مجدي جعفر - شموس

صغاراً كنا حين مددنا أكفنا للشمس ، عراة قفزنا في النهر لنمسك بقرصها المستدير اللامع .. بعيدة تلك الأيام بُعد الشمس عن الأرض.. كأسماكٍ خرجنا من النهر وأقراص الشموس على أكفنا الصغيرة ، نجرى وقطرات ضوء تتسَّاقط من أجسادنا ، وكلٌ أحكم قبضته على شمسه وخبأها في مكان أمين ليخرجها في الليل !!
في الليل تشاجرنا وتعاركنا ، من سرق الشموس يا أولاد الأفاعي؟
أوسعتها ركلاً ولكماً ولم تقر ، باكية كانت تعدو ، وأعدو خلفها، عثر قدمها بحجر ، فسقطت وسقطت فوقها ، ويديّ على عنقها، اتسعت حدقتا عينيها عن آخرهما ..
" هات الشموس يابنت الحرامية "
وكادت تموت بين يديَّ لولا أن رأيت القمر في عينيها ، سقط في عينيها حين عثرت ، استحم القمر في دموعها وبدا في عينيها أكثر إشراقاً ، وتألقاً ، وصفاءً .
اختلج قلبي الصغير في صدري ، ومددت يدي إلى خدها ، أمسح قطرات الدمع التي تسَّاقطت من سماء عينيها الجميلتين .
في الصباح : فرحاً أخذت سنتي التي نزعتها أمي من فمي ، ومضيت إلى الشمس أناديها :
" ياشمس يا شموسة خدي سنة ال... وهاتى سنة العروسة "
وكأن الأرض انشقت عنها وخرجت فجأة ، أو كأنها سقطت من قرص الشمس السَّاقط لتوه من رحم الفجر ، رفت ابتسامة خجلى على شفتيّ وافتر ثغرها عن ضحكة حلوة ، وما أن تجمع الأولاد حتى رحنا نتصيد شموساً من النهر !!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...