كم أحببت كتابات الطيب صالح.. وأحببت تواضعه الشخصي، بل أحببت حتى صوته.. ربما يعود ذلك لخلفيته المهنية كمذيع ففي نبرات صوته دفء وعذوبة.
والطيب مفتون بالأديب السوداني الراحل معاوية محمد نور.
أذكر في بداية الثمانينيات تولى الناقد والأديب المصري رجاء النقاش رئاسة تحرير مجلة المصور القاهري، وقد جيء به لإنقاذ (المصور) من كساد وتعثر طال به الزمن. لجأ الأستاذ رجاء إلى استقطاب قامات فكرية وأدبية سامقة على رأسها الطيب صالح لتجاوز هذه المحنة ، وكان أول مقال للطيب صالح عن معاوية محمد نور وهو مقال مجيد استعرض فيه الكاتب سيرة الأديب الراحل بكل ما فيها من مجد وبهاء وعثرة وإنكفاء.
ومن خلال متابعتي لسيرة الأديب الراحل معاوية محمد نور، وتيقني من افتنان الطيب صالح به.. لاحظت أن هناك ثلاثة محاور شبه بين معاوية ومصطفى سعيد بطل موسم الهجرة إلى الشمال:
- المحور الأول:
النبوغ المبكر لكليهما في حقبة زمنية واحدة، فنبوغ معاوية المبكر أكده إدوار عطية في كتابه «عربي يحكي قصته».
إدوار عطية هذا كان مسئول قلم المخابرات في حكومة السودان البريطانية قبل الاستقلال، وهو إلى جانب وظيفته الأمنية كان أديباً مرموقاً تخرج في كلية فيكتوريا بمصر وواصل دراسته بأكسفورد ببريطانيا. حكى عطية في مذكراته أنه كان يظن نبوغ معاوية مجرد قشرة سطحية يتباهى بها ذاك الشاب الأسمر اليافع، ولكن سرعان ما تبين له عمق ثقافة معاوية وموسوعيته.
- المحور الثاني:
الهجرة شمالاً.. فكلاهما كان لديه نهم فاتك للمعرفة والتحصيل، نهم وجوع لم يسكته فتات العلم والأدب في المؤسسات التعليمية المتواضعة التي أنشأها الإنجليز. هاجر معاوية إلى مصر ثم التحق بالجامعة الامريكية ببيروت ثم عاد إلى مصر بينما هاجر مصطفى سعيد إلى بريطانيا مروراً بمصر.
- المحور الثالث:
الإنكفاء والعودة إلى الوطن وكلاهما مثخن بالجراح، فقد عاد معاوية، بل أعيد بواسطة خاله المرحوم/ الدرديري محمد عثمان ونفسه الشفيفة قد تناثرت إلى أشلاء، في حين عاد مصطفى سعيد بكل أدواء الفصام.
هذه المحاور الثلاثة... النبوغ المبكر... الهجرة شمالاً ثم الإنكفاء والعودة للوطن قفزت إلى ذهني وأنا أتامل في شخصية معاوية المبدعة التي جابت طرقات الموردة في الثلث الأول من القرن العشرين ورفاتها يتوسد ثرى حمد النيل الوداع بأمدرمان...
وشخصية مصطفى سعيد التي نسجها في ابتداع الطيب صالح.
كم هو فطير أن تسأل:-
هل كان مصطفى سعيد هو معاوية محمد نور؟
الاجابة قطعاً لا..
فمصطفى سعيد لم يكن سوى مصطفى سعيد بكل ألقه وإنكساراته التي أرادها له الطيب صالح.
.
صحيفة الصحافة
والطيب مفتون بالأديب السوداني الراحل معاوية محمد نور.
أذكر في بداية الثمانينيات تولى الناقد والأديب المصري رجاء النقاش رئاسة تحرير مجلة المصور القاهري، وقد جيء به لإنقاذ (المصور) من كساد وتعثر طال به الزمن. لجأ الأستاذ رجاء إلى استقطاب قامات فكرية وأدبية سامقة على رأسها الطيب صالح لتجاوز هذه المحنة ، وكان أول مقال للطيب صالح عن معاوية محمد نور وهو مقال مجيد استعرض فيه الكاتب سيرة الأديب الراحل بكل ما فيها من مجد وبهاء وعثرة وإنكفاء.
ومن خلال متابعتي لسيرة الأديب الراحل معاوية محمد نور، وتيقني من افتنان الطيب صالح به.. لاحظت أن هناك ثلاثة محاور شبه بين معاوية ومصطفى سعيد بطل موسم الهجرة إلى الشمال:
- المحور الأول:
النبوغ المبكر لكليهما في حقبة زمنية واحدة، فنبوغ معاوية المبكر أكده إدوار عطية في كتابه «عربي يحكي قصته».
إدوار عطية هذا كان مسئول قلم المخابرات في حكومة السودان البريطانية قبل الاستقلال، وهو إلى جانب وظيفته الأمنية كان أديباً مرموقاً تخرج في كلية فيكتوريا بمصر وواصل دراسته بأكسفورد ببريطانيا. حكى عطية في مذكراته أنه كان يظن نبوغ معاوية مجرد قشرة سطحية يتباهى بها ذاك الشاب الأسمر اليافع، ولكن سرعان ما تبين له عمق ثقافة معاوية وموسوعيته.
- المحور الثاني:
الهجرة شمالاً.. فكلاهما كان لديه نهم فاتك للمعرفة والتحصيل، نهم وجوع لم يسكته فتات العلم والأدب في المؤسسات التعليمية المتواضعة التي أنشأها الإنجليز. هاجر معاوية إلى مصر ثم التحق بالجامعة الامريكية ببيروت ثم عاد إلى مصر بينما هاجر مصطفى سعيد إلى بريطانيا مروراً بمصر.
- المحور الثالث:
الإنكفاء والعودة إلى الوطن وكلاهما مثخن بالجراح، فقد عاد معاوية، بل أعيد بواسطة خاله المرحوم/ الدرديري محمد عثمان ونفسه الشفيفة قد تناثرت إلى أشلاء، في حين عاد مصطفى سعيد بكل أدواء الفصام.
هذه المحاور الثلاثة... النبوغ المبكر... الهجرة شمالاً ثم الإنكفاء والعودة للوطن قفزت إلى ذهني وأنا أتامل في شخصية معاوية المبدعة التي جابت طرقات الموردة في الثلث الأول من القرن العشرين ورفاتها يتوسد ثرى حمد النيل الوداع بأمدرمان...
وشخصية مصطفى سعيد التي نسجها في ابتداع الطيب صالح.
كم هو فطير أن تسأل:-
هل كان مصطفى سعيد هو معاوية محمد نور؟
الاجابة قطعاً لا..
فمصطفى سعيد لم يكن سوى مصطفى سعيد بكل ألقه وإنكساراته التي أرادها له الطيب صالح.
.
صحيفة الصحافة