يلعب المقهى دورا بارزا فى حياة الكثيرين من الناس فهو مكان الترويح عن النفس والاجتماع مع الأصدقاء والجلوس للتفكير والتأمل بعيدا عن حركة الحياة الصاخبة فى المنزل او العمل وتختلف نظرة الناس إلى المقهى سلباو ايجابا فمنهم من يرفضه رفضا كاملا وبعضهم -مثلى-يقيم معه علاقة انس وصداقة تزداد مع الايام والاحداث متانة قوة وهذا ما حدث معى حال معرفتى بمقهى ازال الشهير بالعاصمة اليمنية صنعاء ...يقع المقهى فى منطقة استراتيجية عند تقاطع شارعى محمد محمود الزبيرى وشارع التحرير ، وشارع الزبيرى هو الاشهر والاجمل فى صنعاء وقد سمي باسم شاعر اليمن العظيم تخليدا لذكراه نضالا وكفاحا وتاثيرا فى حياة وطنه ومجتمعه اذ كان قبسا بهيا لشعر حر يوقظ الهمم ويشير الى صباح ابهى يستحقه من لا يستسلمون لهوان الوطن او تجاهل واجبهم نحو رفع رايته والعمل على دفعه إلى الافضل دائما وقد أدى الزبيرى هذا الدور مخلصا نبيلا من خلال كتاباته وانشطته واسفاره فاستتحق هذه المودة الكبيرة من ابناء شعبه ...اما شارع التحرير فهو المدخل الرئيسى لأهم مناطق العاصمة حيث المصالح الكبرى ومجلس النواب ومبنى البريد وفندق تاج سبأ ووزارة التربية وسوق الملح وغيرها من معالم صنعاء الشهيرة .
فى مقهى ازال الكائن بين شارعين بتصميم يتيح لك فضاءات رؤية مفتوحة وعلى مقاعده الصخرية وفى جو صنعانى ساحر تستطيع أن تلتقى بالكثيرين من جنسيات مختلفة عربية واجنبية لتشعر وقتها انك فى ساحة معرض بشرى يتباين فيه كل شىء اللغات/اللهجات/الثقافات/الازياء/الملامح/الاحساس بالحياة وغيرها من الأمور إلا انك رغم كل هذه التباينات تشعر بدفء انسانى مبهج تتحول فيه الحياة إلى نقطة التقاء صغيرة ..تلك النقطة التى يبحث المبدعون والمفكرون والعلماء والمفنون و أصحاب النفوس الشفافة عنها للفوز بلحظات إنسانية عالية المتعة غالية القيمة رخيصة الكلفة .
فى أزال كان للمعلمين المصريين الحضور الأكبر بهموم اغترابهم وتطلعاتهم وسخريتهم من كل شىء فى حالة يفسرها علم النفس بحالة المقاومة للواقع بالسخرية منه بغية انتقاده وتقويمه،بهذه الصورة تحول ازال عند رواده إلى متنفس يومى ومصنع كبير للنكات التى تبدعها بعفوية كاملة نفوس مرهقة وهو فى نفس الوقت محطة إذاعية لكل شاردة وواردة فى الواقع والصحافة والاذاعات لهذا كان لا يخلو من عيون تراقب واذان تتسمع، لهذا اخترع بعض خبثاء رواده شفرات كلامية لا يفهمها سواهم كنوع من الحذر او التصيد.
ذات مرة تهجم علينا مواطن يمانى بطريقة سمجة بمجرد أن عرف أننا نحمل الجنسية المصرية ،وقتها لعب الإعلام الحكومى اليمنى دورا كبيرا دعم الموقف العراقى على حساب الوضع فى الكويت ..وقد انقسمت الآراء الى مع وضد وأصبح الجدل والتعارك والاتهام من سمات تلك المرحلة ، تهجم علينا الرجل متهمنا بصفات تسأل عنها أنظمة لها مبرراتها لا شعوب مقهورة من جهاتها الستة تطارد لقمة عيشها هنا وهناك ،لهذا تحملنا الرجل كثيرا حتى بلغنا الضجر ،وتشاء ان يقوم من بين الحضور من يعتذر لنا بأدب جم ثم يجر الرجل بطريقة مؤلمة إلى خارج المقهى ،بعد ايام التقيت هذا الشخص الذى دافع عنا فى المقهى فتعرفت عليه ومنحته ليمونا منعشا فصارحنى انه من كبار مسؤولي الامن فى العاصمة وأنه من عائلة السياغى التى تقيم فى أحد القرى المجاورة لصنعاء وانه كان قد سمع وراى ما حدث من البداية وكان عليه -حسب رايه- ان يقوم بما فعل ، كان لهذا دور كبير فى إبرام صداقة باعتزاز مع هذا الشهم الذى تعرفت من خلاله على شخصيات كثيرة حفرت لها فى وجدانى صورا جميلة لا تبهت مع الوقت ،تلك هى الحياة التى عرفناها بصورة مصغرة فى مقهى ازال الذى يعيش فى داخلى كأحد الاماكن التى ترتبط بها ولا تسطيع نسيانها لا لشىء سوى أنها بعض عمر بهى.
( من كتاب ...من أرض بلقس)
عبدالصبور السايح
كاتب مصرى.
فى مقهى ازال الكائن بين شارعين بتصميم يتيح لك فضاءات رؤية مفتوحة وعلى مقاعده الصخرية وفى جو صنعانى ساحر تستطيع أن تلتقى بالكثيرين من جنسيات مختلفة عربية واجنبية لتشعر وقتها انك فى ساحة معرض بشرى يتباين فيه كل شىء اللغات/اللهجات/الثقافات/الازياء/الملامح/الاحساس بالحياة وغيرها من الأمور إلا انك رغم كل هذه التباينات تشعر بدفء انسانى مبهج تتحول فيه الحياة إلى نقطة التقاء صغيرة ..تلك النقطة التى يبحث المبدعون والمفكرون والعلماء والمفنون و أصحاب النفوس الشفافة عنها للفوز بلحظات إنسانية عالية المتعة غالية القيمة رخيصة الكلفة .
فى أزال كان للمعلمين المصريين الحضور الأكبر بهموم اغترابهم وتطلعاتهم وسخريتهم من كل شىء فى حالة يفسرها علم النفس بحالة المقاومة للواقع بالسخرية منه بغية انتقاده وتقويمه،بهذه الصورة تحول ازال عند رواده إلى متنفس يومى ومصنع كبير للنكات التى تبدعها بعفوية كاملة نفوس مرهقة وهو فى نفس الوقت محطة إذاعية لكل شاردة وواردة فى الواقع والصحافة والاذاعات لهذا كان لا يخلو من عيون تراقب واذان تتسمع، لهذا اخترع بعض خبثاء رواده شفرات كلامية لا يفهمها سواهم كنوع من الحذر او التصيد.
ذات مرة تهجم علينا مواطن يمانى بطريقة سمجة بمجرد أن عرف أننا نحمل الجنسية المصرية ،وقتها لعب الإعلام الحكومى اليمنى دورا كبيرا دعم الموقف العراقى على حساب الوضع فى الكويت ..وقد انقسمت الآراء الى مع وضد وأصبح الجدل والتعارك والاتهام من سمات تلك المرحلة ، تهجم علينا الرجل متهمنا بصفات تسأل عنها أنظمة لها مبرراتها لا شعوب مقهورة من جهاتها الستة تطارد لقمة عيشها هنا وهناك ،لهذا تحملنا الرجل كثيرا حتى بلغنا الضجر ،وتشاء ان يقوم من بين الحضور من يعتذر لنا بأدب جم ثم يجر الرجل بطريقة مؤلمة إلى خارج المقهى ،بعد ايام التقيت هذا الشخص الذى دافع عنا فى المقهى فتعرفت عليه ومنحته ليمونا منعشا فصارحنى انه من كبار مسؤولي الامن فى العاصمة وأنه من عائلة السياغى التى تقيم فى أحد القرى المجاورة لصنعاء وانه كان قد سمع وراى ما حدث من البداية وكان عليه -حسب رايه- ان يقوم بما فعل ، كان لهذا دور كبير فى إبرام صداقة باعتزاز مع هذا الشهم الذى تعرفت من خلاله على شخصيات كثيرة حفرت لها فى وجدانى صورا جميلة لا تبهت مع الوقت ،تلك هى الحياة التى عرفناها بصورة مصغرة فى مقهى ازال الذى يعيش فى داخلى كأحد الاماكن التى ترتبط بها ولا تسطيع نسيانها لا لشىء سوى أنها بعض عمر بهى.
( من كتاب ...من أرض بلقس)
عبدالصبور السايح
كاتب مصرى.