في الساعة العاشرة قبل منتصف الليل من كل أربعاء, يأتيه من يأخذ الجثة ويعطيه ألف دينار, بشرط أن تكون الجثة لرجل وغير مبتور منها أيّ عضو مهما صغر حجمه.
كان يبيع الجثث التي يدفنها بيديه, منذ سنوات وهو يحفر في أرض المقبرة, لا أحد يعرف عنه أي شيء سوى أنه رجل مؤمن وعفيف لا يأخذ أكثر من حقه في الحفر وتأمين تربة صالحة طرية (للمرحوم) دون أن ينتبه إليه أحد من أهل الميت وهو يواري الجثة التراب بطريقة يكون من السهل إخراجها ليلة الأربعاء ليقبض عنها ثمنًا آخر أكبر!
صار ثمن الجثث يزداد شهرًا بعد آخر, فما من جثة إلاّ وفيها شيء ناقص, إصبع مبتور أو جمجمة خدّشها الضرب, بل جاءته إحداها دون رأس, وبرغم ذلك لايزال مساء الأربعاء هو نفسه الوقت الذي يتسلّم فيه أجرته عن توفير جثة من الذكور.
لم يسأل عن مصير الجثث التي باعها, فما أهمية الميت بعد خروج الروح? وها هو يزداد ثراء سنة بعد سنة, اشترى عمارة من ثلاثة أدوار في كل طابق منها ثلاث شقق يتسلّم إيجاراتها كل شهرين, وله في الشوارع اثنتا عشرة سيارة أجرة يأخذ عن كل واحدة تسعة دنانير في اليوم الواحد دون أي شرط أو مساومة أو اعتراض من سائقيها, بينما أقرانه في المحلة على يقين من أمر لا اختلاف عليه, هو أن حفّار القبور (جياش أبو رمانة) من أكثر الناس شرفًا وأمانة, وعفة, ولم يكتشف أمره أي إنس أو جان مع أنه - بعد أربعة أعوام - تمكن من شراء عمارة ثانية, أربعة طوابق أمامها حديقة شاسعة يمرح فيها أطفال العمارة في الليل والنهار.
يجلس في المقهى مساء كل يوم, يرى أجساد الرجال ويفكر:
جميعها صالحة للبيع, لكن الموت بعيد عنها.
وفي أول أربعاء من شهر أبريل, بعد أعوام من البيع والشراء ونبش القبور, عند الساعة العاشرة ليلاً, لم يحضر الرجل الذي يعرفه, اقترب أحدهم وقال له:
- البقية في حياتك يا جياش, مات عبدالعباس الذي يأتي إليك منذ سنين, وأنا أرسلوني مكانه, لن يتغير أيّ شيء, وسآتيك كل أربعاء كما كان يفعل.
حوّم الشك حول رأسه, فقال بسرعة:
- لا أعرف عن أي شيء تحكي.
قال الرجل وهو يحاول أن يأتي بصوت يبعث الطمأنينة:
- لا تخف يا سيّد جياش, أنا أعرف كل شيء, وأنا واحد منهم, ولا تنس أنك بحاجة إلينا.
وبرغم الريبة التي انتشرت في عروق جياش وتحت مسامات جلده, إلاّ أنه تساءل مذعورًا:
- ماذا تعرف, وماذا تريد مني? ومن يكون عبدالعباس الذي مات? ما شأني أنا بما تقول?
قال الرجل دون تردد:
- نريد جثة الأربعاء, وحسابك عندي منذ اليوم.
نهض جياش وهو ينطق بكلام غريب:
- تعال غدًا فأنا لا أفهم ما تقوله الآن.
غراب, أو هو طائر يشبه الغراب, وقف على مقربة منهما دون خوف, صاح الرجل:
- ما أقوله غدًا هو نفسه ما قلته لك اليوم.
أنهى جياش شكوكه بالقول:
- أنا رجل على باب الله, لا أعرف ماذا تريد مني ولا أريد أن أعرف.. لا أريد أن أعرف ولا أريد أن أراك.
ثم هرب إلى بيته بين القبور كما لو أن مئات الجثث تركض خلفه, بينما الطائر الذي يشبه الغراب لم يزل في مكانه دون خوف!
***
صار الخوف يسكنه في الليل, أخذ يمشي بين القبور التي سرقها ويفكر في مصيره إذا ما عرف بأمره أحد من أقارب الموتى الذين ذهبت جثثهم إلى حيث لا يدري بها حتى هو نفسه. الرعب صار كما الثوب المحزّم بالدبابيس, يتقلب على فراشه يسارًا أو يمينًا أو ينام على بطنه, فتوخزه العشرات منها, مما يرغمه على ترك الفراش والذهاب ثانية إلى القبور حتى يهبط النوم في ساعة سحر من ساعات الصمت في أول الفجر, يفكر بالمقلوب ويحتك بالوساوس:
- ربما كان الرجل الذي جاءني مجرد تاجر آخر من تجار المهنة, يريد أخذ مكان عبدالعباس, ذلك أن تجارة الجثث على ما يبدو باتت مجرد عمل يشبه أيما عمل في السوق, والجثث لم تعد غير سلعة حالها حال الباذنجان والقمصان والبطيخ وإطارات العربات!
فكر ثانية وهو يقرأ شواهد القبور التي قام بنبش حرمتها, ربما راح يفكر بصوت مسموع: ماذا تراني أريد من الدنيا أكثر مما أنا فيه, عمارتان واثنتا عشرة سيارة وحساب توفير في البنوك يزداد عامًا بعد عام, حتى أنني ما عدت أتذكر قيمة ما أملكه من أموال, ماذا أريد أكثر من ذلك?
لهذا, قرر فورًا, أن يترك بيع الجثث ولن يرتكب الجرم بعد هذا اليوم, بل سيذهب خاشعًا إلى بيت اللّه الحرام حتى يضع صفة الحاج قبل اسمه, وهذا يكفي لبراءته من الريبة والشكوك التي قد تعلق في أذهان البعض, إذ من غير الممكن أن يقوم (الحاج جياش أبو رمانة) ببيع الجثث ومن المستحيل أن يصدق ذلك أيّ رجل يعرفه, فما من أحد يعلم بأمر العمارتين أو يدري أي شيء عن أمواله المنثورة في البنوك أو رأى أي سيارة أجرة تشتغل لصالحه, فقد أخفى كل ذلك بدهاء فطري يوم اشترى عمارته الأولى في سوق الشيوخ, والثانية عند أطراف بغداد, بينما قوافل سياراته مازالت تعمل في البصرة على بعد مئات الكيلومترات عن مقبرته, وكذلك الحال بالنسبة لأمواله الموزعة ما بين تكريت ونينوى, بل تمكن من أن يخفي الكثير منها في دمشق يوم زارها قبل عامين, فمن أين لهم كشف المستور وهو الذي يرتدي الدشداشة الرمادية نفسها منذ وقت طالت وساخته وأتربته, حتى أنها صارت تشبه الأرض التي يحفرها ويدفن فيها الجثث التي وهبته كنزًا لم ينضب على مدى عشرة أعوام من السرقات ونبش القبور!
***
جاءه الرجل إلى بيته وطرق الباب عليه, وقبل أن يفتح له أحس بالذعر يتجاوزه إلى حالة من الشلل, إذا به يسمعه يقول بصوت مهذب:
- يا سيّد جياش, يا أخانا العزيز, أرجوك أن تصدقني, فأنا البديل الوحيد للمرحوم عبدالعباس وأنت بحاجة إلينا كما نحن بحاجة إليك.
أجابه جياش من وراء الباب كما لو أنه يحمي نفسه من الموت:
- أنا لست بحاجة إلى أحد, ولا أدري عن أي شيء تسأل وماذا تريد?
قال الرجل وهو يوشك أن يضحك حين رأى الباب يفتح على ملامح جياش المرعوبة:
- جثة الأربعاء ستبقى من نصيبنا, وإذا أصابك الشك فأنا سأعطيك ما تشاء من إثباتات بأننا لسنا من تظن, لا نريد منك غير الجثث التي كنت تبيعها لنا في كل أربعاء, وسنعطيك الثمن نفسه ولن يتغيّر أي شيء.
أحسّ جياش بشيء من الراحة, خفّت الدبابيس عن وخزه, كما اختفى الوسواس عن أرض المقبرة, يبدو له أن الحياة يمكنها أن تستمر كما يتمنّى وليس من حاجة للذهاب إلى بيت اللّه, وربما يشتري عمارة ثالثة في أقرب فرصة مادام تجار الجثث بهذه اللهفة لشرائها!
ذهب جياش أبو رمانة إلى أطراف المقبرة حيث جاءته آخر جثة, أخرجها وأعطاها إلى الرجل الذي جاء بعد رحيل عبدالعباس وتسلّم النقود كما لو أنه يبيع زوج حذاء غير مرغوب فيه.
لم يتمكن أبدًا من اكتشاف السّر وراء شراء تلك الجثث, فات أوان الشك في أمر غريب كهذا, وعند آخر الليل راح يمشي ذهابًا وإيابًا بين القبور التي أمست شبه خالية من جثث الرجال وصارت مقبرة للنساء فقط, فتذكر حينها أول مرة باع فيها جثث الموتى وكيف مسّه الرعب حتى تكرر ذلك عشرات المرات!
راح ينفث دخان سيجارته طربًا, ولم ينتبه إلى القبر المفتوح الذي عافه بعد بيع الجثة, سقط في الحفرة وحسم أمره مع الحياة.
بعد أسبوع واحد, عند العاشرة ما بين المساء والليل, عاد الرجل إلى بيت جياش حتى يتسلّم جثة الأربعاء, رأى الباب مفتوحًا وليس من أحد هناك, راح يمشي بين القبور, لابد أن جياش سيعود حتمًا, إذا به يراه في حشوة القبر المفتوح, ولما تأكد من موته رفع الجثة وطار بها إلى السيارة التي أوقفها عند بوابة المقبرة, يوشك أن يرقص من فرط فرحته وهو يقول:
- هذه المرة, جثة ببلاش.
كان يبيع الجثث التي يدفنها بيديه, منذ سنوات وهو يحفر في أرض المقبرة, لا أحد يعرف عنه أي شيء سوى أنه رجل مؤمن وعفيف لا يأخذ أكثر من حقه في الحفر وتأمين تربة صالحة طرية (للمرحوم) دون أن ينتبه إليه أحد من أهل الميت وهو يواري الجثة التراب بطريقة يكون من السهل إخراجها ليلة الأربعاء ليقبض عنها ثمنًا آخر أكبر!
صار ثمن الجثث يزداد شهرًا بعد آخر, فما من جثة إلاّ وفيها شيء ناقص, إصبع مبتور أو جمجمة خدّشها الضرب, بل جاءته إحداها دون رأس, وبرغم ذلك لايزال مساء الأربعاء هو نفسه الوقت الذي يتسلّم فيه أجرته عن توفير جثة من الذكور.
لم يسأل عن مصير الجثث التي باعها, فما أهمية الميت بعد خروج الروح? وها هو يزداد ثراء سنة بعد سنة, اشترى عمارة من ثلاثة أدوار في كل طابق منها ثلاث شقق يتسلّم إيجاراتها كل شهرين, وله في الشوارع اثنتا عشرة سيارة أجرة يأخذ عن كل واحدة تسعة دنانير في اليوم الواحد دون أي شرط أو مساومة أو اعتراض من سائقيها, بينما أقرانه في المحلة على يقين من أمر لا اختلاف عليه, هو أن حفّار القبور (جياش أبو رمانة) من أكثر الناس شرفًا وأمانة, وعفة, ولم يكتشف أمره أي إنس أو جان مع أنه - بعد أربعة أعوام - تمكن من شراء عمارة ثانية, أربعة طوابق أمامها حديقة شاسعة يمرح فيها أطفال العمارة في الليل والنهار.
يجلس في المقهى مساء كل يوم, يرى أجساد الرجال ويفكر:
جميعها صالحة للبيع, لكن الموت بعيد عنها.
وفي أول أربعاء من شهر أبريل, بعد أعوام من البيع والشراء ونبش القبور, عند الساعة العاشرة ليلاً, لم يحضر الرجل الذي يعرفه, اقترب أحدهم وقال له:
- البقية في حياتك يا جياش, مات عبدالعباس الذي يأتي إليك منذ سنين, وأنا أرسلوني مكانه, لن يتغير أيّ شيء, وسآتيك كل أربعاء كما كان يفعل.
حوّم الشك حول رأسه, فقال بسرعة:
- لا أعرف عن أي شيء تحكي.
قال الرجل وهو يحاول أن يأتي بصوت يبعث الطمأنينة:
- لا تخف يا سيّد جياش, أنا أعرف كل شيء, وأنا واحد منهم, ولا تنس أنك بحاجة إلينا.
وبرغم الريبة التي انتشرت في عروق جياش وتحت مسامات جلده, إلاّ أنه تساءل مذعورًا:
- ماذا تعرف, وماذا تريد مني? ومن يكون عبدالعباس الذي مات? ما شأني أنا بما تقول?
قال الرجل دون تردد:
- نريد جثة الأربعاء, وحسابك عندي منذ اليوم.
نهض جياش وهو ينطق بكلام غريب:
- تعال غدًا فأنا لا أفهم ما تقوله الآن.
غراب, أو هو طائر يشبه الغراب, وقف على مقربة منهما دون خوف, صاح الرجل:
- ما أقوله غدًا هو نفسه ما قلته لك اليوم.
أنهى جياش شكوكه بالقول:
- أنا رجل على باب الله, لا أعرف ماذا تريد مني ولا أريد أن أعرف.. لا أريد أن أعرف ولا أريد أن أراك.
ثم هرب إلى بيته بين القبور كما لو أن مئات الجثث تركض خلفه, بينما الطائر الذي يشبه الغراب لم يزل في مكانه دون خوف!
***
صار الخوف يسكنه في الليل, أخذ يمشي بين القبور التي سرقها ويفكر في مصيره إذا ما عرف بأمره أحد من أقارب الموتى الذين ذهبت جثثهم إلى حيث لا يدري بها حتى هو نفسه. الرعب صار كما الثوب المحزّم بالدبابيس, يتقلب على فراشه يسارًا أو يمينًا أو ينام على بطنه, فتوخزه العشرات منها, مما يرغمه على ترك الفراش والذهاب ثانية إلى القبور حتى يهبط النوم في ساعة سحر من ساعات الصمت في أول الفجر, يفكر بالمقلوب ويحتك بالوساوس:
- ربما كان الرجل الذي جاءني مجرد تاجر آخر من تجار المهنة, يريد أخذ مكان عبدالعباس, ذلك أن تجارة الجثث على ما يبدو باتت مجرد عمل يشبه أيما عمل في السوق, والجثث لم تعد غير سلعة حالها حال الباذنجان والقمصان والبطيخ وإطارات العربات!
فكر ثانية وهو يقرأ شواهد القبور التي قام بنبش حرمتها, ربما راح يفكر بصوت مسموع: ماذا تراني أريد من الدنيا أكثر مما أنا فيه, عمارتان واثنتا عشرة سيارة وحساب توفير في البنوك يزداد عامًا بعد عام, حتى أنني ما عدت أتذكر قيمة ما أملكه من أموال, ماذا أريد أكثر من ذلك?
لهذا, قرر فورًا, أن يترك بيع الجثث ولن يرتكب الجرم بعد هذا اليوم, بل سيذهب خاشعًا إلى بيت اللّه الحرام حتى يضع صفة الحاج قبل اسمه, وهذا يكفي لبراءته من الريبة والشكوك التي قد تعلق في أذهان البعض, إذ من غير الممكن أن يقوم (الحاج جياش أبو رمانة) ببيع الجثث ومن المستحيل أن يصدق ذلك أيّ رجل يعرفه, فما من أحد يعلم بأمر العمارتين أو يدري أي شيء عن أمواله المنثورة في البنوك أو رأى أي سيارة أجرة تشتغل لصالحه, فقد أخفى كل ذلك بدهاء فطري يوم اشترى عمارته الأولى في سوق الشيوخ, والثانية عند أطراف بغداد, بينما قوافل سياراته مازالت تعمل في البصرة على بعد مئات الكيلومترات عن مقبرته, وكذلك الحال بالنسبة لأمواله الموزعة ما بين تكريت ونينوى, بل تمكن من أن يخفي الكثير منها في دمشق يوم زارها قبل عامين, فمن أين لهم كشف المستور وهو الذي يرتدي الدشداشة الرمادية نفسها منذ وقت طالت وساخته وأتربته, حتى أنها صارت تشبه الأرض التي يحفرها ويدفن فيها الجثث التي وهبته كنزًا لم ينضب على مدى عشرة أعوام من السرقات ونبش القبور!
***
جاءه الرجل إلى بيته وطرق الباب عليه, وقبل أن يفتح له أحس بالذعر يتجاوزه إلى حالة من الشلل, إذا به يسمعه يقول بصوت مهذب:
- يا سيّد جياش, يا أخانا العزيز, أرجوك أن تصدقني, فأنا البديل الوحيد للمرحوم عبدالعباس وأنت بحاجة إلينا كما نحن بحاجة إليك.
أجابه جياش من وراء الباب كما لو أنه يحمي نفسه من الموت:
- أنا لست بحاجة إلى أحد, ولا أدري عن أي شيء تسأل وماذا تريد?
قال الرجل وهو يوشك أن يضحك حين رأى الباب يفتح على ملامح جياش المرعوبة:
- جثة الأربعاء ستبقى من نصيبنا, وإذا أصابك الشك فأنا سأعطيك ما تشاء من إثباتات بأننا لسنا من تظن, لا نريد منك غير الجثث التي كنت تبيعها لنا في كل أربعاء, وسنعطيك الثمن نفسه ولن يتغيّر أي شيء.
أحسّ جياش بشيء من الراحة, خفّت الدبابيس عن وخزه, كما اختفى الوسواس عن أرض المقبرة, يبدو له أن الحياة يمكنها أن تستمر كما يتمنّى وليس من حاجة للذهاب إلى بيت اللّه, وربما يشتري عمارة ثالثة في أقرب فرصة مادام تجار الجثث بهذه اللهفة لشرائها!
ذهب جياش أبو رمانة إلى أطراف المقبرة حيث جاءته آخر جثة, أخرجها وأعطاها إلى الرجل الذي جاء بعد رحيل عبدالعباس وتسلّم النقود كما لو أنه يبيع زوج حذاء غير مرغوب فيه.
لم يتمكن أبدًا من اكتشاف السّر وراء شراء تلك الجثث, فات أوان الشك في أمر غريب كهذا, وعند آخر الليل راح يمشي ذهابًا وإيابًا بين القبور التي أمست شبه خالية من جثث الرجال وصارت مقبرة للنساء فقط, فتذكر حينها أول مرة باع فيها جثث الموتى وكيف مسّه الرعب حتى تكرر ذلك عشرات المرات!
راح ينفث دخان سيجارته طربًا, ولم ينتبه إلى القبر المفتوح الذي عافه بعد بيع الجثة, سقط في الحفرة وحسم أمره مع الحياة.
بعد أسبوع واحد, عند العاشرة ما بين المساء والليل, عاد الرجل إلى بيت جياش حتى يتسلّم جثة الأربعاء, رأى الباب مفتوحًا وليس من أحد هناك, راح يمشي بين القبور, لابد أن جياش سيعود حتمًا, إذا به يراه في حشوة القبر المفتوح, ولما تأكد من موته رفع الجثة وطار بها إلى السيارة التي أوقفها عند بوابة المقبرة, يوشك أن يرقص من فرط فرحته وهو يقول:
- هذه المرة, جثة ببلاش.