شبح الموت.. قصة قصيرة من الادب الكردي- قصة و ترجمة: عصمت محمد بدل

بدا وجه الطفل من تحت عباءة الأم باهتا، عيناه غائرتان، كأن المرض التهم جميع خلايا جسده ، تارة يصدر عنه بكاء هزيل و تارة تتمكن الام من تهدئته بثدييها اللذين لا يدران أي حليب.

في الصيدلية الممتلئة بالنسوة و الرجال الواقفين بدون انتظام و أمام طاولة طويلة تفصلهم عن جوف المحل، كانت تنتظر بين جمع النسوة في الصف و إلى ان وصلها الدور كان الطفل قد أصاب بإعياء شديد. مدت يدها بالنقود المجعدة الى المرأة الواقفة خلف الطاولة، تزاول تجارتها، وضعت حبوبا و أبرا داخل كيس و بعد ان أجرت حسابا:

  • خمس و ثمانون دينارا.
جحظت عينا الأم من الدهشة و الخوف، وجهت نظرة توسل الى المرأة، لكنها كانت منشغلة بحساب آخر، نظرت الى محفظتها المهترئة، لم يكن فيها ربع هذا المبلغ، نظرت الى كيس الأدوية، تبددت آمالها، اختنقت بالبكاء، نظرت الى طفلها، شاهدت شبح الموت بعينيها الجاحظتين يحوم حوله.

تشرين الاول 1993

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...