ليلى عبد الله - الرواية الأولى:شعور بالخواء ورغبة في سحب جميع نسخها من المكتبات!

ثمة شيءٌ غريبٌ في كتابة العمل الروائي الأول؛ تلك الغرابة تكمن في سهولة كتابتها، وصعوبتها في آن.

فالعمل الروائي الأول يكون مشحونًا بطاقة البدء. يندفع الكاتب وراء كتابة حكايةٍ في فصولٍ، وصفحاتٍ متعددة. هو يعلم تمام اليقين أنّ هذا العمل سيحتاج إلى نَفَسٍ طويل، وإلى صبر ومثابرة في الوقت نفسه. سيتعرض خلال كتابتها لخيبات أمل. قد يكتب عديد الصفحات في يومٍ يكون نهاره جيّداً، وقد يبقى لأيام خاويًا؛ تأبى الكلمات أن تأتي، وتكون الشخصيات بليدة وعلى وشك الموت، وتحتاج لعملية إنعاش فورية كي يُعاد إحياؤها.

في الوقت نفسه، ثمة شعورٌ مريحٌ في كون عمله الروائي الأول خارج التوقعات؛ فهو بمثابة تعريف له ككاتب. يتلقاه الآخرون كطبطبة ويتغاضون عن هفواته، سيتفادى الصفعات، أو تكون أقل دوًّياً من تلك التي قد يتلقاها مع أعماله الروائية التي سيخوض كتابتها بعد عمله الروائي الأول.

شعور بالسعادة البالغة قبل تسليم مخطوطته، كما لو أنه أنجز حياةً كاملةً عن أشخاصٍ كانوا غرباء؛ فأصبحوا أصدقاء مألوفين. شعور بالخواء في الوقت نفسه، وكأنه قام بتوديع جميع أفراد أسرته في رحلة ذهاب بلا عودة.

أثناء النشر، قد يغلب عليه نوع من القلق، لاسيما إن كان ينشر كتابه الأول، فتبدو عوالم النشر مخيفة كأفلام الرعب، والناشرون جزارون! لكن لكثرة دور النشر وتزاحمها في الوقت الحالي؛ لن يجد عادة الكاتب صعوبة في نشر مخطوطته الأولى.

وحين يرى الكاتب عمله الروائي منشوراً، تنتابه في الغالب مشاعر مختلطة، ما بين مبتهج ومتوجس. فَرِحٌ لكونه أنجز عملاً طالما كان يتوق له، ومتوجسٌ من رؤية الآخرين للحيوات التي قام بتخيّلها. وقد تنتابه رغبة في سحب جميع نسخه من المكتبات؛ ليعيد كتابة حكايته وفق تصورات أخرى يعتقد أنها كانت ستجعل الحكاية أنضج!

إنه وسواس الكاتب القهري، وعدم رضاه المستحيل حين تكون مخطوطته كتابًا ورقيًّا تخرج من حيّزها الخاص في جهازه (اللاب توب) إلى الحيّز العام!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...