رسائل الشاعر المغربي عبد العزيز أمزيان

المجموعة الثانية -6-

أميرة الحياة، عبق الزهر، مرات أطللت من نافذتي ، عساي أرى طيفك يغازل نجم الليل ، وعينيك تحميني من ضياع العمر بلا دفء الهمسات، وبلا أنس كوكبك في خلوة موحشة، ووحدة باردة مثل رصاص مرمي على طريق مظلم، يقتل أيامي ، ويخنق الهواء في جدار النهار، لم أرك ، كما كل ليلة تسامرينني، ترى أي غيم طوى وجهك بين مساحيق الريح؟ أي درب أخذك نحو النهاية، حتى أمسى وجهك بلا ملامح، وبلا نظرات ، أميرة الحياة، هلا أخبرتني عن ما حصل ؟ انكفأت على ذاتك ، وتركتني وحيدا ، أناجي غفوات الليل، بحزن ساحق، وشجن ماحق..
أميرة الحياة، عبق الزهر، لست أعرف ما الذي جعلني هذه الليلة أحس بلاجدوى الأيام، وبلا نفع الحياة، تتحطم نفسي ، أبتلع غصصي ، أتجرع آهاتي، وأجر أذيال خيبات كانت قد داهمت بعض محطات عمري في فترات الشباب الذي يكون فيه المرء في أوج النظارة والفتوة وذروة العطاء والطموح والتطلع إلى الآتي
أميرة الحياة ، عبق الزهر ، أنا الآن وحيد ، منزو في الركن الغافي لجدار أطل عبره من نافذة من زجاج على فضاء عار إلا من بعض بنايات تبدو غارقة في الصمت ، طرف من السماء رمادي يظهر كما لو كان يشاركني بعض حزني ، أرمي نظري بعيدا هناك ، لا أرى لك وجها سوى سحنات دفينة ، تتوارى بين طبقات الغيم ، وتهرب بين هسيس الضباب كما لو لتغرينني على مزيد من الوله والهيام ، ولترجين سفن بحوري ، أشعلها في بعدك في لقاء قريب، ومناجاة حميمة تصنعينها من شرر الجمر، وجذوة الحياة..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...