الدكتور خالد عبد الغني المتخصص في علم النفس عاشق للأدب كمنتج إبداعي من خلال التعانق اللصيق مع علم النفس ،وله في ذلك دراسات متعددة،وكتابات متنوعة في النثر والشعر حظيت بتقدير كبير لدى النقاد والمبدعين،وكذلك القراء؛مما رشحه لجوائز عديدة.
وهو من مواليد عام 1970 بالقليوبية شمال القاهرة، نشر ثلاثين كتابا حول علم النفس الاكلينيكي والتحليل النفسي والأدب شعره ونثره وقضاياه المختلفة، ومشكلات في التربية الخاصة ومناقشة الفكر المتطرف وسيكولوجية الفن والهوية الثقافية ونماذج من حياة أعلام علم النفس المعاصرين. وتناول عدد من الكتاب والنقاد الحديث عن أعماله بالصحف والدوريات والبرامج الاذاعية والتليفزيونية.
الدكتور خالد عبد الغني بعد فوزه مؤخرا بجائزة عبد الستار إبراهيم ورضوى إبراهيم في الإبداع والأصالة العالمية في العلوم النفسية السلوكية، (أتعشم الفوز بجائزة التفوق) هكذا أجاب عندما سألته عن الجائزة التي يطمح إليها بعد ذلك، وعن مشروعه القادم ، بعد أن قدم للمكتبة العربية ثلاثين كتابا في علم النفس الإكلينيكي والقياس النفسي وسيكولوجية الأدب والفن ، وهو مولع بعلم النفس، وكذلك بالأدب العربي بمختلف أنواعه واتجاهاته الفنية وهو ما أهله لإصدار مشروع كامل حول "التحليل النفسي والأدب نثره وشعره". والذي صدر بالقاهرة والأردن في الفترة الأخيرة. في هذا الحوار يتحدث الكاتب عن ولعه بتحليل الأدب من وجهة نظر علم النفس، وآرائه في بعض الروائيين والشعراء العرب انطلاقا من نظريات علم النفس. وقد انتهي مؤخرا من ترجمة هدف النقد التحليلي النفسي لبيتر بروكس أستاذ النقد بالجامعات الأمريكية ، وأعد دراسة عن كتاب اللغة والتفسير والتواصل لمصطفى ناصف ، كما كتب أيضا عن رواية العيش على الحافة لشكري عيّاد ،ومن قبله كان قد كتب عن رواية الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي . والحقيقة التي كانت غائبة في قضية كتاب في الأدب الجاهلي لطه حسين وكتاب خيري شلبي حول هذا الموضوع. وقضية الهوية المصرية الخالصة ومناقشتها حسب منظور الشاعر والمفكر مهدي بندق، والحداثة وما بعدها وأثرها في الأدب والفن والسياسة والمجتمع، وقضية الحكم الإسلامي ونظام الخلافة الذي كان ابتكارا خالصا لأبي بكر الصديق .
> ما المحطات التي شكلتك فكريا؟
>> الحق أني من جيل انتصار أكتوبر العظيم 1973 وبرغم هذا الانتصار كان التأثر أكثر باتفاقية السلام؛ فعندما وصلت للصف الخامس الابتدائي درست قصة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري، وتشكل أنذاك وعيي بالمعارضة البناءة التي مثلها أبو ذر الغفاري في حياته، وكذلك المطالبة بالعدالة الاجتماعية . ولما كنت في الصف السادس الابتدائي كان مقررا في العام السابق قصة عسكرية نضالية من أجل تحرير سيناء ونصر أكتوبر وكان بطلها "أحمد عبد الفتاح" ولكني لم أدرسها ضمن مقرر منهج اللغة العربية وقرأتها قراءة حرة. وبعد سنوات طويلة فهمت أن اتفاقية السلام كانت سبب إلغاء القصة، أما القصة التي كانت مقررة علينا بدلا منها- ولأول مرة- فكانت عن حياة رفاعة الطهطاوي وكفاحه في طلب العلم ، وتأثيره في الجو الثقافي العام في مصر بعد عودته من باريس . وفي الصف الثان الاعداد عام 1984 كانت مصر تحتفل حنها بالعيد الألفي للأزهر الشريف وقد أُعلن يمها عن مسابقة ه بحث عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد أن فزت بهذه المسابقة قال مدرسي يومذاك إنك سوف تحصل على درجة الدكتوراه في المستقبل، ومواقف مماثلة كثيرة حدثت أيضا في المرحلة الثانوية وأيام الجامعة فقد فزت في مسابقة الشباب المتميز دينيا على مستوى وزارة الشباب والرياضة وكانت حينها باسم "المجلس الأعلى للشباب والرياضة برئاسة الدكتور عبدالمنعم عمارة" وكان البحث حول شخصية الصحابي الجليل الزبير بن العوام في عام 1990، كما حصدت جوائز أدبية وفنية من أبرزها ما قام بتسليمها لي الشاعر والاستاذ الجامعي د.يسرى العزب في عام 1991. وجائزة علم النفس الأسري عام 2010، وغيرها الكثير والكثير، وأتصور أن تلك البواكير شكلت اللبنة الأولى في اهتمامي بالعلم والأدب والفن والعدالة الاجتماعية والثقافة بوجه عام.
> أعلم أن لك بحوثا متعلقة بالشعر. فهل توصلت فيها إلى نتائج معينة ؟
>> قدمت دراسات حول التناص مع القرءان في القصيدة المعاصرة وعلاقته باللاشعور لدى الشاعر السوري عيسى الشيخ حسن، والشاعر المصري الذي توفي بالكويت محمد يوسف، وملامح النرجسية لدى المتنبي. وخلصت إلى نتيجة مفادها أن المتنبي أحس بتفوقه وسط محيط اجتماعي كان يحس فيه بنقص اجتماعي وشعور قوي بالدونية ومن ثم أصبحت مشاعر النرجسية تعويضاً عن هذا النقص، وتضميداً لجرح الإحساس بالاضطهاد "فالذات تمعن في احتضان ذاتها كلما أوغل الواقع في إحباط النزعات الفردية". إلا أن هذه النرجسية ليست سلبية دائماً خصوصاً وأن مفهوم الرجولة يتصدر قائمة القيم الاجتماعية في القبيلة العربية، والاعتزاز بالأنا موضوع متواتر بشكل كبير في الشعر العربي. وقد جاء المتنبي ليجسد "نرجس" الأسطوري في أرض الواقع العربي. وفي الدراسة الرابعة حول ديوان "غرف سرية للبكاء " للشاعر رضا ياسين توصلت إلى أن الشاعر اتجه لقصيدة النثر لغياب المشروع القومي، والهم الجامعي العام في بداية التسعينيات من القرن الماضي ،وبرز الالتجاء للهموم الذاتية من مشكلات اقتصادية ،واجتماعية، ووظيفية، وفقد الأمان ، والأصدقاء، وهجر المحبوب..الخ. وفي الدراسة الخامسة حول المرأة في شعر نزار قباني توصلت إلى أن المرأة في شعره ما هي إلا جسد يتغزل فيه، ويستقي منه كل متعه. ولقد برز أن شخصيته مثبتة على المرحلة الفمية في مراحل النمو- النفس جنسي- ودليلنا على ذلك أن أول علاقة للطفل تكون مع الأم في مرحلة الرضاعة، والديوان الأول لنزار كان عنوانه "طفولة نهد" وكما هو واضح أن النهد موضع الرضاعة عند الطفل. وبعد ذلك كتب قصائد كثيرة جدا عن الشفاه والقبلة وأحمر الشفاه، وأمية الشفتين، والشراب والكأس والخمر...الخ، فهو شاعر دخل مخدع النساء ونسي أن يخرج منه، ولذلك فهو إما كان طفلاً أفرط في إشباعه في مرحلة الرضاعة أو حرم منها فكان ذلك التثبيت على تلك المرحلة، وهذا يفسر لنا بلاغته وحذقه للشعر والفصاحة، وسيكون مع ذلك ميالا للشراب والمتع الفمية المختلفة التي برزت في كل قصائده عبر تاريخه الطويل. ودراسات حول ديوان مرايا نيويورك لسمير درويش وكيف يتجلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية من خلال اهتمام الذات بقضاياها الشخصية، ورجل وامرأة لمنار فتح الباب وكف سيطر على الاديبة مشاعر الحزن لفقدان الوالدين في سنوات متقاربة ، ودم البراءة لريم صلاح وكيف تم قتل البراءة في نفس احدى البنات الصغرات جراء الظلم الاجتماعي الذي وقع عليها، وقراءة للتصوف في شعر إيهاب البشبيشي . والتناص مع القران الكريم والتوحد مع الانبياء لدى الشعراء المصريين والعرب المعاصرين أمثال محمود درويش وموسى حوامدة ومحمود حسن اسماعيل ومهدي بندق و محمود الأزهري وبهاء الدين رمضان ويحيى السماوي. وغيرهم الكثير والكثير
> ما أبرز ما قدمت من دراسات حول نجيب محفوظ وإبداعه؟
>> قدمت التحليل النفسي والمؤثرات الأسطورية ومعالم النرجسية وتجلياتها في شخصية رادوبيس والفرعون الشاب، وكيف انتهى بهما المطاف إلى تحقيق أبعاد الأسطورة وهي " الحب والعزلة والموت ". وشخصية نجيب محفوظ وعاشور الناجي في ملحمة "الحرافيش" باعتباره إسقاط للذات والمصير، ومن ثم الاستبصار بالسيرة الذاتية في المستقبل والموت المؤجل،. وتحليل آخر ما كتب نجيب محفوظ وهو "أحلام فترة النقاهة" الذي يعد- وبلا أدنى شك - عمله المعجز، ويعد آخر أشكال السرد في الأجناس الأدبية بعد المقامة والرواية والقصة. ومحاولة للإبحار في عقل نجيب محفوظ أثناء عملية إبداعه لرواية "اللص والكلاب"، حيث أراد ابتكار "أوديب" على النمط المصري. ومحاولة لفهم البناء النفسي لدى البغايا كما ظهر لدى نفيسة بطلة رواية "بداية ونهاية" وكيف سبق نجيب محفوظ كل البحوث النفسية والتحليلية التي درست هذه الظاهرة حيث ظهرت الرواية قبل عام 1948 ، وأما البحوث النفسية فقد ظهرت في عام 1958 لتثبت ما قال به نجيب محفوظ حيث البغاء الناتج عن تشوه صورة جسد البغايا والعلاقة المتوترة مع الأب .
> في دراستك للروايات ألمح غرامك بالشخصية وخاصة من الجانب النفسي. فما أهم الشخصيات التي تناولتها في إبداع الخمسينات والستينات ؟.
>> فأَدِيب في رواية طه حسين تتضح في شخصيته ملامح البناء النفسي لأعراض اضطراب جنون الاضطهاد. والشيخ عصفور في يوميات نائب في الأرياف لـتوفيق الحكيم، والمجذوب هو الذي ينطق بالحكمة أو الهذيان وأبو صفارة الذي يمثل ضحايا الحروب في مجموعة حوريات الضوء لإبراهيم عطية. والدكتور شوقي ذلك الشاب الإخواني الذي توحد بالمعتدي، فأصبح عدوانيا وانتهازيا ، وكيف ذاب في الجماعة وضاعت هويته الشخصية، وعباس الزنفلي ذلك العسكري الأسود (الجلاد) الذي أصيب بالجنون حتى وصل لمرحلة أن يأكل لحم ذراعه بعد مرحلة الإدمان وترك الخدمة في الشرطة. وفاطمة تعلبة الأم المصرية الحاكمة للأسرة والمتمرسة في العلاج النفسي كونها تحمل خبرات وتاريخ المرأة الريفية الأصيلة في قصة الوتد لخيري شلبي ، وأحمد الرجل الذي أصابته أزمة منتصف العمر وهو على مشارف الستين عاما فأخذ يعاني من أعراضها، ودنيا تلك الزوجة التي خانت زوجها فكان جزاءها الانتحار في عتبات البهجة لإبراهيم عبد المجيد. وخليل الموظف الذي بلغ سن المعاش ويعاني من أعراض الشيخوخة، وإحسان زوجته التي توفيت وتركته وحيداً في "حجرتان وصالة" لإبراهيم أصلان، وخديجة الأم المتسلطة وتمرد ابنتها سوسن عليها في رواية خديجة وسوسن لرضوى عاشور، وهي رواية عبرت بعمق عن ذلك الجدل بين السلطة والتمرد في شكلها الأولي المتمثل في علاقة أم بابنتها. وتماهي الذات الساردة مع قضايا الذات والمجتمع في روايات الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي حيث شخصية محمد أبو سويلم ، والعيش على الحافة لشكري عياد وملامح السيرة الذاتية الآسية والقلقة من اقتراب النهاية – الموت - . وقدمت دراسة فكرة حول الحقيقة الغائبة في محاكمة طه حسين عن كتابه في الشعر الجاهلي، ودور خيري شلبي في كشف هذه الحقيقة وأكاد أجزم أن طه حسين نقل هذه الأراء عن المستشرقين الألمان وغيرهم ممن كتبوا في هذه القضية وإن كانت الإشارة الأكبر إلى المستشرق مرجليوث الذي كتب حول هذه القضية أيضا قبل أن يكتب طه حسين ما كتبه ، وهناك عدد لا ينتهى من المفكرين واللغويين المصريين ممن ردوا على طه حسين وكان ابرزهم المحقق محمود شاكر ومصطفى صادق الرافعي ومن المحدثين د.إبراهيم عوض . وهناك من ظلمه كثيرا أمثال أنور الجندى.
> أرجو التوضيح للسؤال :هل يوجد توافق بين الذات والذاتية في الإبداع؟
لماذا أجد دراساتك عن الشعر قليلة بالقياس للقصة والرواية؟
وهل كان للأدباء المعاصرين حظ من الاهتمام في دراساتك؟
>> قضية الذات – الذاتية – وهي الانشغال بقضايا تخص الذات أو رؤية الواقعة من منظور المعارف والخبرات الذاتية بعيدا عن موضوعيتها وحقيقتها موجودة في أغلب – ما لم يكن كل - الأعمال الأدبية والفكرية بل وفي البحوث العلمية التجريبية أيضا حتى أن هناك تعبير شائع للموضوعية يقول بأن الموضوعية هي الفطنة إلى حتمية الذاتية بمعنى أن الذاتية لا فكاك منها لا في العلم ولا في الأدب ولا في الفن أيضا، ولهذا بدأت بدراسة روايات الطاهرة ونجمة، وروايات من ضفاف النيل للأديبة المغربية ثريا لهي ، ورواية يوميات في حياة امرأة للأديبة الفرنسية من أصول مغربية نجاة الكاضي، وقراءة رمزية الحقيبة في حائط غاندي لعزة رشاد، وإنسان في طي النسيان لفايزة حلمي، وقراءة نقدية نفسية لروايتي السقشخي، ومزامير المدينة للأديب العراقي علي لفتة سعيد. وكيف انتحرت فريدة لما عرفت ما يدور في لاشعورها من قبح في قصة تعويذة علام لعلياء هيكل الخ وفي كل تلك الاعمال مجتمعة يظهر الذاتي متعانق مع الموضوعي أو متماهي معه تماما . أما دراسات الشعر وحظها الأقل في اهتمامي فلا أخفيك سرا أن دراسة الشعر مرهقة وشاقة جدا وذلك لما في اللغة من تكثيف ورمزية وبلاغة تصل أحيانا حد الغرابة كما أن الدراسات النفسية للشعر خلال السبعين عاما الماضية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
> هل هناك أدباء رأيتهم وتأمل في الكتابة عنهم؟.
>> لقد قابلت الأديب الراحل جمال الغيطاني أكثر من مرة داخل مصر وخارجها، وجمعت أعماله الكاملة بهدف الكتابة عنه، ولكن الفكرة لا تزال قيد التنفيذ ، كما قابلت الأديب الكبير صنع الله إبراهيم مرتين وكان هناك مشروع للكتابة عنه ولكنه توقف مؤقتا، وهناك الشاعر محمود الأزهري، والأديب محمود قنديل. والأديبة سعاد سليمان ، وحضرتك بالطبع وآخرون.
> ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
>> يشغلني الآن وقديما كل ما له صلة بمحاولة تطوير علم النفس في مجالاته المختلفة سواء الإكلينيكي والتحليلي والأدبي والفني والسياسي والديني..الخ، فهو طاغيتي وما كرست له نفسي وحياتي منذ المراهقة إلى اليوم، وتحتل قضية تقديم دراسات حول الإرهاب والعنف والتطرف والتكفير والإلحاد لدى الشباب مكانا كبيرا في اهتمامتي الأخيرة، إلى جانب تطوير منهج الدراسة النفسية الإكلينيكية للأدب ذلك المنحى الذي قدمته عبر ثلاثة كتب وعشرات المقالات، والهوية الثقافية والانتماء لدى المصريين، فما يزال علم النفس الأكاديمي يحلق بعيدا عن تلك المشكلات الخطيرة المهددة لمستقبل أمتنا العربية والإسلامية. الانتهاء من كتب حول أعمال الأديب العراقي علي لفتة سعيد ، وعالم النفس الكبير قدري حفني وقضية العلاج النفسي باستخدام الرسم وتطوير اختبار القيم الايجابية الاخلاقة .
محمد الدش علي عمر الشطبي
[SIZE=18px] Khalid Abdelghany [/SIZE]
Khalid Abdelghany ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit Khalid Abdelghany und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und...
وهو من مواليد عام 1970 بالقليوبية شمال القاهرة، نشر ثلاثين كتابا حول علم النفس الاكلينيكي والتحليل النفسي والأدب شعره ونثره وقضاياه المختلفة، ومشكلات في التربية الخاصة ومناقشة الفكر المتطرف وسيكولوجية الفن والهوية الثقافية ونماذج من حياة أعلام علم النفس المعاصرين. وتناول عدد من الكتاب والنقاد الحديث عن أعماله بالصحف والدوريات والبرامج الاذاعية والتليفزيونية.
الدكتور خالد عبد الغني بعد فوزه مؤخرا بجائزة عبد الستار إبراهيم ورضوى إبراهيم في الإبداع والأصالة العالمية في العلوم النفسية السلوكية، (أتعشم الفوز بجائزة التفوق) هكذا أجاب عندما سألته عن الجائزة التي يطمح إليها بعد ذلك، وعن مشروعه القادم ، بعد أن قدم للمكتبة العربية ثلاثين كتابا في علم النفس الإكلينيكي والقياس النفسي وسيكولوجية الأدب والفن ، وهو مولع بعلم النفس، وكذلك بالأدب العربي بمختلف أنواعه واتجاهاته الفنية وهو ما أهله لإصدار مشروع كامل حول "التحليل النفسي والأدب نثره وشعره". والذي صدر بالقاهرة والأردن في الفترة الأخيرة. في هذا الحوار يتحدث الكاتب عن ولعه بتحليل الأدب من وجهة نظر علم النفس، وآرائه في بعض الروائيين والشعراء العرب انطلاقا من نظريات علم النفس. وقد انتهي مؤخرا من ترجمة هدف النقد التحليلي النفسي لبيتر بروكس أستاذ النقد بالجامعات الأمريكية ، وأعد دراسة عن كتاب اللغة والتفسير والتواصل لمصطفى ناصف ، كما كتب أيضا عن رواية العيش على الحافة لشكري عيّاد ،ومن قبله كان قد كتب عن رواية الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي . والحقيقة التي كانت غائبة في قضية كتاب في الأدب الجاهلي لطه حسين وكتاب خيري شلبي حول هذا الموضوع. وقضية الهوية المصرية الخالصة ومناقشتها حسب منظور الشاعر والمفكر مهدي بندق، والحداثة وما بعدها وأثرها في الأدب والفن والسياسة والمجتمع، وقضية الحكم الإسلامي ونظام الخلافة الذي كان ابتكارا خالصا لأبي بكر الصديق .
> ما المحطات التي شكلتك فكريا؟
>> الحق أني من جيل انتصار أكتوبر العظيم 1973 وبرغم هذا الانتصار كان التأثر أكثر باتفاقية السلام؛ فعندما وصلت للصف الخامس الابتدائي درست قصة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري، وتشكل أنذاك وعيي بالمعارضة البناءة التي مثلها أبو ذر الغفاري في حياته، وكذلك المطالبة بالعدالة الاجتماعية . ولما كنت في الصف السادس الابتدائي كان مقررا في العام السابق قصة عسكرية نضالية من أجل تحرير سيناء ونصر أكتوبر وكان بطلها "أحمد عبد الفتاح" ولكني لم أدرسها ضمن مقرر منهج اللغة العربية وقرأتها قراءة حرة. وبعد سنوات طويلة فهمت أن اتفاقية السلام كانت سبب إلغاء القصة، أما القصة التي كانت مقررة علينا بدلا منها- ولأول مرة- فكانت عن حياة رفاعة الطهطاوي وكفاحه في طلب العلم ، وتأثيره في الجو الثقافي العام في مصر بعد عودته من باريس . وفي الصف الثان الاعداد عام 1984 كانت مصر تحتفل حنها بالعيد الألفي للأزهر الشريف وقد أُعلن يمها عن مسابقة ه بحث عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد أن فزت بهذه المسابقة قال مدرسي يومذاك إنك سوف تحصل على درجة الدكتوراه في المستقبل، ومواقف مماثلة كثيرة حدثت أيضا في المرحلة الثانوية وأيام الجامعة فقد فزت في مسابقة الشباب المتميز دينيا على مستوى وزارة الشباب والرياضة وكانت حينها باسم "المجلس الأعلى للشباب والرياضة برئاسة الدكتور عبدالمنعم عمارة" وكان البحث حول شخصية الصحابي الجليل الزبير بن العوام في عام 1990، كما حصدت جوائز أدبية وفنية من أبرزها ما قام بتسليمها لي الشاعر والاستاذ الجامعي د.يسرى العزب في عام 1991. وجائزة علم النفس الأسري عام 2010، وغيرها الكثير والكثير، وأتصور أن تلك البواكير شكلت اللبنة الأولى في اهتمامي بالعلم والأدب والفن والعدالة الاجتماعية والثقافة بوجه عام.
> أعلم أن لك بحوثا متعلقة بالشعر. فهل توصلت فيها إلى نتائج معينة ؟
>> قدمت دراسات حول التناص مع القرءان في القصيدة المعاصرة وعلاقته باللاشعور لدى الشاعر السوري عيسى الشيخ حسن، والشاعر المصري الذي توفي بالكويت محمد يوسف، وملامح النرجسية لدى المتنبي. وخلصت إلى نتيجة مفادها أن المتنبي أحس بتفوقه وسط محيط اجتماعي كان يحس فيه بنقص اجتماعي وشعور قوي بالدونية ومن ثم أصبحت مشاعر النرجسية تعويضاً عن هذا النقص، وتضميداً لجرح الإحساس بالاضطهاد "فالذات تمعن في احتضان ذاتها كلما أوغل الواقع في إحباط النزعات الفردية". إلا أن هذه النرجسية ليست سلبية دائماً خصوصاً وأن مفهوم الرجولة يتصدر قائمة القيم الاجتماعية في القبيلة العربية، والاعتزاز بالأنا موضوع متواتر بشكل كبير في الشعر العربي. وقد جاء المتنبي ليجسد "نرجس" الأسطوري في أرض الواقع العربي. وفي الدراسة الرابعة حول ديوان "غرف سرية للبكاء " للشاعر رضا ياسين توصلت إلى أن الشاعر اتجه لقصيدة النثر لغياب المشروع القومي، والهم الجامعي العام في بداية التسعينيات من القرن الماضي ،وبرز الالتجاء للهموم الذاتية من مشكلات اقتصادية ،واجتماعية، ووظيفية، وفقد الأمان ، والأصدقاء، وهجر المحبوب..الخ. وفي الدراسة الخامسة حول المرأة في شعر نزار قباني توصلت إلى أن المرأة في شعره ما هي إلا جسد يتغزل فيه، ويستقي منه كل متعه. ولقد برز أن شخصيته مثبتة على المرحلة الفمية في مراحل النمو- النفس جنسي- ودليلنا على ذلك أن أول علاقة للطفل تكون مع الأم في مرحلة الرضاعة، والديوان الأول لنزار كان عنوانه "طفولة نهد" وكما هو واضح أن النهد موضع الرضاعة عند الطفل. وبعد ذلك كتب قصائد كثيرة جدا عن الشفاه والقبلة وأحمر الشفاه، وأمية الشفتين، والشراب والكأس والخمر...الخ، فهو شاعر دخل مخدع النساء ونسي أن يخرج منه، ولذلك فهو إما كان طفلاً أفرط في إشباعه في مرحلة الرضاعة أو حرم منها فكان ذلك التثبيت على تلك المرحلة، وهذا يفسر لنا بلاغته وحذقه للشعر والفصاحة، وسيكون مع ذلك ميالا للشراب والمتع الفمية المختلفة التي برزت في كل قصائده عبر تاريخه الطويل. ودراسات حول ديوان مرايا نيويورك لسمير درويش وكيف يتجلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية من خلال اهتمام الذات بقضاياها الشخصية، ورجل وامرأة لمنار فتح الباب وكف سيطر على الاديبة مشاعر الحزن لفقدان الوالدين في سنوات متقاربة ، ودم البراءة لريم صلاح وكيف تم قتل البراءة في نفس احدى البنات الصغرات جراء الظلم الاجتماعي الذي وقع عليها، وقراءة للتصوف في شعر إيهاب البشبيشي . والتناص مع القران الكريم والتوحد مع الانبياء لدى الشعراء المصريين والعرب المعاصرين أمثال محمود درويش وموسى حوامدة ومحمود حسن اسماعيل ومهدي بندق و محمود الأزهري وبهاء الدين رمضان ويحيى السماوي. وغيرهم الكثير والكثير
> ما أبرز ما قدمت من دراسات حول نجيب محفوظ وإبداعه؟
>> قدمت التحليل النفسي والمؤثرات الأسطورية ومعالم النرجسية وتجلياتها في شخصية رادوبيس والفرعون الشاب، وكيف انتهى بهما المطاف إلى تحقيق أبعاد الأسطورة وهي " الحب والعزلة والموت ". وشخصية نجيب محفوظ وعاشور الناجي في ملحمة "الحرافيش" باعتباره إسقاط للذات والمصير، ومن ثم الاستبصار بالسيرة الذاتية في المستقبل والموت المؤجل،. وتحليل آخر ما كتب نجيب محفوظ وهو "أحلام فترة النقاهة" الذي يعد- وبلا أدنى شك - عمله المعجز، ويعد آخر أشكال السرد في الأجناس الأدبية بعد المقامة والرواية والقصة. ومحاولة للإبحار في عقل نجيب محفوظ أثناء عملية إبداعه لرواية "اللص والكلاب"، حيث أراد ابتكار "أوديب" على النمط المصري. ومحاولة لفهم البناء النفسي لدى البغايا كما ظهر لدى نفيسة بطلة رواية "بداية ونهاية" وكيف سبق نجيب محفوظ كل البحوث النفسية والتحليلية التي درست هذه الظاهرة حيث ظهرت الرواية قبل عام 1948 ، وأما البحوث النفسية فقد ظهرت في عام 1958 لتثبت ما قال به نجيب محفوظ حيث البغاء الناتج عن تشوه صورة جسد البغايا والعلاقة المتوترة مع الأب .
> في دراستك للروايات ألمح غرامك بالشخصية وخاصة من الجانب النفسي. فما أهم الشخصيات التي تناولتها في إبداع الخمسينات والستينات ؟.
>> فأَدِيب في رواية طه حسين تتضح في شخصيته ملامح البناء النفسي لأعراض اضطراب جنون الاضطهاد. والشيخ عصفور في يوميات نائب في الأرياف لـتوفيق الحكيم، والمجذوب هو الذي ينطق بالحكمة أو الهذيان وأبو صفارة الذي يمثل ضحايا الحروب في مجموعة حوريات الضوء لإبراهيم عطية. والدكتور شوقي ذلك الشاب الإخواني الذي توحد بالمعتدي، فأصبح عدوانيا وانتهازيا ، وكيف ذاب في الجماعة وضاعت هويته الشخصية، وعباس الزنفلي ذلك العسكري الأسود (الجلاد) الذي أصيب بالجنون حتى وصل لمرحلة أن يأكل لحم ذراعه بعد مرحلة الإدمان وترك الخدمة في الشرطة. وفاطمة تعلبة الأم المصرية الحاكمة للأسرة والمتمرسة في العلاج النفسي كونها تحمل خبرات وتاريخ المرأة الريفية الأصيلة في قصة الوتد لخيري شلبي ، وأحمد الرجل الذي أصابته أزمة منتصف العمر وهو على مشارف الستين عاما فأخذ يعاني من أعراضها، ودنيا تلك الزوجة التي خانت زوجها فكان جزاءها الانتحار في عتبات البهجة لإبراهيم عبد المجيد. وخليل الموظف الذي بلغ سن المعاش ويعاني من أعراض الشيخوخة، وإحسان زوجته التي توفيت وتركته وحيداً في "حجرتان وصالة" لإبراهيم أصلان، وخديجة الأم المتسلطة وتمرد ابنتها سوسن عليها في رواية خديجة وسوسن لرضوى عاشور، وهي رواية عبرت بعمق عن ذلك الجدل بين السلطة والتمرد في شكلها الأولي المتمثل في علاقة أم بابنتها. وتماهي الذات الساردة مع قضايا الذات والمجتمع في روايات الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي حيث شخصية محمد أبو سويلم ، والعيش على الحافة لشكري عياد وملامح السيرة الذاتية الآسية والقلقة من اقتراب النهاية – الموت - . وقدمت دراسة فكرة حول الحقيقة الغائبة في محاكمة طه حسين عن كتابه في الشعر الجاهلي، ودور خيري شلبي في كشف هذه الحقيقة وأكاد أجزم أن طه حسين نقل هذه الأراء عن المستشرقين الألمان وغيرهم ممن كتبوا في هذه القضية وإن كانت الإشارة الأكبر إلى المستشرق مرجليوث الذي كتب حول هذه القضية أيضا قبل أن يكتب طه حسين ما كتبه ، وهناك عدد لا ينتهى من المفكرين واللغويين المصريين ممن ردوا على طه حسين وكان ابرزهم المحقق محمود شاكر ومصطفى صادق الرافعي ومن المحدثين د.إبراهيم عوض . وهناك من ظلمه كثيرا أمثال أنور الجندى.
> أرجو التوضيح للسؤال :هل يوجد توافق بين الذات والذاتية في الإبداع؟
لماذا أجد دراساتك عن الشعر قليلة بالقياس للقصة والرواية؟
وهل كان للأدباء المعاصرين حظ من الاهتمام في دراساتك؟
>> قضية الذات – الذاتية – وهي الانشغال بقضايا تخص الذات أو رؤية الواقعة من منظور المعارف والخبرات الذاتية بعيدا عن موضوعيتها وحقيقتها موجودة في أغلب – ما لم يكن كل - الأعمال الأدبية والفكرية بل وفي البحوث العلمية التجريبية أيضا حتى أن هناك تعبير شائع للموضوعية يقول بأن الموضوعية هي الفطنة إلى حتمية الذاتية بمعنى أن الذاتية لا فكاك منها لا في العلم ولا في الأدب ولا في الفن أيضا، ولهذا بدأت بدراسة روايات الطاهرة ونجمة، وروايات من ضفاف النيل للأديبة المغربية ثريا لهي ، ورواية يوميات في حياة امرأة للأديبة الفرنسية من أصول مغربية نجاة الكاضي، وقراءة رمزية الحقيبة في حائط غاندي لعزة رشاد، وإنسان في طي النسيان لفايزة حلمي، وقراءة نقدية نفسية لروايتي السقشخي، ومزامير المدينة للأديب العراقي علي لفتة سعيد. وكيف انتحرت فريدة لما عرفت ما يدور في لاشعورها من قبح في قصة تعويذة علام لعلياء هيكل الخ وفي كل تلك الاعمال مجتمعة يظهر الذاتي متعانق مع الموضوعي أو متماهي معه تماما . أما دراسات الشعر وحظها الأقل في اهتمامي فلا أخفيك سرا أن دراسة الشعر مرهقة وشاقة جدا وذلك لما في اللغة من تكثيف ورمزية وبلاغة تصل أحيانا حد الغرابة كما أن الدراسات النفسية للشعر خلال السبعين عاما الماضية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
> هل هناك أدباء رأيتهم وتأمل في الكتابة عنهم؟.
>> لقد قابلت الأديب الراحل جمال الغيطاني أكثر من مرة داخل مصر وخارجها، وجمعت أعماله الكاملة بهدف الكتابة عنه، ولكن الفكرة لا تزال قيد التنفيذ ، كما قابلت الأديب الكبير صنع الله إبراهيم مرتين وكان هناك مشروع للكتابة عنه ولكنه توقف مؤقتا، وهناك الشاعر محمود الأزهري، والأديب محمود قنديل. والأديبة سعاد سليمان ، وحضرتك بالطبع وآخرون.
> ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
>> يشغلني الآن وقديما كل ما له صلة بمحاولة تطوير علم النفس في مجالاته المختلفة سواء الإكلينيكي والتحليلي والأدبي والفني والسياسي والديني..الخ، فهو طاغيتي وما كرست له نفسي وحياتي منذ المراهقة إلى اليوم، وتحتل قضية تقديم دراسات حول الإرهاب والعنف والتطرف والتكفير والإلحاد لدى الشباب مكانا كبيرا في اهتمامتي الأخيرة، إلى جانب تطوير منهج الدراسة النفسية الإكلينيكية للأدب ذلك المنحى الذي قدمته عبر ثلاثة كتب وعشرات المقالات، والهوية الثقافية والانتماء لدى المصريين، فما يزال علم النفس الأكاديمي يحلق بعيدا عن تلك المشكلات الخطيرة المهددة لمستقبل أمتنا العربية والإسلامية. الانتهاء من كتب حول أعمال الأديب العراقي علي لفتة سعيد ، وعالم النفس الكبير قدري حفني وقضية العلاج النفسي باستخدام الرسم وتطوير اختبار القيم الايجابية الاخلاقة .
محمد الدش علي عمر الشطبي
[SIZE=18px] Khalid Abdelghany [/SIZE]
Khalid Abdelghany ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit Khalid Abdelghany und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und...