رسائل الأدباء رسالة من الدكتور عبدالجبار العلمي إلى لينا الكيلاني

إلى الصديقة الغالية الأديبة الروائية لينا كيلاني.

تحية مسائية ملؤها طيب زهرة الياسمين وصفاؤها المبهج.

قرأت مقالتك الجميلة عن شجرة الياسمين الدمشقية الأصيلة ، والياسمينة الفواحة بعطر المحبة والحنان والأدب الرفيع والدتك العزيزة قمر كيلاني. وكم أعجبت بربطك الذكي بين زهرة الياسمين وشجرتها النقية المترعة بالصفاء المانحة للناس نسائم الحب في الأماسي الدمشقية الأليفة ، وبين زهرة الياسمين التي كانت تملأ سماء دمشق بعطر أدبها ورونق كتابتها وبهاء شخصيتها : قمر الكيلاني الذي يعم نوره جبل قاسيون ويتلألأ في مويجات نهر بردى . ولن يبرح أبدا عطرها أرض دمشق وسماءها ، لأنها من زمرة الخالدين والخالدات بما خلفوه من آثار باقية عصية على الزوال والفناء.
ما أحلى تعبيرك المترع بالشعر والجمال حين صورت شوارع دمشق الفواحة بعبق الياسمين كأن من يتجول بها يتجول في قارورة عطر. ذكرني مقالك بقصيدة نزار قباني " غرناطة " التي أحفظها - مازلتُ - عن ظهر قلب.
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيدة سمراء .. من أحفادي
وجه دمشقي .. رأيت خلاله
أجفان بلقيس .. وجيد سعادِ
ورأيت منزلنا القديم وحجرة
كانت بها أمي تمد وسادي
والياسمينةَ رصعت بنجومها
والبَحرة الذهبية الإنشادِ

كما تذكرت بيتا من قصيدتي عن دمشق :
ونزار في عليائه يرثي دمشق
وياسمينة بيته والساقية
ولا يخفى أنه تناص مع بيت نزار . وقد ذكرتني كذلك ببيت العائلة بتطوان، حيث كانت تطل علينا أزهار الياسمين من شجيرات الرياض في الصباحات الصاحية في فصل الربيع ، مصحوبة بأنشودة العصافير بين أغصان أشجار البرتقال والنارنج. ما أجمل ذكرياتنا التي أسعدني أننا نشترك فيها. ولا أخفي عليك أن حبي للياسمين، جعلتني بمساعدة أحد جيراني أن نزرع شجيرة لهذا الزهر الجميل الحامل لشتى الرموز والدلالات الخيرة ، وأصبحتِ الآن زهيراتها تطل من شرفتي الصغيرة. كم أنا سعيد بها .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...