(17)
* يوسف ثريا في مصر!
رافقتني ساراي أيضا لمحاضرة عارف نذير الحق قبل الأخيرة عن سفر التكوين كله . وأصرت على أن نأخذ نحن القهوة هذه المرة ، وأخذت مني رقم هاتف عارف واتصلت به طالبة إليه أن لا يحضر قهوة معه لأننا سنحضر نحن . وسألته عما إذا يحب النسكافيه ، وعما إذا كان يرغب في مشروب آخر . أخبرها أنه يحب النسكافيه السويسرية ، وإذا أمكن مع الهيل، لأن مذاقها يصبح كمذاق القهوة المرة! وهذا ماتم . ملأنا تيرموس بالنسكافيه وانطلقنا بسيارة ساراي إلى أقرب نقطة لمكان لقائنا ، في البطين الذي شهد الكثير من طفولة عارف ، حسب ما أعلمنا ، والذي تملك أسرته جزءا من أرضه إضافة إلى كهف وحظيرة أغنام في السفح المواجه له .
شرع عارف في القراءة ما أن أخذ رشفة من فنجان القهوة مبديا جودة مذاقها :
في الفصل الحادي والأربعين يا يعقوب ، يرى فرعون أحلاما عجيبة يعجز حكماء وكهنة مصر عن تفسيرها . يفسرها يوسف له، ليكون ذلك طريقه إلى الثراء ، بل وطريق أسرة يعقوب إلى مصر ، لتبقى هناك طوال أربعمائة عام ، وليأت منها قبيلة بني اسرائيل التي ستصبح محور وقائع التوراة بعد ذلك. ليس هناك داع لأن أعيد التذكير إلى أنني لا أعتبر هذه النصوص نصوصا تاريخية ، تتطرق إلى وقائع حقيقية حدثت بالفعل ، فأنا كنت وما أزال أعتبرها نسيج خيال مؤلفين بدائيين . وهذا ما أثبته علماء الآثار والتاريخ بما فيهم أهم علماء اسرائيل :
1 وحدث من بعد سنتين من الزمان أن فرعون رأى حلما: وإذا هو واقف عند النهر
2 وهوذا سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم، فارتعت في روضة
3 ثم هوذا سبع بقرات أخرى طالعة وراءها من النهر قبيحة المنظر ورقيقة اللحم، فوقفت بجانب البقرات الأولى على شاطئ النهر
4 فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم البقرات السبع الحسنة المنظر والسمينة. واستيقظ فرعون
5 ثم نام فحلم ثانية: وهوذا سبع سنابل طالعة في ساق واحد سمينة وحسنة
6 ثم هوذا سبع سنابل رقيقة وملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها
7 فابتلعت السنابل الرقيقة السنابل السبع السمينة الممتلئة. واستيقظ فرعون، وإذا هو حلم
يصر المؤلف على ايراد حلمين مع أن حلما واحدا كان كافيا ليفي بغرض الخصب والمحل.
8 وكان في الصباح أن نفسه انزعجت، فأرسل ودعا جميع سحرة مصر وجميع حكمائها. وقص عليهم فرعون حلمه، فلم يكن من يعبره لفرعون
طبعا الحلم وضع خصيصا من أجل يوسف، ولا بد من التركيز على فشل حكماء وسحرة مصر، لإبراز الدور العظيم الذي سيقوم به يوسف . وسنجد لاحقا في سفر الخروج أن سحرة مصر يظهرون مهارات اعجازية أمام سحر هارون ، حيث يلقون عصيهم فتتحول إلى ثعابين ، صحيح أن عصا هارون تتحول بدورها إلى أفعى تبتلع أفاعي المصريين ، لكن هذا لا ينفي قيامهم بمعجزات !
- يا ألله شوقتني لسفر الخروج هذا يبدو أنه ممتع أيضا !
- صحيح يا سارة وآمل أن نتمكن من التطرق إليه ولو باختصار.
9 ثم كلم رئيس السقاة فرعون قائلا: أنا أتذكر اليوم خطاياي
10 فرعون سخط على عبديه ، فجعلني في حبس بيت رئيس الشرط أنا ورئيس الخبازين
11 فحلمنا حلما في ليلة واحدة أنا وهو. حلمنا كل واحد بحسب تعبير حلمه
12 وكان هناك معنا غلام عبراني عبد لرئيس الشرط، فقصصنا عليه، فعبر لنا حلمينا. عبر لكل واحد بحسب حلمه
تعبير عبراني هو تعبير جديد بدأ الكاتب اطلاقه . وهو تعبيرمحوّر ومقتبس من مفردة خبيرو في اللغة الأكادية يعود إلى سلالة اور الثالثة في الألف الثالثة قبل الميلاد ورأى الباحثون أنه يشير إلى معان كثيرة منها : الهارب ، الغازي ، العابر ، وبتحويرات ولغات قديمة مختلفة ، لتصبح : رجال الغزو، أوالغزاة ، أوالبدو ، وما شابه . وهو في الأساس لا يشير إلى تميز ديني أو عرقي أو قبلي أو حتى لغوي ، بقدر ما يشير إلى التنقل والترحال والغزو .
13 وكما عبر لنا هكذا حدث. ردني أنا إلى مقامي، وأما هو فعلقه
14 فأرسل فرعون ودعا يوسف، فأسرعوا به من السجن. فحلق وأبدل ثيابه ودخل على فرعون
15 فقال فرعون ليوسف: حلمت حلما وليس من يعبره. وأنا سمعت عنك قولا، إنك تسمع أحلاما لتعبرها
16 فأجاب يوسف فرعون قائلا: ليس لي. الله يجيب بسلامة فرعون
أصبح يوسف نبيا وعلى علاقة مباشرة بالله بحيث يجيب عنه . المؤلف لا يعرف الإلهام ، وإلا لقال أن الله يلهمه أو يوحي له !
ويعيد فرعون قص الحلم على يوسف .
25 فقال يوسف لفرعون: حلم فرعون واحد. قد أخبر الله فرعون بما هو صانع
أدرك المؤلف أنه لم يكن هناك داع لحلمين !
26 البقرات السبع الحسنة هي سبع سنين، والسنابل السبع الحسنة هي سبع سنين. هو حلم واحد
27 والبقرات السبع الرقيقة القبيحة التي طلعت وراءها هي سبع سنين، والسنابل السبع الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية تكون سبع سنين جوعا
28 هو الأمر الذي كلمت به فرعون. قد أظهر الله لفرعون ما هو صانع
29 هوذا سبع سنين قادمة شبعا عظيما في كل أرض مصر
30 ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعا، فينسى كل الشبع في أرض مصر ويتلف الجوع الأرض
31 ولا يعرف الشبع في الأرض من أجل ذلك الجوع بعده، لأنه يكون شديدا جدا
32 وأما عن تكرار الحلم على فرعون مرتين، فلأن الأمر مقرر من قبل الله، والله مسرع ليصنعه
لكن من يريد الإسراع لا يأتي بدورة خصب لسبعة أعوام ودورة قحط لسبعة أعوام أخرى ؟ يمكنه كإله أن ينزل الخصب والفقر في زمن قياسي !
33 فالآن لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما ويجعله على أرض مصر
أصبح يوسف مستشارا لفرعون أيضا دون أن يطلب إليه !
34 يفعل فرعون فيوكل نظارا على الأرض، ويأخذ خمس غلة أرض مصر في سبع سني الشبع
هو يأمر أيضا ، ويقرر ان يستولي فرعون على خمس غلة الأرض ! دون أن يشير المؤلف إلى رد فعل فرعون !
35 فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة، ويخزنون قمحا تحت يد فرعون طعاما في المدن ويحفظونه
36 فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سني الجوع التي تكون في أرض مصر، فلا تنقرض الأرض بالجوع
37 فحسن الكلام في عيني فرعون وفي عيون جميع عبيده
38 فقال فرعون لعبيده: هل نجد مثل هذا رجلا فيه روح الله
من كلام فرعون نعرف أن الإله الذي يؤمن به هو الذي يمنح البشر الحياة والمعرفة مهما كان دينهم :
" هل نجد مثل هذا رجلا فيه روح الله "
39 ثم قال فرعون ليوسف : بعد ما أعلمك الله كل هذا، ليس بصير وحكيم مثلك
40 أنت تكون على بيتي، وعلى فمك يقبل جميع شعبي إلا إن الكرسي أكون فيه أعظم منك
جيد أن فرعون ابقى على الزعامة له فلم يسلم يوسف عرش مصر !
41 ثم قال فرعون ليوسف : انظر، قد جعلتك على كل أرض مصر
42 وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف، وألبسه ثياب بوص، ووضع طوق ذهب في عنقه
43 وأركبه في مركبته الثانية، ونادوا أمامه اركعوا. وجعله على كل أرض مصر
أصبح السيد المطلق بعد فرعون والجميع يركعون له !
44 وقال فرعون ليوسف: أنا فرعون. فبدونك لا يرفع إنسان يده ولا رجله في كل أرض مصر
تعبير مجازي طريف للمؤلف ونأمل ألا يكون غير ذلك !
- ههههه ! أي أن يصبح إلها ويتحكم حتى بحركة البشر ؟
- طبعا سارة ! فالفرعون بمثابة إله وفي مقدوره أن يعين آلهة مساعدين !!
45 ودعا فرعون اسم يوسف صفنات فعنيح، وأعطاه أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون زوجة. فخرج يوسف على أرض مصر
كان على المؤلف أن يقول لنا ما معنى صفنات فعنيح بالهيروغليفية المصرية . وأن يعرفنا بالعروس وأون ، فهل أون هي مدينة أم معبد للآلهة ؟
46 وكان يوسف ابن ثلاثين سنة لما وقف قدام فرعون ملك مصر. فخرج يوسف من لدن فرعون واجتاز في كل أرض مصر
- شو يعني عمل سياحة !
- ممكن سارة !
47 وأثمرت الأرض في سبع سني الشبع بحزم
48 فجمع كل طعام السبع سنين التي كانت في أرض مصر، وجعل طعاما في المدن. طعام حقل المدينة الذي حواليها جعله فيها
هذا يعني أنه بدأ يستولي على ثروات الشعب المصري كلها ؟
49 وخزن يوسف قمحا كرمل البحر، كثيرا جدا حتى ترك العدد، إذ لم يكن له عدد
كرمل البحر ببركة يوسف طبعا !
50 وولد ليوسف ابنان قبل أن تأتي سنة الجوع، ولدتهما له أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون
51 ودعا يوسف اسم البكر منسى قائلا: لأن الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي
52 ودعا اسم الثانى أفرايم قائلا: لأن الله جعلني مثمرا في أرض مذلتي
53 ثم كملت سبع سني الشبع الذي كان في أرض مصر
54 وابتدأت سبع سني الجوع تأتي كما قال يوسف، فكان جوع في جميع البلدان. وأما جميع أرض مصر فكان فيها خبز
55 ولما جاعت جميع أرض مصر وصرخ الشعب إلى فرعون لأجل الخبز، قال فرعون لكل المصريين: اذهبوا إلى يوسف، والذي يقول لكم افعلوا
56 وكان الجوع على كل وجه الأرض، وفتح يوسف جميع ما فيه طعام وباع للمصريين. واشتد الجوع في أرض مصر
" باع للمصريين " ما توقعناه صحيح . وكان لا بد من قحط شامل ليأتي أبناء يعقوب تحديدا من كنعان إلى مصر ليبتاعوا قمحا ، غيرأننا سنكتشف لاحقا ما ينقض كلام المؤلف بكلام مغاير يشير إلى وجود العسل واللوز وغيرهما رغم سني القحط !
57 وجاءت كل الأرض إلى مصر إلى يوسف لتشتري قمحا، لأن الجوع كان شديدا في كل الأرض
" كل الأرض" طبعا كل الأرض التي يعرفها المؤلف فقط ، وحتى هذا غير معقول! ومن أين جاءوا بالنقود ليشتروا ؟
*****
في الفصل الثاني والأربعين يا يعقوب ، يدفع اسرائيل أبناءه للذهاب إلى مصر ليبتاعوا قمحا، و لتبدأ مسرحية ميلودرامية مغرقة في الإفتعال!
1 فلما رأى يعقوب أنه يوجد قمح في مصر، قال يعقوب لبنيه: لماذا تنظرون بعضكم إلى بعض
2 وقال إني قد سمعت أنه يوجد قمح في مصر. انزلوا إلى هناك واشتروا لنا من هناك لنحيا ولا نموت
لاحظوا تعبير " انزلوا" كإشارة إلى مكان قريب وليس سفرا من بلد إلى آخر.
3 فنزل عشرة من إخوة يوسف ليشتروا قمحا من مصر
" فنزل " !
4 وأما بنيامين أخو يوسف فلم يرسله يعقوب مع إخوته، لأنه قال: لعله تصيبه أذية
بنيامين الأخ الشقيق وهو أكثر المحبوبين بعد يوسف كونه ابن راحيل الذي ماتت عند ولادته!
5 فأتى بنو إسرائيل ليشتروا بين الذين أتوا، لأن الجوع كان في أرض كنعان
أود التذكير أن تسمية "أرض كنعان " نسبة إلى كنعان بن حام بن نوح ، قد ينطبق عليها إلى حد كبير ما ينطبق على قصة نوح كلها كأسطورة يستحيل حدوثها ، فعلى الأغلب أن بلاد الشام كانت تنسب إلى الأشوريين ، ثم تحولت فيما بعدإلى السوريين ، لأن وجود كنعان هذا والكنعانيين المنسوبين إليه لا وجود لهم خارج النص التوراتي ، وهو على الأغلب تلفيق تم لاحقا من قبل المستشرقين ليتلاءم مع التوراة ، وليقع فيه بعض المؤرخين ، الذين راحوا ينسبون التاريخ إلى نوح وأسرته : من الشعوب والأمم إلى اللغات والأعراق ! فوجود كنعان آخر غير كنعان التوراتي لم يثبت بعد . وأصل جذر المفردة ( كنع ) حسب بعض اللغات القديمة يعود إلى الخنوع ( خنع) والقناعة ( قنع ) والتواضع والإنخفاض، ولا يشير إلى قومية أوعرق بشري أو حتى شعب ! وحتى اليوم لم يعرف المؤرخون ما هو مؤكد ولا لبس فيه لنسب الكنعانيين ،أو بلاد كنعان ، وإن اتفق على أن بلاد الشام الحالية هي ما أطلق عليه بلاد أو أرض كنعان ،وليس فلسطين وحدها.
- هل هذا يعني أنه لا وجود لشعوب سامية ولغات سامية وما إلى ذلك ؟ !
- بالتأكيد سارة ! والحركة الصهيونية احتكرت هذا الوهم لها وحدها ، فأصبح كل من ينتقد اسرائيل معاديا للسامية، التي لا وجود لها إلا عبر الأسطورة التوراتية التي تنسبها إلى سام بن نوح !
- أنا خائفة عليك أستاذ عارف أن تطالك التهمة وأن يحاولوا التخلص منك !
- التهمة طالتني من زمان ، وطالما أنهم لم يتخلصوا مني حتى اليوم ، فهذا يعني أن القرار لم يتخذ بعد !
- آمل أن لا يتخذ !
- وأنا آمل أيضا !
- شكرا لكما .. لنعود إلى قصة يوسف .
- أود أن أسألك لو سمحت!
- تفضلي !
- ألست خائفا على نفسك ؟
- ليس هناك فلسطيني تحت الإحتلال غير خائف على نفسه يا سارة ، ما أدركه وما يدركه اليوم كل فلسطيني ، أن زمن النزوح انتهى ، إما أن نحيا على هذه الأرض وإما أن نموت عليها . تشردنا كثيرا يا سارة ، وما يزال الملايين منّا مشردين . أدرك أن في مقدور الشاباك أن تغتالني بكل بساطة حين تريد ، وما أدركه جيدا أيضا أنني لن أهرب من قدري حتى لو كان فيه مقتلي !
صمت عارف للحظات ، وصمتت سارة .. استأنف عارف قراءة وتحليل قصة يوسف :
6 وكان يوسف هو المسلط على الأرض، وهو البائع لكل شعب الأرض. فأتى إخوة يوسف وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض
- وهل كان السجود مطلبا أيضا لمن يريد الشراء ؟
تساءلت سارة ,
- اسألي المؤلف سارة !
أجاب عارف.
7 ولما نظر يوسف إخوته عرفهم، فتنكر لهم وتكلم معهم بجفاء، وقال لهم: من أين جئتم ؟ فقالوا: من أرض كنعان لنشتري طعاما
لاحظا أنهم قالوا "من أرض كنعان" وليس أرض اسرائيل ، وهذا يعني أن لا أحد يقتنع بالوعد حتى حينه، رغم أنه قائم على اسطورة كنعان !
8 وعرف يوسف إخوته، وأما هم فلم يعرفوه
9 فتذكر يوسف الأحلام التي حلم عنهم، وقال لهم: جواسيس أنتم لتروا عورة الأرض جئتم
حلو تعبير عورة الأرض ! يقصد عيوبها كما يبدو، أي المناطق الممكن غزوها على الأغلب!
10 فقالوا له: لا يا سيدي، بل عبيدك جاءوا ليشتروا طعاما
11 نحن جميعنا بنو رجل واحد. نحن أمناء، ليس عبيدك جواسيس
12 فقال لهم: كلا بل لتروا عورة الأرض جئتم
13 فقالوا: عبيدك اثنا عشر أخا. نحن بنو رجل واحد في أرض كنعان. وهوذا الصغير عند أبينا اليوم، والواحد مفقود
وما حاجة يوسف إلى هذا التقرير طالما أنهم لم يعرفوه ، ليتم استكمال المسرحية الساذجة!
14 فقال لهم يوسف: ذلك ما كلمتكم به قائلا: جواسيس أنتم
15 بهذا تمتحنون. وحياة فرعون لا تخرجون من هنا إلا بمجيء أخيكم الصغير إلى هنا
حوارمفتعل فاشل من مؤلف فاشل ! كان يجب التمهيد للأمر بشكل مختلف ، وكان من الأفضل أن يعرف اخوته بنفسه بدلا من هذه المسرحية المفتعلة .
16 أرسلوا منكم واحدا ليجيء بأخيكم، وأنتم تحبسون، فيمتحن كلامكم هل عندكم صدق. وإلا فوحياة فرعون إنكم لجواسيس !
وكأن الذهاب إلى بلاد كنعان مسألة لا تتطلب مشقة أسابيع . ثم إن يوسف بدأ يقسم بحياة فرعون كإله ، أي أنه آمن به دون أن يغضب يهوه !
17 فجمعهم إلى حبس ثلاثة أيام
18 ثم قال لهم يوسف في اليوم الثالث: افعلوا هذا واحيوا. أنا خائف الله
لعله خاف الإله الفرعوني !
19 إن كنتم أمناء فليحبس أخ واحد منكم في بيت حبسكم، وانطلقوا أنتم وخذوا قمحا لمجاعة بيوتكم
20 وأحضروا أخاكم الصغير إلي، فيتحقق كلامكم ولا تموتوا. ففعلوا هكذا
21 وقالوا بعضهم لبعض: حقا إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع. لذلك جاءت علينا هذه الضيقة
لم يرد طلب الرحمة هذا من قبل يوسف حين ألقوه في البئر. وكان تصويره لغويا فاشلا !
22 فأجابهم رأوبين قائلا: ألم أكلمكم قائلا: لاتأثموا بالولد، وأنتم لم تسمعوا ؟ فهوذا دمه يطلب
23 وهم لم يعلموا أن يوسف فاهم لأن الترجمان كان بينهم
يشير المؤلف بشكل سيء إلى أن ترجمة كانت تجري بين يوسف وأخوته لأنه ظهر أمامهم كمصري لا يعرف لغتهم . وكان يجب أن يذكر هذا منذ أن قابلوه .
24 فتحول عنهم وبكى، ثم رجع إليهم وكلمهم، وأخذ منهم شمعون وقيده أمام عيونهم
ما الداعي إلى البكاء هنا ؟ مجرد افتعال.
25 ثم أمر يوسف أن تملأ أوعيتهم قمحا، وترد فضة كل واحد إلى عدله، وأن يعطوا زادا للطريق . ففعل لهم هكذا
كم هو فاشل هذا المؤلف يا يعقوب؟ هل أغمض اخوة يوسف عيونهم عند تعبئة القمح وإعادة الفضة إلى العدول؟
26 فحملوا قمحهم على حميرهم ومضوا من هناك
27 فلما فتح أحدهم عدله ليعطي عليقا لحماره في المنزل، رأى فضته وإذا هي في فم عدله
هنا مغالطة أكثر سذاجة من سابقاتها . فالمؤلف يفترض أن المسافة بين مصر وبلاد كنعان يمكن أن تقطع خلال زمن قصير بحيث لا يحتاج الحمار إلى علف إلا بعد الوصول إلى المنزل . وهذا دليل آخر يشير إلى أن الوقائع تجري في مكانين قريبين جدا من بعضهما وليس في مصر وكنعان ، وحورت الوقائع فيما بعد لتصبح بين فلسطين ومصر دون أن يراعى تعديل النص ليلائم التزوير. وبالتأكيد لم يكن الأمر خصبا وقحطا لأربعة عشر عاما كما صور المؤلف ! إنه التزوير نفسه الذي حول أحداث التوراة كلها من اليمن إلى فلسطين.
28 فقال لإخوته: ردت فضتي وها هي في عدلي. فطارت قلوبهم وارتعدوا بعضهم في بعض قائلين : ما هذا الذي صنعه الله بنا ؟
- تسعة أخوة لم يروا أن فضتهم قد أعيدت لهم ، وبالتأكيد لم يروا عدولهم وهي تملأ قمحا ؟ هل يعقل أن يتم البيع والشراء بهذه الطريقة ؟ هل المؤلف ساذج إلى هذا الحد ، أم أنّه أحمق !
عقبت سارة !
- أنت محقة سارة !
29 فجاءوا إلى يعقوب أبيهم إلى أرض كنعان، وأخبروه بكل ما أصابهم قائلين
30 تكلم معنا الرجل سيد الأرض بجفاء، وحسبنا جواسيس الأرض
وأخبروا أباهم بما جرى .
35 وإذ كانوا يفرغون عدالهم إذا صرة فضة كل واحد في عدله. فلما رأوا صرر فضتهم هم وأبوهم خافوا
لم يأخذ يوسف من أخوته ثمنا للقمح عكس ما فعله مع المصريين . يا حرام ! المصريون يبتاعون قمحهم المستولى عليه من قبل يوسف ، أما أبناء اسرائيل فيحصلون عليه دون مقابل! عدالة اسرائيلية كما هي عدالة اسرائيل اليوم ، ومع ذلك يتخوّف أخوة يوسف من العاقبة ولا يرون أنهم مكرّمون ! ويصدقون أن يوسف يريد احضار بنيامين ليتأكد أنهم ليسوا جواسيس!
36 فقال لهم يعقوب: أعدمتموني الأولاد. يوسف مفقود، وشمعون مفقود، وبنيامين تأخذونه . صار كل هذا علي
37 وكلم رأوبين أباه قائلا: اقتل ابني إن لم أجئ به إليك. سلمه بيدي وأنا أرده إليك
38 فقال: لا ينزل ابني معكم، لأن أخاه قد مات، وهو وحده باق. فإن أصابته أذية في الطريق التي تذهبون فيها تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية
لاحظوا " لا ينزل ابني " والإشارة إلى مكان قريب. حتى ان التعبير يطلق على الشيب أيضا !
****
يعود أخوة يوسف مع بنيامين للحصول على المزيد من المؤن مصطحبين هدايا ليوسف بناء على نصيحة يعقوب:
11 فقال لهم إسرائيل أبوهم: إن كان هكذا فافعلوا هذا: خذوا من أفخر جنى الأرض في أوعيتكم، وأنزلوا للرجل هدية. قليلا من البلسان، وقليلا من العسل، وكثيراء ولاذنا وفستقا ولوزا
أية مهزلة هذه ؟ أفبعد القحط الذي أصاب كل الأرض لسبع سنين، بقي في بلاد كنعان عسل وبلسان ولوز ولاذن وكثيراء ، ولم يبق فيها قمح ؟
- هههه وما هي الكثيراء واللاذن والبلسان؟
- البلسان هو البيلسان يا سارة وهو من فصيلة الأشجارالعطرية التي يستخرج منها بخور وعطور. واللاذن من فصيلة النباتات اللاذنية يستخرج منه علكة وأدوية وعطور . أما الكثيراء فهو من الفصيلة القرنية مثل الفول والفاصوليا..
12 وخذوا فضة أخرى في أياديكم. والفضة المردودة في أفواه عدالكم ردوها في أياديكم، لعله كان سهوا
لم يعرف المؤلف كيف يصور رؤية يعقوب لعودة الفضة إلا بالسهو ! ومن الواضح أن وجود كل هذه المواد لا يشير إلى قحط شامل دام لسبع سنين !
13 وخذوا أخاكم وقوموا ارجعوا إلى الرجل
14 والله القدير يعطيكم رحمة أمام الرجل حتى يطلق لكم أخاكم الآخر وبنيامين. وأنا إذا عدمت الأولاد عدمتهم
يفترض أن يقول عدمتكم!
15 فأخذ الرجال هذه الهدية، وأخذوا ضعف الفضة في أياديهم، وبنيامين، وقاموا ونزلوا إلى مصر ووقفوا أمام يوسف
لنتوقف مع التعبير المكرر قليلا :
" نزلوا إلى مصر " هذا التعبير لا يطلق على من يذهب من فلسطين إلى مصر، فثمة منطقة صحراوية شاسعة بينهما ( صحراء سيناء) وسبق لتعبير مشابه " انحدار" أطلق على ذهاب ابراهيم إلى مصربعد قحط أيضا . تكوين 12/10 هذا التعبير لا يستخدم إلا مع مكانين قريبين يعلو أحدهما نسبيا الآخر. ويلاحظ في اسلوب الخطاب السردي، أنه لا يتم التطرق إلى زمن المسير، ولا إلى محطات استراحة أو التطرق إلى أيام إلى أن يصلوا..
16 فلما رأى يوسف بنيامين معهم، قال للذي على بيته: أدخل الرجال إلى البيت واذبح ذبيحة وهيئ، لأن الرجال يأكلون معي عند الظهر
17 ففعل الرجل كما قال يوسف. وأدخل الرجل الرجال إلى بيت يوسف
18 فخاف الرجال إذ أدخلوا إلى بيت يوسف، وقالوا: لسبب الفضة التي رجعت أولا في عدالنا نحن قد أدخلنا ليهجم علينا ويقع بنا ويأخذنا عبيدا وحميرنا
حوار غير معقول بناء على افتراض ساذج غير معقول أيضا .
19 فتقدموا إلى الرجل الذي على بيت يوسف، وكلموه في باب البيت
20 وقالوا: استمع يا سيدي، إننا قد نزلنا أولا لنشتري طعاما
21 وكان لما أتينا إلى المنزل أننا فتحنا عدالنا، وإذا فضة كل واحد في فم عدله. فضتنا بوزنها. فقد رددناها في أيادينا
22 وأنزلنا فضة أخرى في أيادينا لنشتري طعاما. لا نعلم من وضع فضتنا في عدالنا
23 فقال: سلام لكم، لا تخافوا. إلهكم وإله أبيكم أعطاكم كنزا في عدالكم. فضتكم وصلت إلي. ثم أخرج إليهم شمعون
هل أصبح الرجل المصري يهوويا ويعرف إله بني اسرائيل؟!
24 وأدخل الرجل الرجال إلى بيت يوسف وأعطاهم ماء ليغسلوا أرجلهم، وأعطى عليقا لحميرهم
25 وهيأوا الهدية إلى أن يجيء يوسف عند الظهر، لأنهم سمعوا أنهم هناك يأكلون طعاما
- هههههه " يجيء يوسف عند الظهر" هذا يعني أنهم انطلقوا من كنعان في الصباح ووصلوا إلى مصر قبل الظهر، والرحلة على الحمير وليست في قطار !
- أحسنت سارة . احضري دائما لتساعديني في تحليل نصوص توراتكم !
26 فلما جاء يوسف إلى البيت أحضروا إليه الهدية التي في أياديهم إلى البيت، وسجدوا له إلى الأرض
27 فسأل عن سلامتهم، وقال: أسالم أبوكم الشيخ الذي قلتم عنه ؟ أحي هو بعد
28 فقالوا: عبدك أبونا سالم. هو حي بعد. وخروا وسجدوا
هل أصبح السجود قياما وقعودا؟
29 فرفع عينيه ونظر بنيامين أخاه ابن أمه، وقال: أهذا أخوكم الصغير الذي قلتم لي عنه ؟ ثم قال: الله ينعم عليك يا ابني
30 واستعجل يوسف لأن أحشاءه حنت إلى أخيه وطلب مكانا ليبكي، فدخل المخدع وبكى هناك
عدنا إلى الميلودراما المفتعلة !
31 ثم غسل وجهه وخرج وتجلد، وقال: قدموا طعاما
32 فقدموا له وحده، ولهم وحدهم، وللمصريين الآكلين عنده وحدهم، لأن المصريين لا يقدرون أن يأكلوا طعاما مع العبرانيين، لأنه رجس عند المصريين
هذه معلومة جديدة ملفقة بالتأكيد!
33 فجلسوا قدامه: البكر بحسب بكوريته، والصغير بحسب صغره، فبهت الرجال بعضهم إلى بعض
34 ورفع حصصا من قدامه إليهم، فكانت حصة بنيامين أكثر من حصص جميعهم خمسة أضعاف. وشربوا ورووا معه
وهل سيأكل بنيامين هذا القدر من الطعام ؟
*****
تتكررمهزلة الطاسات ومهزلة السرد المفتعلة في الفصل الرابع والاربعين يا يعقوب :
1 ثم أمر الذي على بيته قائلا: املأ عدال الرجال طعاما حسب ما يطيقون حمله، وضع فضة كل واحد في فم عدله
2 وطاسي، طاس الفضة، تضع في فم عدل الصغير، وثمن قمحه. ففعل بحسب كلام يوسف الذي تكلم به
طالما على حساب المصريين لماذا لا ؟ ثم إنه أمر بوضع كأسه الخاص في عدل بنيامين !
3 فلما أضاء الصبح انصرف الرجال هم وحميرهم
4 ولما كانوا قد خرجوا من المدينة ولم يبتعدوا، قال يوسف للذي على بيته: قم اسع وراء الرجال، ومتى أدركتهم فقل لهم: لماذا جازيتم شرا عوضا عن خير
صار السرد مفتعلا إلى حد غير معقول !
5 أليس هذا هو الذي يشرب سيدي فيه ؟ وهو يتفاءل به. أسأتم في ما صنعتم
6 فأدركهم وقال لهم هذا الكلام
7 فقالوا له: لماذا يتكلم سيدي مثل هذا الكلام ؟ حاشا لعبيدك أن يفعلوا مثل هذا الأمر
8 هوذا الفضة التي وجدنا في أفواه عدالنا رددناها إليك من أرض كنعان. فكيف نسرق من بيت سيدك فضة أو ذهبا
9 الذي يوجد معه من عبيدك يموت، ونحن أيضا نكون عبيدا لسيدي
10 فقال: نعم، الآن بحسب كلامكم هكذا يكون. الذي يوجد معه يكون لي عبدا، وأما أنتم فتكونون أبرياء
11 فاستعجلوا وأنزلوا كل واحد عدله إلى الأرض، وفتحوا كل واحد عدله
12 ففتش مبتدئا من الكبير حتى انتهى إلى الصغير، فوجد الطاس في عدل بنيامين
13 فمزقوا ثيابهم وحمل كل واحد على حماره ورجعوا إلى المدينة
لماذا لم يذكر المؤلف اسم المدينة المصرية كما بدا حريصا على ذكر اسم المدن الكنعانية ؟ ثم هل تستدعي هذه المسرحية تمزيق الثياب ؟
14 فدخل يهوذا وإخوته إلى بيت يوسف وهو بعد هناك، ووقعوا أمامه على الأرض
15 فقال لهم يوسف: ما هذا الفعل الذي فعلتم ؟ ألم تعلموا أن رجلا مثلي يتفاءل
16 فقال يهوذا: ماذا نقول لسيدي ؟ ماذا نتكلم ؟ وبماذا نتبرر ؟ الله قد وجد إثم عبيدك. ها نحن عبيد لسيدي، نحن والذي وجد الطاس في يده جميعا
17 فقال: حاشا لي أن أفعل هذا الرجل الذي وجد الطاس في يده هو يكون لي عبدا، وأما أنتم فاصعدوا بسلام إلى أبيكم
إغراق في الافتعال.
18 ثم تقدم إليه يهوذا وقال: استمع يا سيدي. ليتكلم عبدك كلمة في أذني سيدي ولا يحم غضبك على عبدك، لأنك مثل فرعون
19 سيدي سأل عبيده قائلا: هل لكم أب أوأخ
20 فقلنا لسيدي: لنا أب شيخ، وابن شيخوخة صغير، مات أخوه وبقي هو وحده لأمه، وأبوه يحبه
21 فقلت لعبيدك: انزلوا به إلي فأجعل نظري عليه
22 فقلنا لسيدي: لايقدر الغلام أن يترك أباه، وإن ترك أباه يموت
23 فقلت لعبيدك: إن لم ينزل أخوكم الصغير معكم لا تعودوا تنظرون وجهي
24 فكان لما صعدنا إلى عبدك أبي أننا أخبرناه بكلام سيدي
25 ثم قال أبونا: ارجعوا اشتروا لنا قليلا من الطعام
26 فقلنا: لا نقدر أن ننزل، وإنما إذا كان أخونا الصغير معنا ننزل، لأننا لا نقدر أن ننظر وجه الرجل وأخونا الصغير ليس معنا
30 فالآن متى جئت إلى عبدك أبي، والغلام ليس معنا، ونفسه مرتبطة بنفسه
31 يكون متى رأى أن الغلام مفقود، أنه يموت، فينزل عبيدك شيبة عبدك أبينا بحزن إلى الهاوية
32 لأن عبدك ضمن الغلام لأبي قائلا: إن لم أجئ به إليك أصر مذنبا إلى أبي كل الأيام
33 فالآن ليمكث عبدك عوضا عن الغلام، عبدا لسيدي، ويصعد الغلام مع إخوته
34 لأني كيف أصعد إلى أبي والغلام ليس معي ؟ لئلا أنظر الشر الذي يصيب أبي يفترض أن يتكلم رأوبين بهذا الكلام وليس يهوذا . وإلى اللقاء في الحلقة الأخيرة من قصة يوسف ومن سفر التكوين كله .
****
* يوسف ثريا في مصر!
رافقتني ساراي أيضا لمحاضرة عارف نذير الحق قبل الأخيرة عن سفر التكوين كله . وأصرت على أن نأخذ نحن القهوة هذه المرة ، وأخذت مني رقم هاتف عارف واتصلت به طالبة إليه أن لا يحضر قهوة معه لأننا سنحضر نحن . وسألته عما إذا يحب النسكافيه ، وعما إذا كان يرغب في مشروب آخر . أخبرها أنه يحب النسكافيه السويسرية ، وإذا أمكن مع الهيل، لأن مذاقها يصبح كمذاق القهوة المرة! وهذا ماتم . ملأنا تيرموس بالنسكافيه وانطلقنا بسيارة ساراي إلى أقرب نقطة لمكان لقائنا ، في البطين الذي شهد الكثير من طفولة عارف ، حسب ما أعلمنا ، والذي تملك أسرته جزءا من أرضه إضافة إلى كهف وحظيرة أغنام في السفح المواجه له .
شرع عارف في القراءة ما أن أخذ رشفة من فنجان القهوة مبديا جودة مذاقها :
في الفصل الحادي والأربعين يا يعقوب ، يرى فرعون أحلاما عجيبة يعجز حكماء وكهنة مصر عن تفسيرها . يفسرها يوسف له، ليكون ذلك طريقه إلى الثراء ، بل وطريق أسرة يعقوب إلى مصر ، لتبقى هناك طوال أربعمائة عام ، وليأت منها قبيلة بني اسرائيل التي ستصبح محور وقائع التوراة بعد ذلك. ليس هناك داع لأن أعيد التذكير إلى أنني لا أعتبر هذه النصوص نصوصا تاريخية ، تتطرق إلى وقائع حقيقية حدثت بالفعل ، فأنا كنت وما أزال أعتبرها نسيج خيال مؤلفين بدائيين . وهذا ما أثبته علماء الآثار والتاريخ بما فيهم أهم علماء اسرائيل :
1 وحدث من بعد سنتين من الزمان أن فرعون رأى حلما: وإذا هو واقف عند النهر
2 وهوذا سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم، فارتعت في روضة
3 ثم هوذا سبع بقرات أخرى طالعة وراءها من النهر قبيحة المنظر ورقيقة اللحم، فوقفت بجانب البقرات الأولى على شاطئ النهر
4 فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم البقرات السبع الحسنة المنظر والسمينة. واستيقظ فرعون
5 ثم نام فحلم ثانية: وهوذا سبع سنابل طالعة في ساق واحد سمينة وحسنة
6 ثم هوذا سبع سنابل رقيقة وملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها
7 فابتلعت السنابل الرقيقة السنابل السبع السمينة الممتلئة. واستيقظ فرعون، وإذا هو حلم
يصر المؤلف على ايراد حلمين مع أن حلما واحدا كان كافيا ليفي بغرض الخصب والمحل.
8 وكان في الصباح أن نفسه انزعجت، فأرسل ودعا جميع سحرة مصر وجميع حكمائها. وقص عليهم فرعون حلمه، فلم يكن من يعبره لفرعون
طبعا الحلم وضع خصيصا من أجل يوسف، ولا بد من التركيز على فشل حكماء وسحرة مصر، لإبراز الدور العظيم الذي سيقوم به يوسف . وسنجد لاحقا في سفر الخروج أن سحرة مصر يظهرون مهارات اعجازية أمام سحر هارون ، حيث يلقون عصيهم فتتحول إلى ثعابين ، صحيح أن عصا هارون تتحول بدورها إلى أفعى تبتلع أفاعي المصريين ، لكن هذا لا ينفي قيامهم بمعجزات !
- يا ألله شوقتني لسفر الخروج هذا يبدو أنه ممتع أيضا !
- صحيح يا سارة وآمل أن نتمكن من التطرق إليه ولو باختصار.
9 ثم كلم رئيس السقاة فرعون قائلا: أنا أتذكر اليوم خطاياي
10 فرعون سخط على عبديه ، فجعلني في حبس بيت رئيس الشرط أنا ورئيس الخبازين
11 فحلمنا حلما في ليلة واحدة أنا وهو. حلمنا كل واحد بحسب تعبير حلمه
12 وكان هناك معنا غلام عبراني عبد لرئيس الشرط، فقصصنا عليه، فعبر لنا حلمينا. عبر لكل واحد بحسب حلمه
تعبير عبراني هو تعبير جديد بدأ الكاتب اطلاقه . وهو تعبيرمحوّر ومقتبس من مفردة خبيرو في اللغة الأكادية يعود إلى سلالة اور الثالثة في الألف الثالثة قبل الميلاد ورأى الباحثون أنه يشير إلى معان كثيرة منها : الهارب ، الغازي ، العابر ، وبتحويرات ولغات قديمة مختلفة ، لتصبح : رجال الغزو، أوالغزاة ، أوالبدو ، وما شابه . وهو في الأساس لا يشير إلى تميز ديني أو عرقي أو قبلي أو حتى لغوي ، بقدر ما يشير إلى التنقل والترحال والغزو .
13 وكما عبر لنا هكذا حدث. ردني أنا إلى مقامي، وأما هو فعلقه
14 فأرسل فرعون ودعا يوسف، فأسرعوا به من السجن. فحلق وأبدل ثيابه ودخل على فرعون
15 فقال فرعون ليوسف: حلمت حلما وليس من يعبره. وأنا سمعت عنك قولا، إنك تسمع أحلاما لتعبرها
16 فأجاب يوسف فرعون قائلا: ليس لي. الله يجيب بسلامة فرعون
أصبح يوسف نبيا وعلى علاقة مباشرة بالله بحيث يجيب عنه . المؤلف لا يعرف الإلهام ، وإلا لقال أن الله يلهمه أو يوحي له !
ويعيد فرعون قص الحلم على يوسف .
25 فقال يوسف لفرعون: حلم فرعون واحد. قد أخبر الله فرعون بما هو صانع
أدرك المؤلف أنه لم يكن هناك داع لحلمين !
26 البقرات السبع الحسنة هي سبع سنين، والسنابل السبع الحسنة هي سبع سنين. هو حلم واحد
27 والبقرات السبع الرقيقة القبيحة التي طلعت وراءها هي سبع سنين، والسنابل السبع الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية تكون سبع سنين جوعا
28 هو الأمر الذي كلمت به فرعون. قد أظهر الله لفرعون ما هو صانع
29 هوذا سبع سنين قادمة شبعا عظيما في كل أرض مصر
30 ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعا، فينسى كل الشبع في أرض مصر ويتلف الجوع الأرض
31 ولا يعرف الشبع في الأرض من أجل ذلك الجوع بعده، لأنه يكون شديدا جدا
32 وأما عن تكرار الحلم على فرعون مرتين، فلأن الأمر مقرر من قبل الله، والله مسرع ليصنعه
لكن من يريد الإسراع لا يأتي بدورة خصب لسبعة أعوام ودورة قحط لسبعة أعوام أخرى ؟ يمكنه كإله أن ينزل الخصب والفقر في زمن قياسي !
33 فالآن لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما ويجعله على أرض مصر
أصبح يوسف مستشارا لفرعون أيضا دون أن يطلب إليه !
34 يفعل فرعون فيوكل نظارا على الأرض، ويأخذ خمس غلة أرض مصر في سبع سني الشبع
هو يأمر أيضا ، ويقرر ان يستولي فرعون على خمس غلة الأرض ! دون أن يشير المؤلف إلى رد فعل فرعون !
35 فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة، ويخزنون قمحا تحت يد فرعون طعاما في المدن ويحفظونه
36 فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سني الجوع التي تكون في أرض مصر، فلا تنقرض الأرض بالجوع
37 فحسن الكلام في عيني فرعون وفي عيون جميع عبيده
38 فقال فرعون لعبيده: هل نجد مثل هذا رجلا فيه روح الله
من كلام فرعون نعرف أن الإله الذي يؤمن به هو الذي يمنح البشر الحياة والمعرفة مهما كان دينهم :
" هل نجد مثل هذا رجلا فيه روح الله "
39 ثم قال فرعون ليوسف : بعد ما أعلمك الله كل هذا، ليس بصير وحكيم مثلك
40 أنت تكون على بيتي، وعلى فمك يقبل جميع شعبي إلا إن الكرسي أكون فيه أعظم منك
جيد أن فرعون ابقى على الزعامة له فلم يسلم يوسف عرش مصر !
41 ثم قال فرعون ليوسف : انظر، قد جعلتك على كل أرض مصر
42 وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف، وألبسه ثياب بوص، ووضع طوق ذهب في عنقه
43 وأركبه في مركبته الثانية، ونادوا أمامه اركعوا. وجعله على كل أرض مصر
أصبح السيد المطلق بعد فرعون والجميع يركعون له !
44 وقال فرعون ليوسف: أنا فرعون. فبدونك لا يرفع إنسان يده ولا رجله في كل أرض مصر
تعبير مجازي طريف للمؤلف ونأمل ألا يكون غير ذلك !
- ههههه ! أي أن يصبح إلها ويتحكم حتى بحركة البشر ؟
- طبعا سارة ! فالفرعون بمثابة إله وفي مقدوره أن يعين آلهة مساعدين !!
45 ودعا فرعون اسم يوسف صفنات فعنيح، وأعطاه أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون زوجة. فخرج يوسف على أرض مصر
كان على المؤلف أن يقول لنا ما معنى صفنات فعنيح بالهيروغليفية المصرية . وأن يعرفنا بالعروس وأون ، فهل أون هي مدينة أم معبد للآلهة ؟
46 وكان يوسف ابن ثلاثين سنة لما وقف قدام فرعون ملك مصر. فخرج يوسف من لدن فرعون واجتاز في كل أرض مصر
- شو يعني عمل سياحة !
- ممكن سارة !
47 وأثمرت الأرض في سبع سني الشبع بحزم
48 فجمع كل طعام السبع سنين التي كانت في أرض مصر، وجعل طعاما في المدن. طعام حقل المدينة الذي حواليها جعله فيها
هذا يعني أنه بدأ يستولي على ثروات الشعب المصري كلها ؟
49 وخزن يوسف قمحا كرمل البحر، كثيرا جدا حتى ترك العدد، إذ لم يكن له عدد
كرمل البحر ببركة يوسف طبعا !
50 وولد ليوسف ابنان قبل أن تأتي سنة الجوع، ولدتهما له أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون
51 ودعا يوسف اسم البكر منسى قائلا: لأن الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي
52 ودعا اسم الثانى أفرايم قائلا: لأن الله جعلني مثمرا في أرض مذلتي
53 ثم كملت سبع سني الشبع الذي كان في أرض مصر
54 وابتدأت سبع سني الجوع تأتي كما قال يوسف، فكان جوع في جميع البلدان. وأما جميع أرض مصر فكان فيها خبز
55 ولما جاعت جميع أرض مصر وصرخ الشعب إلى فرعون لأجل الخبز، قال فرعون لكل المصريين: اذهبوا إلى يوسف، والذي يقول لكم افعلوا
56 وكان الجوع على كل وجه الأرض، وفتح يوسف جميع ما فيه طعام وباع للمصريين. واشتد الجوع في أرض مصر
" باع للمصريين " ما توقعناه صحيح . وكان لا بد من قحط شامل ليأتي أبناء يعقوب تحديدا من كنعان إلى مصر ليبتاعوا قمحا ، غيرأننا سنكتشف لاحقا ما ينقض كلام المؤلف بكلام مغاير يشير إلى وجود العسل واللوز وغيرهما رغم سني القحط !
57 وجاءت كل الأرض إلى مصر إلى يوسف لتشتري قمحا، لأن الجوع كان شديدا في كل الأرض
" كل الأرض" طبعا كل الأرض التي يعرفها المؤلف فقط ، وحتى هذا غير معقول! ومن أين جاءوا بالنقود ليشتروا ؟
*****
في الفصل الثاني والأربعين يا يعقوب ، يدفع اسرائيل أبناءه للذهاب إلى مصر ليبتاعوا قمحا، و لتبدأ مسرحية ميلودرامية مغرقة في الإفتعال!
1 فلما رأى يعقوب أنه يوجد قمح في مصر، قال يعقوب لبنيه: لماذا تنظرون بعضكم إلى بعض
2 وقال إني قد سمعت أنه يوجد قمح في مصر. انزلوا إلى هناك واشتروا لنا من هناك لنحيا ولا نموت
لاحظوا تعبير " انزلوا" كإشارة إلى مكان قريب وليس سفرا من بلد إلى آخر.
3 فنزل عشرة من إخوة يوسف ليشتروا قمحا من مصر
" فنزل " !
4 وأما بنيامين أخو يوسف فلم يرسله يعقوب مع إخوته، لأنه قال: لعله تصيبه أذية
بنيامين الأخ الشقيق وهو أكثر المحبوبين بعد يوسف كونه ابن راحيل الذي ماتت عند ولادته!
5 فأتى بنو إسرائيل ليشتروا بين الذين أتوا، لأن الجوع كان في أرض كنعان
أود التذكير أن تسمية "أرض كنعان " نسبة إلى كنعان بن حام بن نوح ، قد ينطبق عليها إلى حد كبير ما ينطبق على قصة نوح كلها كأسطورة يستحيل حدوثها ، فعلى الأغلب أن بلاد الشام كانت تنسب إلى الأشوريين ، ثم تحولت فيما بعدإلى السوريين ، لأن وجود كنعان هذا والكنعانيين المنسوبين إليه لا وجود لهم خارج النص التوراتي ، وهو على الأغلب تلفيق تم لاحقا من قبل المستشرقين ليتلاءم مع التوراة ، وليقع فيه بعض المؤرخين ، الذين راحوا ينسبون التاريخ إلى نوح وأسرته : من الشعوب والأمم إلى اللغات والأعراق ! فوجود كنعان آخر غير كنعان التوراتي لم يثبت بعد . وأصل جذر المفردة ( كنع ) حسب بعض اللغات القديمة يعود إلى الخنوع ( خنع) والقناعة ( قنع ) والتواضع والإنخفاض، ولا يشير إلى قومية أوعرق بشري أو حتى شعب ! وحتى اليوم لم يعرف المؤرخون ما هو مؤكد ولا لبس فيه لنسب الكنعانيين ،أو بلاد كنعان ، وإن اتفق على أن بلاد الشام الحالية هي ما أطلق عليه بلاد أو أرض كنعان ،وليس فلسطين وحدها.
- هل هذا يعني أنه لا وجود لشعوب سامية ولغات سامية وما إلى ذلك ؟ !
- بالتأكيد سارة ! والحركة الصهيونية احتكرت هذا الوهم لها وحدها ، فأصبح كل من ينتقد اسرائيل معاديا للسامية، التي لا وجود لها إلا عبر الأسطورة التوراتية التي تنسبها إلى سام بن نوح !
- أنا خائفة عليك أستاذ عارف أن تطالك التهمة وأن يحاولوا التخلص منك !
- التهمة طالتني من زمان ، وطالما أنهم لم يتخلصوا مني حتى اليوم ، فهذا يعني أن القرار لم يتخذ بعد !
- آمل أن لا يتخذ !
- وأنا آمل أيضا !
- شكرا لكما .. لنعود إلى قصة يوسف .
- أود أن أسألك لو سمحت!
- تفضلي !
- ألست خائفا على نفسك ؟
- ليس هناك فلسطيني تحت الإحتلال غير خائف على نفسه يا سارة ، ما أدركه وما يدركه اليوم كل فلسطيني ، أن زمن النزوح انتهى ، إما أن نحيا على هذه الأرض وإما أن نموت عليها . تشردنا كثيرا يا سارة ، وما يزال الملايين منّا مشردين . أدرك أن في مقدور الشاباك أن تغتالني بكل بساطة حين تريد ، وما أدركه جيدا أيضا أنني لن أهرب من قدري حتى لو كان فيه مقتلي !
صمت عارف للحظات ، وصمتت سارة .. استأنف عارف قراءة وتحليل قصة يوسف :
6 وكان يوسف هو المسلط على الأرض، وهو البائع لكل شعب الأرض. فأتى إخوة يوسف وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض
- وهل كان السجود مطلبا أيضا لمن يريد الشراء ؟
تساءلت سارة ,
- اسألي المؤلف سارة !
أجاب عارف.
7 ولما نظر يوسف إخوته عرفهم، فتنكر لهم وتكلم معهم بجفاء، وقال لهم: من أين جئتم ؟ فقالوا: من أرض كنعان لنشتري طعاما
لاحظا أنهم قالوا "من أرض كنعان" وليس أرض اسرائيل ، وهذا يعني أن لا أحد يقتنع بالوعد حتى حينه، رغم أنه قائم على اسطورة كنعان !
8 وعرف يوسف إخوته، وأما هم فلم يعرفوه
9 فتذكر يوسف الأحلام التي حلم عنهم، وقال لهم: جواسيس أنتم لتروا عورة الأرض جئتم
حلو تعبير عورة الأرض ! يقصد عيوبها كما يبدو، أي المناطق الممكن غزوها على الأغلب!
10 فقالوا له: لا يا سيدي، بل عبيدك جاءوا ليشتروا طعاما
11 نحن جميعنا بنو رجل واحد. نحن أمناء، ليس عبيدك جواسيس
12 فقال لهم: كلا بل لتروا عورة الأرض جئتم
13 فقالوا: عبيدك اثنا عشر أخا. نحن بنو رجل واحد في أرض كنعان. وهوذا الصغير عند أبينا اليوم، والواحد مفقود
وما حاجة يوسف إلى هذا التقرير طالما أنهم لم يعرفوه ، ليتم استكمال المسرحية الساذجة!
14 فقال لهم يوسف: ذلك ما كلمتكم به قائلا: جواسيس أنتم
15 بهذا تمتحنون. وحياة فرعون لا تخرجون من هنا إلا بمجيء أخيكم الصغير إلى هنا
حوارمفتعل فاشل من مؤلف فاشل ! كان يجب التمهيد للأمر بشكل مختلف ، وكان من الأفضل أن يعرف اخوته بنفسه بدلا من هذه المسرحية المفتعلة .
16 أرسلوا منكم واحدا ليجيء بأخيكم، وأنتم تحبسون، فيمتحن كلامكم هل عندكم صدق. وإلا فوحياة فرعون إنكم لجواسيس !
وكأن الذهاب إلى بلاد كنعان مسألة لا تتطلب مشقة أسابيع . ثم إن يوسف بدأ يقسم بحياة فرعون كإله ، أي أنه آمن به دون أن يغضب يهوه !
17 فجمعهم إلى حبس ثلاثة أيام
18 ثم قال لهم يوسف في اليوم الثالث: افعلوا هذا واحيوا. أنا خائف الله
لعله خاف الإله الفرعوني !
19 إن كنتم أمناء فليحبس أخ واحد منكم في بيت حبسكم، وانطلقوا أنتم وخذوا قمحا لمجاعة بيوتكم
20 وأحضروا أخاكم الصغير إلي، فيتحقق كلامكم ولا تموتوا. ففعلوا هكذا
21 وقالوا بعضهم لبعض: حقا إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع. لذلك جاءت علينا هذه الضيقة
لم يرد طلب الرحمة هذا من قبل يوسف حين ألقوه في البئر. وكان تصويره لغويا فاشلا !
22 فأجابهم رأوبين قائلا: ألم أكلمكم قائلا: لاتأثموا بالولد، وأنتم لم تسمعوا ؟ فهوذا دمه يطلب
23 وهم لم يعلموا أن يوسف فاهم لأن الترجمان كان بينهم
يشير المؤلف بشكل سيء إلى أن ترجمة كانت تجري بين يوسف وأخوته لأنه ظهر أمامهم كمصري لا يعرف لغتهم . وكان يجب أن يذكر هذا منذ أن قابلوه .
24 فتحول عنهم وبكى، ثم رجع إليهم وكلمهم، وأخذ منهم شمعون وقيده أمام عيونهم
ما الداعي إلى البكاء هنا ؟ مجرد افتعال.
25 ثم أمر يوسف أن تملأ أوعيتهم قمحا، وترد فضة كل واحد إلى عدله، وأن يعطوا زادا للطريق . ففعل لهم هكذا
كم هو فاشل هذا المؤلف يا يعقوب؟ هل أغمض اخوة يوسف عيونهم عند تعبئة القمح وإعادة الفضة إلى العدول؟
26 فحملوا قمحهم على حميرهم ومضوا من هناك
27 فلما فتح أحدهم عدله ليعطي عليقا لحماره في المنزل، رأى فضته وإذا هي في فم عدله
هنا مغالطة أكثر سذاجة من سابقاتها . فالمؤلف يفترض أن المسافة بين مصر وبلاد كنعان يمكن أن تقطع خلال زمن قصير بحيث لا يحتاج الحمار إلى علف إلا بعد الوصول إلى المنزل . وهذا دليل آخر يشير إلى أن الوقائع تجري في مكانين قريبين جدا من بعضهما وليس في مصر وكنعان ، وحورت الوقائع فيما بعد لتصبح بين فلسطين ومصر دون أن يراعى تعديل النص ليلائم التزوير. وبالتأكيد لم يكن الأمر خصبا وقحطا لأربعة عشر عاما كما صور المؤلف ! إنه التزوير نفسه الذي حول أحداث التوراة كلها من اليمن إلى فلسطين.
28 فقال لإخوته: ردت فضتي وها هي في عدلي. فطارت قلوبهم وارتعدوا بعضهم في بعض قائلين : ما هذا الذي صنعه الله بنا ؟
- تسعة أخوة لم يروا أن فضتهم قد أعيدت لهم ، وبالتأكيد لم يروا عدولهم وهي تملأ قمحا ؟ هل يعقل أن يتم البيع والشراء بهذه الطريقة ؟ هل المؤلف ساذج إلى هذا الحد ، أم أنّه أحمق !
عقبت سارة !
- أنت محقة سارة !
29 فجاءوا إلى يعقوب أبيهم إلى أرض كنعان، وأخبروه بكل ما أصابهم قائلين
30 تكلم معنا الرجل سيد الأرض بجفاء، وحسبنا جواسيس الأرض
وأخبروا أباهم بما جرى .
35 وإذ كانوا يفرغون عدالهم إذا صرة فضة كل واحد في عدله. فلما رأوا صرر فضتهم هم وأبوهم خافوا
لم يأخذ يوسف من أخوته ثمنا للقمح عكس ما فعله مع المصريين . يا حرام ! المصريون يبتاعون قمحهم المستولى عليه من قبل يوسف ، أما أبناء اسرائيل فيحصلون عليه دون مقابل! عدالة اسرائيلية كما هي عدالة اسرائيل اليوم ، ومع ذلك يتخوّف أخوة يوسف من العاقبة ولا يرون أنهم مكرّمون ! ويصدقون أن يوسف يريد احضار بنيامين ليتأكد أنهم ليسوا جواسيس!
36 فقال لهم يعقوب: أعدمتموني الأولاد. يوسف مفقود، وشمعون مفقود، وبنيامين تأخذونه . صار كل هذا علي
37 وكلم رأوبين أباه قائلا: اقتل ابني إن لم أجئ به إليك. سلمه بيدي وأنا أرده إليك
38 فقال: لا ينزل ابني معكم، لأن أخاه قد مات، وهو وحده باق. فإن أصابته أذية في الطريق التي تذهبون فيها تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية
لاحظوا " لا ينزل ابني " والإشارة إلى مكان قريب. حتى ان التعبير يطلق على الشيب أيضا !
****
يعود أخوة يوسف مع بنيامين للحصول على المزيد من المؤن مصطحبين هدايا ليوسف بناء على نصيحة يعقوب:
11 فقال لهم إسرائيل أبوهم: إن كان هكذا فافعلوا هذا: خذوا من أفخر جنى الأرض في أوعيتكم، وأنزلوا للرجل هدية. قليلا من البلسان، وقليلا من العسل، وكثيراء ولاذنا وفستقا ولوزا
أية مهزلة هذه ؟ أفبعد القحط الذي أصاب كل الأرض لسبع سنين، بقي في بلاد كنعان عسل وبلسان ولوز ولاذن وكثيراء ، ولم يبق فيها قمح ؟
- هههه وما هي الكثيراء واللاذن والبلسان؟
- البلسان هو البيلسان يا سارة وهو من فصيلة الأشجارالعطرية التي يستخرج منها بخور وعطور. واللاذن من فصيلة النباتات اللاذنية يستخرج منه علكة وأدوية وعطور . أما الكثيراء فهو من الفصيلة القرنية مثل الفول والفاصوليا..
12 وخذوا فضة أخرى في أياديكم. والفضة المردودة في أفواه عدالكم ردوها في أياديكم، لعله كان سهوا
لم يعرف المؤلف كيف يصور رؤية يعقوب لعودة الفضة إلا بالسهو ! ومن الواضح أن وجود كل هذه المواد لا يشير إلى قحط شامل دام لسبع سنين !
13 وخذوا أخاكم وقوموا ارجعوا إلى الرجل
14 والله القدير يعطيكم رحمة أمام الرجل حتى يطلق لكم أخاكم الآخر وبنيامين. وأنا إذا عدمت الأولاد عدمتهم
يفترض أن يقول عدمتكم!
15 فأخذ الرجال هذه الهدية، وأخذوا ضعف الفضة في أياديهم، وبنيامين، وقاموا ونزلوا إلى مصر ووقفوا أمام يوسف
لنتوقف مع التعبير المكرر قليلا :
" نزلوا إلى مصر " هذا التعبير لا يطلق على من يذهب من فلسطين إلى مصر، فثمة منطقة صحراوية شاسعة بينهما ( صحراء سيناء) وسبق لتعبير مشابه " انحدار" أطلق على ذهاب ابراهيم إلى مصربعد قحط أيضا . تكوين 12/10 هذا التعبير لا يستخدم إلا مع مكانين قريبين يعلو أحدهما نسبيا الآخر. ويلاحظ في اسلوب الخطاب السردي، أنه لا يتم التطرق إلى زمن المسير، ولا إلى محطات استراحة أو التطرق إلى أيام إلى أن يصلوا..
16 فلما رأى يوسف بنيامين معهم، قال للذي على بيته: أدخل الرجال إلى البيت واذبح ذبيحة وهيئ، لأن الرجال يأكلون معي عند الظهر
17 ففعل الرجل كما قال يوسف. وأدخل الرجل الرجال إلى بيت يوسف
18 فخاف الرجال إذ أدخلوا إلى بيت يوسف، وقالوا: لسبب الفضة التي رجعت أولا في عدالنا نحن قد أدخلنا ليهجم علينا ويقع بنا ويأخذنا عبيدا وحميرنا
حوار غير معقول بناء على افتراض ساذج غير معقول أيضا .
19 فتقدموا إلى الرجل الذي على بيت يوسف، وكلموه في باب البيت
20 وقالوا: استمع يا سيدي، إننا قد نزلنا أولا لنشتري طعاما
21 وكان لما أتينا إلى المنزل أننا فتحنا عدالنا، وإذا فضة كل واحد في فم عدله. فضتنا بوزنها. فقد رددناها في أيادينا
22 وأنزلنا فضة أخرى في أيادينا لنشتري طعاما. لا نعلم من وضع فضتنا في عدالنا
23 فقال: سلام لكم، لا تخافوا. إلهكم وإله أبيكم أعطاكم كنزا في عدالكم. فضتكم وصلت إلي. ثم أخرج إليهم شمعون
هل أصبح الرجل المصري يهوويا ويعرف إله بني اسرائيل؟!
24 وأدخل الرجل الرجال إلى بيت يوسف وأعطاهم ماء ليغسلوا أرجلهم، وأعطى عليقا لحميرهم
25 وهيأوا الهدية إلى أن يجيء يوسف عند الظهر، لأنهم سمعوا أنهم هناك يأكلون طعاما
- هههههه " يجيء يوسف عند الظهر" هذا يعني أنهم انطلقوا من كنعان في الصباح ووصلوا إلى مصر قبل الظهر، والرحلة على الحمير وليست في قطار !
- أحسنت سارة . احضري دائما لتساعديني في تحليل نصوص توراتكم !
26 فلما جاء يوسف إلى البيت أحضروا إليه الهدية التي في أياديهم إلى البيت، وسجدوا له إلى الأرض
27 فسأل عن سلامتهم، وقال: أسالم أبوكم الشيخ الذي قلتم عنه ؟ أحي هو بعد
28 فقالوا: عبدك أبونا سالم. هو حي بعد. وخروا وسجدوا
هل أصبح السجود قياما وقعودا؟
29 فرفع عينيه ونظر بنيامين أخاه ابن أمه، وقال: أهذا أخوكم الصغير الذي قلتم لي عنه ؟ ثم قال: الله ينعم عليك يا ابني
30 واستعجل يوسف لأن أحشاءه حنت إلى أخيه وطلب مكانا ليبكي، فدخل المخدع وبكى هناك
عدنا إلى الميلودراما المفتعلة !
31 ثم غسل وجهه وخرج وتجلد، وقال: قدموا طعاما
32 فقدموا له وحده، ولهم وحدهم، وللمصريين الآكلين عنده وحدهم، لأن المصريين لا يقدرون أن يأكلوا طعاما مع العبرانيين، لأنه رجس عند المصريين
هذه معلومة جديدة ملفقة بالتأكيد!
33 فجلسوا قدامه: البكر بحسب بكوريته، والصغير بحسب صغره، فبهت الرجال بعضهم إلى بعض
34 ورفع حصصا من قدامه إليهم، فكانت حصة بنيامين أكثر من حصص جميعهم خمسة أضعاف. وشربوا ورووا معه
وهل سيأكل بنيامين هذا القدر من الطعام ؟
*****
تتكررمهزلة الطاسات ومهزلة السرد المفتعلة في الفصل الرابع والاربعين يا يعقوب :
1 ثم أمر الذي على بيته قائلا: املأ عدال الرجال طعاما حسب ما يطيقون حمله، وضع فضة كل واحد في فم عدله
2 وطاسي، طاس الفضة، تضع في فم عدل الصغير، وثمن قمحه. ففعل بحسب كلام يوسف الذي تكلم به
طالما على حساب المصريين لماذا لا ؟ ثم إنه أمر بوضع كأسه الخاص في عدل بنيامين !
3 فلما أضاء الصبح انصرف الرجال هم وحميرهم
4 ولما كانوا قد خرجوا من المدينة ولم يبتعدوا، قال يوسف للذي على بيته: قم اسع وراء الرجال، ومتى أدركتهم فقل لهم: لماذا جازيتم شرا عوضا عن خير
صار السرد مفتعلا إلى حد غير معقول !
5 أليس هذا هو الذي يشرب سيدي فيه ؟ وهو يتفاءل به. أسأتم في ما صنعتم
6 فأدركهم وقال لهم هذا الكلام
7 فقالوا له: لماذا يتكلم سيدي مثل هذا الكلام ؟ حاشا لعبيدك أن يفعلوا مثل هذا الأمر
8 هوذا الفضة التي وجدنا في أفواه عدالنا رددناها إليك من أرض كنعان. فكيف نسرق من بيت سيدك فضة أو ذهبا
9 الذي يوجد معه من عبيدك يموت، ونحن أيضا نكون عبيدا لسيدي
10 فقال: نعم، الآن بحسب كلامكم هكذا يكون. الذي يوجد معه يكون لي عبدا، وأما أنتم فتكونون أبرياء
11 فاستعجلوا وأنزلوا كل واحد عدله إلى الأرض، وفتحوا كل واحد عدله
12 ففتش مبتدئا من الكبير حتى انتهى إلى الصغير، فوجد الطاس في عدل بنيامين
13 فمزقوا ثيابهم وحمل كل واحد على حماره ورجعوا إلى المدينة
لماذا لم يذكر المؤلف اسم المدينة المصرية كما بدا حريصا على ذكر اسم المدن الكنعانية ؟ ثم هل تستدعي هذه المسرحية تمزيق الثياب ؟
14 فدخل يهوذا وإخوته إلى بيت يوسف وهو بعد هناك، ووقعوا أمامه على الأرض
15 فقال لهم يوسف: ما هذا الفعل الذي فعلتم ؟ ألم تعلموا أن رجلا مثلي يتفاءل
16 فقال يهوذا: ماذا نقول لسيدي ؟ ماذا نتكلم ؟ وبماذا نتبرر ؟ الله قد وجد إثم عبيدك. ها نحن عبيد لسيدي، نحن والذي وجد الطاس في يده جميعا
17 فقال: حاشا لي أن أفعل هذا الرجل الذي وجد الطاس في يده هو يكون لي عبدا، وأما أنتم فاصعدوا بسلام إلى أبيكم
إغراق في الافتعال.
18 ثم تقدم إليه يهوذا وقال: استمع يا سيدي. ليتكلم عبدك كلمة في أذني سيدي ولا يحم غضبك على عبدك، لأنك مثل فرعون
19 سيدي سأل عبيده قائلا: هل لكم أب أوأخ
20 فقلنا لسيدي: لنا أب شيخ، وابن شيخوخة صغير، مات أخوه وبقي هو وحده لأمه، وأبوه يحبه
21 فقلت لعبيدك: انزلوا به إلي فأجعل نظري عليه
22 فقلنا لسيدي: لايقدر الغلام أن يترك أباه، وإن ترك أباه يموت
23 فقلت لعبيدك: إن لم ينزل أخوكم الصغير معكم لا تعودوا تنظرون وجهي
24 فكان لما صعدنا إلى عبدك أبي أننا أخبرناه بكلام سيدي
25 ثم قال أبونا: ارجعوا اشتروا لنا قليلا من الطعام
26 فقلنا: لا نقدر أن ننزل، وإنما إذا كان أخونا الصغير معنا ننزل، لأننا لا نقدر أن ننظر وجه الرجل وأخونا الصغير ليس معنا
30 فالآن متى جئت إلى عبدك أبي، والغلام ليس معنا، ونفسه مرتبطة بنفسه
31 يكون متى رأى أن الغلام مفقود، أنه يموت، فينزل عبيدك شيبة عبدك أبينا بحزن إلى الهاوية
32 لأن عبدك ضمن الغلام لأبي قائلا: إن لم أجئ به إليك أصر مذنبا إلى أبي كل الأيام
33 فالآن ليمكث عبدك عوضا عن الغلام، عبدا لسيدي، ويصعد الغلام مع إخوته
34 لأني كيف أصعد إلى أبي والغلام ليس معي ؟ لئلا أنظر الشر الذي يصيب أبي يفترض أن يتكلم رأوبين بهذا الكلام وليس يهوذا . وإلى اللقاء في الحلقة الأخيرة من قصة يوسف ومن سفر التكوين كله .
****