاران
في اللقاء القادم سنكون مع ابراهيم في رحلته العجيبة يا يعقوب .
- ليتني أتمكن من حضورها لأتعرف على ساراي التي يحب أبي أن يناديني باسمها .
- تشكر عارف . أتعبك دائما !
نهضنا . تصافحنا .. وانصرف كل منا في طريق على أمل اللقاء فيما بعد .
*****
- أفضل الحضور باب !
- هل تريدين أن تدرسي شخصيته ساراي؟
- ممكن باب !
وافق. اتفقنا على يوم. ذهبت. فاجأني بعدم حمل البندقية معه .
تساءلت :
- لماذا لم تحمل البندقية معك باب ؟
قال :
- لسنا في رحلة صيد آبا!
- لكن هذا لا يمنع من حمل البندقية ، فقد نحتاج إليها .
صمت للحظات بدا فيها مترددا عن قول ما يريد ، وما لبث أن هتف بما فاجأني:
- عارف لا يحب الصيد ، ولا يرغب في مشاهدتي أفتك بطيور وحيوانات بلاده ، فقد طلب إلي أن لا أفعل ذلك ولو أمامه . أذعنت له .
لم أعرف أن شخصية عارف قد بدأت تؤثر في شخصية أبي إلى هذا الحد .
قال وكأنّه أدرك ما فكرت فيه :
- يكفي أننا لا نحقق للفلسطينيين ولوالحد الأدنى من رغباتهم في نيل بعض حقوقهم. لنحقق لهم نحن كأفراد ما نستطيع تحقيقه ، وهو شيء لا يذكر.
فوجئت ثانية . لقد انتقل أبي من مجرد التأثر إلى الفعل حتى لو كان بسيطا .. ولم أجد إلا أن أوافقه وأشكره على هذا الموقف ، الذي ينسجم تماما مع موقفي المؤيد لجماعة السلام الآن ، والمشاركة في بعض احتجاجاتهم وتظاهراتهم ونشاطاتهم .
انطلقنا .. لم يكن عارف قد وصل بعد. تأملت المكان الذي يلتقيان فيه بعد أن أخبرني أبي ذلك. سد صخري شاهق ينتصب متعرّجا إلى جانب الوادي ، وفي السفح المواجه له مجموعة من الكهوف البدائية القديمة .
لم أعرف السر في اختيار هذا المكان تحديدا للقاءاتهم . تساءلت. قال أبي:
- أنا الذي فضلت أن نلتقي دائما في هذا المكان.
- لماذا باب ؟
- لأنه شاهد على أنه كان في مقدورعارف نذير الحق أن يقتلني ذات يوم ولم يفعل!
ثنيّت قائلة :
- شاهد على أنه كان في مقدور فلسطيني أن يقتل اسرائيليا اغتصب وطنه ولم يفعل !
- صحيح آبا !
- وهل تحب أن تتذكر ذلك دائما ؟
- أجل ! مع أننا قد نغير المكان بناء على رغبة عارف ، فهو بالتأكيد لا يريد أن يتذكر نفسه وهو يجلس متهيئا مسددا سبطانتي البندقية إلى صدري.
أقبل عارف قادما عبر منعطفات الوادي . نهضنا لاستقباله . صافحني بحرارة مرحبا :
- أهلا سارة ! شرفت وادينا!
- هل نسميه وادي يعقوب وعارف ؟
- تسمية معقولة مع أن اسمه القديم وادي الدكاكين !
- هل كان فيه دكاكين ؟
- كان الناس يقطنون قديما هذه الكهوف وربما جعلوا من بعضها دكاكين أيضا ، إلى أن تحولت فيما بعد لتخزين الحبوب والتبن . قبل أن يهجرالناس البريّة ليسكنوا بيوتا حديثة على مقربة من القدس أو في ضواحيها.
جلسنا .. قال أبي.
- هل نبدأ ؟
وقال عارف :
- أين وصلنا ؟
- وصلنا إلى الفصل التاسع من سفر التكوين . حيث نهاية طوفان نوح المهول.
قال أبي .
- ولا شك أنك متشوق لمعرفة نوع البشرية التي ستنشأ بعد الطوفان يا يعقوب !
قال عارف .
ليرد أبي بعد تردد:
- أجل يا ...صديقي!
تنبه عارف لتردده ثم تلفظه بكلمة صديقي. تساءل :
- هل أصبحنا صديقين يا يعقوب !
- إن أحببت .. فأنا أرى أنك أصبحت صديقي بعد كل هذه اللقاءات .
هتف عارف - متجاهلا الصداقة - بما فاجأ أبي ولو بحدود:
- وهل ستتوقف عن تسجيل لقاءاتنا ؟
تردد أبي في الإجابة دون أن يبدي كثير دهشة لإدراكه أن عارف يعرف بقصة التسجيل .
- سأتوقف إن أحببت !
- وماذا ستقول للشاباك ، هل ستقول أنك أصبحت صديقا للرجل الذي لم يقتلك ؟
- في الحقيقة لا أعرف .
- بل استمر في التسجيل يا يعقوب . فأنا لا أمانع في أن يعرفوا كيف أفكر وفي ماذا !
******
يبدأ الفصل التاسع بأن يبارك الله نوحا وبنيه :
1 وبارك الله نوحا وبنيه وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الأرض
2 ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء، مع كل ما يدب على الأرض، وكل أسماك البحر. قد دفعت إلى أيديكم
كرم إلهي بلا حدود يا يعقوب . وأخيرا تذكر االله الأسماك التي غابت عن الطوفان، لأن الله لم يعرف كيف سيبيدها كما يبدو، فأباح أكلها مع الأعشاب والحيوانات والطيور ، دون الدم :
3 كل دابة حية تكون لكم طعاما. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع
4 غير أن لحما بحياته ، دمه، لا تأكلوه
لا نعرف ما إذا كان المؤلف حاضرا في جلسة المباركة هذه ليؤرخها ..! وبعد أن يحلل الله للإنسان سفك دم الحيوان حتى له أيضا كتقدمات وقرابين ، يعلن عن سفك دم الإنسان بالإنسان ، متجاهلا أنه قام بإبادة بشرية بكاملها، إضافة إلى الحيوانات والنباتات ، في الطوفان :
6 سافك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه. لأن الله على صورته عمل الإنسان
وأقام الله ميثاقا مع نوح وبنيه وحتى مع الكائنات الناجية من الطوفان . بأن جعل من قوس قزح علامة على ذلك ، معتبرا إياه قوسه ، مؤكدا أنه لن يقدم على إقامة طوفان ثانية :
11 أقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد أيضا بمياه الطوفان. ولا يكون أيضا طوفان ليخرب الأرض
12 وقال الله: هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم، وبين كل ذوات الأنفس الحية التي معكم إلى أجيال الدهر
13 وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض
14 فيكون متى أنشر سحابا على الأرض، وتظهر القوس في السحاب
15 أني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد. فلا تكون أيضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد
هل عرفت لماذا يظهر قوس قزح في السماء خلال المطر يا يعقوب ؟
- أجل يا عارف . لم أكن أعرف هذه المعلومة العظيمة . فالله يتذكر وعده لنوح ولخلقه، بأنه لن يبيدهم ثانية .
- وهذا يعني أن الساعة لن تقوم !
عقبت أنا !
- أجل يا سارة ! فلم يعد هناك قيامة . خاصة وأن المؤلف لم يأت على ذكرها حتى الآن .
ويذكرنا المؤلف من جديد ببني نوح الذين خرجوا من الفلك مضيفا إليهم كنعان ، الذي لم يذكر من قبل :
18 وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث. وحام هو أبو كنعان
لا نعرف أين كان كنعان هذا ولماذا ذكره الكاتب هنا؟
19 هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح. ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض !
20 وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما
- ومن أين جاء بما يفلح الارض ويزرعها بعد الطوفان ؟
- اسألي المؤلف يا سارة ؟
21 وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه
- وأصبح لديه خمر أيضا ؟ عجيب هذا المؤلف ! بهذه السرعة يغرس نوح كرما ويثمر ليصنع من الثمر خمرا ويسكر ويتعرى!
- هكذا يريد المؤلف!
22 فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجا
- لاحظا التركيز على اسم كنعان الذي ظهر فجأة ولم يكن له وجود من قبل ، فالكاتب يريد أن يقول أن كنعان هذا هو جد الكنعانيين ، الذين لا بد من نسب لهم !
- ولماذا يركز المؤلف على العورة ؟ ثم هل تستدعي هذه الحادثة ذكرها في كتاب يفترض أنه إلهي؟
- يحق للمؤلف ما لا يحق لغيره ، طالما أنه يتحدث حتى باسم الله !
23 فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء، وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء. فلم يبصرا عورة أبيهما
- وماذا لو أبصراها ؟
- لا يصح كي لا يغضب الأب إذا ما عرف!
24 فلما استيقظ نوح من خمره، علم ما فعل به ابنه الصغير
- لا نعرف كيف علم نوح! وكيف أصبح حام ابنه الصغير، وهو تحديدا الذي يشار إلى كنعان ابنه !
25 فقال: ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته
- عجيب هذا الكاتب ! هل اختلق كنعان ليصب نقمته عليه مع أن أباه هو الذي رأى العورة ! إنه غير واضح هنا، بين أن يكون كنعان ابنا رابعا لنوح أو يكون ابنا لحام ، ويفترض كما أسلفت أن كنعان هو جد الكنعانيين الفلسطينيين ، ولهذا تم استحضاره وتقصد عقابه مسبقا ، ليكون أحفاده عبيدا للأمم وبشكل خاص لبني اسرائيل !
- أحسنت ساره . يمكن تقبل هذا التأويل ، خاصة وأن كنعان ظهر دون مقدمات وربما أضيف للنص التوراتي في أزمان حديثة !
26 وقال: مبارك الرب إله سام. وليكن كنعان عبدا لهم !
27 ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدا لهم
- كل المصائب نزلت على رأس كنعان البريء!
28 وعاش نوح بعد الطوفان ثلاث مئة وخمسين سنة
29 فكانت كل أيام نوح تسع مئة وخمسين سنة، ومات
*****
تابع عارف تحليله لنص السفر العاشر قائلا :
يتابع المؤلف التأريخ لتناسل البشرية بالأسماء، أو أن الله هو الذي يؤرخ . فلا نعرف كيف عرف المؤلف كل هذا السجل للبشرية حتى وصل للأمم كلها . غير أن المعروف لديه بأسماء يمكن اعتبارها موجودة بشكل أو آخر حتى اليوم، هي بلاد الشرق الأوسط الحالي ، وما تبقى هو مجرد حشو لا يشير إلى أمم معروفة .
1 وهذه مواليد بني نوح : سام وحام ويافث. وولد لهم بنون بعد الطوفان
2 بنو يافث: جومر وماجوج وماداي وياوان وتوبال وماشك وتيراس
3 وبنو جومر: أشكناز وريفاث وتوجرمة
4 وبنو ياوان: أليشة وترشيش وكتيم ودودانيم
- وماذا عن مأجوج وماداي وتوبال وماشك ؟ ألم يخلفوا ؟ أم أن الكاتب تجاهل خلفتهم ؟
5 من هؤلاء تفرقت جزائر الأمم بأراضيهم، كل إنسان كلسانه حسب قبائلهم بأممهم
وكأن اللغة كانت تسبق تشكل القبيلة ! ثم إن الكاتب سيخبرنا لاحقا أن البشرية كانت تتكلم لغة واحدة !
6 وبنو حام: كوش ومصرايم وفوط وكنعان
7 وبنو كوش: سبا وحويلة وسبتة ورعمة وسبتكا. وبنو رعمة: شبا وددان
8 وكوش ولد نمرود الذي ابتدأ يكون جبارا في الأرض
9 الذي كان جبار صيد أمام الرب. لذلك يقال: كنمرود جبار صيد أمام الرب
10 وكان ابتداء مملكته بابل وأرك وأكد وكلنة، في أرض شنعار
11 من تلك الأرض خرج أشور وبنى نينوى ورحوبوت عير وكالح
وهكذا أصبح السومريون والبابليون والكلدانيون والأشوريون من نسل حام
12 ورسن، بين نينوى وكالح، هي المدينة الكبيرة
13 ومصرايم ولد: لوديم وعناميم ولهابيم ونفتوحيم
والمصريون أيضا .. ويتابع المؤلف كيل ما هب ودب من الأسماء والأجيال معتمدا على جهل البشر الذين سيصدقون بالتأكيد ، ولكن ليس إلى الأبد حسب ما أعتقد . والدليل هو وجود ملايين لا يصدقون هذا الكلام .
14 وفتروسيم وكسلوحيم. الذين خرج منهم فلشتيم وكفتوريم
فلشتيم هذا يبدو أنه نوع آخر من الفلسطينيين .
15 وكنعان ولد: صيدون بكره، وحثا
16 واليبوسي والأموري والجرجاشي
17 والحوي والعرقي والسيني
18 والأروادي والصماري والحماتي. وبعد ذلك تفرقت قبائل الكنعاني
19 وكانت تخوم الكنعاني من صيدون، حينما تجيء نحو جرار إلى غزة، وحينما تجيء نحو سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم إلى لاشع
هؤلاء سكان شرق المتوسط وسيكونون عبيدا لنسل سام ويافث !
20 هؤلاء بنو حام حسب قبائلهم كألسنتهم بأراضيهم وأممهم
21 وسام أبو كل بني عابر، أخو يافث الكبير، ولد له أيضا بنون
22 بنو سام: عيلام وأشور وأرفكشاد ولود وأرام
23 وبنو أرام: عوص وحول وجاثر وماش
24 وأرفكشاد ولد شالح، وشالح ولد عابر
25 ولعابر ولد ابنان: اسم الواحد فالج لأن في أيامه قسمت الأرض. واسم أخيه يقطان
لم نعرف أي أرض هذه التي قسمت !
26 ويقطان ولد: ألموداد وشالف وحضرموت ويارح
27 وهدورام وأوزال ودقلة
28 وعوبال وأبيمايل وشبا
29 وأوفير وحويلة ويوباب. جميع هؤلاء بنو يقطان
30 وكان مسكنهم من ميشا حينما تجيء نحو سفار جبل المشرق
31 هؤلاء بنو سام حسب قبائلهم كألسنتهم بأراضيهم حسب أممهم
32 هؤلاء قبائل بني نوح حسب مواليدهم بأممهم. ومن هؤلاء تفرقت الأمم في الأرض بعد الطوفان
****
- في السفر الحادي عشر يخبرنا كتبة التوراة يا يعقوب أن البشرية كانت تتحدث لغة واحدة ، دون أن يخبرنا الكتبة ما هي :
1 وكانت الأرض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة
وكنا سنصدق لو لم يخبرنا الكتبة أن الأحداث تجري في بلاد ما بين النهرين، وأن هذه القبائل اكتشفت صناعة اللبن ( الطين المشوي ) وقررت أن تبني بابل ! ففي هذا الوقت كان البابليون يتكلمون اللغة الأكادية ولا يعقل أن تكون البشرية كلها تتكلمها . ففي الوقت نفسه كانت الحضارة الفرعونية وكان الفراعنة يتكلمون الهيروغليفية وكانت الحضارة الأوغاريتية، التي اخترعت أبجديتها وكانت حضارات شعوب المايا في أمريكا الجنوبية ،عدا حضارات الهند والصين واليونان وروما القديمة لقد ألغى كتبة التوراة كل هذه الحضارات ولم يبقوا إلا على أحفاد نوح المزعومين .. يا لمأساة التاريخ حين يقوم على وقائع وأحداث مختلقة !
2 وحدث في ارتحالهم شرقا أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار وسكنوا هناك
3 وقال بعضهم لبعض: هلم نصنع لبنا ونشويه شيا. فكان لهم اللبن مكان الحجر، وكان لهم الحمر مكان الطين
4 وقالوا: هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء. ونصنع لأنفسنا اسما لئلا نتبدد على وجه كل الأرض !
لقد نسي الكتبة أنهم أخبرونا من قبل أن أحفاد نوح قد تفرقوا في الأرض ! لا نعرف كيف تم بناء المدينة وكم استغرق من الزمن.. لكن الرب يهوه يقررالنزول من سمائه ليتفرج عليها :
5 فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما
هنا نعرف أن بناء المدينة لم يكتمل بعد !
6 وقال الرب: هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل. والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه
7 هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض
لم يعجب يهوه أن البابليين يتكلمون لغة واحدة مما يمكنهم من التفاهم فيما بينهم والتطور بسرعة ، فقرر أن يفرق ( يبلبل) لغتهم ، ويجعلهم يتحدثون أكثر من لغة حتى يسوء التفاهم بينهم .
8 فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض، فكفوا عن بنيان المدينة
مدونات التاريخ تقول أنهم أكملوا بناء المدينة.
9 لذلك دعي اسمها بابل لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض. ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الأرض
لقد سبق للكاتب أن قال، إنّ الرب وعد بأنه سيتوقف عن إنزال النكبات بالإنسان، فلماذا عاد إليها . ولو أخذنا هذا الكلام على محمل الجد ، سنكتشف أن أصل بلاء البشرية بتعدد اللغات من الرب ! ولولا هذا البلاء الذي أنزله الرب بالبابليين لكانت البشرية تتكلم الآن لغة واحدة ، ولما أمضت عمرها في تعلم لغات بعضها ..
- هل لك أن تحدثنا عن بابل أستاذ عارف !
- تكرمي . يا سارة . سأقرأ لك ما جاء في الموسوعة الحرة عنها ، لتري مدى الزيف الوارد في النص التوراتي :
"بابل هي مدينة عراقية كانت عاصمة البابليين أيام حكم حمورابي، حيث كان البابليون يحكمون أقاليم ما بين النهرين، وحكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي (1792-1750) قبل الميلاد في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت بابل العاصمة التي تقع على نهر الفرات. التي اشتهرت بحضارتها. وبلغ عدد ملوك سلالة بابل والتي عرفت (بالسلالة الآمورية(العمورية)) 11 ملكا، حكموا ثلاثة قرون(1894 ق.م. -1594 ق. م.) في هذه الفترة بلغت حضارة المملكة البابلية أوج عظمتها وازدهارها ، وانتشرت اللغة البابلية في لمنطقة كلها، حيث ارتقت العلوم والمعارف والفنون وتوسعت التجارة لدرجة لا مثيل لها في تاريخ المنطقة. وكانت الإدارة مركزية . والبلاد تحكم بقانون موحد، سنّه الملك حمورابي لجميع شعوبها. وقد دمرها الحثيون عام 1595 ق.م. حكمها الكاشانيون عام 1517 ق.م. وظلت منتعشة ما بين عامي 626 و539 ق.م. و خصوصا ايام حكم الملك الكلداني نبوخذ نصر، حيث قامت الإمبراطورية البابلية وكانت تضم بلادا من البحر الأبيض المتوسط وحتى الخليج العربي. استولي عليها قو رش الفارسي سنة 539 ق.م وقتل اخر ملوكها بلشاصر. وكانت مبانيها من الطوب الأحمر. واشتهرت بالبنايات البرجية (الزيجورات). وكان فيها معبد إيزاجيلا للإله الأكبر مردوخ (مردوك). والآن أصبحت أطلالا. عثر فيها على باب عشتار، وشارع مزين بنقوش الثيران والتنانين والأسود الملونة فوق القرميد الأزرق"
يلاحظ أن إله البابليين كان مردوخ وليس يهوه التوراتي . وبوابة عشتار محفوظة حتى اليوم في متحف برلين . ولا نعرف كيف يكذب الناس التاريخ ويتبعون نصا متخيلا لا علاقة له إطلاقا بالتاريخ ، بل يقوم بتزييفه وتلفيقه .
- أمر مؤسف جدا .
يعود المؤلف إلى تعداد نسل سام إلى أن ينتهي إلى تارح أب ابراهيم :
24 وعاش ناحور تسعا وعشرين سنة وولد تارح
25 وعاش ناحور بعد ما ولد تارح مئة وتسع عشرة سنة، وولد بنين وبنات
26 وعاش تارح سبعين سنة ، وولد أبرام وناحور وهاران
27 وهذه مواليد تارح: ولد تارح أبرام وناحور وهاران. وولد هاران لوطا
28 ومات هاران قبل تارح أبيه في أرض ميلاده في أور الكلدانيين
29 واتخذ أبرام وناحور لأنفسهما امرأتين: اسم امرأة أبرام ساراي، واسم امرأة ناحور ملكة بنت هاران، أبي ملكة وأبي يسكة
30 وكانت ساراي عاقرا ليس لها ولد
31 وأخذ تارح أبرام ابنه، ولوطا بن هاران، ابن ابنه، وساراي كنته امرأة أبرام ابنه ، فخرجوا معا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان. فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك
32 وكانت أيام تارح مئتين وخمس سنين. ومات تارح في حاران
في اللقاء القادم سنكون مع ابراهيم في رحلته العجيبة يا يعقوب .
- ليتني أتمكن من حضورها لأتعرف على ساراي التي يحب أبي أن يناديني باسمها .
- تشكر عارف . أتعبك دائما !
نهضنا . تصافحنا .. وانصرف كل منا في طريق على أمل اللقاء فيما بعد .
*****