خمس رسائل بين روبرت بلاي و توماس ترانسترومر

1-4-70
عزيزي روبرت
أكتب هذه المرة بالسويدية لأرغمك على ممارسة اللغة. شكرا لك على الرسالة الطويلة الوضَّاءة! ولكن رسالة القصيدة الفيتنامية الطويلة ضاعت في الطريق. فلعلّ أحدا اختطفها وطار بها إلى كوبا. كما لا أعرف ماذا يكون «فيلد/‏‏‏المجال Field». أهي اختصار لـ «المجالات الجليدية»؟ لا بد أن تكون فاتنة تجربة التنقّل في طول الولايات المتحدة الأمريكية وعرضها والهجوم العاصف على الإدارة وإقامة أمسيات عامة. ثم الاختفاء بعد ذلك في البرية لألف عام من عدم عمل أي شيء. سياسي وزعيم روحي في شخص واحد، يتنقّلان معا مثل لوريل وهاردي(الممثلين الساخرين في أفلام الأسود والأبيض). أرسل إليك بالبريد العادي (فأنا رجل فقير وبخيل) الترجمة الألمانية لـ كتاب إيكيلوف Ekelöf الصادر بعد وفاته والذي كان يكتبه أثناء احتضاره بسرطان الرئة. الجميل في الترجمة الألمانية أن «مايكل هامبرجر» بعث لي رسالة (بعد 3 سنوات) بدأ يلمح فيها إلى إمكانية دعوتي إلى انجلترا. طلب مني أن أرسل أفضل ما عندي من ترجمات لأكتشف أنا أنني لا أمتلك نسخة من الترجمات التي أنجزناها معا في رومارو. هل يمكن أن ترسل لي قليلا من أفضلها؟
يا لحماقتي! نسيت مسألة عنوان بيلينسزكي! ولكن محتمل أن تصلني رسالة منه فأرسل لك حينئذ رسالة قصيرة بالعنوان. هو يتكلم الفرنسية والألمانية بطلاقة، وليس الإنجليزية.
توماس ترانسترومر ولد في 15 ابريل سنة 1931. ولا أعرف في أي لحظة بالضبط. دعنا من التنجيم! لدينا بالفعل من الشقاوات ما يهدِّدنا.
سأكتب إليك مرة أخرى في القريب ولكني أرسل قصيدة جديدة. ربما لا تجد كلمة sisu في قاموسك. هي فنلندية وغالبا تستخدم في سياق الألعاب الرياضية لا سيما عند وصف الأبطال الرياضيين الفنلنديين. معناها قريب من المتماسك.
ترسل إليك الأسرة أطيب تمنياتها. وكلنا مشتاقون إلى رؤيتكم جميعا يوما ما، هيا هيا أبحر حول العالم! ويبقى جيدا في كل الحالات أنك موجود.
توماس

***

غير مؤرخة (ختم البريد يشير إلى 13 يناير 1970)
عزيزي توماس
أرد على رسالتك بسرعة. وأرسل لك في الوقت نفسه نسخا من بعض ترجماتي.
فيلد هو اسم أفضل مجلة شعرية جديدة ـ تصدر من أوبرلين ـ وفي العدد الأول منها ثلاث قصائد لك، أنت في أوبرلين مشهور شهرة صوفيا لورين( الممثلة الإيطالية)! طلبت منهم أن يرسلوا نسخا إليك فقالوا لي إنهم أرسلوا شيكا علاوة على النسخ. فهل وصلك هذا؟

***

16 يناير 70
عزيزي توماس
عثرت على إحدى رسائلك وفيها قصيدتان لك وترجمتك لـ» حظيرة ديفون».
سأجيب على بضعة أسئلة وأنا جالس إلى آلة الكتابة بحسب ما تسمونها في أوروبا، [بدلا من الكاتبة الآلية بحسب التسمية في الولايات المتحدة].
هي حظيرة حجرية صادفتها وأنا أسير في جنوب إنجلترا حيث توجد تلك التلال الخضراء الرائعة الغاطسة بوضوح وبساطة في الأطلنطي. تنتفخ قليلا كأنها بطن امرأة ثم تعود فتضمر! أعتقد بصدق أن إحساس بطن المرأة ذلك كان في ذهني حتى وأنا هناك، فقد كان في تلك الحظيرة إحساس طاغ بمكان نتهيّأ فيه للرجوع مجددا إلى الحياة، نستريح لوهلة قبل أن نرجع إلى الرحم ونولد.
في «järteckan» كنت أريد الإيحاء بأن آثار الحوافر في الروث الكثيف خارج الباب لا ينبغي أن تعد رمزا إلى أن الجسد قذر، أو أن الحياة عفنة؛ هي ليست رمزا لخبث جسدي.
الـ»أبواب» هي تلك الفواصل الخشبية التي يستعملها مربو الماشية حينما يريدون فصل البقر إلى مجموعتين: فيقف خلف هذه الأبواب رجلان، كل رجل عند طرف، وإما أن يحركانه أمام البقرة حين ترفع أنفها فيمنعانها من التقهقر، أو يفتحانه فجأة فتعبر منه البقرة. هي سهلة الحمل، وطولها في الغالب بين ثماني أقدام وعشر. وغالبا ما يظهر فيها بعض الخشب الناصع، إذ تفقد بعض قشرتها حين تُسند إلى الجدران، أو حين يحتك بها البقر، أو قد يطأها فتتشقق ويظهر خشبها الجديد طازجا.
عموما، بدت «البوابة»، أو كيفما تشاء تسميتها، عظيمة المنفعة، شديدة البساطة، في منتهى الافتقار إلى الغرور، فكأنها قدسية، كأنها مذبح. (وتخطر لي تحديدا تلك المذابح الصغيرة التي يضع عليها البوذيون زهورهم وبخورهم وتماثيل بوذا).
«الانقلاب» إشارة إلى استلقاء البقرة، دونما انشغال بما إذا كان أحد يراقبها: وهو منظر رائع.
صخور جدران الحظيرة تتحول بوضوح في الليل إلى جدران رحم، مظلمة، وخفية على الجنين.
بدأت للتو بالـ»Preludier»، ومع ذلك عندي سؤالان لك. الضمائر في «Tvä sanningar» صعبة عليَّ. في المقطع الثاني، هل يشير «den» إلى إنسان أم إلى أحد الـ»sanningar» المذكورين في المقطع السابق؟ لست متأكدا إن كنت أفهم البيت الثالث من المقطع الثاني، «Vad some helst ، إلخ».
لا أفهم « det « في «Och det är en bat».
هل يحدث المقطع الثالث كله بعيدا عن مرسى القارب، في بيت في الغابة مثلا، أم يحدث قرب الماء؟ هل يصطدم هذا القارب بأحد الراقصين؟ (وأعرف بأي شيء سوف تردّ: لماذا أجد أنني فعلا لا أعرف؟)
قصيدتك عن الشقة القديمة التي كنت تعيش فيها مع أمك مؤثرة جدا في نهايتها. التلسكوب، وفكرة المتدين، وهديل اليمام، كلها رائعة.
في هذه القصيدة هل يمكن أن تمدّني بنسخة إنجليزية حرفية بسيطة من الجملة الثانية، فـ»rader sorg» ترمي بي في الحيرة.
أنجزت نسخة جديدة من قصيدة حلاق الصاروخ! وسأرسلها إليك قريبا. نحن هنا نفكر كثيرا في الصواريخ. لا بد أن لهذا علاقة بعقدة الفحولة التي تعانيها أمريكا. الحلاقة بالقطع إشارة واضحة إلى الرغبة في الإخصاء- فرويد(عالم النفس النمساوي) أخبرني بذلك أمس فقط. أنا شخصيا أستعمل الموسى القديم- آاااااااااه! (وطبعا لو أن قصيدة الحلاقة فعلا عن الإخصاء، فهذا يجعل لملحوظة الطيار الختامية معنى أكبر: «أنت ترى هذا للمرة الأخيرة»)
(بالمناسبة، لا يزال لديّ سؤال عن هذه القصيدة. «I kamerans barndom». هل لهذا علاقة بأيام الكاميرا الأولى حين كان على الناس أن يقفوا ثابتين لفترة طويلة، أم له علاقة بوقوف الأطفال متخشبين للغاية لالتقاط الصور؟)
أبلغ محبتي لزوجتك الجميلة الجذابة och flickorna …
واحذر عند استعمال قصائد الأمواس
روبرت

***

20 يناير 70
عزيزي توماس
استمتعت بقصيدتك عن الدجاجة! إقحام المشهد الأفريقي قد يكون ناتئا أكثر مما ينبغي- لا أعرف. عليَّ أن أقرأها عشر مرَّات. وأيضا حينما تقول «ette minne» يبدو ذلك أشبه باستعراض رحالة في العالم (وطبيعي أن من لم يسافروا منا إلى أفريقيا يشعرون بالحسد، ويكرهون تذكيرك لنا بذلك). ألا يمكن أن يكون ذلك المشهد حلما لا ذكرى؟ (فكلنا نحلم).
«Enligit reglerna» هل تعني تلك العبارة «بحسب القواعد»؟
هناك عبارتان لا أجد سبيلا إلى فهمهما، «sanninger fran 1912» و»ett balansnummer».
لكنها تعجبني كثيرا. قصيدة غريبة، غامضة، وكل القسم المتعلق بالدجاج صادق فعلا. أنا أحب الدجاج، وأستاء جدا إذا لم يصدق الكتّاب حين يكتبون عن الدجاج. أنت فعلتها بجمال!
ينبغي أن تصلك فيلد قريبا، درجة الحرارة هنا أربعون تحت الصفر. أعمل بمنتهى الجدية. ويالي من كسول! لا بد أن يكون هذا من إخفاقات برج الجدي … أو ربما هو إخفاق نرويجي لم يعد يكافح الأشجار تحت وابل المطر. لا شك أن النرويجيين أكفاء تماما في التعامل مع المناخ هنا. عليّ أن أعمل أكثر! عار حقيقي! كتاب واحد كل خمس سنوات … يا للكسل.
اكتب لي بسرعة!
صديقك الكسلان
روبرت

***

فاستيراس 30/‏‏‏1/‏‏‏70
عزيزي روبرت
يا إلهي!
واااو!
وصلتني قصيدتك/‏‏‏كتابك «أخيرا تتعرى السِنَّة الأم» [The Teeth Mother Naked At Last] وأنا منبهر. قصيدة قوية بصورة لا تصدق، كأن والت ويتمن كان حاضرا معك، يهمس في أذنك ليمنحك القوة وأنت تكتب. قرأت أجزاء كثيرة من القصيدة من قبل في نسخ عديدة، ولكن هذه التركيبة فائقة. (باستثناء بداية القسم الثاني ذي السكاكين الرومانية ـ يمكنني أن أتخيل أن نسخة [ديوانك] ضوء حول الجسد كامن في الخلفية يبعث صداه). القصيدة حية في تفاصيلها وفي مجملها. الأوضح هو الجزء السادس بما فيه من مباشرة ساذجة ولكنها تصيب الروح في عمقها. ولكنك بعد هذه القصيدة لا يمكن أن تكتب أي شيء عن فييتنام. ففي هذه القصيدة سمة التمام والختام والقول النهائي. أغرب ما في القصيدة أنها على الرغم من مرارتها التي لا تصدق وحزنها الطاغي تبعث في القارئ حب الحياة، والأرض، وكل ما يدبّ فيها ويتحرك. أمر غريب. من حسن حظك أنك تعيش في حماية العواصف الثلجية وكل تلك الأميال من الجليد في مينيسوتا، فلن تنهكك الشهرة. لابد أنه أمر مفزع أن يقع أحد في براثن الشهرة الأمريكية العظمى، وتشهر في وجهه كل تلك الميكروفونات، وما إلى ذلك. كيف تتعامل مع الشهرة؟ هل أصبحت لك الآن معدة من حجم مناسب؟ فحينما يحقق امرؤ الشهرة تكبر معدته على سبيل توفير الحماية الذاتية.
أوصلت إيما حالا إلى الإسطبل واطمأننت أنها أخذت حصانها المفضل، أو فرسها السوداء بالأحرى، فرسها سوذا. يركب الأولاد ويدورون على التراب بلا غرض تقريبا. مونيكا في البيت تذاكر. بدأت فعلا المذاكرة استعدادا للالتحاق بمدرسة التمريض خلال عام أو نحو ذلك. سفارمور (حماتي) مقيمة معنا في الوقت الراهن لتشرف على الأولاد حين لا يكون كلانا في البيت. أنا بطريقة ما مبتهج تماما، بفضل أنني حاليا أتأهب لرحلة جديدة على نفقة المعهد السويدي. مونيكا تقول إن رحلاتي إلى ما وراء الستار الحديدي تعطيني الفرصة لتنمية ما في نفسي من بارانويا كامنة. عندي القدرة على أن أشم الشراك من على البعد.
كل الشكر لتفريغك ما ترجمنا من شعر! عندما أعددت النسخ لأرسلها إلى هامبرج اكتشفت ما قد يكون خطأ. في القسم الثاني من «الواجب الليلي» تكتب أن «اللغة تسير بخطوة مضطربة مع الحذاء» في حين أنها بالسويدية تقول إن «اللغة تسير بانتظام مع الحذاء». ما أعنيه بطبيعة الحال هو أن أصوات الإذاعة والسياسة والحياة العامة بعامة تتكلم لغة تتوافق تمام التوافق مع الجلادين، لذلك عليَّ، بل عينا، أن نسعى إلى لغة لا تتعاون مع الجلادين.
رقم 2 في «المقدمات» يجب أن تتوافق بصورة أو بأخرى مع هذه الترجمة المبدئية: تسير حقيقتان، كل باتجاه الأخرى. إحداهما تأتي من الخارج، والثانية من الداخل، و (في المكان الذي فيه) تلتقيان، تسنح لك الفرصة أن تنال من نفسك لمحة. لكنه (الشخص، الفرد) يرى ما سوف يحدث فيصرخ في يأس: «أي شيء»! (فليحدث أي شيء، أنا راض بأي شيء، إلا هذا. ليتني أهرب من معرفة نفسي)».
ما تعنيه بطبيعة الحال ـ أنت لديك حقيقة عالمك الداخلي (وأنت يا روبرت لا بد أنك تفهم هذا) وهناك حقيقة العالم الخارجي. حينما تقع مواجهة بين الاثنتين تنكشف ذاتك، فعند تلك المواجهة تنال لمحة من «مَن أنا». وأغلب الناس يخشون ذلك، ويرغبون أن يبقى العالمان منفصلين. وهم مستعدون للمعاناة كثيرا، وبناء ميكانزمات دفاعية، ومتاريس، بل هم مستعدون للمخاطرة بحياتهم فرارا من أن يعرفوا أنفسهم.
«Vadsomhelst» تعبير عامي سويدي نمطي، تقوله الأم للطبيب ـ على سبيل المثال ـ في يأس، متبعة بقولها «ليت ولدي يتعافى». وهو اختصار لتعبير أطول، من قبيل «أي شيء [Vad som helst] خير من ألا …»، أو «أحتمل أي شيء [Vad som helst] ما عدا ألا …».

[ملاحظة من المحرر: ما يلي يبدو البقية، ولو أن شيئا ما يبدو مفقودا].

وهناك قارب يحاول الوصول (يحاول أن يرسو)، يحاول هنا بالضبط. سيحاول ألف مرة. من عتمة الغابة تأتي مرساة قارب، تندفع عبر الشباك المفتوح، وسط ضيوف الحفل الراقصين دافئي الأجسام (أدفأ الرقص أجسامهم) وقد أدفأهم الرقص … مرساة القارب شيء غريب تماما على الحفل، شيء من عالم آخر، لعلها من عالم جاليلي، مخيفة، فيها بعض الطرافة أيضا، فيها حس ديني. لا أعرف إن كان حاضرو الحفلات المحدثون يندهشون منها، لعلي الشخص الوحيد الذي يراها مندفعة بغموض عبر الشباك (وكأن قاربا كان يطفو في عتمة الغابة محاولا أن يرسو)

القسم الثالث

الشقة التي عشت أغلب عمري فيها توشك أن تخلو. هي الآن فارغة من كل شيء. المرساة انفلتت، تحررت خفَّفت قبضتها ــ وإلى قاع البحر)، برغم أنه لا يزال هناك حزن، فهي أضوأ شقة في المدينة. الحقيقة ليست بحاجة إلى أثاث وما إلى ذلك. «råder» معناها «يسود». تعرف أنت أن وقتا قصيرا قد انقضى على الوفاة وأنا في حالة حداد، لكن هناك إحساس بالخفة أيضا. سيكون عليك أن تترك كل هذا، فما له قيمة يتحول ربما إلى نوع من النور. للمرة الأخيرة أرى شقتي القديمة في عريها الذي رأيتها عليه للمرة الأولى: منزوعة، فارغة. نور وحسب، الذكريات تتلاشى …
من القصيدة الأخرى [«النافذة المفتوحة»]: I kamerans barndon تعني أولى أيام الكاميرا التي كان يتحتم علينا فيها أن نسكن ثواني كثيرة لالتقاط الصورة. هذا تعبير جميل في السويدية ـ كثيرا ما نقول «طفولة السيارة» وما إلى ذلك، ذلك يضفي مسحة من الحنان على أشياء تكنولوجية. لم أسمع قط تعبير «طفولة القنبلة الذرية»، لكنه وارد. في السويدية.
قرأت «السِنَّة الأم» أنا ومونيكا (في ترجمة بمجرد النظر). والكلمات التي لم أكن أعرفها كنت أضع بدلا منها أي كلمات من اختراعي، وكنت أقرأ بصوت عال. تأثرنا بها كثيرا. الشيء الوحيد الذي لست مطمئنا إليه هو العنوان.
(مونيكا عندها سِنَّة أمامية ضخمة لكن بالقطع لا يمكن أن توصف بالسنة الأم)
بالنسبة لقصيدة الدجاجة (وعنوانها الآن Upprätt أي «القائم»): الذكرى الأفريقية حقيقية، فقد زرت تشاد ولا بد أن أقول ذلك! قليل من السويديين هم الذين ذهبوا إلى هناك. (لوقت طويل كنت مشتاقا إلى أن أحكي عن ذلك).
أسعدني أن لديك إحساسا صائبا بالدجاج. كانت لدي أربع دجاجات الصيف الماضي. Enligt reglerna معناها «بحسب القواعد» ـ وبيت الدواجن مجتمع صارم القواعد، والطيور المساكين تتبعها بصرامة توشك أن تكون عصابية. الدجاجات أخواتنا.
sannigar från 1912 تعني ببساطة «حقائق 1912»، سنوات ما قبل الحرب، حين كانت السيدات يعتمرن قبعات هائلة بريشات (النعام)، ويتبعن قواعد البرجوازية وما إلى ذلك. Balansnummer تعني «فعل التوازن». القصيدة في شقٍّ منها قصيدة احتجاج على الحياة الثقافية السائدة في السويد. ما أقوله هو أن العثور على الحقيقة، وتحرّي الصدق وما إلى ذلك عمل توزان فردي شاق، يلزمك أن تنصرف عن البلاغة، والشعارات، والشوارب، والانحيازات و … كأنك مشرف على الموت. (ولكنني لم أقدم شارون في القصيدة).
أشكرك أنك طلبت من الناس في فيلد أن يرسلوا مجلتهم (التي لم تصل بعد). لسبب غريب دائما ما ينشر لي في الأعداد الأولى من المجلات. هل أنشأت مزرعة مجلات كاملة في الولايات المتحدة؟ أنا سعيد طبعا أن أحضر في طفولة المجلة. أبلغ كارول أحر تحياتنا. وأعط الجميع منا أحضانا ملكية، أو كليم KLEMM كما يقولون في النرويج. صديقك المرتبك
توماس

ـــــــــــــــــــــــ

ترجمة: أحمد شافعي –

في عام 1964، اتصل الشاعر السويدي «توماس ترانسترومر» بالشاعر الأمريكي «روبرت بلاي» وبدأت بينهما مراسلات استمرت خمسة وعشرين عاما. كان كلاهما في الثلاثينات من العمر، ولكلٍّ نصيبه العادل من النجاح، ولكن كانت لا تزال أمام بلاي سنوات قليلة إضافية قبل أن يحصل على الجائزة الوطنية للكتاب في الشعر وسنوات إضافية أكثر قبل أن يتوَّج ترانسترومر بجائزة نوبل في الأدب. وفي مناسبة فوزه بهذه الجائزة، كتب «كرستوفر بينفي» لمجلة «ذي نيو ريببليك» يقول إن «حصول ترانسترومر على جائزة نوبل، أمر مستحق، وهو بالنسبة لي، كما لو نوبل ذهبت أيضا إلى صديقه المقرّب، ومترجمه، وشريكه روبرت بلاي». لم تشمل مراسلات الصديقين نجاحهما الملحمي وحسب، لكنها امتدت إلى العثرات، والشجون اليومية، والحكايات العائلية، وتبادل النكات.
***

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...