محمد بشكار - رسائل الكفران (الجزء الثاني عشر)

1
الخيال الواسع قد يصْنع لِمنْ لا يُحسن استعماله الكوابيس !
2
قد أتَّفق مع توظيف الحُب سياسياً ولو كذباً أو نفاقاً من باب اللياقة الدبلوماسية، ولكنني من أشد المُعارضين لتصريف نوازع الكراهية لأهداف سياسية، فهي لن تؤدِّي في أقرب الآجال إلا لحرب تعجِّل في الأنفس الآجال.
الجزائر هي المغرب الذي يرفض من يقسِّم أرضه لجزائر، هما بلدٌ واحد بالمُشْترك الجغرافي والتاريخي واللغوي والديني وأشياء أخرى لها علاقة في المطبخ بالملح والطعام !
3
الحبُّ الحقيقي هو أن يكْدِح الرجل في جو تعمُّه الكراهية لِيَعُول أسرته، حتى أنه لا يجد وقتاً يخلو فيه لقلبه كي ينتزع كلمات الحب !
4
بين نفْي الذات وإثْباتها بالقوة تعِنُّ لهُ أحياناً بعض الخواطر الفلسفية، هي لن تُفيد أحداً ما دامت الفائدة مُرْتبطة في زمننا البراغماتي ليس بالفلسلفة ولكن بِجَلْبِ الفلوس، ويُعجبني بتواضُعه حين لا يدَّعي أنَّ هذه الخواطر خطيرة ويمكن اعتبارها من المفاهيم، هو نفسه لا يفهمها في كثير من التفكير رُبما لأنَّ مدلولها وثيق المعنى بالشُّعور، المُهم أنها تُراوح كما أسْلفتُ بين نفي الذات وإثباتها، كأنْ يقول مثلا: قد يوجد ما لا يوجد !
أو يقْلِب الآية ما دامت ليست مُنزَّلة من السماء ويقول ليزيد حيرتي ضَلالاً: قد لا يوجد ما يوجد !
المُهم أنَّ هذا الذي يوجد أو لا يوجد ما زال مَبْحوثاً عنه في قاموس المعاني، قيل إنَّه زير نساء ولكنهم لم يجدوه أيضا في نوادي الغواني، المُؤْلم أنَّ صاحبي لم يجد طريقة لإثبات نظريته إلا الجنون، فسألني مرة هل ترى عقلي، ولُذْتُ بالصمت عوض أنْ أجيبه بنفْي يجرح المشاعر، فقد اقتنعتُ وهو معي أنه لا يوجد فعلا ما يوجد !
5
النقطة في النونِ..نونِ النسوة هي مركز الكون !
6
قد يشْترك الراعي مع الذئب في الجريمة حين يُرْشِده بالعزْف على النَّاي لِمرعى الشياه !
7
لم آكل مُخّاً في حياتي سواءً كان مُخَّ حيوان أو إنسان، لذلك حين ألَمَّ برأسي ألمٌ فظيع، قال لي الطبيب بعد أن أجْرى بعض الفُحوصات على جيبي، إنَّ نقْصاً في المُخ هو الذي قادك لعيادتي !
8
لا تُخْطئ الأم رائحة رضيعها بين عشرات الرُّضَّع، وكما يتطوَّر المرْء من حيث الخلْق والتَّكْوين في الرحم، تتطور بعد خروجه للعالم رائحته حتى يستقرَّ على ماركة لا تخطئها بعد أمه زوجته أو حبيبته، ولن تجد مثيلا لِضوْعِها في أشهر محلاَّت العطور، تبقى مطبوعة بنُسْختها الأصلية التي تسْتعصي على التقليد أو التزوير، على ملابسه ومخدع نومه، عميقة خصوصاً على سطح المخدة، أصيلة كأنها مُسْتَقْطَرة بدون أنابيب من أنْساغ الزهور، وقد تَضْجَر الزَّوجة من رائحة شريكها بعد أن أكْسَبهُ كثرة الاختلاط في المجتمع أكثر من رائحة، فتقْتني له عطرا بعلامة باذخة تجعله حاضرا لا يبْرح الحواس، فإذا غاب عن العين يبقى بذاكرة الأنْف تحت السيطرة !
9
قال السِّياسي: البلد في ورطة، وعِوض أن يُكمل خطابه بما ينتظره الناس من حُلول مُتفائلين، شرع يُحرِّرُ عُنْقه من ربطة !
10
من فرْط ما تتكرَّر عبارة عودة المياه لمجاريها، اختنقت كل قواديس المدينة، فعادتْ المياه لمخاريها !
11
قد يفْقِد الإنسان اسمه ليحمل اسم بلده، فإذا كان رياضيا تتناقل ألسنُ وسائل الإعلام خبر فوزه بالقول إن المغرب حاز ميدالية ذهبية !
وإذا كان شاعرا لا يُذكر إلا بعنوان أشهر أعماله الشعرية، فنقول مثلا صاحب "فصل في الجحيم" ونحن نعني أرثر رامبو !
وقد يختزل الناس القوة الجسمانية لأحد أبطال الملاكمة في إحدى ذراعيه التي يحقق بمدفعيتها الضربة القاضية، فيغيب اسمه ويُنادى إما بالأيسر أو الأيْمن !
12
قالت القناة التلفزيونية الموصولة في صبيبها بقناة الصَّرْف غير الصحي: الشعب بكل أطيافه خرج للانتخاب.
وعلَّق مُحرِّرٌ من عين المكان وأذنِه أيضاً في تقرير خارج عن خطِّ التحرير: لا أحد أدلى بصوته في الانتخابات !
وبعد أيام من تشكيل الحكومة ما زلتُ أتساءل ضامّاً صوتي للمذيع: كلُّ هذا العُزوف عن التصويت فمَنْ نجح؟
13
أقسى مِنْ قَمْعِ مُظاهرة في الشَّارع قَمْعُ إحدى المُتظاهرات لقلب الشَّاعر، هي تلتزم بالموقف وهو بِشَطَطِهِ في استعمال الحب لا يُقدِّر الموقف.
هي تفكِّر في الشِّعار القادم القمين بكلماته القوية وإيقاعه الموسيقي أن يجعل الصف مُنضبطاً لا يستسلم، وهو يريد فقط أن يسْمع صوتها الأرهف بين الحشود، كي يتخذه إيقاعا في قصيدته القادمة التي لا تنضبط لبحر أو بر وتحلق في الجو.
هو أناني وهي نرجسة برية خارج الأواني.
هي تُطالب بالسَّقف حداً أدنى للخروج من النفقْ، وهو يطالب بعينيها الأوسع من الأفقْ !
14
العنوان كشَعْر المرأة نِصْف جمال القصيدة !



.................................
افتتاحية ملحق " العلم الثقافي" ليوم الخميس 28 يناير 2021.



التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...